العقارات في المغرب إما عقارات محفظة، أو عقارات غير محفظة، أو عقارات في طور التحفيظ.
1) العقارات المحفظة :
إن التحفيظ نظام إشهاري عيني لا شخصي وهو مأخوذ من نظام ((تورنس)) الاسترالي وهو نظام يقوم على التنظيم الدقيق للعقار ذاته بصرف النظر عن مالكه أو أصحاب الحقوق العينية عليه إذ لكل عقار سجل خاص يسمى الرسم العقاري يتضمن كل البيانات المتعلقة به من رقم واسم وخريطة تبين حدوده ومساحته ومعالمه كما يتضمن الرسم كل التعديلات التي قد تطرأ عليه من الناحية المادية أو القانونية حتى يكون هناك تطابق بين الواقع وبين ما هو مسجل في الرسم العقاري.
وحسب الفصل 62 من ظهير التحفيظ العقاري فإن الرسم العقاري نهائي ولا يقبل الطعن ويعتبر نقطة الانطلاق الوحيدة للحقوق العينية والتحملات العقارية المترتبة على العقار وقت تحفيظه دون ما عداها من الحقوق غير المقيدة، كما أن الفقرة الثانية من الفصل الأول من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تغيره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 تنص على أن تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنه تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به .
ويتضح من النصين بأن قرار التحفيظ ينجم عنه بالضرورة تطهير العقار من جميع الحقوق غير المعلنة والتي لم تتم المطالبة بها خلال مسطرة التحفيظ فالرسم العقاري المقدم بعد التحفيظ هو المنطلق الوحيد لكافة الحقوق العينية، وبذلك يكون رسم الملكية قد اكتسب صفة النهائية الغير القابلة لأي طعن لأنه يفترض بأن العقار قد تم تطهيره من جميع المطالبات والتعرضات خلال مرحلة التحفيظ.
ومن ثم فإن الحقوق العينية المسجلة بالرسم العقاري تكتسي مناعة مطلقة ولا يسري عليها التقادم سواء كان مكسبا أو مسقطا وقد نص الفصل 63 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل على أن ( التقادم لا يكسب أي حق عيني على العقار المحفظ في مواجهة المالك المقيد ولا يسقط أي حق من الحقوق العينية المقيدة بالرسم العقاري ).
ويعتبر قرار المحافظ العقاري بتأسيس الرسم العقاري هو القرار الوحيد الذي لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال محل طعن أو مراجعة لا من طرف المحافظ ولا حتى من أعلى سلطة عامة، والمحافظ لا يتخذ قراره بالتحفيظ وإنشاء الرسم العقاري إلا بعد التأكد من سلامة مطلب التحفيظ وإعمال القواعد الخاصة بالإشهار القانوني لمطلب التحفيظ وأن عملية التحديد قد أنجزت بشكل سليم، وأن هاته الإجراءات والمساطر قد أقيمت بشكل قانوني وأنه لا يوجد أي تعرض على مطلب التحفيظ مع ضرورة اقتناع المحافظ بأحقية صاحب المطلب في تحفيظ العقار باسمه.
2) العقارات غير المحفظة :
إن النظام العقاري في المغرب قام على ازدواجية تتمثل في وجود عقارات محفظة خاضعة لظهير التحفيظ العقاري لـ 9 رمضان 1331 الموافق لـ 12 غشت 1913 كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14.07 بتاريخ 22 نوفمبر 2011 ، وظهير 19 رجب 1333 الموافق 2 يونيو 1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة والذي تم نسخه بمقتضى المادة 333 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، وعقارات غير محفظة خاضعة لمقتضيات الفقه المالكي حسب ما استقر عليه العمل القضائي المغربي.
وخضعت هذه العقارات أيضا لبعض الأعراف كما أن بعض الفقه كان لا يرى مانعا من إخضاعها لأحكام قانون الالتزامات والعقود، وقد نص القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية على إزالة الاختلاف الذي كان بين الفقه والقضاء حول الأسبقية في التطبيق بين أحكام الفقه الإسلامي ونصوص الالتزامات والعقود بالنسبة للعقارات غير المحفظة.وهكذا نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون رقم 39.08 على ما يلي: ” تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود في ما لم يرد به نص في هذا القانون ، فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجع والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي”.
فقبل فترة الحماية وقبل إقرار نظام التحفيظ العقاري في 12 غشت 1913 كان المغرب لا يعرف إلا تنظيما واحدا وهو العقار المدني بأشكاله التقليدية، ولم يكن تعبير عقار غير محفظ متداولا ولا معروفا ، ومع إقرار نظام التحفيظ العقاري بمقتضى ظهير 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) وظهير 19 رجب 1333 (2 يونيه 1915) الملغى المتضمن للقواعد التي تطبق على العقارات المحفظة أصبح المغرب يتوفر على ازدواجية لنظامه العقاري: عقارات محفظة وأخرى غير محفظة،
ويعتبر العقار غير المحفظ هو الأساس لأن العقار المحفظ كان أصلا عقارا غیر محفظ فتحول وضعه القانوني والمادي بعد إتباع مسطرة التحفيظ والتي هي مجموعة من الإجراءات الرامية إلى إخضاع العقار الغير المحفظ للنظام المحدث بمقتضى ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه.
ويطلق على العقار غير المحفظ إسم العقارات العادية، كما يطلق عليها أيضا اسم العقار الملك.وتنتقل ملكية العقار غير المحفظ بالتصرفات القانونية كالبيع والهبة والوصية والإرث.وتجد هذه الملكية أساسها القانوني في واقعة الحيازة الفعلية بوضع اليد والتصرف فيها ولا يتحقق الاستحقاق إلا إذا كانت الحيازة للعقار حيازة قانونية مستجمعة لكافة شروطها من وضع اليد على العقار والتصرف فيه بشكل عادي وعلني مع استمرار الحيازة والخلو من الالتباس.
وأهم النزاعات المثارة بصدد العقارات غير المحفظة تتعلق بدعوى الاستحقاق ودعوى الحيازة ، فدعوى الاستحقاق تهدف حماية أصل حق الملكية وبصورة أعم ( أصل الحق العقاري). أما دعوى الحيازة فهي تهدف أساسا حماية حيازة الحق العقاري من خلال إقامة دعوى الحيازة وما تتطلبه من شروط.
3) عقارات في طور التحفيظ :
العقار في طور التحفيظ هو العقار الذي وضع له مطلب للتحفيظ ولم يصدر بشأنه قرار التحفيظ، حيث يقدم صاحب هذا العقار مطلبا إلى المحافظ على الملكية العقارية ولم يصدر بعد بشأنه قرارا نهائيا بمقتضى رسم عقاري، ويبقى خاضعا لأحكام مدونة الحقوق العينية حيث نصت المادة الأولى من القانون رقم 08-39 على أنه: ” تسري مقتضيات هذا القانون على الملكية العقارية والحقوق العينية مالم تتعارض مع تشريعات خاصة بالعقار”.
وأضافت الفقرة الثانية من نفس القانون على أنه “تطبق مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 9 من رمضان 1331 ( 12 غشت 1913 ) بمثابة قانون الالتزامات والعقود في مالم یرد به نص في هذا القانون فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجع والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي” ، وبهذا النص عمل المشرع على إنهاء النزاع الذي كان قائما حول الأولوية في التطبيق بين قواعد الفقه الإسلامي وقانون الالتزامات والعقود.
وبالرغم من كون وضعية العقار في طور التحفيظ تتسم بعدم الاستقرار بسبب النزاعات التي قد تنشأ عليه ، إلا أن ذلك لا يترتب عليه جمود العقار إذ يمكن أن ترد عليه مجموعة من التصرفات القانونية والتي تتمثل في الرهن والهبة إضافة إلى البيع والوصية …. إلخ
وبالمقابل يلزم إيداع كل العقود المتعلقة بالتصرفات التي أبرمها صاحب مطلب التحفيظ والعقار لا زال في طور التحفيظ لدى المحافظة على الأملاك العقارية، حيث تتم الإشارة إليها في الرسم العقاري طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ كما عدل وتمم بالقانون رقم 14.07.
وإذا كان تقديم مطلب التحفيظ مسألة امتيازية، فإن سحب المطلب بكيفية إرادية من طرف طالب التحفيظ يعد أمرا محظورا من الناحية التشريعية، كما نص على ذلك الفصل السادس من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بمقتضى القانون رقم 14.07 بالنص على أنه ” إن التحفيظ أمر اختياري غير أنه إذا قدم مطلب التحفيظ لا يمكن سحبه مطلقا” .
ولا سبيل لإجبار صاحب العقار على تحفيظ عقاره باستثناء الحالات التي قرر فيها قانون التحفيظ العقاري وكذا الأنظمة العقارية الخاصة إجبارية التحفيظ.
ومنع سحب مطلب التحفيظ المقرر بنص قانوني لا تعني منع المحافظ العقاري من إلغاء مطلب التحفيظ في الأحوال المقررة والتي تخول له ذلك بمقتضى نص قانوني كما ورد مثلا في الفصل 23 من قانون التحفيظ العقاري والذي تم تعديله بمقتضى القانون رقم 14.07، والذي ورد فيه:” دون المساس بأحكام الفصل 6 من هذا القانون، إذا نص المحضر على تغيب طالب التحفيظ أو من ينوب عنه أو على عدم قيامه بما يلزم إجراء عملية التحديد، فإن مطلب التحفيظ يعتبر لاغيا، وكأن لم يكن إذا لم يدل بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصله بالإنذار. يعتبر مطلب التحفيظ كذلك لاغيا وكأن لم يكن إذا تعذر على المحافظ على الأملاك العقارية أو نائبه إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك”.