المجال الأسريقانونيات

شروط الإرث

شروط استحقاق الإرث

الشروط لغة: جمع شرط، وهو العلامة التي يجعلها الناس بينهم، ومن ذلك الشرطة، ورجل شرطي منسوب إلى الشرطة، والجمع: شُرط، سموا بذلك لأنهم أَعَدُّوا وأَعْلَمُوا أنفسهم بعلامات، وقيل: هم أول كتيبة تشهد الحرب وتتهي للموت.

وإصطلاحا ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم. فالشرط هو ما يعدم الحكم بعدمه، ولا يوجد بوجوده.

وقد أشارت مدونة الأسرة في المادة 330 إلى شروط الإرث بقولها: ” يشترط لاستحقاق الإرث ما يلي:

1 – تحقق موت الموروث حقيقة أو حكما.

2 – وجود وارثه عند موته حقيقة أو حكما.

3- العلم بجهة الإرث”.

ونصت في المادة 324 على انه ” يستحق الإرث بموت الموروث حقيقة أو حكما، ويتحقق حياة وارثه بعده”.

الشرط الأول:

تحقق موت الموروث حقيقة بمشاهدة ومعاينة الجثة بشهادة الطبيب أو من يقوم مقامه، أو إلحاقه بالأموات حكما أي محكوم بموته، لا حقيقة لاحتمال ان يكون لا زال حيا كالمفقود الذي يحكم القاضي بموته بعد مضي مدة التعمير، أو تقديرا كالحمل في بطن أمه، وقد تثبت الوفاة بشهادة الشهود ولو عن طريق السماع.

فالمشرع المغربي اهتم بالموت كواقعة قانونية تترتب عنها آثار قانونية ولقد اعتنى قانون 16/03 المتعلق بخطة العدالة بالبيانات الواجب تضمينها في رسم الإراثة والذي من شانه أن يحدد تاريخ الوفاة بكل دقة، وخاصة الساعة واليوم والمكان الواقع فيه الوفاة وجميع المعطيات الشخصية المتعلقة بالمتوفى وفق ما أوجبه قانون الحالة المدنية.

وإذا كان تحديد تاريخ الوفاة أمرا يسيرا في بعض الحالات، فانه ليس كذلك في حالات أخرى، وخاصة الحالات الاستثنائية التي تحصل فيها الوفاة جماعيا، وعرفة لحظة الوفاة، ومعرفة الترتيب الزمني للوفيات أمر ضروري في قانون المواريث، كما نشير إلى ذلك عند الحديث عن موانع الإرث.

والمقصود بالموت الحكمي الموت الذي تحكم به المحكمة بالنسبة لمن لم يكن حاله معروفا ،المفقود الذي انقطع خبره، وصدر حكم باعتباره ميتا وفقا للمادة 325 من م أ…

أما إرث المفقود، فقد نصت المادة 326 على أن المفقود مستصحب الحياة بالنسبة لماله، فلا يورث ولا يقسم بين ورثته، إلا بعد الحكم بتمويته ومحتمل الحياة في حق نفسه وكذلك في حق غيره، فيوقف الحظ المشكوك فيه إلى أن يبت في أمره”.وقال الشيخ خليل في مختصره الفقهي: ” ومال المفقود للحكم بموته”.

فلا يمكن اعتبار الشخص الغائب مفقودا إلا بحكم قضائي صادر من الجهة المختصة، وذلك عن طريق رفع الدعوى من طرف المدعي بعد مرور مدة زمنية من غياب الشخص.

فالفقدان وفق هذه المادة، واقعة مادية، وانه لا ينبغي الخلط بين الحكم بفقد الشخص، والحكم باعتباره ميتا، ذلك أن المفقود يعتبر حيا قبل صدور الحكم الذي يعتبره ميتا، فيعامل معاملة الغائب وبمقتضى ذلك إنه ليس للحكم بالفقدان أثر على الشخصية القانونية للمفقود التي تظل قائمة خلال الفترة ما بين الحكم بالفقدان، والحكم بالموت، مما يحمله ذلك من الأدلة على حياته سواء بالنسبة لماله، وبالنسبة لزوجته.

فهذه المادة أشارت إلى مسالتين، إحداهما إرث المفقود. ثانيتهما إرث المفقود مع غيره في الغير. وبقيت مسألة ثالثة لم تشر إليها مدونة الأسرة هي ارث المفقود وحده في الغير.

أما المادة 327 فنصت على أنه يحكم بموت المفقود في حالة استثنائية يغلب عليه فيها الهلاك بعد مضي سنة من تاريخ اليأس من الوقوف على خبر حياته أو مماته.

أما في جميع الأحوال الأخرى، فيفوض أمد المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها إلى المحكمة، وذلك كله بعد التحري والبحث عنه بما أمكن من الوسائل بواسطة الجهات المختصة بالبحث عن المفقودين”.

فهذه المادة مجملة، لم توضح لنا المراد بالحالة الاستثنائية، ولا بالأحوال الأخرى.

والراجح عند المالكية انه لا يعتبر ميتا حتى يحكم بموته، وقيل لا يتوقف على الحكم، بل متى مضت مدة التعمير، وهي سبعون سنة، أو ثمانون سنة، على خلاف في ذلك.

ولأجل التضارب بين الحالين حال الحياة، وحال الموت، اتفق العلماء على أنه لا بد أن نضرب مدة ننتظره فيها، وهذه المدة فائدتها أننا نقطع الشك باليقين، بناء على إعمال مبدأ استصحاب الحال، وهو أنه لا زال حيا، لكن لانقطع بحياته، لانقطاع أخباره.

ولهذا اتفق أهل العلم على أن هذا المفقود تضرب له مدة، مع الاختلاف في مقدار مدة التربص والانتظار، والأصح في نظرنا إسناد الأمر إلى المحكمة التي لها الاجتهاد في كل قضية بعينها، وبحسب الأحوال والظروف التي فقد فيها هذا المفقود.

الشرط الثاني:

ثبوت حياة الوارث بعد موت موروثه ولو لحظة، حتى يخلف الأول الثاني، إذ لا خلافة إلا إذا كان الخليفة حياً.

الشرط الثالث:

العلم بجهة الإرث من زوجية أو قرابة.

وكان الأنسب بالمدونة الاقتصار على الشرطين الأول والثاني، دون الشرط الثالث، الذي لا حاجة إليه، لأن العلم بجهة الإرث هو العلم بسببه.

والحمل هو ما يحمل في البطن من الولد، ونحن نتكلم عنه هنا من حيث الميراث، ومن حيث مدة الحمل، فالحمل إما أن ينفصل عن أمه، وإما أن يبقى في بطنها، وهو في كل من الأمرين له أحكام نجملها فيما يلي:

– الحمل إذا انفصل عن أمه :

إذا انفصل الحمل عن أمه، فإما أن ينفصل حياً أو ينفصل ميتاً، وإن انفصل ميتاً، فإما أن يكون انفصاله بغير جناية ولا اعتداء على أمه، أو بسبب الجناية عليها، فإن انفصل كله حياً ورث من غيره وورثه غيره، لما روي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استهل المولود ورث). والاستهلال رفع الصوت، والمراد إذا ظهرت حياة المولود ورث. وعلامة الحياة صوت، أو تنفس، أو عطاس، ونحو ذلك. وإن انفصل ميتاً بغير جناية على أمه فإنه لا يرث ولا يورث اتفاقاً. وإن انفصل ميتاً بسبب الجناية على أمه فإنه في هذه الحال يرث ويورث عند الأحناف.

وقال المالكية والشافعية والحنابلة لا يرث شيئاً، أما الحمل الذي يبقى في بطن أمه لا يوقف له شيء من التركة، متى كان غير وارث، أو كان محجوباً بغيره على جميع الاعتبارات.

فإذا مات شخص وترك زوجة، وأباً، وأماً حاملاً من غير أبيه. فإن الحمل في هذه الصورة لا ميراث له، لأنه لا يخرج عن كونه أخاً أوأختاً لأم. والإخوة لأم لا يرثون مع الأصل الوارث وهو هنا الأب. وتوقف التركة كلها إلى أن يولد الحمل إذا كان وارثاً ولم يكن معه وارث أصلاً، أو كان معه وارث محجوب به باتفاق الفقهاء. وتوقف كذلك إذا وجد معه ورثة غير محجوبين به ورضوا جميعاً صراحة أو ضمناً بعدم قسمتها بأن سكتوا أو لم يطالبوا بها.

كل وارث لا يتغير فرضه بتغير الحمل يعطى له نصيبه كاملاً ويوقف الباقي. كما إذا ترك الميت جدة وزوجة حاملاً فإنه يعطي للجدة السدس لأن فرضها لا يتغير سواء ولد الحمل ذكراً أم أنثى.

الوارث الذي يسقط في إحدى حالتي الحمل ولا يسقط في الأخرى لا يعطى شيئاً للشك في استحقاقه، فمن مات وترك زوجة حاملاً وأخاً فلا شيء للأخ لجواز كون الحمل ذكراً، وهذا مذهب الجمهور.

أما من يختلف نصيبه من أصحاب الفروض باختلاف ذكورة الحمل وأنوثته، فيعطى أقل النصيبين، ويوقف للحمل أوفر النصيبين، فإن ولد الحمل حياً وكان يستحق النصيب الأوفر أخذه، وإن لم يكن يستحقه بل يستحق النصيب الأقل أخذه ورد الباقي إلى الورثة، وإن نزل ميتاً لم يستحق شيئاً ووزعت التركة كلها على الورثة دون اعتبار للحمل، وإلى هذا أشارت مدونة الأسرة في المواد 327 و326و 325. وفي جميع الأحوال المشار إليها هنا فإننا نرى ضرورة الاستعانة بالطبيب الذي هو خبير القضية.

ونشير إلى أن دعوى الإرث من الدعاوى التي تؤول إلى المال، وبالتالي يجوز إثباتها بالشاهد واليمين، جاء في قرار لمحكمة النقض ما نصه: “لما كانت الدعوى في صحة اراثتي هالك، فان موضوعها هو الإرث، ولما كان الإرث يؤول إلى المال أو المتمول فانه يثبت بالشاهد واليمين”.(قرار 867 بتاريخ 10 دجنبر 1996).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى