إن التعرض هو وسيلة قانونية يمارسها الغير للحيلولة دون إتمام إجراءات التحفيظ، وذلك من خلال الأجال القانونية المقررة، ويهدف التعرض بهذا المعنى إلى توقيف إجراءات التحفيظ عن طريق المحافظ وعدم الإستمرار فيها إلى أن يرفع التعرض ويوضع حدا للنزاع عن طريق المحكمة أو إجراء صلح بين الطرفين.
إذا كان مطلب التحفيظ يعتبر قرينة على ملكية طالب التحفيظ فهي قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس، والقرينة المعاكسة لا تثبت هنا إلا بواسطة التعرض.
في حالة عدم ورود أي تعرض على مطلب التحفيظ يتعين على المحافظ العقاري خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام أجل التعرض، تحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع الإجراءات المقررة في هذا القانون ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها (الفصل 30).
في حالة ظهور متعرضين سواء أثناء تقديم مطلب التحفيظ ونشره وإجراء عملية التحفيظ أو خلال أجل شهرين من تاريخ نشر إعلان انتهاء التحديد فإن المحافظ يجد نفسه ملزما بالتوقف عن إجراءات التحديد في انتظار تسوية مشكل التعرضات بإحدى الوسائل التالية:
– رفع التعرض أو قبوله من طرف طالب التحفيظ.
-إجراء صلح بين الأطراف تلقائيا أو بواسطة المحافظ.
– اعتبار التعرض لاغيا في الحالات التي تعرض ذلك.
في حالة عدم تسوية مشكل التعرضات بإحدى الوسائل أعلاه فإنه لا يبقى أمام المحافظ العقاري إلا رفع القضية إلى المحكمة المختصة قصد البت في النزاع.
أولا – صور التعرض وحالاته :
يتخذ التعرض أشكالا متعددة بحسب الزاوية التي ينظر منها إليه ومن بين هذه الأشكال :
– التعرض الفردي: حيث يكون طالب التحفيظ في مواجهة متعرض واحد يتعرض على كل العقار أو على جزء منه.
– التعرض الجماعي: حيث يكون طالب التحفيظ في مواجهة مجموعة من المتعرضين يتقدمون باعتبارهم مالكين على الشياع للمطالبة بحقوقهم أو بنصيبهم في العقار.
– التعرض المتعدد: حيث يكون طالب التحفيظ في مواجهة عدد من المتعرضين لكل منهم مزاعمه الخاصة.
– التعرض المتبادل: حيث يكون هناك مطلبان للتحفيظ العقارين متجاورين ويتبين بأنهما متداخلان في بعض الأجزاء مما يترتب عنه أن يتخذ كل طرف وضعية طالب تحفيظ ومتعرض في آن واحد.
– التعرض الكلي: وهو الذي ينصب على مجموع العقار موضوع مطلب التحفيظ.
– التعرض الجزئي: وهو الذي ينصب على جزء من العقار موضوع مطلب التحفيظ.
– التعرض على الحدود: ويعتبر بمثابة تعرض جزئي وينصب على حدود العقار.
إن حالات التعرض التي تثار أثناء التحفيظ لا تقع تحت حصر، ومن الصعب إيجاد حلول جاهزة لكل حالة نظرا لاختلاف الوقائع في كل قضية. وسنكتفي بسرد أكثر الحالات وقوعا في هذا النطاق علما بأن المحكمة تستند في حلولها على مدونة الحقوق العينية وقواعد الشريعة الإسلامية وعلى بعض قواعد القانون المدني ووسائل الإثبات المقررة في القانون.
– المنازعات على الملكية بين طالب التحفيظ الذي يعتمد في طلبه على رسوم ومستندات رسمية أو عرفية وبين المتعرض الحائز للعقار مدة تقل عن مدة الحيازة المقررة شرعا.
– المنازعات على الملكية بين طالب التحفيظ الذي يعتمد في طلبه على رسوم ومستندات رسمية أو عرفية وبين المتعرض الحائز للعقار مدة تفوق المدة المقررة للحيازة، حيث يستند المتعرض في هذه الحالة على الحيازة.
– المنازعات بين طالب التحفيظ الذي يعتمد في طلبه على رسوم ومستندات باطلة أو مشكوك في صحتها وبين واضع اليد المتصرف مدة طويلة.
– المنازعات بين الورثة بصفتهم طالبين للتحفيظ وبين الموصي لهم بصفتهم كمتعرضين والذين يعتمدون في تعرضهم على وصية لا تزال نافذة أو ملغاة.
– المنازعات بين الورثة بصفتهم طالبين للتحفيظ وبين الموهوب لهم من غير الورثة بصفتهم كمتعرضين ويستندون في ذلك على عقد صحيح للهبة تمت فيه الحيازة.
– المنازعات المتعلقة بالتركات بين الورثة أنفسهم حينما يتقدم بعضهم بطلب تحفيظ كل التركة دون إدخال بقية الورثة.
– المنازعات بين طالب التحفيظ الذي يعتمد في طلبه على رسوم عدلية تبين أصل التملك وبين المتعرض الذي يعتمد في ادعائه على شهادة لفيفية، وربما على رسوم عدلية.
– المنازعات بين طالب التحفيظ الذي يعتمد في طلبه على أحكام قضائية وبين المتعرض الذي يستند في تعرضه على سندات ورسوم موثقة.
– المنازعات بين طالب التحفيظ بوصفه مشتري العقار اعتمادا على سند رسمي وبين المتعرض بوصفه البائع السابق الذي يدعي عدم تنفيذ العقد أو عدم إتمام شروط البيع.
– المنازعات بين طالب التحفيظ الذي يعتمد في طلبه على عقد شراء رسمي أو عرفي وبين المتعرض الذي يمارس حق الشفعة.
– المنازعات بين طالب التحفيظ الحائز للعقار وبين إدارة المياه والغابات التي تتعرض على المطلب وتدعي أن الملك له صفة غابة.
– المنازعات بين طالب التحفيظ الحائز للعقار وبين إدارة الأملاك الحبسية التي تتعرض على المطلب وتدعي أن الملك محبس.
– المنازعات بين طالب التحفيظ الحائز للعقار وبين سلطة الوصاية على الأراضي الجماعية التي تتعرض على المطلب وتدعي أن الأرض تدخل ضمن الأراضي الجماعية.
– المنازعات على الملكية بين طالب التحفيظ الذي يعتمد في طلبه على عقد شراء لاحق لعقد شراء المتعرض وبين المتعرض الذي يعتمد في تعرضه على عقد شراء سابق.
– المنازعات بين طالب التحفيظ بوصفه كمالك ، والمتعرض الحائز للعقار اعتمادا على عقد رهن حيازي للعقار ويطلب تسجيل هذا التكليف على العقار.
– المنازعات بين طالب التحفيظ بوصفه مالكا للعقار وبين المتعرضين الذي يدعون حق السطحية، أو حق ارتفاق.
– المنازعات بين التحديد الإداري الذي تقوم به الدولة في إطار تحديد بعض الأملاك الخاصة للدولة وبين طالب التحفيظ الذي يتقدم بمطلبه من أجل ممارسة حق التعرض على التحديد الإداري.
ومهما كان نوع التعرض وحالته فيتعين على المحكمة التأكد من النازلة ليتأتى لها بعد ذلك معرفة النصوص الواجبة التطبيق. ونشير هنا بأنه إذا تبين للمحافظ تداخل بين مطلبين للتحفيظ أو أكثر فالقاعدة التي ينبغي تطبيقها بخصوص تداخل مطالب التحفيظ الكلية هي اعتبار المطلب المتأخر في التاريخ بمثابة تعرض. ويقع على صاحبه عبء إثبات ما يدعيه لأنه يأخذ صفة المدعى، والانتقال بعد ذلك إلى ترجيح حجج كل طرف بالنسبة للآخر.
أما إذا قدمت عدة تعرضات على نفس مطلب التحفيظ فيحتفظ كل تعرض باستقلاليته ولا يجوز للمحافظ ضمها لأن كل تعرض يشكل منازعة مستقلة في مواجهة طالب التحفيظ وعليه أن يحيل مطلب التحفيظ مع جميع التعرضات المنصبة عليه.
ثانيا – مسطرة التعرض:
1) لمن يثبت حق التعرض:
إن الفصل الرابع والعشرين من ظهير التحفيظ العقاري، لم يضع أي قيد في مواجهة الأشخاص الذين يريدون ممارسة التعرض ولهذا جاءت عبارة النص عامة ” يمكن لكل شخص يدعي حقا على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ”.
وما دام التعرض يشكل دعوى تقام في وجه طالب التحفيظ فينبغي أن تكون للمتعرض مصلحة، حيث لا تعرض بدون مصلحة وتتمثل هذه المصلحة في الادعاء بحق على عقار.
وإذا مورس التعرض من قبل الأشخاص الذين ليست لهم مصلحة فيه وهو ما يسمى بالتعرض الكيدي أو التعسفي، فإن المشرع قد فرض غرامات على الأشخاص الذين يمارسون هذا النوع من التعرض إذا ثبت للمحكمة أن المتعرض لم يقصد بتعرضه هذا سوى الكيد أو الانتقام من طالب التحفيظ ولو بتجميد مسطرة التحفيظ لفترة من الزمن.
ولهذا فحق التعرض منح لمن له حقوق على العقار موضوع طلب التحفيظ إلا أنه لا ينبغي التعسف في استعمال هذا الحق، ويثبت حق التعرض في الحالات التي ينص عليها الفصل 24 من ظهير 12 غشت 1913.
– حالة النزاع بشأن حق ملكية العقار موضوع التحفظ، ويمكن أن يكون النزاع شاملا كل العقار ( التعرض الكلي) أو يشمل فقط جزءا من العقار ( التعرض الجزئي)، وفي هذه الحالة الأخيرة يجب تحديد الأجزاء المتعرض عليها إما أثناء القيام بعملية التحديد الأولي أو بعده عن طريق التحديد التكميلي.
– حالة النزاع بشأن مدى حق الملكية كما لو تعلق الأمر بعقار مشترك على الشياع حيث ينازع أحد الشركاء شركاءه في نصيبه أو ينازع الشريك الأجنبي في شرائه عن طريق ممارسة حق الشفعة.
– حالة النزاع بشأن حدود العقار وفي هذه الحالة لا ينازع المتعرض طالب التحفيظ في أحقيته للعقار، ولكن ينازعه في حدوده فقط حيث يمكن المطالبة بتعديل التحديد الذي جرى إشهاره بتحديد تكميلي.
– حالة الادعاء بحق من الحقوق العينية العقارية القابلة للتسجيل كما لو رتب طالب التحفيظ على عقاره حق انتفاع أو رهن رسمي ثم وقع نزاع بشأن هذه الحقوق أثناء جريان مسطرة التحفيظ
وتقدم التعرضات أحيانا من طرف المالك على الشياع حينها ينازع شريكه في حصته أو في حدوده.
وغالبا ما تصدر التعرضات من أفراد عائلة طالب التحفيظ بدعوى أن لهم معه حقوقا في الملك ورثوها معا من مورثهم الأصلي، ويكون من حقهم في مثل هذه الحالة المطالبة بحقوقهم بعد إبراز صفتهم كورثة والحجج المؤيدة لذلك.
ويمكن تقديم الاعتراضات نيابة عن القاصرين وفاقدي الأهلية وناقصيها وعن الغائبين وعن المفقودين وذلك من طرف ممثليهم القانونيين ( الولي، الوصي، المقدم) أو من قبل القاضي المكلف بالقاصرين أو النيابة العامة ( الفصل 26) أو من طرف وكيل شريطة أن يثبت كل هؤلاء نيابتهم القانونية أو وكالتهم.
ومهما كانت صفة المتعرض سواء بالأصالة عن نفسه أو نيابة عن غيره فإنه لا يمكن له أن يطالب إلا بحقوق عينية عقارية أي حقوقا تكون خاضعة للتحفيظ ويمكن تسجيلها على الدفاتر العقارية ( الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري).
والتعرض ليس وقفا على الأشخاص الطبيعيين بل يمكن مباشرته حتى من طرف الأشخاص المعنويين الذين يمتعون بالشخصية القانونية، فالدولة لها حق التعرض على كل مطلب تحفيظ يمس أحد الأملاك الخاصة بها، كما يمكن للغير التعرض عليها وبشأنها إما من طرف سلطة الوصاية واما من طرف أحد الخواص، كما أن تقديم مطلب تحفيظ أرض جماعية يخول للخواص التعرض على هذا التحفيظ إذا كان يمس بحقوقهم كأن يشمل المطلب أراضي لا تعتبر ملكا للجماعة.
وإذا كان العقار المطلوب تحفيظه موضوع نزاع سابق معروض على المحكمة ولم يتم البث فيه بعد، فإن من مصلحة الطرف المتعرض أن يثير انتباه المحافظ إلى وجود دعوى قائمة تخص نفس العقار، ويتعين عليه إثارة انتباه المحكمة بأن العقار موضوع النزاع قد وضع بشأنه مطلب للتحفيظ، والمطالبة بضم ملف النزاع القائم إلى ملف التعرض ليتأتى للمحكمة الحسم في الموضوع مرة واحدة، وذلك تلافيا لصدور أحكام متناقضة.
2) الجهات التي يقدم إليها التعرض :
لقد وسع الفصل 25 من ظهير التحفيظ في صيغته القديمة قبل التعديل عدد الجهات التي يمكن أن يقدم لها التعرض وهي المحافظة العقارية بصورة أصلية ثم لدى المحكمة الابتدائية أو لدى قاضي التوثيق أو لدى القيادات بصورة استثنائية. وهذه الجهات تتولى بدورها بعث التعرضات التي تتوصل بها إلى المحافظة العقارية.
ويجب أن تكون هذه الجهات واقعة في نفس الدائرة التي يقع فيها العقار حتى لا يفهم بأن التعرض يمكن تقديمه لدى أية محكمة أو قيادة بالمغرب، إذ أن موقع العقار يعتبر عنصرا أساسيا لتحديد الاختصاص القضائي. حيث لا يقع تقديم التعرضات إلا داخل هذه الدائرة.
وإذا كان تقديم التعرض لدى المحافظة العقارية لا يثير أي مشكل لأنها هي المعنية بالأمر بصفة رئيسية فإن تقديم التعرض لدى الجهات الأخرى يخلق مصاعب في وجه المتعرضين وحتى بالنسبة للمحافظات، ذلك أن السلطات المحلية وحتى المحكمة غير متخصصة على كيفية تقبل التعرضات خاصة إذا كانت شفوية، وقد لا تعيرها الاهتمام اللازم نظرا لانشغالها بأعمال أخرى تعتبر أهم من تقبل التعرضات. هذا بالإضافة إلى الرتابة الإدارية التي قد تؤخر كثيرا بعث هذه التعرضات إلى المحافظ قصد تسجيلها بسجل التعرضات في الوقت المناسب،
وإن الواقع العملي يثبت حاليا رفض كثير من القيادات قبول التصريحات والطلبات المتعلقة بالتعرض حيث ينصحون المتعرض بالتوجه إلى المحافظة العقارية مما يدل دلالة واضحة على خرق قاعدة مسطرية نص عليها القانون ولا يتأتى المتعرض في مثل هذه الحالة إجبار القائد مثلا على قبول تعرضه مما قد يثير تساؤلات عديدة لدى المتعرض.
وكيفما كان الأمر فإن قبول التعرضات لدى الجهات المذكورة يشكل التزاما قانونيا يجب القيام به، ولا يحق لهم رفض التعرض إلا بعد فوات الأجل وهو شهران ابتداء من تاريخ نشر الإعلان بانتهاء التحديد بالجريدة الرسمية.
وعند انصرام الأجل فيتحتم على كل جهة من الجهات التي تلقت تعرضات أن تقوم بتوجيهها إلى المحافظ مصحوبة بالمحاضر والوثائق المتعلقة بها وفي حالة عدم تقديم أية تعرضات فتوجه شهادة بالنفي ( الفقرة 2 من الفصل 28).
وغالبا ما لا تحترم هذه الجهات بعث شهادة عدم تقديم التعرض مما يضطر المحافظ إلى الانتظار طويلا عسى أن تكون إحدى هذه الجهات قد تأخرت في إرسال التعرض أو شهادة النفي.
وإن حل هذا المشكل لن يكون في إجبار هذه الجهات على تطبيق المسطرة وقبول التعرضات بها بل يكمن في تعدد المحافظات بالقدر الذي يوازي عدد العمالات والأقاليم، وبإقامة مكاتب محلية يشرف عليها محافظون مساعدون ينوبون عن المحافظ في المراكز الحضرية والقروية قصد تلقي طلبات التحفيظ وطلبات التعرض والقيام بكل إجراءات التحفيظ الضرورية.
وعند تحقيق هذا الهدف “تعدد المحافظات” فيمكن أنذاك الاستغناء عن تقديم التعرضات لدى الجهات الأخرى، ومن المؤمل أن يأخذ المشرع هذه النقطة بعين الاعتبار عند إعادة النظر في قانون التحفيظ العقاري.
وجدير بالذكر أن قانون التحفيظ العقاري قد أدخل تعديلا على مقتضيات الفصل 25 حيث حصر الجهة المؤهلة لتقبل التعرضات في المحافظة العقارية التي يقع العقار المتعرض عليه في دائرتها ولهذا تم حسم الإشكالات التي كان يطرحها تعدد الجهات التي تقدم إليها التعرضات.
ولهذا جاءت صياغة الفقرة الأولى من الفصل 25 المذكور في القانون 07-14 كالتالي ” تقدم التعرضات عن طريق تصريح كتابي أو شفاهي إما للمحافظ على الأملاك العقارية وإما للمهندس المساح الطبغرافي المنتدب أثناء إجراء التحديد…”.
3) آجال التعرضات:
لقد حدد المشرع آجالا عادية للتعرضات وحدد آجالا استثنائيا كذلك للتعرضات بمقتضى قوانين خاصة، كما سمح بإمكانية تقديم التعرضات داخل الأجل وأحيانا حتى خارج الأجل المحدد.
لقد كان المشرع مرنا حين تحديده لأجل التعرضات حيث قرر قاعدة حدد فيها أجل التعرض وأوجد استثناءات لهذه القاعدة يمكن بواسطتها تقديم التعرض ولو خارج الأجل ولهذا فإن إمكانية التعرض تبقى متاحة حتى خارج الأجل ولكن بصفة استثنائية.
– التعرض داخل الأجل :
إن التعرض يقبل مبدئيا منذ تاريخ تقديم طلب التحفيظ ما دام لم يتم نشر التحديد المؤقت بالجريدة الرسمية. أما حينما يتم التحديد ويقوم المحافظ بنشره خلال الأجل المنصوص عليه فإن المتعرض يصبح مقيدا بأجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر الإعلان بانتهاء التحديد بالجريدة الرسمية.
ولقد نص الفصل 24 من ظهير 12 غشت 1913 على هذا الأجل ووقع تأكيده في الفصول 27 و 29 و 30 من نفس الظهير. وبهذا ورد في الفصل 24 ما يلي ” يمكن لكل شخص أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الإعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل”.
– التعرض خارج الأجل :
كل شخص تعذر عليه تسجيل تعرضه بسبب معقول داخل الآجال العادية المنصوص عليها في الفصل 24 المذكور آنفا، يرخص له في تسجيل تعرضه، خارج الأجل، بصفة استثنائية طبقا للفصل 29.
ويمنح المحافظ هذا الترخيص ما دام الملف في المحافظة، ويتمتع المحافظ بصلاحيات واسعة في هذا المجال ودون حاجة إلى تبرير قراراته بقبول التعرض خارج الأجل. وبمقتضى التعديل الجديد بواسطة القانون 07-14 فإن إمكانية تقديم التعرض أمام السيد وكيل الملك حينما يحال الملف على المحكمة أصبحت غير ممكنة فقد أصبح مجال تقديم التعرض محصورا في المحافظ العقاري وحده دون غيره.
وإن قبول التعرض خارج الأجل من طرف المحافظ لا يثير إشكالا لأن المحافظ غالبا ما يرجع إلى ملف طلب التحفيظ قبل الإقدام على قبول التعرض حيث يمكنه رفض التعرض إذا تم إرسال الملف إلى المحكمة كما يمكنه رفض التعرض إذا تم الشروع في تأسيس الرسم العقاري، وعلى المتعرض أن يتحمل مسؤولية تأخيره، لأن نظام التحفيظ العقاري يعتمد على واقعة انصرام الأجل المقرر لتأكيد حق ملكية طالب التحفيظ في حالة عدم وجود تعرضات.
ونظرا لما كان يثيره التعرض خارج الأجل من طرف النيابة العامة، فإن قانون التحفيظ العقاري أدخل تعديلا على مقتضيات الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري وحصر إمكانية التعرض الاستثنائي في المحافظ العقاري دون غيره.
ولا نشاطر هذا الرأي إذ كان يتعين فتح إمكانية التعرض الاستثنائي ليس أمام النيابة العامة، بل أمام رئيس المحكمة بوصفه قاضيا للمستعجلات وذلك حينما يكون ملف التعرض محالا على المحكمة أو بواسطة التدخل الإرادي، وذلك حتى نتاح الفرصة للمتعرض للتدخل في النزاع ما دام الملف رائجا أمام المحكمة الابتدائية وهي تنظر في الموضوع.
– التعرض في مسطرة التحديد الإداري لأملاك الدولة :
لقد نص المشرع في ظهير 3 يناير 1916 وكذا ظهير 24 ماي 1922 المتعلق بتحفيظ أملاك الدولة على مسطرة خاصة لتحديد هذه الأملاك وحدد الفصل الرابع من ظهير 3 يناير 1916 أجل ثلاثة أشهر لتقديم التعرضات تبدأ من تاريخ نشر إعلان لمحضر التحديد والتصميم المؤقت بالجريدة الرسمية مع تأكيد هذا التعرض بمطلب للتحفيظ.
وحيث أن هذه المسطرة مجانية فإن تقديم تعرضات بشأنها لا تستفيد من المجانية.
– التعرض في مسطرة التعرض الجماعي للأملاك القروية :
لقد نص المشرع على مسطرة خاصة للتحفيظ الجماعي للأملاك القروية طبقا لظهير 25 يوليوز 1969 وتتميز هذه المسطرة ببعض الخصوصيات من بينها أن هذه العمليات تتم بقرار لوزير الفلاحة يحدد بموجبها المناطق التي ستشملها عملية التحفيظ الجماعي وينبغي أن تكون خارج المدار الحضري، وأن جميع الأعمال تنجز بصفة مجانية.
أما فيما يخص تقديم التعرضات فقد نص الفصل 8 من الظهير المذكور على أنه يجوز لكل شخص أن يتدخل عن طريق التعرض طبق الشروط المقررة في ظهير 12 غشت 1913. وحيث إن مسطرة التحفيظ الجماعي للأملاك القروية مجانية فإن تقديم تعرضات بشأنها لا تستفيد من هذه المجانية
– التعرض في مسطرة ضم الأراضي الفلاحية :
تم تنظيم مسطرة خاصة بضم الأراضي الفلاحية بمقتضى ظهير 30 يونيو 1962. تتم عملية الضم بمقتضى قرار لوزير الفلاحة يحدد فيها المنطقة الواجب ضم أراضيها بعضها إلى بعض ويأذن في افتتاح عمليات الضم وتتميز مسطرة ضمالأراضي الفلاحية ببعض الخصوصيات تذكر من بينها :
– تحفظ وجوبا العقارات الموجودة في دائرة الضم ويمكن أن يباشر تحفيظها بصفة تلقائية.
– تباشر عمليات التحفيظ مجانا باستثناء الصوائر المترتبة عن إجراءات التعرض.
– يعتبر صدور قرار الضم بمثابة إعلان عن المنفعة العمومية ويسمح للأعوان المكلفين ولوج الأراضي موضوع الضم للقيام بالأبحاث وأشغال مسح الأراضي.
– اعتبارا من صدور قرار الضم وإلى أن ينشر المرسوم الصادر بالمصادقة على ضم الأراضي بعضها إلى بعض يمنع القيام بجميع عمليات التفويت بعوض أو بغير عوض وكذا عمليات التخلي الكلى أو الجزئي للأراضي الواقعة داخل منطقة الضم.
– تقوم لجنة الضم بوضع مشروع ضم الأراضي طبقا للإجراءات المبينة في الفصل 10 من الظهير.
– يعرض المشروع الذي اتخذته اللجنة المختصة بمقرر لإجراء بحث عمومي بشأنه لمدة شهر وذلك قبل المصادقة عليه والبث في الشكايات المقدمة بصفة قانونية.
هذه الشكايات منها ما يتخذ شكل تعرض ومنها ما يتخذ مجرد طلبات التسوية بعض الحالات الخاصة.
يتم قبول التعرضات ضد مطالب التحفيظ التي خضعت للمسطرة الخاصة بضم الأراضي الفلاحية من طرف طالبيها سواء كان موضوعها يتعلق بحق الملكية أو مداد قبل انصرام ستة أشهر من تاريخ نشر مرسوم المصادقة على أعمال الضم بالجريدة الرسمية.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحالة لا تعرف استثناء في كيفية تقديم وقبول التعرضات مع تضارب الآراء بشأن قبول هذه التعرضات خارج الأجال القانونية خاصة وأن مقررات لجنة الضم لا يمكن الطعن فيها إلا أمام المجلس الأعلى (محكمة النقض) بسبب خرق القانون أو خرق الصيغ الجوهرية للمسطرة.
كما أن التعرضات المتبادلة في ظل هذا النظام لا يمكن تصورها ذلك أن القطع الأرضية المتواجدة داخل قطاع ضم الأراضي لا يكون إيداع مطالب تحفيظها إلا من طرف مالك واحد وغالبا ما يكون هو الحائز لها أما المتضرر من هذا الإيداع فلا يمكن له إيداع مطلب للتحفيظ لهذه الأراضي بل له الحق في إقامة تعرض في شأنها.
– التعرض في مسطرة تحديد الأراضي السلالية :
تخضع مسطرة تحديد الأراضي السلالية إلى ظهير 18 فبراير 1924 حيث يمكن مباشرة تحديدها بقصد تعيين وضعيتها المادية ومشتملاتها وتقرير حالتها القانونية.
إن أعمال التحديد تباشرها لجنة تتركب من ممثل سلطة الوصاية على الأراضي السلالية ومن نائب عن الجماعة السلالية وعامل المنطقة ومهندس مساح قبل وقوعه بشهر واحد بواسطة إعلانات يجري تعليقها ونشرها.
تباشر اللجنة المعنية عمليات التحديد ووضع علامات الحدود فيها، وتضع اللجنة عند انتهاء أعمالها تقرير التحديد مصحوبا بتصميم هندسي.
ينشر ما ذكر في الجريدة الرسمية ويتم تعليق نسخ من ذلك بمقر السلطة المحلية ومقر المحكمة الابتدائية.
يتم تقديم التعرضات إما أثناء عمليات التحديد واما خلال أجل ستة أشهر ابتداء من نشر تقرير التحديد بالجريدة الرسمية ويجب أن يكون التعرض وفوقا بالحجج المؤيدة للتعرض ولا يقبل أي تعرض أو ادعاء خارج الأجل المذكور وتصبح أعمال التحديد نهائية.
إن التعرض المقدم بصفة نظامية لا ينتج مفعوله إلا إذا قام المتعرض بوضع مطلب تحفيظ تأكيدي وذلك خلال ثلاثة أشهر الموالية لانقضاء الأجل المحدد لتقديمالتعرضات.
4) الرسوم القضائية للتعرض :
ينبغي أن لا يقع خلط بين الرسوم القضائية التي تمثل واجب إقامة الدعوى والتي تدفع لدى المحافظة العقارية وبين مصاريف التعويض التي يدفعها المتعرض حينما يتطلب الأمر التنقل إلى عين المكان قصد إجراء بحث أو خبرة، وهذه تدفع مباشرة لدى كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية.
فكل تعرض لم تؤد عنه الرسوم القضائية المقررة يعتبر وكأنه لم يكن وذلك بعد إنذار المتعرض من طرف المحافظ وتحديد أجل ثلاثة أشهر بدفعها. ومنذ صدور ظهير 25 غشت 1954 المغير للفصل 32 ظهير 12 غشت 1913 فإن المحافظ هو المكلف باستيفاء هذه الرسوم لفائدة المحكمة، وهو الذي يلغي التعرض في حالة عدم الأداء. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الرسوم القضائية إنما تكون المصروف القضائي الوحيد المفروض على المتعرضين ليبرهنوا على جدية مطالبهم، ورغم ضآلة قيمتها فيمكن إعفاء المتعرضين من أدائها بعد طلبهم المساعدة القضائية.
والمساعدة القضائية تدبير أقره المشرع لمصلحة المتداعين الذين لا تمكنهم حالتهم المادية من دفع نفقات الدعوى فيستطيعون بموجبه من رفع هذه الدعوى والسير فيها، وإتمام جميع إجراءات التحقيق فيها حتى صدور الحكم دون إلزامهم بدفع الرسوم والنفقات المقررة في القانون أو من قبل المحكمة.
ولقد صدر المرسوم الملكي 514 المؤرخ في 17 رجب 1386 الموافق 11 نونبر 1966 بمثابة قانون يتعلق بالمساعدة القضائية، وجاء في مادته الأولى بأنه ” يمكن منح المساعدة القضائية لدى جميع محاكم المحكمة، وكيفما كان الحال، إلى الأشخاص والمؤسسات العمومية أو ذات المصلحة العمومية والجمعيات الخصوصية القائمة بعملية إسعاف والمتمتعة بالشخصية المدنية والجنسية المغربية التي نظرا لعدم كفاية مواردها تكون غير قادرة على ممارسة حقوقها والدفاع عنها أمام القضاء”.
وتطبق المساعدة القضائية على كل نزاع وعلى المطالبات بالحق المدني أمام محاكم التحقيق وإصدار الأحكام كما تطبق خارج كل أعمال القضاء الإداري والأعمال التحفيظية.
ويتبين من هذا أن المتعرض بإمكانه الاستفادة من المساعدة القضائية لمواجهة طالب التحفيظ، وذلك بعد اتباع مسطرة الحصول عليها وموافقة رئيس المكتب المكلف على منحها، والاعفاء من الأداء هو المفعول الوحيد للمساعدة القضائية في مادة التحفيظ العقاري خصوصا وأن المحامي لا يعين أبدا بصفة تلقائية وبإمكان الخصوم الترافع شخصيا أو بواسطة نائب باختيارهم ( الفصل 35) إلا أن شكليات التعرض وإشكالاته تجعل من العسير على أغلب المتعرضين الترافع بأنفسهم والدفاععن قضاياهم.
وإذا كان هناك عدة متعرضين على مطلب واحد للتحفيظ قاموا كلهم بتعرضات متباينة فهم ملزمون جميعا بتقديم المصاريف القضائية لأن تقديمها من متعرض واحد لا يعفي الآخرين من تقديمها ( الفقرة 6 من الفصل 32).
أما التعرضات المتبادلة بين مطلبين للتحفيظ والناتجة عن تداخل بينهما فلا تؤدى عنها الرسوم القضائية ولا حقوق المرافعة. حسب الفقرة 3 من الفصل 32 تحفيظ عقاري وهو خلل ينبغي تداركه فالتعرضات المتبادلة تعتبر بمثابة مقال أصلي ومقال مضاد ويتعين أداء رسوم المرافعة عنها.
وقد ورد في الفصل 30 من الظهير رقم 15-4-54 الصادر في 1984-4-27 بمثابة قانون المالية لسنة 1984 ما يلي ” يستوفى عن إيداع التعرض على طلب التحفيظ علاوة على رسم المرافعات المقرر في الفصل 68 بعده رسم ثابت قدره 150 درهما وذلك وفق الشروط المبنية في ظهير 12 غشت 1913 بشأن التحفيظ العقاري.
يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بدفع الرسوم المذكورة إلى مكتب تسجيل الإجراءات القضائية التابع له مقر إقامته. ويوجه المحافظ إعذارا إلى المتعرضين على طلب التحفيظ لأداء الرسم المنصوص عليه في أجل لا يمكن أن يقل عن شهر”.
ويقوم المحافظ في نهاية كل شهر بإيداع رسوم التعرض التي تلقاها بصندوق المحكمة الابتدائية مقابل وصل دون انتظار إحالة ملف التعرض على المحكمة والتي لا تتم إلا بعد مدة قد تطول وقد تقصر، وفي جميع الأحوال وعند إحالة ملف التعرض على المحكمة يتعين أن يكون مرفوقا بالتواصيل التي تثبت إيداع الرسوم المقررة والتي تعتبر بمثابة رسوم للتقاضي أو ما يفيد أداءها.
وقد ننص الفصل 30 من قانون المصاريف القضائية على ما يلي: “يستوفي عن إيداع اعتراض على طلب تحفيظ، علاوة على رسم المرافعات المقرر في الفصل 65 بعده رسم ثابت قدره 150 درهم وذلك وفق الشروط المبينة في الظهير الشريف الصادر في 12 غشت 1913م بشأن التحفيظ العقاري”.