المجال العقاريقانونيات

مدونة الحقوق العينية

تعتبر مدونة الحقوق العينية المغربية أساس النظرية العامة للأموال ضمن التنظيم المعاصر للقانون، والتي تتناول الحديث عن طبيعة الملكية العقارية والحقوق الواردة عليها، وطرق اكتسابها وحمايتها، إلى جانب النظرية العامة للالتزامات التي تجد أساسها في قانون الالتزامات والعقود، وتتناول مواضيع تتجاوز حدود الملكية التامة، إلى تحديد التصرفات والوقائع والالتزامات من حيث مصادرها، محلها أوصافها، انتقالها، آثارها، بطلائها،انقضاؤها وإثباتها.

للحديث عن الحقوق العينية لابد من استحضار المراحل التالية: مرحلة ما قبل الاستعمار، مرحلة الاستعمار، ثم مرحلة الاستقلال.

فمرحلة ما قبل الاستعمار، كانت جميع المنازعات العقارية بالمغرب خاضعة في الفصل فيها لقواعد الفقه الإسلامي وفق المذهب المالكي، فكان القضاة والفقهاء يجتهدون في استنباط أحكام وقواعد في مجال العقار، غاية في الإحكام والتنزيل، قصدهم في ذلك تحقيق مصلحة العباد، إيمانا منهم بأنه حيث مصلحة العباد فثمة شرع الله، وتعتبر كتابات ومؤلفات القضاة من أهم ما كتب في هذا المجال، لأن القضاة كانوا فقهاء وعلماء ، لذلك اتسمت كتاباتهم بالواقعية والتجديد.

وابتداء من سنة 1912م إلى سنة 1956م، وهي فترة الاستعمار، ستبدأ مرحلة تشريعية حديثة بالمغرب، لا ننكر جانبها الشكلي الايجابي.

ففي مجال التشريع العقاري كانت سنة 1913م وهي سنة صدور ظهير التحفيظ العقاري، بداية تقسيم البنية العقارية بالمغرب، صاحبتها أنظمة عقارية متعددة، ففي سنة 1915م صدر تشريع خاص بالمنازعات المتعلقة بالعقارات المحفظة فقط، وبقيت جميع المنازعات العقارية الأخرى خاضعة لقواعد الفقه الإسلامي خاصة المذهب المالكي.

والى حدود سنة 1956م تاريخ بداية مرحلة الاستقلال، أصبحت المنظومة التشريعية العقارية بالمغرب عبارة عن أنظمة عقارية كبرى وأنظمة عقارية صغرى مشتتة وغير ثابتة.

فالأنظمة الكبرى المتمثلة في الظهيرين المذكورين أعلاه ( ظهير 1913 وظهير 1915)، هما تشريعان اتسما بالثبات وعدم إدخال أي تعديل إلا بعد مرور حوالي قرن من الزمن، أما الأنظمة الصغرى فهي تلك التشريعات العقارية الخاصة بكل عقار، وقد اتسمت بكثرة التغيير والتعديل والإلغاء إلى حد اللخبطة.

ومن أمثلة ذلك، التشريع المطبق على الأملاك الوقفية، فخلال ست سنوات أي من سنة 1912 إلى 1917 صدر أزيد من 11 عشر ظهيرا خاصا بالأملاك الحبسية (المادة 166 من مدونة الأوقاف. وهكذا حال أغلب التشريعات العقارية الخاصة ومنها:

– ظهير 23 ماي 1916 المتعلق بجماعات القبائل .

– ظهير فاتح يوليوز المنظم للملك العام للدولة.

– ظهير 27 ابريل 1919 المتعلق بتدبير الوصاية على الأراضي الجماعية .

– ظهير 8 فبراير 1924 والمعدل بظهير 16 فبراير 1933 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية.

– ظهير فاتح يونيو 1914 المسمى بالظهير الخليفي، وهو نظام عقاري خاص بالمنطقة الشمالية للمغرب، والذي أصدرته سلطة الاستعمار الاسباني، ولم تتم ملاءمته ،وبقيت آثاره السيئة على الوعاء العقاري بمنطقة الشمال إلى اليوم. وغيرها من الظهائر ذات الصلة بالملكية العقارية.

وبعد الاستقلال بقيت أغلب التشريعات العقارية متشتتة وجامدة ومتناقضة أحيانا ومن أمثلة ذلك ظهير 27 أبريل 1919 المتعلق بتدبير الوصاية على الأراضي الجماعية.

وكان المرحوم محمد الخامس قد تنبه إلى هذا فدعا في بداية الاستقلال إلى توحيد التشريعات ومغربتها وتنقيتها من شوائب المستعمر.

والى جانب تلك الظهائر أصدرت سلطة الاستعمار عدة مراسيم وقرارات ومناشيركلها تتعلق بالملكية العقارية.

وبقي ظهير التحفيظ العقاري لسنة 1913 دون تعديل أو تنقيح من شوائب الاستعمار إلى حدود سنة 2014 ، حيث تمت مراجعة بعض نصوصه فقط، بموجب القانون 14/07 ،إلا أن ذلك لم يكن في المستوى المطلوب، ذلك أنه ما زال يحمل عدة شوائب استعمارية منها مثلا اسم موقعه .

أما ظهير 1915 فتم نسخه بموجب قانون 39/08 بمثابة مدونة الحقوق العينية وبموجبها أصبحت جميع المنازعات العقارية خاضعة لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى