أولا // تعريف عقد التأمين :
مع تطور المجتمعات الحديثة، ظهرت العديد من الأخطار التي تهدد الإنسان، سواء على مستوى شخصه أو ممتلكاته. فمن جهة، يواجه الإنسان مخاطر تؤثر على حياته وصحته مثل الموت، المرض، العجز والحوادث، ومن جهة أخرى، قد يتعرض لمخاطر تهدد ذمته المالية كالحريق، الفيضانات والمسؤولية المدنية. وفي مواجهة هذه الأخطار، اعتمد الإنسان التأمين كآلية حديثة توفر له الحماية من الأضرار التي قد تنشأ عن تحققها، سواء على مستوى الأفراد أو الممتلكات.
التأمين يعتبر من الأنشطة التي تنظمها قواعد خاصة ويأخذ أشكالًا متعددة. أحد هذه الأشكال هو التأمين التعاوني، الذي يعتمد على اتفاق مجموعة من الأشخاص المرتبطين بحرفة أو مهنة معينة، على المساهمة المالية بشكل دوري أو بحسب الحاجة. يتم استخدام هذه المساهمات لتغطية الأضرار التي قد يتعرض لها أحد الأعضاء نتيجة خطر مشترك. وإذا لم تكفِ المساهمات لتغطية الضرر، يتم توزيع النقص على باقي الأعضاء.
من جهة أخرى، هناك التأمين التجاري الذي يُدار من قبل شركات تأمين تهدف إلى الربح. في هذا النظام، يدفع المؤمن لهم أقساطًا ثابتة مقابل حصولهم على ضمانات تغطي المخاطر المحددة في عقود التأمين، ويعتبر التأمين بقسط ثابت من الأنشطة التجارية الحديثة التي تم التنصيص عليها في الفقرة الثامنة من المادة السادسة من مدونة التجارة.
وفيما يتعلق بالاختصاص القضائي، تُعد العقود التي تبرمها شركات التأمين مع زبنائها عقودًا تجارية وفق المعايير المعتمدة لتحديد الطابع التجاري للعقد. وبالتالي، ينعقد الاختصاص للمحاكم التجارية للبت في النزاعات المرتبطة بعقود التأمين. وفي هذا الصدد، تنظر المحكمة التجارية بالدار البيضاء، كما هو الحال في باقي المحاكم التجارية المغربية، في المنازعات المتعلقة بتنفيذ عقود التأمين، خاصة تلك التي تتعلق بدعاوى أداء الأقساط.
يُعتبر عقد التأمين الأداة القانونية التي تُنظّم العلاقة بين المؤمن والمؤمن له، ويخضع لأحكام خاصة وردت في الكتاب الأول من مدونة التأمينات الجديدة، بالإضافة إلى الأحكام العامة التي تنطبق على جميع العقود المدنية بموجب قانون الالتزامات والعقود.
وعلى خلاف أغلب التشريعات المقارنة، قام المشرع المغربي بتعريف عقد التأمين باعتباره أحد العقود المسماة، حيث نص على أنه: اتفاق بين المؤمن والمكتتب من أجل تغطية خطر ما، ويحدد هذا الاتفاق التزاماتهما المتبادلة.
وقد قدمت الدراسات الفقهية العديد من التعريفات للتأمين، ويُعد من أبرزها وأكثرها تداولاً في الأوساط القانونية التعريف الذي وضعه الفقيه الفرنسي “هيمار”، حيث عرف التأمين بأنه ” عملية يحصل بمقتضاها أحد الطرفين وهو المؤمن له نظير دفع مبلغ معين وهو القسط على تعهد لصالحه أو للغير في حالة تحقق خطر معين من الطرف الآخر وهو المؤمن الذي يتحمل على عاتقه مجموعة من المخاطر يجرى المقاصة بينها وفقا لقوانين الإحصاء”.
ثانيا // خصائص عقد التأمين :
عقد التأمين يتميز بمجموعة من الخصائص، منها ما يتعلق بانعقاده، ومنها ما يرتبط بمضمونه، ومنها ما يخص تنفيذه.
1 // عقد التأمين من العقود الرضائية :
لا يعد عقد التأمين خروجًا عن الأصل العام في القانون الحديث، الذي يقوم على مبدأ رضائية العقود، حيث لم يتضمن القانون المدني نصًا يخالف ذلك. وبالتالي، فإن عقد التأمين يُبرم بمجرد توافق الإيجاب والقبول بين طرفيه، المؤمن والمؤمن له، وعلى المدعي إثبات قيام هذا العقد من خلال تقديم الأدلة اللازمة وفقًا لقواعد الإثبات المعمول بها.
أما فيما يخص توثيقه في شكل وثيقة تأمين، كما ورد في المادة 11 من مدونة التأمين، فإن ذلك يعد إجراءً إثباتيًا لا يغير من طبيعة العقد الرضائية. إذ يظل الهدف من الكتابة والتوقيع هو التأكد من معرفة الطرفين بما يتضمنه العقد، وهو ما يعزز المبدأ القائل بوجوب العلم وتفادي الجهالة بما يحتويه العقد من بنود. وهكذا لا تغير هذه الإجراءات من جوهر العقد الرضائي الذي يظل هو الأساس.
مع ذلك، يمكن لطرفي العقد أن يتفقا على أن يكون عقد التأمين شكليًا أو عينياً. فالعقد يكون شكليًا إذا اشتُرط لإتمامه اتخاذ إجراءات شكلية محددة، في حين يكون عينياً إذا كان اشتراط الدفع المسبق لقسط التأمين شرطًا لاستمراره أو نفاذه.
2 // عقد التأمين من عقود الإذعان :
الإذعان في عقد التأمين يعني قبول المؤمن له الشروط والوثيقة المقدمة له من قبل المؤمن دون أي نقاش أو اعتراض على تفاصيلها. ويقصد بذلك أن المؤمن يعرض على المؤمن له مجموعة من نماذج وثائق التأمين المعدة مسبقًا، ويُطلب منه اختيار واحدة منها دون أن يُمنح الحق في التفاوض على بنودها، بحيث تكون خياراته محصورة بين القبول أو الرفض الكامل للوثيقة.
ويستمد المؤمن هذه السلطة من موقعه القوي اقتصاديًا، مما قد يؤدي إلى اختلال التوازن التعاقدي بينه وبين المؤمن له، الذي يعد الطرف الأضعف في هذه العلاقة. ومن أجل حماية المؤمن له من أي تعسف قد يتعرض له، تدخل المشرع لتنظيم عقد التأمين، حيث سعى إلى استعادة التوازن بين الطرفين وحماية حقوق الطرف الأضعف في هذه العلاقة التعاقدية.
3 // عقد التأمين من العقود الاحتمالية :
يُعتبر عقد التأمين من العقود الاحتمالية أو الغرر، حيث إن الالتزامات المترتبة عليه تكون غير محددة مسبقًا. فلا يمكن للمؤمن تحديد المبلغ الذي سيحصل عليه أو الذي سيقدمه للمؤمن له عند إبرام العقد، لأن ذلك يعتمد على تحقق أو عدم تحقق الخطر المؤمن منه.
مع ذلك، يجدر بالذكر أن محل التزام كل طرف في العقد يكون معروفًا للطرف الآخر. فالمؤمن يعلم أنه ملزم بتغطية الخطر المؤمن منه، كما أن المؤمن له يعلم أنه ملزم بدفع قسط التأمين. إلا أن قيمة التغطية التي سيقدمها المؤمن، وعدد الأقساط التي سيتعين على المؤمن له دفعها، تبقى غير محددة في وقت إبرام العقد.
تتسم هذه الطبيعة الاحتمالية بأنها العنصر الرئيس الذي يميز عقد التأمين، حيث يظل تحديد مقدار الأداءات المالية رهينًا بحدث غير مؤكد وهو تحقق الخطر المؤمن منه.
4 // عقد التأمين من عقود المعاوضة :
يُعتبر عقد التأمين من عقود المعاوضة، حيث يلتزم كل طرف بتقديم مقابل لما يتلقاه من الطرف الآخر. فالمؤمن يقدم تغطية ضد الخطر الذي قد يهدد المؤمن له، مقابل دفع الأخير للأقساط. وعندما يتحقق هذا الخطر، يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين إلى المؤمن له.
من جهة أخرى، يدفع المؤمن له قسط التأمين للمؤمن مقابل الشعور بالأمان والطمأنينة طوال فترة التأمين، بالإضافة إلى ضمان الحصول على مبلغ التأمين في حال تحقق الخطر المؤمن منه.
ومع ذلك، لا يؤثر في صفة المعاوضة لعقد التأمين كون الخطر المؤمن منه لم يتحقق. فلا يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين للمؤمن له إلا إذا تحقق الخطر المؤمن منه. فالأقساط المدفوعة من قبل المؤمن له ليست مقابل مبلغ التأمين، بل هي في مقابل الأمان الذي يقدمه التأمين وتحمل المؤمن تبعات الخطر المحتمل.
5 // عقد التأمين من العقود الملزمة للجانبين :
يعد عقد التأمين من العقود الملزمة للجانبين، إذ يرتبط التزام كل طرف بالالتزام المقابل للطرف الآخر. فالسبب الذي يوجب التزام المؤمن بتحمل تبعات الخطر المؤمن منه — سواء بتوفير الأمان للمؤمن له أو بالوفاء بمبلغ التأمين عند تحقق هذا الخطر — هو السبب الذي يلتزم بموجبه المؤمن له بدفع الأقساط. من جهة أخرى، يلتزم المؤمن له بدفع الأقساط باعتبار أن التزام المؤمن يتضمن تحمل تبعة الخطر المؤمن منه.
ولا يؤثر في طابع الالتزام الثنائي لعقد التأمين القول بأن التزام المؤمن بدفع مبلغ التأمين معلق على شرط واقف، وهو تحقق الخطر المؤمن منه، أو أنه لا يلتزم بدفع هذا المبلغ في حال عدم تحقق الخطر. فالمهم في العقود هو النظر إلى تبادلية الالتزامات وتوافقها في وقت انعقاد العقد، وليس في وقت تنفيذها.
6 // عقد التأمين عقد زمني مستمر :
يُعتبر عقد التأمين من العقود الزمنية المستمرة، حيث يعد الزمن عنصرًا جوهريًا في طبيعته. فالمؤمن يلتزم بتوفير الأمان للمؤمن له من الخطر الذي يهدده خلال مدة التأمين، مقابل التزام المؤمن له بدفع أقساط دورية طوال تلك الفترة.
ويترتب على الطبيعة الزمنية لعقد التأمين أنه لا يمكن تطبيق قاعدة الأثر الرجعي في حالة فسخ العقد، بل يجب تطبيق قاعدة الأثر الفوري للفسخ. وبالتالي، لا يكون للفسخ أثر رجعي، لأن الفترة الزمنية التي انقضت لا يمكن إرجاعها. بل يكون للفسخ تأثير فوري ومباشر من تاريخ اتخاذ قرار الفسخ.
7 // عقد التأمين من عقود حسن النية :
توافر حسن النية أحد المبادئ الأساسية التي يجب أن تسود جميع المعاملات، ولا سيما في العقود. وفي مجال التأمين، تزداد أهمية هذا المبدأ بشكل خاص.
يجب أن تسود الثقة المتبادلة بين أطراف العقد، إذ يعتمد المؤمن بشكل كبير على المعلومات التي يقدمها طالب التأمين بشأن شخصه والظروف المحيطة بالخطر المراد التأمين منه. كما يُحتم على المؤمن له واجب الإبلاغ عن أي تغييرات قد تؤدي إلى تفاقم الخطر خلال فترة سريان التأمين.
من جهة أخرى، يتحمل المؤمن أيضًا مسؤولية التحلي بحسن النية عند تنفيذ التزاماته، خاصة في ما يتعلق بالتعويض عند تحقق الخطر المؤمن منه.
ثالثا // تكوين عقد التأمين :
ينعقد عقد التأمين من الناحية القانونية بتوافر جميع أركانه الأساسية كما هو الحال في باقي العقود. إلا أن إبرام هذا العقد من الناحية العملية يتطلب المرور بعدد من المراحل التي يجب الإلمام بها.
1 // إبراء عقد التأمين من الناحية القانونية :
أ – أطراف عقد التأمين :
العقد، بصفة عامة، هو اتفاق بين طرفين لم يكن بينهما أي ارتباط مسبق، حيث يلتقي كل طرف بموافقة الطرف الآخر لتشكيل رابطة قانونية. وبالنسبة لعقد التأمين، فإنه يجمع بين طرفين هما المؤمن والمُؤمَن له، حيث يتفق كل منهما على الالتزامات المتبادلة وفقًا لشروط العقد.
يقوم التأمين على مبدأ المساهمة في تحمل الخسائر بين مجموعة من الأشخاص، حيث يتدخل المؤمن لتنظيم هذه المساهمة. ولتنفيذ هذا التنظيم، يتطلب الأمر تقنيات متخصصة لا يستطيع الأفراد الطبيعيون القيام بها بمفردهم. ومن هنا، لا يمكن أن يكون المؤمن إلا كيانًا اعتباريًا مثل شركة مساهمة تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة عن المساهمين والمُؤمَّن لهم.
كما يمكن أن يتخذ المؤمن شكل جمعية تأمين تعاضدي، وهي لا تهدف إلى الربح بل تسعى لتوفير تغطية تأمينية لأعضائها الذين يجمعون بين صفتي المؤمن والمؤمن لهم في نفس الوقت، حيث يؤمن كل عضو الآخر. وفي كلتا الحالتين، يتعين أن تكون هذه الكيانات تحت رقابة الدولة لضمان التزامها بالقوانين والأنظمة المعمول بها
وبالرجوع إلى القوانين المنظمة لقطاع التأمين، نجد أن المشرع قد نظم تأمين الأخطار التي قد تنشأ داخل المغرب وكذلك تلك المتعلقة بالأشخاص المقيمين فيه، بالإضافة إلى المسؤوليات المرتبطة بتلك الأخطار. ويتم ذلك من خلال عقود تأمين تُكتتب وتُدار بواسطة شركات التأمين المعتمدة في المغرب.
ويجوز إبرام عقد التأمين من خلال وسطاء مرخصين من قبل المؤمن لتمثيله في إبرام العقود مع المؤمن لهم. ومن بين هؤلاء الوسطاء، يبرز وكيل التأمين الذي يتوافر على توكيل خاص من شركة التأمين، ليعرض خدمات التأمين للجمهور مقابل عمولة. ويُشترط أن لا يمثل وكيل التأمين أكثر من شركتين تأمين، على أن يحصل على موافقة الشركة الأولى قبل تمثيله لشركة تأمين أخرى. ويُحدد عقد التوكيل طبيعة العمليات التي يقوم بها الوكيل لصالح الشركة.
كما يجوز إبرام عقد التأمين من خلال المندوب في التوكيل العام، وهو الشخص الذي يخوله المؤمن سلطة إبرام عقد التأمين مع المؤمن له، شريطة الالتزام بالشروط العامة المعتمدة في التأمين والتي تكون مذكورة في وثائق التأمين. إلا أن هذا المندوب ليس مخولًا بتعديل تلك الشروط سواء بالحذف أو الإضافة، سواء كان ذلك لصالح المؤمن أو لصالح المؤمن له، حيث تقتصر سلطته على إبرام العقد فقط.
وعلى خلاف ذلك، يتمتع الوكيل المفوض بسلطة أوسع، حيث يُخوله المؤمن سلطة التفاوض مع العملاء، وتعديل شروط عقد التأمين، بالإضافة إلى صلاحية تمديد أو إنهاء العقد حسب ما تقتضيه المصلحة.
وفي نفس السياق، يمكن للمؤمن أن يعهد إلى شركات السمسرة مهمة البحث عن المكتتبين. وتملك شركة السمسرة في التأمين أضيق السلطات التي يملكها وسطاء التأمين، حيث يقتصر دورها الأساسي على التوسط في إبرام العقد.
إذ تقوم شركة السمسرة بالبحث عن العملاء الذين تعتبر وكيلة عنهم لدى شركات التأمين فيما يتعلق بتغطية الأخطار، وتعرض على العملاء خطط التأمين المناسبة لهم وفقًا للشروط التي تحددها شركة التأمين التي تمثلها، مقابل عمولة. ومن ثم، يتم التعاقد مباشرة بين العملاء وشركة التأمين.
ومع ذلك، قد تمنح شركة السمسرة في التأمين بعض الصلاحيات المتعلقة بتنفيذ العقد، مثل تسليم وثيقة التأمين إلى المؤمن له بعد استلامها من شركة التأمين. وعندما تكون لها سلطة قبض الأقساط نيابة عن شركة التأمين، فإنها تُعتبر ممثلة لهذه الأخيرة في هذا الخصوص.
فيما يتعلق بتسلم شركات السمسرة لتعويضات الحوادث من شركة التأمين بغرض دفعها إلى أصحاب الحقوق (المؤمن لهم)، فقد اشترط المشرع ضرورة حصول شركة السمسرة على توكيل خاص من شركة التأمين. ويهدف هذا الإجراء إلى حماية شركات السمسرة من التلاعبات التي حدثت في الماضي، حيث كان العديد من السماسرة يتسلمون التعويضات ثم يماطلون في دفعها إلى أصحابها.
هو الطرف الذي يواجه الخطر المؤمن منه، سواء كان هذا الخطر متعلقًا بماله كما في حالة التأمين ضد الأضرار، أو متعلقًا بشخصه كما في حالة التأمين على الأشخاص. ويقع على عاتق هذا الطرف (المؤمن له) دفع قسط التأمين مقابل نقل تبعة الخطر إلى الطرف الآخر (المؤمن).
يجدر بالذكر أن عقد التأمين قد يشمل أشخاصًا آخرين إلى جانب المؤمن له. فقد يشارك في العقد أفراد لديهم مصلحة في إبرامه وتنفيذه. لذا، من الضروري توضيح الفرق بين بعض المصطلحات المرتبطة بهذا العقد، مثل المكتتب، المؤمن له، والمستفيد.
المكتتب: هو الشخص الذي يوقع عقد التأمين مع المؤمن ويتعهد بتنفيذ الالتزامات المالية المتبادلة وفقًا للعقد.
المؤمن له: هو الشخص الذي يتهدده الخطر المؤمن منه سواء في ماله (كما في التأمين ضد الأضرار) أو في شخصه (كما في التأمين على الأشخاص).
المستفيد: هو الشخص الذي يحق له الحصول على حقوق التأمين، أي أنه يحق له استلام مبلغ التأمين أو التعويض في حال تحقق الخطر المؤمن منه.
وقد تجتمع هذه الصفات الثلاث (المكتتب، المؤمن له، المستفيد) في شخص واحد، كما يمكن أن تكون هذه الصفات موزعة بين عدة أشخاص مختلفين.
ب – الشروط القانونية اللازمة لإبرام عقد التأمين :
لا يُعتبر عقد التأمين قائمًا قانونيًا إلا إذا توافرت أركان أساسية وهي التراضي بين الأطراف، وجود محل للعقد، ووجود سبب مشروع له. وعند توافر هذه العناصر، يصبح العقد صحيحًا من الناحية القانونية.
يعد التراضي العنصر الأساسي في وجود العقد، فلا يمكن أن يكون العقد صحيحًا إلا إذا توافرت الإرادة الحرة للمتعاقدين. ويجب أن يكون التراضي صحيحًا، أي خاليًا من أي عيوب قد تؤثر على صحة الإرادة.
يعد عقد التأمين من العقود الرضائية التي يتم إبرامها بمجرد توافق إرادتين على إحداث الأثر الذي يحدده القانون. وعلى الرغم من أن المشرع المغربي قد استلزم كتابة العقد في بعض الحالات، فإن هذه الكتابة تكون لإثبات العقد وليس لانعقاده. وبناءً على ذلك، يجب أن يتوافر التراضي بين الطرفين، حيث يعبر المؤمن عن إرادته بما يتوافق مع طلب طالب التأمين. وعند تطابق القبول مع الإيجاب، ينشأ عقد التأمين بشكل تلقائي دون الحاجة إلى أي إجراء آخر وفقًا لأحكام القانون المدني.
ومع ذلك، فإن طبيعة التأمين وتعدد شروط عقده وبياناته قد تدفع الأطراف في كثير من الأحيان إلى ربط إتمام العقد بالتوقيع على وثيقة التأمين من قبل كلا الطرفين (المؤمن والمؤمن له). كما قد يشترط الأطراف عدم انعقاد العقد إلا بعد دفع المؤمن له للقسط الأول من أقساط التأمين. وبالتالي، لا يتم العقد إلا بعد التوقيع على الوثيقة ودفع القسط الأول.
إدن يُعتبر التراضي أساسًا لوجود العقد، ولا يتحقق هذا التراضي إلا من خلال التعبير عن الإرادة بشكل إيجابي وقبولي. وعندما يتم هذا التعبير، يتحقق وجود التراضي الذي يُعتبر الركيزة الأولى لإبرام العقد. ومع ذلك، قد يكون هذا التعبير غير صحيح إذا صدر عن شخص غير أهل لإبرام العقد أو إذا شاب الإرادة عيب يؤثر على صحتها، مثل الغلط أو التدليس أو الإكراه،
الأهلية هي قدرة الشخص على ممارسة حقوقه وامتلاك صلاحية لإثبات هذه الحقوق له أو عليه. وفيما يتعلق بعقد التأمين، يشترط توفر الأهلية للطرفين المتعاقدين. وبالنسبة للمؤمن، فإنه يُفترض أنه شخص معنوي وبالتالي لا يُثار موضوع الأهلية في حقه لأن الأهلية تُعتبر متوافرة بمجرد اكتسابه الشخصية القانونية. أما بالنسبة للمؤمن له، فتشترط الأهلية اللازمة لإبرام عقد التأمين أن يكون له أهلية الإدارة، بما أن التأمين يُعد من عقود الإدارة.
ولا محل للكلام عن الأهلية بالنسبة للمؤمن باعتباره شركة مساهمة أو جمعية تأمين تبادلية متى كان قد اكتسب الشخصية القانونية، وطالما أن الشخص الذي قام بإبرام عقد التأمين مع المؤمن له هو الممثل القانوني للشخص المعنوي.
نظرًا لأن عقد التأمين يُعتبر من أعمال الإدارة كما أشرنا سابقا، يكفي لإبرامه توفر أهلية الإدارة لدى المؤمن له. وبذلك، يجوز للبالغ الرشيد إبرام العقد، كما يمكن للقاصر البالغ من العمر 15 سنة أن يبرمه إذا كان مأذونًا له بإدارة أمواله. أما القاصر أو المحجور عليه الذي لم يحصل على إذن بالإدارة، فلا يحق له إبرام العقد، ويُعتبر العقد في هذه الحالة قابلًا للإبطال لصالحه، إلا إذا صادق عليه وليّه أو قام هو بإجازته عند بلوغه سن الرشد أو بعد الحصول على إذن إدارة أمواله.
ويمكن للولي، والوصي، والوكيل بموجب وكالة عامة أن يُبرموا هذا العقد، وذلك لأنهم يتمتعون بالسلطة لإدارة شؤون الأصيل بالنيابة عنه.
2 // المراحل العملية لإبراء عقد التأمين :
الأصل في العقد هو انعقاده فور اقتران القبول بالإيجاب بطريقة تترتب عليها آثار قانونية في المعقود عليه. ومع ذلك، فإن طبيعة عقد التأمين التي تتطلب إجراء حسابات دقيقة تتعلق بالخطر المؤمن منه، بالإضافة إلى تضمين وثيقة التأمين شروطًا وبيانات متنوعة، تقتضي أن يمر عقد التأمين بمراحل متعددة في الواقع العملي.
بناءً على ذلك، يبدأ تكوين عقد التأمين في ممارسته العملية بتقديم طلب التأمين، وعند قبول هذا الطلب من قبل المؤمن، يُصدر الأخير مذكرة تغطية مؤقتة لحين تحرير بوليصة التأمين وتسليم المؤمن له شهادة التأمين. ونظرًا لأن عقد التأمين قد يتطلب تعديلات نتيجة لتغيرات في درجة الخطر المؤمن منه، يقوم المؤمن في هذه الحالة بتسليم المؤمن له ملحق التأمين.
أ – اقتراح التأمين :
تبدأ أولى مراحل عقد التأمين عندما يقوم طالب التأمين (المؤمن له) بتقديم البيانات التعاقدية عبر تعبئة استمارة معدة مسبقًا من قبل المؤمن، والتي تتضمن مجموعة من البيانات التي يُطلب من طالب التأمين الإجابة عليها بدقة ووضوح. تتخذ بعض هذه البيانات شكل أسئلة موجهة إلى طالب التأمين، ويجب عليه تقديم إجابات صادقة ومباشرة.
يمكن تقسيم البيانات التي يتضمنها الطلب إلى عدة أنواع، هي:
البيانات الشخصية: تتعلق بمعلومات شخصية عن طالب التأمين مثل الاسم، العمر، العنوان، والمهنة.
البيانات المتعلقة بالخطر المؤمن منه: تشمل معلومات حول نوع الخطر الذي يرغب طالب التأمين في تأمين نفسه ضده، مثل خطر الحريق، الحوادث، أو السرقة.
البيانات المتعلقة بشروط التأمين: تشمل التفاصيل المتعلقة بالوثيقة نفسها، مثل المدة، المبلغ المؤمن عليه، والاستثناءات، وغيرها من البنود التي تحدد التغطية التأمينية.
أي بيانات إضافية: قد يرى المؤمن ضرورة إضافتها بناءً على طبيعة التأمين أو بناءً على ظروف خاصة متعلقة بالمؤمن له أو بالخطر المؤمن ضده.
تعتبر الإجابة الدقيقة والصحيحة على هذه البيانات من قبل طالب التأمين شرطًا أساسيًا لصحة العقد وضمان التغطية التأمينية المناسبة.
بعد أن يقدم طالب التأمين بياناته في الاستمارة، يقوم المؤمن بدراسة الطلب والرد عليه. إذا كان الرد إيجابيًا، يقوم المؤمن بتحديد الأقساط التي يجب دفعها عن فترة التأمين المحددة.في المرحلة التالية، يتقدم طالب التأمين (المؤمن له) بإيجاب يطلب فيه إبرام العقد مع المؤمن. يمكن أن يتم هذا الإيجاب إما بتقديم طلب كتابي رسمي إلى المؤمن أو عبر مطلب شفوي، حسب الإجراءات المتبعة في النظام التأميني.
من المهم أن نلاحظ أن طلب التأمين لا يعتبر ملزمًا لا للمؤمن ولا للمؤمن له، كما نصت على ذلك المادة العاشرة، فقرتها الثانية من مدونة التأمينات، حيث جاء في نصها: “لا يلزم اقتراح التأمين لا المؤمن له ولا المؤمن، ولا تثبت التزاماتهما المتبادلة إلا بواسطة عقد التأمين.”
وبناءً على ذلك، فإن اقتراح التأمين من قبل طالب التأمين لا يُعتبر قبولًا من طرف المؤمن، ما دام الأخير لم يُصدر منه الإيجاب اللازم للتعاقد، أي التعبير عن رغبته في إبرام العقد بشكل صريح. وبالتالي، يمكن للمؤمن بعد دراسة المعلومات التي تم تزويده بها في استمارة اقتراح التأمين أن يقرر إما قبول أو رفض العرض المقدم من المؤمن له.
أما بالنسبة للمؤمن له، فإن اقتراح التأمين لا يُلزمه بأي شيء، لأنه يُعتبر بمثابة استعلام فقط حول مقدار الأقساط التي سيطلبها المؤمن مقابل تقديم الضمان التأميني. إذا رَدَّ المؤمن بالإيجاب، فإن للمؤمن له الحرية التامة في قبول التعاقد والمضي فيه أو العدول عنه. وإذا اختار العدول، فلا يترتب عليه أي التزام تجاه المؤمن.
ب – مذكرة التغطية المؤقتة :
نصت المادة 11 من مدونة التأمينات في فقرتها الثالثة على إجازة التأمين بواسطة مذكرة التغطية المؤقتة، حيث جاء فيها: “لا تحول هذه الأحكام – تحرير عقد التأمين بحروف بارزة وإثبات كل إضافة أو تغيير في العقد – دون التزام المؤمن والمؤمن له تجاه بعضهما البعض بواسطة تسليم مذكرة تغطية، ولو قبل تسليم عقد التأمين أو الملحق.”
يعتبر هذا الإجراء عمليًا وضروريًا، إذ إنه من غير المنطقي أن يبقى المؤمن له معرضًا للمخاطر في الفترة التي تسبق إتمام عقد التأمين. ولذا، سمح المشرع المغربي، كما هو الحال في العديد من الأنظمة القانونية الحديثة، بإمكانية الاتفاق بين طالب التأمين والشركة المؤمنة على ضمان توفير التغطية التأمينية خلال الفترة السابقة لإبرام العقد النهائي، وذلك عبر مذكرة التغطية المؤقتة.
تعد مذكرة التغطية المؤقتة بمثابة إثبات مبدئي لإبرام عقد التأمين، حيث تؤكد التزام المؤمن بتغطية الخطر المؤمن منه حتى يتم تسليم البوليصة أو شهادة التأمين للمؤمن له. وبالتالي، فهي تؤدي وظيفة العقد النهائي، بحيث تتيح لكلا الطرفين مطالبة الآخر بتنفيذ التزاماته وفقًا لما تم الاتفاق عليه، حتى وإن لم يتم إتمام العقد بشكل رسمي بعد.
لم يحدد المشرع المغربي شكلًا معينًا لمذكرة التغطية المؤقتة، بل اكتفى بأن تكون هذه الوثيقة مكتوبة. ويبدأ سريان التغطية التأمينية من التاريخ المدون في المذكرة أو من التاريخ المحدد لبدء سريانها. وفي حال وقوع الخطر المؤمن منه بعد هذا التاريخ وقبل انقضاء مدة التغطية، يلتزم المؤمن بدفع مبلغ التأمين إلى المستفيد وفقًا لشروط الاتفاق.
ج – بوليصة التأمين :
بعد أن يستقر الأطراف على رغبتهم في إبرام عقد التأمين، يقوم المؤمن بتحرير وثيقة تُسمى بوليصة التأمين، والتي تُعتبر وثيقة إثبات لعلاقة التأمين، وليس عقد التأمين نفسه كما أشار بعض الفقهاء.
فالطبيعة القانونية للعقد تكمن في الاتفاق المبدئي بين المؤمن والمكتتب، الذي يهدف إلى تغطية خطر معين وتحديد الالتزامات المتبادلة بين الطرفين، كما هو مُعرف في المادة الأولى، الفقرة 30، من القانون. والذي لم يشترط المشرع لصحته شكلًا محددًا.
أما بوليصة التأمين، فقد عرّفها المشرع في نفس المادة، الفقرة 11، على أنها الوثيقة التي تجسد هذه العلاقة التأمينية، وتوضح شروطها العامة والخاصة.
الفرق بين العقد وبوليصة التأمين يتضح من حيث طبيعة كل منهما ودوره في إثبات العلاقة التأمينية. فالعقد التأميني يُعتبر الأساس، وهو الاتفاق الرضائي بين المؤمن والمكتتب الذي يحدد التزاماتهما المتبادلة. ولئن كان هذا العقد لا يشترط انعقاده كتابة، إلا أنه من الضروري أن يتم الإدلاء بدليل كتابي لإثباته في حالة النزاع. أما بوليصة التأمين فهي الوثيقة التي تُجسد هذا العقد بشكل مكتوب، وتحتوي على الشروط التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين.
وعليه، فإن البوليصة ليست شرطًا لقيام العقد التأميني، لأن العقد يُعد من العقود الرضائية التي تُنشأ بمجرد توافق الإرادتين، ولا يشترط لها وجود وثيقة مكتوبة. لذلك، في حال غياب البوليصة، يظل العقد قائمًا إذا كان هناك أي دليل كتابي آخر يثبت الاتفاق بين الأطراف.
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن المشرع المغربي لم يتطرق بشكل صريح إلى لغة التعاقد في عقد التأمين، مما يعني أن أي لغة تُكتب بها بوليصة التأمين تُعتبر مقبولة قانونًا، حتى وإن كان أحد الأطراف لا يفهمها. هذا يعني أن المشرع المغربي يتيح للمتعاقدين حرية اختيار اللغة التي يناسبهم في كتابة العقد أو الوثائق المتعلقة بالتأمين.
تشتمل بوليصة التأمين على نوعين من الشروط:
الشروط الخاصة: وهي الشروط التي تتعلق بكل عقد تأمين على حدة، وتكتب عادة باستخدام الآلة الكاتبة أو باليد. تشمل هذه الشروط تفاصيل دقيقة تخص كل عقد على حدة، مثل تحديد الخطر المؤمن منه، ومدة العقد، والمبلغ المؤمن عليه، وأقساط التأمين، بالإضافة إلى تحديد هوية المكتتب والمستفيد في حالة وجود مستفيد.
الشروط العامة: وهي الشروط المطبوعة التي يعدها المؤمن وفق نموذج موحد يتم تطبيقه على جميع أنواع التأمين. وهذه الشروط تكون ثابتة في جميع عقود التأمين ولا تختلف باختلاف نوع التأمين أو الأطراف المتعاقدة.
فرض المشرع المغربي مجموعة من الشروط المتعلقة بعقد التأمين، حيث يجب أن يكون عقد التأمين (أو بوليصة التأمين) مكتوبًا بحروف بارزة، ويجب أن يتضمن مجموعة من العناصر الضرورية لإثبات العلاقة التأمينية وتنظيم حقوق وواجبات الأطراف المتعاقدة. وهذه الشروط تتضمن على وجه الخصوص:
– اسم وموطن الأطراف المتعاقدة: يجب تحديد هوية الأطراف (المؤمن والمكتتب) بشكل دقيق.
– الأشياء أو الأشخاص المؤمن عليهم: تحديد ما يتم تأمينه، سواء كانت ممتلكات (أشياء) أو أشخاص (حياة، صحة، الخ).
– طبيعة الأخطار المضمونة: يجب تحديد الخطر الذي يلتزم المؤمن بتغطيته.
– تاريخ بدء سريان التأمين ومدة صلاحيته: تحديد التاريخ الذي يبدأ فيه ضمان الخطر، بالإضافة إلى المدة الزمنية التي يغطيها التأمين.
– مبلغ الضمان الذي يلتزم به المؤمن: يجب تحديد الحد الأقصى للتعويض الذي يلتزم المؤمن بدفعه في حالة وقوع الخطر.
– قسط أو اشتراك التأمين: يجب تحديد المبلغ الذي يتعين على المكتتب دفعه مقابل التأمين.
– شرط الامتداد الضمني (إذا تم الاتفاق عليه) : إذا كان هناك اتفاق ضمني بتمديد عقد التأمين، فيجب أن يتم ذكر ذلك بوضوح.
– حالات وشروط تمديد العقد أو فسخه أو انتهاء آثاره: يجب توضيح كيفية تمديد العقد أو فسخه، بالإضافة إلى الشروط التي تنطبق في حالة انتهاء العقد أو وقوع أي تغييرات.
– التزامات المؤمن له عند الاكتتاب: تشمل التصريح بالخطر المؤمَّن منه وأي تأمينات أخرى تغطي نفس الخطر، لضمان الشفافية وعدم وجود تغطية مزدوجة…
– شروط وكيفية التصريح في حالة وقوع حادث: يجب تحديد الإجراءات والشروط التي يجب اتباعها من قبل المؤمن له عند وقوع حادث يستدعي التعويض.
– الأجال التي يتم داخلها أداء التعويض أو رأس المال أو الإيراد: يجب تحديد الأجل الزمني الذي يتم فيه دفع التعويضات أو رأس المال أو الإيراد بعد وقوع الخطر.
– المسطرة والقواعد المتعلقة بتقييم الأضرار من أجل تحديد مبلغ التعويض بالنسبة للتأمينات غير تأمينات المسؤولية.
وهذه البيانات ليست واردة على سبيل الحصر، إذ يمكن إضافة بيانات أخرى مثل طريقة حل الخلافات بين الطرفين (المؤمن والمؤمن له) وكيفية سداد الأقساط…إلخ.
سبق وأن أوضحنا أن بوليصة التأمين تعتبر وسيلة إثبات فقط. وبما أن عقد التأمين من العقود الرضائية، أي أنه ينعقد بمجرد توافق الإيجاب مع القبول، فلا يوجد مانع من إثباته بواسطة أي دليل كتابي آخر، مثل المراسلات المتبادلة أو البرقيات التي يرسلها المؤمن إلى المؤمن له بقبول طلب التأمين.
ومع ذلك، عملياً، تعد وثيقة التأمين الوسيلة الأكثر قوة في الإثبات، خاصة أن مدة التأمين قد تمتد لعشرات السنين، كما في التأمين على الحياة، وقد تشمل آثاره أطرافًا أخرى، مثل المستفيدين، الدائنين المرتهنين، أصحاب الامتيازات، أو المتضررين في حالة التأمين على المسؤولية.
لا يوجد مانع من إدخال بعض التعديلات على عقد التأمين الأصلي من خلال اتفاق يُسمى “ملحق وثيقة التأمين”، وذلك في حال اكتشاف المؤمن أو المؤمن له ظهور أخطار جديدة أثناء فترة سريان العقد، أو إذا قرر المؤمن له تحويل مبلغ الضمان إلى مستفيد جديد، أو إجراء أي تعديلات أخرى تقتضيها الظروف العملية.
وقد عرفته المادة الأولى من مدونة التأمينات بأنه ” اتفاق إضافي بين المؤمن والمؤمن له يتمم أو يعدل عقد التأمين ويصبح جزءا لا يتجزأ من بوليصة التأمين”.
يُعتبر ملحق بوليصة التأمين جزءًا لا يتجزأ من العقد الأصلي ويتبعه في كافة الأحكام سواء من حيث الشكل أو المضمون. كما أنه يخضع لنفس الشروط التي يخضع لها العقد الأصلي. وإذا كان المشرع قد فرض في المادة 11 أن يكون هذا الملحق مكتوبًا، فإن الكتابة هنا تعتبر وسيلة للإثبات فقط، وليست شرطًا لانعقاد الاتفاق.
الأصل أن التعديلات الواردة في ملحق التأمين لا تبدأ في السريان إلا من تاريخ إجرائها. ومع ذلك، لا يوجد ما يمنع من أن يتفق المتعاقدان على تطبيقها بأثر رجعي، وهو ما يحدث عادة عندما يتعلق الملحق بتوضيح شروط غامضة وردت في العقد الأصلي، أو تدارك شرط سقط سهواً، أو تغيير المستفيد في عقد التأمين على الحياة، على سبيل المثال.
وفي حالة وجود تعارض بين الشروط الواردة في البوليصة وتلك الواردة في الملحق، فإن الشروط الواردة في الملحق هي التي ترجح، لأنها تعتبر ناسخة للشروط السابقة الواردة في البوليصة.
مراجع :
- محمد الشواي: محاضرات في العقود التجارية.
- عز الدين بنستي: دراسات في القانون التجاري المغربي، ط الأولى، مطبعة النجاح الجديدة 1998.
- محمد أوغريس: عقد التأمين في التشريع المغربي دار قرطبة للطباعة والنشرة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1989.
- غريب الجمال: التأمين التجاري والبديل الإسلامي، مطبعة دار الاعتصام 1979.
- يوسف الزوجال: المنظومة الحمائية للمستهلك في عقود الخدمات، عقد التأمين نموذجا، دار الأمان، 2013.
- فؤاد معلال: الوسيط في قانون التأمين، دار الآفاق المغربية من الأولى 2011.
- عبد الرزاق السنهوري: مصادر الالتزام الجزء الأول.
- عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء السابع مجلد الثاني ط 1964.
- بناصر حجي: النظرية العامة في قانون التأمين، مكتبة طه حسين 2009.