1 / الإطار التشريعي لأملاك الدولة الخاصة :
بالرجوع إلى ظهير فاتح يوليوز 1914 الذي يعتبر بمثابة ميثاق للأموال العامة بالمغرب نجده لا ينص على أي تعريف لملك الدولة الخاص، ولكنه مع ذلك وضع معيارين أساسيين للتمييز بين ملك الدولة العام وملكها الخاص.
المعيار الأول هو عدم قابلية المال العام للتفويت لأنه مخصص للاستعمال الجماهيري ولا يمكن تفويته إلا إذا قامت الدولة إلى إخراجه من الملك العام إلى الملك الخاص، أما المعيار الثاني فهو الترتيب وإزالة الترتيب.
وأمام عدم وجود مفهوم قانوني لملك الدولة الخاص حاول بعض الفقه إيجاد تعريف له وذلك دائما في إطار مقابلته مع الطبيعة القانونية للملك العمومي، وهكذا تم تعريفه بأنه مجموعة من العقارات والمنقولات التي تملكها الدولة دون أن تكون مخصصة للعموم، وهي بعبارة أخرى الأملاك التي لا تدخل في إطار أملاك الدولة العامة.
أ – كيفية تكوين أملاك الدولة الخاصة :
تسعى إدارة الأملاك المخزنية إلى تملك مجموعة من العقارات سواء كانت مبنية أو عارية، وذلك بإتباعها للطرق العادية في التملك والمتمثلة في مسطرة الاقتناءات وضم الأراضي التي لا مالك لها ، وهذا لا يمنعها من تلقي العقود التبرعية كالهبات والصدقات.
وبالإضافة إلى الطرق العادية للتملك هناك طرق أخرى استثنائية تتمثل أساسا في الأملاك المصادرة ( إن عملية المصادرة تشمل جميع الأملاك الصادرة في حق أصحابها عقوبات جنائية تجردهم من ملكيتهم ، كما تنصب المصادرات ضد أملاك من كانوا يسمون في عهد الحماية، بالخونة، فتماشيا مع مبدأ السيادة كان من اللازم معاقبتهم عن طريق مصادرة ممتلكاتهم). والأراضي المسترجعة وفقا لظهير 26 شتنبر 1963 وكذا ظهير 2 مارس 1973.
ومن أهم الطرق الاستثنائية كذلك لتكوين الملك الخاص للدولة هو نزع الملكية من أجل العامة، والشفعة الممارسة من طرف الدولة.
ب – طرق حماية أملاك الدولة الخاصة :
تملك الدولة بهدف تصفية الوضعية القانونية لأملاكها المخزنية ، الخيار بين اللجوء إلى إحدى المسطرتين مسطرة التحديد الإداري المنظمة بمقتضى ظهير 3 يناير 1916 و 24 ماي 1922، حيث يكون اللجوء إليها إجباريا في الحالات التي تكون حقوقها على العقارات ظنية وليست قطعية، ثم مسطرة التحفيظ العقاري حسب ظهير 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري في الحالات التي يكون لديها وسائل إثبات الملكية قاطعة وقوية.
إلا أنه يجب التأكيد بهذا الخصوص أن عملية التحديد الإداري لملك الدولة الخاص لا يمكن أن تقوم مقام التحفيظ، وهنا نتساءل عن مدى جدوى هذه المسطرة في الحالة التي تبادر فيها مديرية الأملاك المخزنية عملية التحفيظ ؟
يجيب عن تساؤلنا أحد المهتمين (محمد صباب) بأن المديرية تسلك هذا الطريق إما لكونها لا تتوفر على وثائق تثبت ملكيتها، أو لضعف حججها ، أو حينما تشعر بأن موقفها لن يكون قويا أمام القضاء.
ج – طرق استثمار الملك الخاص للدولة :
تنفرد أملاك الدولة الخاصة بمجموعة من الخصائص التي تجعلها متميزة عن باقي الأنظمة العقارية المغربية، ومن أهم هذه الخصائص نجد قابليتها لشتى أنواع التصرفات القانونية من تفويت وكراء، وحتى تخصيص لفائدة المرافق العمومية، مما يضعها في مركز مساواة مع ما يقوم به الأشخاص الطبيعيون من تصرفات .
وبهذه التصرفات المبينة أعلاه تمكنت الدولة من فرض سيطرتها في المجالات الحيوية باعتبارها المستثمر الأول في قاطرة التنمية الاقتصادية بالمغرب.
بالنسبة لتفويت الأملاك الخاصة للدولة، فيتم تحت إشراف مديرية الأملاك المخزنية وذلك بإبرام عقود تفويت، وفي إطار هذه العملية قد تفوت الدولة بعض عقاراتها سواء المبنية أو العارية إما للخواص أو للإدارات العمومية ، عن طريق السمسرة كقاعدة أو عن طريق التراضي متى كانت هناك أسباب وجيهة لذلك طبقا للفصل 82 من مرسوم 5 مارس 2002.
وإدارة الأملاك المخزنية بهذه التفويتات تساهم في حل أزمة السكن، والنهوض بالقطاع الاقتصادي خاصة بالنسبة لتفويت المساكن المخزنية لمن يشغلها من الموظفين، أو تفويت المساكن لقطاع السكنى، أو من أجل إنشاء محلات تجارية …
إلا أن هذه التفويتات ما زالت تطرح بعض المشاكل خاصة تلك الخاصة بالموظفين. وكذا البيع بالتراضي الذي يتم في بعض الحالات دون مراعاة المسطرة المطلوبة، حيث أثبت الواقع تفويت أملاك خاصة للدولة للخواص بثمن بخس دون أن تكون لها أهداف استثمارية تعود بالنفع العام على المجتمع…
كما تسخر الأملاك المخزنية لكرائها سواء تعلق الأمر بكراء العقارات العادية أو كراء العقارات الفلاحية، أو كراء العقارات المخزنية لموظفي الدولة. هذا الأخير الذي يطرح مجموعة من المشاكل، راجعة أساسا إلى غياب إطار تشريعي ينظم هذا النوع من السكن، ولعل أهم إشكال يثار في هذا الصدد هو ما مصير السكن الوظيفي بعد انقطاع الموظف عن وظيفته التي كانت السبب في حصوله على هذا السكن؟
ولقد حاول المشرع المغربي تجاوز بعض المشاكل التي كان يطرحها كراء الأملاك المخزنية والمتمثلة أساسا في تمركز القرارات المتخذة بشأنه مما كان يعوق إمكانية استثمارها وذلك بصدور قرار وزير المالية (5 مارس 2002) الذي فوض السلطة إلى ولاة الجهات لكراء الأملاك الخاصة للدولة قصد إنجاز مشاريع استثمارية وكذا الإجراءات المتعلقة بدراسة ملفات الاستثمار.
2 / النظام القانوني لأراضي الجيش :
أراضي الجيش هي أراضي زراعية أو قابلة للزراعة أو مراعي يقتطعها السلطان لإحدى القبائل أو العشائر مقابل خدمتها العسكرية، وذلك قصد استغلالها والانتفاع بها على وجه الشياع ، بدون أداء الضرائب عدا الزكاة، ومنها أخذت هذه الأراضي تسميتها انتسابا إلى قبائل الجيش التي تقطنها وتستغلها.
فهذه الأراضي هي ملك خاص للدولة يستفيد الأفراد فيها بحق الانتفاع فقط ويسمى عقد التسليم هذا بعقد التنفيدة ، ويتضمن هذا العقد الانتفاع الشخصي ويعاد إعطاء هذا الحق إلى الأبناء في حالة وفاة المستفيد.
ولقد وقع نقاش حول الطبيعة القانونية لهذه الأراضي، فلمن ترجع ملكية هذه الأراضي هل للدولة أو للقبائل التي منحت لها ؟ وكيف نميزها عن الأراضي السلالية؟
لقد ذهب المجلس الأعلى في قرار له أن الأصل في أراضي الجيش أنها ملكية خاصة للدولة اقتطعتها لقبائل الجيش مقابل الخدمات العسكرية لأعضائها ومع أداء تعويض مالي، فتبقى ملكية خاصة للدولة ، وليس لقبيلة الجيش إلا حق الانتفاع (قرار عدد 3311 المؤرخ في 2007/10/17 في الملف عدد 2006/3/1/2609)
وأمام غياب نص قانوني ينظم هذه الأراضي خاصة فيما يتعلق بطرق استغلالها وتقسيمها حيث تبقى خاضعة للأعراف المحلية التي تختلف من منطقة إلى أخرى ، فقد أدى ذلك إلى تحويل بعض هذه الأراضي إلى أملاك جماعية أو ملكيات خاصة مع العلم أن هذه الأراضي وإن كانت تشبه من حيث الاستغلال الأراضي الجماعية ، فإنها تختلف عنها لأن هذه الأخيرة تعتبر في الأصل ملكا خاصا للجماعة ، ويخضع تنظيمها لعدة قوانين خاصة بها ، في حين تعتبر أراضي الجيش في الأصل من أملاك الدولة وللقبيلة حق الانتفاع بها.
وهو ما ذهب إليه قرار المجلس الأعلى حيث اعتبر أن أراضي الجيش ليست من أملاك الجماعات ومن ثم فمجلس الوصاية لا يختص باتخاذ أي قرار بشأن استغلالها وكل ما له هو الدفاع عن مصالح الجماعات المتعلقة بها ولهذا فإن تصدي مجلس الوصاية للبت في نزاع شخصين حول استغلال هذه الأراضي يعتبر خروجا عن دائرة اختصاصه مما يستوجب إلغاء المقرر المطعون فيه.
أما فيما يخص طرق استغلال هذه الأراضي فيتم حسب نوعية هذه الأراضي وطبيعتها، فالأراضي التي لا تصلح للزراعة فمنها ما هو مخصص للرعي المشترك، ومنها ما هو مخصص للسكنى والمرافق التابعة لها، وهذه الأراضي غير قابلة للتقسيم.
أما الأراضي الصالحة للزراعة فتوزع دوريا بين رؤساء العائلات. والواقع أن هذه الأراضي أصبحت عائقا أمام التنمية والاستثمار وذلك راجع لعدة أسباب منها غياب قانون منظم لها، والقسمة في الأراضي الزراعية لا تتم بشكل دوري ولكن يتم الاقتصار على قسمة واحدة تكون نهائية كما أن هذه الأراضي غير قابلة لا للتفويت ولا للحجز لأن القبيلة ليس لها إلا حق الانتفاع أما الرقبة فهي للدولة هذا إضافة إلى حرمان النساء من الاستفادة من حق استغلال هذه الأراضي والمشاركة في التقسيم.
وهذا ما دفع السلطات المختصة إلى الإسراع نحو تمليك هذه الأراضي للقبيلة حتى تبقى خاضعة لظهير 27 أبريل 1919 حيث صدرت دورية مشتركة لوزارة الداخلية والإعلام ووزارة الفلاحية والاستثمار الفلاحي عدد 646 بتاريخ 31 يناير 1995 تذهب في هذا التوجه.
ورغم أهمية هذا الحل فقد اعترضته بعض المعيقات المتمثلة في صعوبة حصر ذوي الحقوق ، وعدم تحفيظ جل هذه الأراضي.