تقييد الحقوق العينية: الشروط الواجب توافرها عند طلب التقييد في 5 نقاط أساسية

حدد الفصل 69 من ظهير بالتحفيظ العقاري الشروط التي يجب استيفاؤها عند تقديم طلب لتقييد أي حق من الحقوق. إذ نص على أنه ” يجب على كل شخص يطلب تقييدا أو بيانا أو تقييدا احتياطيا بالرسم العقاري أن يقدم للمحافظ على الأملاك العقارية طلبا مؤرخا وموقعا من طرفه أو من طرف المحافظ في حالة جهله أو عجزه عن التوقيع. يجب أن يتضمن هذا الطلب بيان وتعيين ما يلي:

1 – العقار الذي يعنيه التقييد وذلك ببيان رقم رسمه العقاري.

2 – نوع الحق المطلوب تقييده.

3 – أصل التملك وكذا نوع وتاريخ العقد الذي يثبته.

4 – الحالة المدنية للمستفيد من التقييد المطلوب إنجازه.

5- وعند الاقتضاء بيان ما يطلب تقييده في نفس الوقت الذي يطلب فيه تقييد الحق الأصلي، من أسباب الفسخ أو قيد على حق التصرف أو أي تقييد خاص آخر، والكل مع بيان الحالة المدنية للمستفيدين من التقييد المذكور… ” .

وبعد التعديل الذي طرأ على قانون التحفيظ العقاري، تمت إضافة فقرة جديدة تنص على “… يرفق بالطلب كل حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به أو كل عقد أو وثيقة أدلى بها تدعيما لهذا الطلب”.


أولا – شكل طلب تقييد الحقوق العينية :

ألزم المشرع المغربي كل شخص يرغب في تقييد حق من الحقوق بتقديم طلب إلى المحافظة العقارية يتضمن البيانات المنصوص عليها في الفصل 69 من ظهير 12 غشت 1913. وهذا يعني أن طلب التقييد يجب أن يكون مكتوبًا وأن يتم تقديمه مباشرة إلى المحافظة العقارية التي يقع العقار في دائرتها.

ويلاحظ أن المشرع المغربي اشترط تقديم الطلب إلى جانب العقد المنشئ للتصرف، مما يدفعنا إلى التساؤل عما إذا كانت عملية التقييد تجري بناءً على ضرورة تقديم الطلب أم بناءً على تقديم العقد المنشئ للالتزام.

لا شك أن المشرع المغربي قصد من خلال ذلك التمييز بين العقد ذاته وبين الموافقة على تقييده، حيث اعتبر الطلب بمثابة موافقة على تقييد العقد المتضمن للتصرف. ومن الملاحظ أن هذه الفكرة قد تكون مستمدة من القانون الألماني، الذي يعتبر الالتزام بنقل الملكية شيء و بالموافقة على التسجيل شيء آخر.

ومعنى ذلك أن العقد الصحيح يظل معلقًا على موافقة المالك بالتسجيل، حيث إن مجرد تقديم العقد وحده لا يُعتبر كافيًا، وبمعنى آخر تصبح هذه الموافقة بمثابة الشرط المكمّل الذي يسمح بالتسجيل واستنادًا إلى هذا الفهم، يمكن القول إن اشتراط تقديم الطلب يُعد في جوهره إجراءً إداريًا مسطريًا.

ولا أثر له على التقييدات التي ينبغي أن تتم وفقا للاتفاقات والعقود والأحكام كما أشار المشرع إلى ذلك في الفصل 65 من ظهير 12 أغسطس 1913. وبناءً على ذلك، فإن الأساس الذي يقوم عليه التقييد في القانون العقاري المغربي هو التصرفات القانونية أو الوقائع الماديةة التي يطالب بها الملك المقيد.

فالتصرف القانوني يقوم في أساسه على الإرادة، وهذه الإرادة تهدف إلى إحداث أثر قانوني محدد، فالعقد، على سبيل المثال، ليس سوى تصرفًا قانونيًا ينشأ من توافق إرادتين، وقد يؤدي إلى إنشاء حقوق شخصية أو اكتساب حقوق عينية.

بالفعل، يُقال الشيء نفسه بالنسبة للوصية، فهي تصرف قانوني يقوم على إرادة منفردة تهدف إلى نقل الحقوق العينية بعد الوفاة. وبالتالي، فإن تقييد مثل هذه التصرفات يكون قائمًا على أساس السند القانوني الذي يثبت وجودها، وليس على البيانات الإضافية التي قد يُطلب تقديمها إلى جانب التصرف القانوني.

أما الواقعة القانونية فهي حدث مادي رتب القانون عليها أثرا، وقد تكون واقعة طبيعية لا دخل لإرادة الإنسان فيها كبلوغ الأهلية والوفاة، حيث يترتب على مجرد وقوع حالة من هذه الحالات، آثار قانونية قررها المشرع. وقد تكون واقعة اختيارية ناتجة عن فعل إرادي كالهدم أو البناء أو الحيازة. والواقعة القانونية قد تؤدي إلى اكتساب الحقوق العينية، كما هو الحال في حالة الوفاة، حيث ينتقل الميراث إلى الورثة بحكم القانون، فيحلون محل مورثهم تلقائيًا دون حاجة إلى تصرف إرادي خاص.

ويتضح من هذا أن عملية التقييد تعتمد في معظم الأحيان إما على التصرفات القانونية، مثل العقود والوصايا، أو على بعض الوقائع القانونية، كالوفاة أو الحيازة. وفي كلا الحالتين، يتعين على المعنيين تقديم طلب إلى المحافظ العقاري يعبرون من خلاله عن رغبتهم في تقييد التصرف أو الواقعة القانونية.

أما اشتراط تقديم البيانات المشار إليها، فلا يُعتبر في الواقع سوى إجراءً شكليًا لا يؤثر على جوهر عملية التسجيل، بل يهدف بالأساس إلى توضيح البيانات المتعلقة بالعقار وإبراز هوية الأطراف ونوع التصرف المطلوب تسجيله. ولعل ما يدعم هذا الرأي ويؤكده هو موقف المشرع المغربي نفسه.

فقد فرض القانون على طالب التقييد تقديم طلب موقع من الطرفين عندما يكون الطلب مؤسسًا على وثيقة اتفاقية، ثم عاد فأعفاه من هذا الشرط في الحالات التي يتضمن فيها العقد نفسه البيانات الضرورية لتقييد الحق، سواء كان هذا العقد رسميًا أو عرفيًا. وهذا يعني أن العقد يجب أن يشتمل على قدر أدنى من البيانات الأساسية، وأهمها:

– تحديد العقار المراد تسجيله، من خلال ذكر رقم الرسم العقاري، وموقعه، ومساحته، والاسم المعروف به، بالإضافة إلى مشتملاته.

– بيان الحالة المدنية لكل من الطرفين (للمتصرف والمتصرف إليه).

– تحديد نوع الحق المراد تسجيله، والذي يظهر من خلال محتوى العقد المبرم (مثل البيع، الهبة، القسمة، الرهن، أو غير ذلك من التصرفات القانونية).

وإذا كان الأمر يتعلق بتقييد أوامر أو أحكام قضائية، فيجب أن تتضمن هذه الأوامر والأحكام نفس البيانات المذكورة سابقًا.

وتجدر الإشارة إلى أن كل حق يُطلب تقييده يجب تقديمه مباشرة من قِبَل الشخص الذي يكون العقار أو الحق مسجلاً باسمه، وذلك تطبيقًا لأحكام المادة 28 من القرار الوزاري الصادر في 20 رجب 1333 الموافق لـ 3 يونيو 1915.

ففي عقد البيع مثلا، يقع عبء التقييد على عاتق البائع، لأنه وفقًا لأحكام العقد، يكون المشتري ملتزمًا بأداء الثمن، بينما يكون البائع ملتزمًا بنقل الملكية واتخاذ الإجراءات اللازمة لدى المحافظة العقارية لتقييد عقد البيع الذي أبرمه مع المشتري.


ثانيا – البيانات المتعلقة بالأطراف :

إذا تم تقديم طلب التقييد سواء في شكل عقد يوثق تصرفًا قانونيًا مثل البيع أو الوصية، أو في شكل وثيقة تثبت واقعة قانونية مثل الوفاة، فيجب أن يتضمن الطلب البيانات المتعلقة بهوية كل من الطرفين: المتصرف (الشخص الذي قام بالتصرف) والمتصرف إليه (الشخص الذي تم التصرف لصالحه).

بالرغم من أن المشرع قد نص في الفقرة الرابعة من الفصل 69 على ضرورة توضيح الحالة المدنية للمستفيد من التقييد المطلوب إنجازه، إلا أنه عاد وشدد في الفصل 72 على وجوب قيام المحافظ، تحت مسؤوليته الشخصية، بالتحقق من هوية المُفوِّت وأهليته، بالإضافة إلى التأكد من صحة الوثائق المقدمة لدعم الطلب، سواء من الناحية الشكلية أو الجوهرية.

وقد ركز المشرع في الأصل على الأشخاص الذاتيين (الأفراد) دون الأشخاص المعنويين (كالمؤسسات والشركات)، مما خلق فراغًا تشريعيًا. إلا أن هذا الفراغ تم تداركه خلال مراجعة قانون التحفيظ العقاري، وتحديدًا في الفصل 13 المتعلق بطالب التحفيظ. وبالتالي، يتضح من خلال النصوص التشريعية المشار إليها أن عملية التحقق من الهوية تشمل كلاً من الأشخاص الذاتيين والأشخاص المعنويين على حد سواء، سواء تعلق الأمر بطلب التحفيظ العقاري أو بطلب التقييد.

1) فيما يخص الأشخاص الذاتيين :

– التحقق من أهلية المفوت لتحديد ما إذا كان هو صاحب الحق المقيد، وبالتالي معرفة ما إذا كان مؤهلاً للتصرف بالعقار، ومطابقة اسمه مع الاسم المضمن بالرسم العقاري.

– التحقق من هوية المستفيد من التصرف وحالته المدنية، وذلك لمعرفة اسمه الكامل، وتاريخ ميلاده، ونظام الزواج الذي يخضع له، وعنوانه.

– التحقق من أن الحق المتصرف فيه والذي سيكون موضوعا للتقييد يتطابق مع ما ورد ذكره في العقد، وفي حالة الشياع توضيح الأسهم التي سيتم تفويتها.

ويتضح من ذلك أن العقد أو الطلب يجب أن يتضمن الحالة المدنية لجميع الأطراف المعنية. حيث يمكن للمحافظ العقاري التحقق من هوية المفوت بالاعتماد على المعلومات المسجلة في السجل العقاري، بما في ذلك اسم المفوت وتاريخ ميلاده وعنوانه وحالته المدنية ونظام الزواج الذي يخضع له. يجب أن تتطابق هذه البيانات المذكورة في السجل العقاري مع تلك الواردة في العقد. كما يمكن للمحافظ العقاري إجراء مقارنة بين التوقيعات المتوفرة في الملف العقاري بعض الحالات لضمان المطابقة.

أما بالنسبة للمفوت إليه، فلا يمكن للمحافظ العقاري التعرف على هويته إلا من خلال العقد المرفق مع طلب التقييد. ويشترط أن تكون توقيعات هذا العقد مصادقًا عليها من قبل الجهات الإدارية المختصة في حالة المحررات العرفية، أو أن يكون العقد مُعدًّا في شكل محرر رسمي. ويجدر التنويه إلى أن المشرع قد حدّ من المحررات العرفية في هذا المجال وفقا لأحكام المادة 4 من مدونة الحقوق العينية.

ومن بين البيانات الأساسية التي يتعين على المحافظ التحقق منها أثناء تقديم طلب تقييد حق من الحقوق، يمكن ذكر ما يلي:

1- الاسم الكامل للمستفيد من التقييد (الاسم العائلي والاسم الشخصي).

2 – الصفة التي تقدم بها صاحب الطلب، هل أصالة عن نفسه، أو نيابة عن طرف آخر، وفي هذه الحالة الأخيرة لابد من أن يرفق الطلب بحجة تبرز هذه الصفة كما لو تعلق الأمر بوكالة أو تقديم مع التأكد من صلاحيات الوكيل الممنوحة له.

3- محل سكن طالب التقييد، وإذا كان هذا المحل خارجا عن دائرة المحافظة العقارية يتعين على المعني بالأمر تعيين موطن مختار داخل دائرة المحافظة التي يقع فيها العقار المراد تسجيل الحق عليه، وذلك وفقًا لأحكام الفصل 26 من القرار الوزيري الصادر في 3 يونيو 1915.

4 – الحالة المدنية لطالب التقييد وذلك ليتأكد المحافظ من حالتين :

– التأكد من توافر الأهلية القانونية أو عدم توافرها، وذلك بالاعتماد على تاريخ الازدياد المصرح به في العقد.

– والحالة العائلية لطالب التقييد ( أعزب، متزوج، مطلق، أو ما شابه ذلك ) وان اقتضى الحال اسم الزوج أو الزوجة وتاريخ الزواج والنظام المالي للزوج أي هل المعني بالأمر متزوج حسب نظام الشريعة الإسلامية أو نظام فصل الأموال أو اشتراك الأموال المعمول به بالنسبة للأجانب غير المسلمين.

5 – جنسية طالب التقييد، وذلك لمعرفة ما إذا كان مغربياً أو أجنبياً. وفي حالة تفويت عقار باسم أجنبي، يتعين توضيح سبب التفويت أو الاقتناء، مع بيان ما إذا كان ذلك مبنيًا على ترخيص مسبق، وما إذا كانت الشروط القانونية للتملك في المغرب متوفرة، خاصة إذا تم التصرف خارج الدوائر الحضرية.

6 – وإذا كان التصرف يتعلق بعقار مملوك على الشياع، فيجب تقديم نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك، مع توضيح نصيب كل واحد منهم.

7 – وإذا كانت هناك حقوق عينية مقررة لفائدة أشخاص آخرين، فيجب ذكر نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لصاحب كل حق.

أما بيان الحالة المدنية لأصحاب الحقوق العينية المقيدة أو التي سيتم تقييدها من جنسية، وتاريخ ازدياد والنظام الزوجي للملاكين وذوي الحقوق العينية المترتبة على العقار، فيعد أمرًا بالغ الأهمية. ذلك لأنه يساهم في التحقق من أهلية كل طرف، وبالتالي تحديد القواعد القانونية المناسبة التي يجب تطبيقها عليهم، خاصة في الأمور المتعلقة بالإرث والوصية وما شابه ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا البيان يُسهل مراقبة العمليات العقارية المرتبطة بالأملاك الفلاحية أو ذات الطابع الفلاحي، خاصة عندما يكون أحد الأطراف المعنيين من الأجانب.

وفي حال تبين أن الشخص المُراد تقييد حقه في الرسم العقاري يحمل جنسية أجنبية، يتوجب على المحافظ العقاري أن يطلب منه تقديم وثيقة تثبت حالته الشخصية، والتي تُعرف عادةً باسم “الشهادة العرفية” (Certificat de coutume). يتم الحصول على هذه الشهادة عادةً من سفارة أو قنصلية البلد الذي ينتمي إليه الشخص المعني. وتتضمن هذه الشهادة معلومات تفصيلية عن أهليته المدنية وفقًا لنظام أحواله الشخصية، بالإضافة إلى النظام المالي الذي يخضع له في حالة كونه متزوجًا. حيث يعتمد المحافظ على هذه البيانات قصد تقييدها بالرسم العقاري.

وبالإضافة إلى ما سبق، يجب أن يعكس الرسم العقاري جميع التعديلات التي تطرأ على الوضع القانوني للمالكين وأصحاب الحقوق العينية المرتبطة بالعقار، وذلك لضمان أن تكون بيانات الرسم العقاري متوافقة مع الواقع الحالي.

ومن الجدير بالذكر أن الفصل 72 من ظهير 12 أغسطس 1913 قد ركز في أحكامه على ضرورة التحقق من هوية المُفوِّت فقط، دون أن يتطرق إلى ذكر المُفوَّت إليه. وفي هذا الصدد، يُوضح أن التحقق من هوية المُفوِّت يُعد التزامًا يقع على عاتق المحافظ العقاري، الذي يتعين عليه التأكد من هذه الهوية بشكل دقيق.

ونظرًا لأن حقوق المُفوِّت هي التي ستتأثر بشكل مباشر بعملية التقييد، سواء عبر الإسقاط أو التعديل أو الانتقاص من الحقوق المقيدة في السجل العقاري، أو ما قد يترتب على ذلك من تكاليف أو التزامات، فإن التأكد من هوية المُفوَّت إليه يُعد أيضًا أمرًا بالغ الأهمية. وذلك بسبب الارتباط الوثيق بين حقوق المُفوِّت والمُفوَّت إليه

وعليه فإن أي حق يراد تقييده يجب أن يتم تقديمه مباشرة من قبل الشخص الذي يكون العقار أو الحق مقيدا على اسمه، وذلك لضمان استمرارية التقييدات، فإذا كان عقار ما موضوع عدة انتقالات ولم يتم تقييدها، وقام المستفيد الأخير من التصرف بطلب تقييد حقوقه على العقار فإن المحافظ سيجد نفسه مضطرًا لرفض هذا التقييد، لكون أطراف العقد يعتبرون أجانب بالنسبة لبيانات السجل العقاري.

في مثل هذه الحالات، يتطلب الأمر تقييد التصرفات السابقة قصد تحيين بيانات الرسم العقاري ليتأتى بعد ذلك تقييد التصرف الأخير.

ووسيلة المحافظ للتأكد من استمرارية التقييد تستند إلى هوية الأطراف سواء منهم المفوت أو المفوت إليه. ولقد كان الفصل 73 من ظهير التحفيظ العقاري في صيغته القديمة يشير بأن هوية الأطراف تعتبر محققة إذا كانت التوقيعات الموجودة أسفل العقود المدلى بها تأييدا للمطلب معرفا بها من طرف إحدى السلطات المحددة في نفس الفصل، وذلك في حال تعلق الأمر بعقود عرفية. وهذه السلطات هي:

أولا : القناصل ونوابهم ورجال السلك القنصلي.

ثانيا : العمال والباشوات والقواد.

ثالثا : رئيس المحكمة

وقد تم إدخال تعديل مهم على الفصل 73 وتم التركيز فيه على أن تكون توقيعات الأطراف وهويتهم محققة ومصادق عليها من طرف السلطات المختصة وأصبح يتضمن فقرة واحدة جاءت بالصيغة التالية حسب ما هو وارد ” تعتبر هوية كل طرف وصفته وأهليته محققة إذا استند الطلب على محررات رسمية، وتعتبر هويته محققة إذا كانت التوقيعات الموضوعة بالطلب وبالعقود المدلى بها مصادق عليها من طرف السلطات المختصة”.

2) فيما يخص الأشخاص المعنويين :

لقد ركز ظهير 12 غشت 1913 على الأشخاص الذاتيين، سواء في الجانب المتعلق بمسطرة التحفيظ أو في الجانب المتعلق بمسطرة التقييدات، دون أن يتناول الأشخاص المعنويين في أي منهما. ومع ذلك، فإن حق التملك وإبرام التصرفات العقارية لا يقتصر على الأشخاص الذاتيين فحسب، بل يمكن أن يشمل أيضًا الأشخاص المعنويين.

ولقد تم تدارك الإغفال المتعلق بالأشخاص المعنويين في التعديلات التي أدخلت على قانون التحفيظ العقاري، حيث تمت الإشارة إلى ذلك بشكل صريح في الفصل 13 المتعلق بطلب التحفيظ. ونص هذا الفصل على أنه “إذا كان طالب التحفيظ شخصًا اعتباريًا، فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره الاجتماعي واسم ممثله القانوني”.

وقد سبق أن تم التصدي لهذا النقص من خلال بعض المذكرات الصادرة عن المحافظ العام، والتي أشارت إلى إمكانية إنشاء ملفات خاصة بالشركات داخل كل محافظة عقارية. هذه الملفات تتضمن جميع البيانات المتعلقة بالتأسيس، بالإضافة إلى التغييرات التي تطرأ لاحقًا.

وتستند هذه الملفات الخاصة إلى القوانين المنظمة للشركات والتعاونيات والجمعيات، بالإضافة إلى المؤسسات العمومية الخاضعة للقانون العام. حيث يتوجب على المحافظ العقاري الرجوع إلى هذه القوانين للتحقق من وجود إثبات هوية كل شخص معنوي.

وتشمل هذه الملفات الخاصة أو الملف القانوني للشركة نفس الوثائق المطلوبة لتأسيس الشركات وتقييدها في السجل التجاري. ومن أهم الوثائق التي تتكون منها هذه الملفات والتي تثبت وجود الشركات بشكل عام:

1 – النظام الأساسي للشركة والذي يتضمن غالبا بيان اسم الشركة وغرضها ومقرها، ورأس مالها ومدتها وطريقة تسييرها ومدة صلاحية المتصرفين فيها مع بيان الصلاحيات المخولة لهم.

2 – محاضر الاجتماعات العامة للشركة وكذا الاستثنائية عند الاقتضاء والتي تتضمن في الغالب القرارات المتخذة وكذا التغييرات المحدثة على النظام الأساسي.

3 – لائحة بأسماء المتصرفين ومدة صلاحيتهم.

4 – تعيين الأشخاص المفوض لهم بالتوقيع باسم الشركة.

ويجب أن تكون هناك ملاءمة تامة بين الوثائق المودعة في السجل التجاري وتلك المودعة في المحافظة العقارية. فكل تعديل أو تغيير يطرأ على أي من مكونات وجود الشركة، سواء تعلق ذلك بهيكلها القانوني أو أعضائها أو متصرفيها، يتطلب إيداع وثائق تثبت هذا التعديل في كل من السجل التجاري والمحافظة العقارية.

وبالفعل، يُجدر التنبيه إلى أن فتح هذه الملفات الخاصة بالشركات يكون مرتبطًا بوجود حقوق عينية عقارية أصلية أو تبعية لهذه الشركات. وعندما تنتفي هذه الحقوق، يصبح الملف الخاص بالشركة غير ذي موضوع، مما يتطلب التشطيب عليه من السجل المعد لهذا الغرض داخل المحافظة العقارية.كما أن حل الشركة، سواء كان ذلك رضائيًا أو قضائيًا، يفترض أن الموجودات العقارية التابعة لها قد تمت تصفيتها أو تفويتها لفائدة الغير. وفي هذه الحالة، يتعين إيداع الوثائق التي تثبت هذه الوضعية

واستنادًا إلى كل ما سبق، يتعين على المحافظ العقاري التأكد من هوية الشخص المعنوي، سواء كان طالبًا للتحفيظ أو متعرضًا أو مفوِّتًا أو مفوَّتًا إليه. ويتم ذلك من خلال الاعتماد على الوثائق المضمنة في الملف الخاص بالشركة، والذي يتم إنشاؤه لهذه الغاية.

وهذا يتطلب من المحافظ الربط بين المعلومات الواردة في ملف الشركة والبيانات الموجودة في السجل العقاري. بالإضافة إلى ذلك، يمكن الاعتماد على البيانات المسجلة بشكل نظامي في السجل التجاري فيما يتعلق بالشركات التجارية، حيث يمكن طلب شهادة تقييد حديثة من السجل التجاري.

أما بالنسبة للجمعيات والتعاونيات، فإن تحديد وضعها القانوني يتطلب تقديم نسخ من الوثائق التي تم إيداعها لدى الجهات الإدارية المختصة بتلقي إشعارات التأسيس. وبالمثل، ينطبق هذا الأمر على بعض المؤسسات العامة، حيث يجب تقديم الوثائق التي تثبت إنشاء هذه المؤسسات، بالإضافة إلى تحديد الأشخاص المخولين قانونًا بإدارة شؤونها والتحقق من الصلاحيات الممنوحة لهم.


ثالثا – البيانات المتعلقة بالعقار موضوع التسجيل :

وفقًا للفقرة الأولى من الفصل 69 من ظهير التحفيظ العقاري، يُطلب من كل شخص يرغب في تسجيل أي حق من الحقوق أن يحدد العقار المراد تقييده وذلك ببيان الرسم العقاري، وأهمية تعيين هذه البيانات في العقد تعتبر أساسية لأنها من إحدى أركان العقد الأساسية والمتعلقة بوجوب تعيين محل العقد. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه البيانات تساعد المحافظ على التعرف بسهولة على العقار الذي سيتم تطبيق التقييد عليه.

والملاحظ أن المشرع اكتفى بتعيين العقار ورقم الرسم العقاري، دون أن يشترط بیان تفاصيل أخرى عن العقار كمساحته ومشتملاته وموقعه وحدوده إلا إذا كانت إحدى هذه المواصفات مشترطة في العقد. وذلك لأن الحالة المادية للعقار محققة ومعروفة بالرسم العقاري ومع ذلك فإن بيانها يعتبر ضروريا وبالخصوص مشتملات العقار للتعرف على مدى مطابقتها لمضمون الرسم العقاري كأن يذكر بأن العقار عليه بناء أو أرض عقارية.

كما يتمكن المحافظ أيضا بواسطة تعيين العقار من القيام بمراقبة تطابق اسم المفوت الوارد اسمه في العقد مع الاسم المقيد بالرسم العقاري للتأكد من أن صاحب الحق المقيد هو نفسه الذي أجرى التصرف على حقه. وفي حالة عدم وجود هذا التطابق كأن يذكر رقم رسم عقاري لا ينطبق على العقار موضوع التصرف أو أن يذكر رقم مطلب التحفيظ بدل رقم الرسم العقاري.

فإن المحافظ يبادر إلى رفض التقييد حتى ولو ثبت لديه بأنه وقع خطأ في ذكر رقم الرسم الحقيقي، وأن الأمر يتعلق بمجرد خطأ، بحيث يتعين على المعنيين بالأمر تصحيح هذا الخطأ بأنفسهم إما بواسطة عقد لاحق أو بتغيير العقد الأصلي. إلا أنه بإمكان المحافظ الربط بين رقم مطلب التحفيظ الذي تحول إلى رسم عقاري إذا كانت البيانات الأخرى تسمح بذلك.


رابعا – بيان ما يثبت الحق في التسجيل :

إن الحق في تقييد تصرف ما بالرسم العقاري غالبا ما يستند إلى العقود الناقلة للملكية. إن العقد غالبا ما يحدد نوع التصرف الذي ينبغي تقييده، كما لو تعلق الأمر ببيع، وهل هذا البيع يقع على مجموع العقار (بيع كلي) أو على جزء منه (بيع جزئي)، أو كما لو تعلق الأمر بقسمة، أو وصية، أو معارضة.

وقد جاءت المادة 25 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 المحدد لتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري، لتؤكد بأن الأطراف ملزمون بناء على طلب من المحافظ بأن يحرروا في طلب خاص مؤرخ، وموقع عليه من طرفهما، أو من طرف المحافظ – إذا كانوا لا يعرفون التوقيع – يوضحون فيه صفتهم وأهليتهم، وحالتهم المدنية، ونوع وموضوع، وأساس ومدى وقيمة الحقوق المراد تسجيلها.

ومعنى هذا أن الأطراف ملزمون بتحديد نوع التصرف المراد تقييده بكل دقة. وهذا التحديد ينبغي أن يستند طبعا إلى ما هو وارد في العقد. والجدير بالإشارة أن المحافظات العقارية تضع رهن إشارة العموم مطبوعات خاصة معدة لهذا الغرض.

ولكن الواقع العملي يثبت بأن الأفراد غالبا ما يكتفون بوضع العقود والوثائق التي يستند إليها التصرف ويقوم المحافظ أو مساعدوه بتهييئ ملخص للتصرف، استنادا إلى الوثائق المقدمة بعد فحصها، ويسمى ملخص التضمين أو الدقيقة (La minute)وتضمين ذلك في مطبوع خاص.

وتعتبر هذه العملية أدق وأخطر العمليات التي يقوم بها المحافظ وعلى أساسها يجري التقييد المنشئ، أو المعدل، أو المسقط، للحق العيني العقاري المقيد سابقا ، إذ أن هذا الطلب الخاص هو بمثابة ملخص لما ورد في العقد، ولما سيتم تقييده على الدفاتر العقارية بعد توقيعه من طرف المحافظ.

ويمثل هذا الملخص بيانات موجزة تؤخذ من العقود والوثائق المقدمة وهي وحدها التي تتمتع بالقوة الثبوتية للتقييد بعد التأشير عليه من طرف المحافظ، بل إنها تصبح هي الأساس، ولا يمكن بعد ذلك اعتبار الوثائق والعقود المقدمة بأنها هي الأصل، بل الأصل هو ما ورد في الدفاتر العقارية وحدها.

حتى ولو أضيف إلى تلك البيانات الموجزة ذكر عبارة وكل ذلك وفقا للشروط والبنود المذكورة في العقد. فهذه العبارة لا يمكن أن تخلق آثارا لتلك الشروط، كما لا يمكن لتلك الوثائق رغم أهميتها، أن تتزاحم مع قيمة الدفاتر العقارية من حيث الحجية.

وإذا ما وقع إغفال هذه البيانات أو بعضها فإن المحافظ يعتبر مسؤولا شخصيا على ذلك، وهذا ما أكدته المادة 97 من ظهير التحفيظ العقاري التي جاء فيها ” إن المحافظ على الأملاك العقارية مسؤول شخصيا عن الضرر الناتج عن : إغفال التضمين بسجلاته لكل تقييد أو بيان تقييد احتياطي أو تشطيب طلب منه بصفة قانونية”.

ونظرا لأهمية البيانات التي ينبغي استخلاصها من الوثائق المقدمة. فهذا يعني أنه لا يمكن افتراض بيانات غير مبنية على حجج أو وثائق تؤيدها. إذ أن هذا الطلب الخاص لا تكون له أية حجية إلا إذا كان يستند إلى حجج صحيحة. ولهذا جاءت الفقرة الثالثة من الفصل 69 من ظهير التحفيظ العقاري لتبين بأنه يجب على كل شخص يطلب تقييد أو بيان أو تقييد احتياطيا أن يقدم للمحافظة ما يثبت أصل التملك وكذا نوع وتاريخ العقد الذي يثبته.

ويتجلى من خلال هذا أن ما يثبت أصل التملك لا يكاد يخرج عن العقد في أغلب الحالات، فإن كان الأمر يتعلق ببيع أو وصية أو هبة فإن عقد البيع أو الهبة يجب أن يبين أصل تملك البائع أو الواهب، وقد يكون أصل التملك أحيانا هو الإرث.

وفي هذه الحالة لابد للورثة من أن يثبتوا زيادة على شهادة الوفاة، ما يثبت حالتهم المدنية، واستحقاقهم للإرث، وحظوظهم فيه وأصل تملك مورثهم، طبقا لما ورد النص عليه في الفصل 82 من ظهير التحفيظ العقاري، وكذا مقتضيات مدونة الأسرة.


خامسا – سجل الإيداع :

إن ترتيب الأولوية في تقييد الحقوق يعتمد أساسا على قبول إيداعها لدى المحافظة العقارية. ويتم إثبات ذلك بواسطة سجل خاص هو سجل الإيداع حيث بين المشرع كيفية ضبطه ومراقبته من طرف المحافظ.

وطبقا للفصل 76 من ظهير التحفيظ العقاري، فإن المحافظ ملزم بأن يتخذ سجلا للإيداع يثبت فيه الإجراءات المطلوبة والوثائق المسلمة إليه بأرقام ترتيبية و حسب ورودها عليه دون ترك أي بياض ولا إحداث أي إقحام بين السطور. وقد تمت الإشارة إلى كيفية ضبط وتنظيم هذا السجل في الفصول 30 31 و 32 من القرار الوزيري 4 يونيه 1915 المنظم لمصالح المحافظة على الملكية العقارية.

ويتبين من هذا أن سجل الإيداع يجب أن يخضع لمراقبة منتظمة من طرف المحافظ، فكل إيداع يجب تلقيه مباشرة بواسطة هذا السجل مقابل وصل يحمل نفس رقم الترتيب الذي حصل به مع بيان تاريخ الإيداع. وقد بينت المادة 31 من القرار الوزيري 4 يونيه 1915 طريقة مسك هذا السجل.

ويعتبر سجل الايداع حجة بالنسبة للمحافظ وبالنسبة للغير على ما يتضمنه من حيث ترتيب الأولوية في الايداع طبقا للفصل 77 من ظهير التحفيظ العقاري الذي ينص على أن ترتيب الأولوية بين الحقوق المتعلقة بالعقار الواحد يكون حسب ترتيب تقييدها.

ورغم ذلك فإن الأولوية في الايداع لا تعطي دائما حق الأولوية في التقييد إلا إذا تأكد المحافظ من أن مطلب التقييد مستوف لكل الشروط، وان العملية المطلوبة تجيز التقييد. فعند ذلك تكون الأولوية في التقييد بحسب تاريخ الايداع، حيث يتم تقييد الحق على الرسم العقاري اعتبارا من ذلك التاريخ، ولا ينبغي الخلط هنا بين عملية الايداع وعملية التقييد.

ولقد تم إدخال تعديل بسيط من حيث الصياغة على الفصل 76 في قانون التحفيظ العقاري فأصبح كالتالي ” يجب على المحافظ على الأملاك العقارية أن يتخذ سجلا للايداع يثبت فيه حالا الإجراءات المطلوبة والوثائق المسلمة إليه بأرقام ترتيبية وحسب ورودها عليه دون ترك أي بياض ولا إحداث أي إقحام بين السطور”.

ولقد انتبه المشرع المغربي إلى حالة تعدد المطالب على نفس العقار في آن واحد قنص في الفقرة الأخيرة من الفصل 76 من ظهير التحفيظ العقاري بأنه إذا قدمت في آن واحد عدة طلبات متعلقة بنفس العقار فإنه ينص على ذلك بسجل الايداع وتقيد الحقوق بنفس الرتبة، فإن تنافى بعضها مع البعض رفض المحافظ التقييد.

وعبارة وإذا قامت في آن واحد الوارة في الفقرة 3 من الفصل 76 تتطلب من المحافظ الانتباه إلى عدم وجود تعارض أو تنافي بين المطالب المقدمة في أن واحد والمتعلقة بنفس العقار، فيمكن مثلا قبول طلب تقييد عقد شراء عقار وتقييد عقد رهن عليه في نفس الوقت فيمكن قبول مثل هذه الطلبات لعدم وجود تنافي بينها.

وفي الميدان العملي نلاحظ بأن المحافظ يعمد إلى تقييد الحق بحسب الرقم الترتيبي إذ لا يمكن قبول إيداع عدة مطالب بنفس الرقم الترتيبي، وأحيانا يلتجئ المحافظ إلى رفض الطلب من بها بذلك الأطراف المعنيين إلى وجود عدة مطالب تتعلق بنفس العقار، قصد تحديد موقفهم منها.

أما إذا كانت المطالب متنافية مع بعضها بحيث لا يمكن تقييدها في آن واحد، فإن المحافظ يرفض التقييد كما هو الأمر في حالة تقديم طلبين لتقييد حقوق على نفس العقار في آن واحد أحدهما يتعلق بالبيع والآخر يتعلق بالحجز بحيث لا يجوز للمحافظ المفاضلة بينهما حيث يجوز له رفض الطلبين معا وعلى المعنيين بالأمر اللجوء إلى المحكمة المختصة للبت في الموضوع.


تم اقتباس هذا المقال من مراجع قانونية، منها:

  • محمد خيري: العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، من خلال القانون الجديد رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، طبعة 2014
  • عبار الصراف: بيع العقار قبل التسجيل منشور بمجلة العدالة العراقية عدد 1 سنة 1977.
  • محمد العلمي: التقيد الاحتياطي في التشريع العقاري والقوانين الخاصة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار كلية الحقوق جامعة محمد الأول بوجدة السنة الجامعية 2006/2004.
  • الهاشمي محارزي: التقييد الاحتياطي في ظهير التحفيظ العقاري، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، كلية الحقوق، جامعة محمد الأول بوجدة السنة الجامعية 2007 2000.
  • مأمون الكزبري: التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصلية والتبعية، مطبعة النجاح الجديدة. بالدار البيضاء 1978.
  • محمد بونبات: قوانين التحفيظ والتسجيل والتجزئة العقارية، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، سلسلة الكتب العدد 12، السنة الجامعية 1993-1996.
  • إدريس الفاخوري: نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 14.07، سلسلة المعارف القانونية والقضائية.

Share this content:

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *