نصت المادة 130 من مدونة الحقوق العينية على أنه ” تطبق على حق الحبس الأحكام الواردة في مدونة الأوقاف، وهكذا سنحاول التعرض للوقف من خلال مدونة الأوقاف الصادرة بتاريخ 23 فبراير 2010 .
أولا – تعريف الوقف :
عرفت المادة الأولى من مدونة الأوقاف الوقف بأنه ” كل مال حبس أصله بصفة مؤبدة أو مؤقتة، وخصصت منفعته لفائدة جهة بر وإحسان عامة أو خاصة ويتم إنشاؤه بعقد أو بوصية أو بقوة القانون”.
ومادام حق الوقف من الحقوق العينية فإنه يحق لمن تقرر له حق الحبس على عقار أن يتقدم بطلب تحفيظه ، كما يحق له أن يمارس التعرض على مطلب التحفيظ.
فالوقف من وجهة نظر القانون هو تصرف إرادي منفرد بمقتضاه يحبس المسلم عن التداول عينا من الأعيان الجارية بملكه وغالبا ما تكون عقارا ويخص التمتع فيها على وجه الديمومة بجهة من جهات الخير أو بشخص أو أشخاص معينين وذراريهم، على أن ينتقل التمتع بالعين إلى جهة من جهات الخير عند انقراض المستفيدين أو لجهة من جهات الخير وبشخص أو أشخاص معينين وذراريهم معا.
فالأحباس أو الأوقاف إذن هي أملاك عقارية كالأراضي والمساجد والآبار والحوانيت والديار والقناطر والمقابر والطرق وغير ذلك من الأصول والمنقولات باستثناء الطعام الذي تكون منفعته في استهلاكه فقط، هذه الأصول والمنقولات يحبسها مسلم لصالح من يعينه في عقد التحبيس سواء كان إنسانا موجودا حقيقة أو حكما كالجنين ومن سيولد معينا أو مجهولا. وسواء كان قريبا أو بعيدا، مسلما أو غير مسلم غنيا أو فقيرا.
فالوقف عمل إنساني ورغم عدم ورود نص خاص بمشروعيته في الكتاب إلا أن روح التشريع في القرآن الكريم يدل عليه دلالة واضحة فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}. ويقول تعالى في آية أخرى {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} إلى غير ذلك من الآيات التي حثت الإنسان المسلم لعمل البر والإحسان والمعروف.
كما ورد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له، وما الوقف إلا صدقة جارية ينتفع بها المسلم في الدنيا وفي الآخرة”.
ثانيا – شروط الوقف :
نصت المادة 24 من مدونة الأوقاف على أنه ” يشترط لصحة الوقف شرطان:
– الإشهاد على الوقف.
– حوز المال الموقوف قبل حصول المانع مع مراعاة أحكام المادة 10 من مدونة الأوقاف.
يقصد بالمانع في مفهوم هذه المدونة موت الواقف أو إفلاسه”.
ثالثا – أنواع الوقف :
جاء في المادة الأولى من مدونة الأوقاف على أن الوقف يكون إما عاما، أو معقبا أو مشتركا:
أ – الوقف العام :
الوقف العام هو كل وقف خصصت منفعته ابتداء أو مالا لوجوه البر والإحسان وتحقيق منفعة عامة.
وتعتبر وقفا عاما بقوة القانون على عامة المسلمين جميع المساجد والزوايا والأضرحة والمقابر الإسلامية، ومضافاتها والأملاك الموقوفة عليها. ويتم تدبير الوقف من طرف إدارة الأوقاف التي تعتبر ممثله القانوني (المادة 5 من مدونة الأوقاف).
وتخضع الأملاك الوقفية العامة لمجموعة من التصرفات أهمها المعاوضة والكراء. فبالنسبة للمعاوضات فهي إما أن تكون نقدية شريطة أن تخصص عائداتها لاقتناء عقارات وقفية عامة أخرى، وذلك حفاظا على أصل الوقف وتنمية مداخيله، وقد تكون عينية شريطة أن تكون العين المعاوض بها محفظة، وأن تساوي أو تفوق قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة.
أما بالنسبة لكراء الأملاك الحبسية العامة فيتم بناء على عقد بمقتضاه تمنح إدارة الأحباس منفعة عقار إلى آخر مزايد خلال مدة معينة مقابل وجيبة كرائية يؤديها مسبقا.
ب – الوقف المعقب :
يعتبر وقفا معقبا ما وقف على ولد أو عقب أو نسل أو ذرية المحبس أو غيره ( المادة 108 من مدونة الأوقاف).
بالنسبة لمعاوضة المال الموقوف وقفا معقبا فتخضع لنفس الأحكام المتعلقة بمعاوضة المال الموقوف وقفا عاما ( المادة 115 من مدونة الأوقاف).
ولا يكرى المال الموقوف وقفا معقبا لأكثر من ثلاث سنوات إلا بإذن من إدارة الأوقاف وإلا كان العقد باطلا ( المادة 116 من مدونة الأوقاف).
ج – الوقف المشترك :
يعتبر وقفا مشتركا ما وقف ابتداء على جهة عامة وعلى شخص بذاته، أو عليه وعلى عقبه (المادة 108 من مدونة الأوقاف).
ويخضع الوقف المشترك لنفس الأحكام المطبقة على الأموال الموقوفة وقفا عاما. وتقوم إدارة الأوقاف بتدبيره ( المادة 129 من مدونة الأوقاف).