المجال الإجتماعيقانونيات

تشغيل الأحداث

حرص المشرع المغربي على تنظيم شغل الأحداث ليكفل حماية الطفولة وتجنيبها مخاطر الأشغال في سن مبكرة، لأن من شأن هذا التشغيل حرمانه من التعليم من جهة وإنهاك قواه قبل الأوان، وفي ذلك خطر على مستقبل الأمة وعلى أملها في إعداد جيل ينعم بالسلامة الصحية وبالتكوين العملي. ومن الضوابط التي وضعها المشرع لتحقيق هذه الحماية ما يلي:

أولا: فرض حد أدنى لسن التشغيل

حيث نصت المادة 143 من مدونة الشغل على أنه لا يمكن تشغيل الأحداث ولا قبولهم في المقاولات أو لدى المشغلين قبل بلوغهم سن خمس عشرة سنة كاملة، ويعاقب مخالف هذه المقتضيات بغرامة من 2500 إلى 30000 درهم، وفي حالة العود تضاعف الغرامة والحكم بحبس تتراوح مدته بين 6 أيام و 3 أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وهذا المقتضى التشريعي متقدم بالمقارنة مع ظهير 2 يوليوز 1947 والمتعلق بضابط الخدمة أو العمل والذي كان يطبق على المؤسسات التجارية والصناعية والمهن الحرة وكذا ظهير 24 أبريل 1973 المتعلق بالمأجورين الفلاحين والذين كانا يقبلان الأحداث في العمل ابتداء من سن اثني عشر سنة.

ثانيا: الفحص الطبي

مراعاة لخطورة الآثار التي تترتب على العمل في سن مبكرة، خول المشرع للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل بمقتضى المادة 144 م ش سلطة المراقبة والتأكد من أهلية الحدث الصحية والبدنية للقيام بالعمل المسند إليه، إذ يحق لهم أن يطلبوا في أي وقت، عرض جميع الأجراء الأحداث الذين تقل سنهم عن ثمانية عشر سنة، وكذلك جميع الأجراء المعاقين، على طبيب بمستشفى تابع للوزارة المكلفة بالصحة العمومية، قصد التحقق من أن الشغل الذي يعهد إليهم لا يفوق طاقتهم، أو لا تتناسب مع إعاقتهم.

وهكذا إذا تبين من خلال الفحص الطبي أن الشغل مرهق، فإنه يحق للعون المكلف بالتشغيل أن يأمر بإعفاء الأحداث والأجراء المعاقين، وذلك دون أي إخطار، إذا أبدى الطبيب الذي أجرى الفحص رأيا مطابقا، وأجري عليهم فحص مضاد بطلب من ذويهم.

ثالثا: الأشغال المحظورة على الأحداث

– يمنع تشغيل الأحداث دون الثامنة عشر، وكذا الأجراء المعاقين في المقالع وفي الأشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم، كما يمنع أيضا تشغيلهم دون الثامنة عشر في أشغال قد تعيق نموهم كحمل الأثقال أو تساهم في تفاقم إعاقتهم إذا كانوا معاقين سواء كانت هذه الأشغال على سطح الأرض، أو في جوفها.

– يمنع تشغيل الأحداث دون سن 18 في الأشغال التي تشكل مخاطر بالغة لهم أو تفوق قدرتهم أو قد يترتب عنها ما قد يخل بالآداب، كما يمنع تكليفهم بأداء أية ألعاب خطيرة أو القيام بحركات بهلوانية والتوائية أو أن يعهد إليهم بأشغال تشكل خطرا على حياتهم أو صحتهم أو أخلاقهم.

– يمنع تشغيل أي حدث دون الثامنة عشر، ممثلا، أو مشخصا في العروض العمومية المقدمة من قبل المقاولات التي تحدد لائحتها بنص تنظيمي، دون إذن مكتوب يسلمه مسبقا العون المكلف بتفتيش الشغل بخصوص كل حدث على حدة، وذلك بعد استشارة ولي أمره. ويحق للعون أن يسحب إما من تلقاء نفسه، أو بطلب من كل شخص مؤهل لهذا الغرض، الإذن الذي سبق له أن سلمه في هذا الشأن. ويمنع القيام بكل إشهار استغلالي يهدف إلى جلب الأحداث لتعاطي المهن الفنية، ويبرز طابعها المربح. وفي حالة مخالفة هذه المقتضيات يمكن للعون المكلف بتفتيش الشغل، أو السلطات الإدارية المحلية تقديم طلب إلى مأموري القوة العمومية للتدخل من أجل منع إقامة العرض وتحاط النيابة العامة علما بذلك.

رابعا: الشغل الليلي

يمنع تشغيل الأحداث دون السادسة عشر في أي شغل ليلي، ويعتبر تشغيلا ليليا في النشاطات غير الفلاحية كل عمل يؤدى فيما بين الساعة التاسعة ليلا، والسادسة صباحا، أما في النشاطات الفلاحية فهو كل عمل يؤدى فيما بين الساعة الثامنة ليلا والخامسة صباحا. لكن يمكن مخالفة هذه الأحكام إذا حتمت الضرورة ذلك، كأن يكون النشاط متواصلا أو موسميا، أو أن يكون الشغل فيها متعلقا بمواد سريعة التلف، أو متعلقا باستعمال مواد أولية أو مواد في طور الإعداد، أو عند الحصول على ترخيص استثنائي بذلك من مفتش الشغل في غير الحالات المشار إليها أعلاه. وفي هذه الحالة يجب أن تتاح للأحداث فترة راحة بين كل يومين من الشغل الليلي لا تقل عن 11 ساعة متوالية.

كما يمكن الاستفادة من هذا الاستثناء وتشغيل الأحداث دون السادسة عشر سنة ليلا، إذا اقتضت ضرورة اتقاء حوادث وشيكة الوقوع أو تنظيم عمليات نجدة أو إصلاح خسائر لم تكن متوقعة شريطة إخبار مفتش بذلك واحترام الأجل المحدد له في ليلة واحدة فقط وعدم كون الحدث معاقا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى