قانون المواريث – نطاق التطبيق

هل تحتاج لمساعدة قانونية؟

فريقنا من المستشارين القانونيين والمحكمين جاهز لمساعدتك في جميع القضايا القانونية بخبرة ومهنية عالية

نطاق تطبيق قانون المواريث

نصت المادة الثانية من مدونة الأسرة على انه ” تسري أحكام هذه االمدونة على: -1- جميع المغاربة ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى. 2- اللاجئين بمن فيهم عديمو الجنسية طبقا لاتفاقية جنيف المؤرخة في 28 يوليوز لسنة 1951 المتعلقة بوضعية اللاجئين. 3- العلاقات الدولية التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا. 4- العلاقات التي تكون بين مغربيين أحدهما مسلم. أما اليهود المغاربة فتسري عليهم قواعد الأحوال الشخصية العبرية المغربية”.

وينص الفصل الثالث من قانون الجنسية على انه ” يحدد مجال تطبيق مدونة الأسرة في ارتباطها بموضوع الجنسية وفق ما هو منصوص عليه في المادة الثانية من القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة”.

وفقًا للقانون المغربي، فإن قانون المواريث يتم تطبيقه على جميع المغاربة، بغض النظر عن مكان إقامتهم، سواء داخل المغرب أو خارجه. هذا التطبيق الشامل يستند إلى القواعد العامة للشريعة الإسلامية التي تُعتبر المصدر الأساسي لقانون المواريث في المغرب. كما يتم الالتزام بالمعاهدات الدولية المصادق عليها من طرف المملكة المغربية، والتي تُلزم باحترام قواعد القانون الدولي الخاص، مما يضمن انسجام التشريعات الوطنية مع الالتزامات الدولية. وقد نظم المشرع المغربي حكم القانون الواجب التطبيق في قضايا الأسرة.

أما بالنسبة للأجانب المقيمين في المغرب والمحتفظين بجنسياتهم الأجنبية، فإن القانون المغربي يُقر بمبدأ تطبيق قانون الجنسية الخاص بهم على مسائل الإرث. بمعنى أن قانون الدولة التي ينتمي إليها الأجنبي بجنسيته هو الذي يُعتبر القانون الواجب التطبيق في تحديد قواعد الميراث، سواء من حيث المستحقين أو أنصبتهم أو طريقة توزيع التركة. هذا المبدأ مستمد من قواعد القانون الدولي الخاص المعمول بها في المغرب، والتي تضمن احترام خصوصية القوانين الأجنبية فيما يتعلق بالأحوال الشخصية للأجانب

ويتعين استبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق على الأجانب الذين تُعرض قضاياهم الأسرية أمام المحاكم المغربية إذا كانت أحكام ذلك القانون تتعارض مع النظام العام في المغرب. ويشمل ذلك القوانين التي تنص على أحكام تُعتبر غير متوافقة مع المبادئ الأساسية للقانون المغربي، مثل القوانين التي تجعل من الزوجية أو الأنوثة مانعًا من موانع الإرث.

في هذا السياق، يُعتبر النظام العام المغربي انعكاسًا للمبادئ والقيم الجوهرية التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية، والتي تُشكل المصدر الرئيسي للتشريع في مسائل الأسرة والإرث. وفقًا لهذا، فإن أي قانون أجنبي يتعارض مع هذه المبادئ، مثل إقصاء الزوجة أو النساء عمومًا من حقهن في الميراث، يُعتبر غير مقبول أمام القضاء االمغربي.

ومعلوم أن ضابط الإسناد الخاص بشخصية القوانين اختلف فيه الفقه والقانون على مستوى القانون المقارن، هل يكون الإسناد إلى قانون الجنسية أم إلى قانون الموطن؟

واعتماد المشرع المغربي ضابط الجنسية، لأنه يمتاز بالثبات والسهولة في الإثبات، وهو الأسلم، من حيث تطبيق القوانين الإسلامية على المسلمين خارج أوطانهم، على خلاف ضابط الموطن.

أما في حالة عديمو الجنسية (حالة التنازع السلبي)، فقد اعتمد المشرع المغربي ضابط الموطن كمعيار لتحديد القانون الواجب التطبيق في قضايا الميراث، مما يختلف عن بعض التشريعات العربية الأخرى التي تترك هذا التحديد للسلطة التقديرية للقاضي. و هذا الضابط يُعتبر أداة لتحديد الاختصاص القضائي بشكل أكثر دقة، وبالتالي، يساهم في تجنب حالات التنازع السلبي حيث قد يكون من الصعب تحديد أي القوانين يجب تطبيقها بسبب غياب الجنسية. بالمقابل، في بعض الأنظمة القانونية العربية الأخرى، قد يترك هذا الأمر للسلطة التقديرية للقاضي، مما يمكن أن يؤدي إلى تفاوت في الأحكام واختلافات في التطبيق القانوني حسب تقدير المحكمة.

ومعلوم أن موضوع الإسناد في قضايا الأسرة بصفة عامة، والميراث بصفة خاصة، من المواضيع التي ينبغي التنبيه إلى أهميتها، وبأن قانون المواريث يتميز بأنه ليس قانونا وضعيا عاديا كباقي القوانين الأخرى، وإنما هو قانون مطابق لأحكام الشريعة الإسلامية لحما ودما، ولا يتغير بتغيير السياسات التشريعية، لكونه يرقى المرتبة القوانين الأساسية.

نظام المواريث هو نظام متفق عليه من قبل جميع الشرائع والتشريعات، ويعتبر من أقدم القوانين التي تمت العناية بها وتطويرها عبر العصور. وقد نظم الفقه الإسلامي أحكام وقضايا الأسرة بشكل دقيق ومتقن، لأن الأسرة تُعد الخلية الأولى في المجتمع التي ترتكز عليها استقراره وتماسكه. لذلك، أولى الفقهاء الإسلاميون اهتمامًا بالغًا بتنظيم هذا المجال لضمان العدالة والمساواة بين أفراد الأسرة، مع مراعاة حقوق كل فرد في نطاق الأسرة سواء كان وارثًا أو موروثًا.

فالثابت تاريخيا أن الفقه الإسلامي كان يطبق في المغرب منذ الفتح الإسلامي في كافة مجالات الحياة، حتى مطلع القرن العشرين، حيث بدأ المغرب في استيراد القوانين، كقانون الالتزامات والعقود، والجنائي والتجاري وغيرها من القوانين عدا قانون الأسرة، تطبيقا لقاعدة تقضي بأن أحكام الأسرة ومسائل الأحوال الشخصية تخضع لديانة الشخص الذي يطبق عليه حكم من هذه الأحكام، فالقانون الواجب التطبيق على أحوال الشخص هو قانون دينه الذي يعتقده.

ففي المغرب ظل الفقه الإسلامي يطبق مباشرة في جميع مسائل وقضايا الأسرة، وتلافيا لظهور نوع من الحرج والتضارب في الأحكام القضائية الصادرة بشأن قضايا الأسرة، عمل المغرب على صياغة قانون الأسرة المستمد من الفقه الإسلامي، وفق المذهب المالكي، مع الانفتاح على ببعض المذاهب الإسلامية الأخرى في قضايا محصورة منها مسألة الولي في الزواج، وتوثيق الوصية للوارث، والوصية الواجبة.

فإذا كان المذهب المالكي هو المصدر الأساس لنصوص المدونة، فإن المشرع المغربي انفتح على المذاهب الإسلامية الأخرى، واقتبس منها العديد من الأحكام ، جلبا للمصلحة التي اقتضت هذا الانفتاح، فالمذاهب الإسلامية هي مذاهب غير متباعدة، إذ لم يكن بينهم خلاف في العقائد ولا في دلالة النصوص الشرعية القطعية الورود والدلالة، وإنما هو خلاف ثانوي في الفروع المستنبطة من النصوص الشرعية لظنية الدلالة والتي هي محل الاجتهاد، يأخذ فيها كل واحد بما قام عليه الدليل عنده للاكتفاء في أدلتها بالظنيات، ولذلك كان كل واحد من الأئمة يجل الآخر، فقد أخذ أبو حنيفة عن مالك، كما أخذ مالك عنه، وأخذ الشافعي عن مالك، وقال فيه جعلته حجة بيني وبين ربي، وأخذ بن حنبل عن الشافعي، وأثنى بعضهم على بعض علما ودينا.

فالمذاهب الفقهية مذاهب يكمل بعضها بعضا، وربما استطاع أحدها أن يقدم اجتهادات فقهية لمسائل طرأت أمام فقهائه ولم تطرأ أمام فقهاء المذاهب الأخرى، لهذا نجد فقهاء المالكية انطلقوا في نظرتهم الفقهية إلى آراء المذاهب الأخرى يختارون منها ما يرتضونه من أقوال محررة.

وعلى هذا سارت مدونة الأسرة وسابقتها مدونة الأحوال الشخصية، حيث استمد المشرع المغربي أحكامهما من مبادئ الفقه المالكي، إلا أنه رجع في حالات كثيرة للمذاهب الفقهية الأخرى، كلما لاحظ أن لتلك المذاهب آراء أكثر تحقيقا لمصلحة الأسرة أو أكثر مسايرة للظروف المستجدة.

كما أن المغرب عمل على ملاءمة تشريعه الوطني مع التزاماته الدولية، وخاصة في المجال الأسري الذي يعد مرآة تعكس تطور المجتمع وتقدمه، فنجده عمل على مراجعة مدونة الأحوال الشخصية حتى تتلاءم مضامينها مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية وخاصة فيما يخص وضعية الطفل والمرأة داخل المجتمع عموما وداخل الأسرة على وجه الخصوص.

هل تحتاج لمساعدة قانونية؟

فريقنا من المستشارين القانونيين والمحكمين جاهز لمساعدتك في جميع القضايا القانونية بخبرة ومهنية عالية


من المراجع المعتمدة :

  • ابن رشد: بداية المجتهد 138/2 دار الجيل. ط الأولى 1989م.

Share this content:

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *