تخضع العقود عموما إلى الأحكام الواردة في ظهير الالتزامات والعقود سواء كانت عقود مدنية أو عقود تجارية غير أن طبيعة التجارة ومن تستلزمه من سرعة وائتمان قد اقتضت وجود قواعد خاصة تميزها عن العقود المدنية.
أولا – القواعد التي تهدف إلى تحقيق السرعة :
انصت مدونة التجارة على مجموعة من القواعد بهدف تحقيق السرعة في المعاملات التجارية، ولعل أهمها تلك المتعلقة بالإثبات، و بالتقادم.
1) الإثبات في العقود التجارية :
تلبية من القانون التجاري للسرعة التي تحتاج إليها الحياة التجارية فقد أقر المشرع المغربي نظام للاثبات مغاير للنظام المعتمد في المادة المدنية، وهكذا فإن المبدأ السائد في مدونة التجارة هو حرية الإثبات طبقا للمادة 334 من مدونة التجارة والمبدأ العام في المادة المدنية هو تقييد هذه الحرية كلما تجاوزت قيمة التصرف القانوني عشرة آلاف درهم طبقا لمنطوق الفصل 443 من قانون الالتزامات و العقود.
إلا أنه إذا كان الأصل في العقود التجارية هو حرية الاثبات فإن المشرع التجاري قد اشترط مجموعة من الاستثناءات على هذا المبدأ.
نصت المادة 334 من مدونة التجارة على أن المادة التجارية تخضع لحرية الاثبات و السبب في هذه الحرية يستند إلى صعوبة إعداد دليل كتابي في كل مرة يقدم فيها التاجر على إبرام تصرف قانوني ذلك أن إبرام العقود يتلاحق بكثرة في الحياة التجارية إذ يتطلب لتنفيذها السرعة وعدم التباطؤ مما لا يحتمل معها إفراغ كل تصرف قانوني في قالب كتابي وبالتالي فإن إطلاق عنان الإثبات في المادة التجارية جاء مخالفا لما هو عليه الحال في المادة المدنية التي تتميز بالثبات و الإستقرارة.
هذا وبرجوعنا إلى معظم التشريعات المقارنة، نجد أن هذه الأخيرة ونظرا للطبيعة الخاصة للعنصرين الذين تقوم عليهما التجارة، فإن قواعد الإثبات المدنية لا تسري على المواد التجارية و هذا ما رعاه المشرع الفرنسي عندما نص في المادة 110 في فقرتها الثالثة على مبدأ حرية الإثبات في المادة التجارية، والقانون التجاري المصري الذي قرر في الفصل 69 في الفقرة الأولى على أنه ” يجوز إثبات الالتزامات التجارية أيا كانت قيمتها بكافة طرق الاثبات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك”.
و ما استقر عليه القانون التجاري المغربي و أخذت به القوانين الأجنبية في شأن حرية إثبات التصرفات التجارية هو تطبيقا لما قررته أطول أية في القرآن الكريم، حيث يقول الله تبارك و تعالى ” ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل”، ويعتبر هذا الشق من الآية الكريمة بمثابة المبدأ العام لاثبات الدين المؤجل مهما كانت قيمته الا ان الله تعالى استثنى من هذا المبدأ الدين التجاري وأجاز اثباته بغير الكتابة، حيث قال سبحانه في نفس الآية” إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها”.
و عموما فإن العقود التجارية يمكن إثباتها بجميع وسائل الإثبات، سواء تعلق الأمر بتلك المنصوص عليها في قانون الالتزامات و العقود، أو الوسائل الأخرى مثل الوثائق المحاسبية التي يمسكها التاجر و يجعلها من وسائل إثبات التزاماته التجارية.
و في هذا الإطار نصت المادة 19 على أنه “إذا كانت تلك المحاسبة ممسوكة بانتظام فإنها تكون مقبولة أمام القضاء كوسيلة إثبات بين التجار في الأعمال المرتبطة بتجارتهم” ويبقى للأغيار أن يحتجوا ضد التاجر بمحتوى محاسبته وإن لم تكن ممسوكة بصفة منتظمة كما جاء في منطوق المادة 20 من مدونة التجارة.
و بالنسبة للعقود المختلطة أي تلك العقود التي تجمع بين طرف تاجر و طرف غير تاجر، فإن الإثبات يخضع لقواعد المادة 4 من مدونة التجارة 10 التي تقتضي عدم إخضاع الطرف المدني، في غياب أي عقد صريح، إلى المبدأ المعمول به في القانون التجاري و إنما يخضع الطرف الذي يعتبر العقد مدنيا بالنسبة إليه للقاعدة المقررة في قانون الالتزامات و العقود والتي تستوجب حصول الإثبات بالكتابة فيما زادة قيمته على عشرة آلاف درهم.
و تجدر الإشارة في الأخير إلى أن حرية الإثبات في المادة التجارية و إن كانت تخول للتجار إقامة الدليل بكل طرق الإثبات إلا أنها لا تمنع من الاتفاق على أن يكون الاثبات بالكتابة كما نصت صراحة على ذلك المادة 334 من مدونة التجارة ، و مرجع ذلك أن هناك بعض العقود يتطلب إبرامها وتنفيذها وقتا طويلا وتفكيرا عميقا بالنسبة للمتعاقدين عند الإقدام على إبرامها، بحيث يبقى السبيل الوحيد والأوحد هو إفراغ اتفاق الطرفين في شكل مكتوب حتى يتسنى لكل طرف ان يثبت ما له وما عليه بالرجوع إلى الوثيقة التعاقدية في حالة قيام نزاع بينهما.
إذا كان الأصل أن الإثبات في المسائل التجارية يكون جائزا بكافة الطرق مهما بلغت قيمة النزاع إلا أن المشرع التجاري خرج عن هذا الأصل و استوجب إقامة الدليل الكتابي في بعض العقود التجارية مثل عقد بيع السفينة الذي يجب أن يكون مكتوبا، وكذلك جميع العقود الواردة على الأصل التجاري، و رهن الأدوات و معدات التجهيز، و رهن بعض المنتوجات والمواد، وكذا عقد الوكالة التجارية، وعقد الائتمان الإيجاري بجميع أنواعه.
– شكلية العقود الواردة على الأصل التجاري :
أولت التشريعات الحديثة عناية خاصة لعقد بيع الأصل التجاري، باعتباره من أكثر العقود شيوعا في الحياة العملية، كما أن عقد بيع الأصل التجاري، يعتبر من أهم الأموال المعنوية المنقولة و بالتالي، فهو يحتل مكانة ذات أهمية كبيرة في الذمة المالية للتاجر، ويعد وحدة قائمة بذاتها ومنفصلة عن العناصر التي يشتمل عليها، ولهذا يجوز التصرف فيه بالبيع والرهن وتقديمه حصة في شركة، واخيرا كرائه للغير في إطار عقد التسيير الحر.
و قد اشترط المشرع المغربي في مدونة التجارة الكتابة في كل العقود المنصبة على الأصل التجاري، فألزمت المادة 81 من مدونة التجارة أن يكون البيع محررا بعقد رسمي او عرفي، واشترطت في نفس الإطار المادة 108من مدونة التجارة، أن يكون رهن الأصل التجاري محررا كتابة سواء كانت هذه الكتابة رسمية أو عرفية.
أما بالنسبة لعقد التسيير الحر للأصل التجاري فإن المشرع لم يشترط فيه الكتابة وجعل منه عقدا رضائيا، إلا أن المادة 153 من م التجارة اشترطت إجراءات تتعلق بشهره في أجل الخمسة عشر يوما من تاريخه على شكل مستخرج في الجريدة الرسمية وفي جريدة مخول لها نشر الإعلانات القانونية و هكذا فإن المشرع، وإن لم يكن قد أعلن صراحة عن كتابة عقد التسير الحر فإنه بالرجوع لإجراءات الشهر المتطلبة في هذا العقد من نشر وتسجيل فإنه يصعب الاقتصار على عقد شفوي.
– شكلية العقود التجارية الواردة في الكتاب الرابع من مدونة التجارة :
برجوعنا إلى مواد الكتاب الرابع من مدونة التجارة، نجد أن المشرع لم يشترط في كل العقود التي نظمها في هذا الباب شرط الكتابة، و إنما اقتصر على بعض العقود منها على وجه الخصوص، عقد رهن الأدوات ومعدات التجهيز، ورهن بعض المنتجات والمواد المنظمة بمقتضى المواد (355 إلى 392)، وعقد الوكالة التجارية والمنظم بمقتضى المواد ( 393 إلى 404)، وعقد الائتمان الإيجاري بنوعيه، على المنقولات و على العقارات و المنظم بمقتضى المواد (431 إلى 442)، والعقود البنكية المنظمة بمقتضى المواد (487 إلى 544).
أما بخصوص عقد رهن ادوات و معدات التجهيز، فقد اشترط فيه المشرع أن يفرغ في عقد رسمي او عرفي، كما أوجب شهره تحت طائلة البطلان عن طريق قيد الرهن في سجل خاص تمسكه كتابة ضبط المحكمة التي تستغل الأدوات المرهونة بدائرتها.
ونفس القاعدة تنطبق على رهن بعض المنتوجات والمواد بحيث أوجب المشرع في المادة 379 من مدونة التجارة أن يثبت الرهن بمحرر رسمي او عرفي يبين فيه اتفاق المتعاقدين على إتباع المقتضيات المنصوص عليها بمقتضى المواد ( 380 إلى 392 من م. التجارة) ، كما ألزم تقييد هذا العقد في سجل خاص يمسك بكتابة ضبط المحكمة التي توجد بدائرتها المنتوجات والمواد المرهونة (م 381 من م التجارة).
والجدير بالإشارة هنا إلى أن البطلان الذي تحدثت عنه مدونة التجارة بخصوص عقود الرهن ليس ببطلان التصرف القانوني و إنما هو بطلان الآثار المترتبة عن عدم القيد أي سقوط حق الدائن المرتهن من استرجاع الدين.
هذا، ويظهر من خلال المواد المنظمة لعقد الوكالة التجارية، أن المشرع المغربي لم يشترط لإنشائها شكلا معينا بمعنى انها تنعقد بمجرد تبادل الإيجاب والقبول بين أطراف العقد إلا أن المادة 397 من مدونة التجارية اشترطت في عقد الوكالة التجارية، أن يكون مكتوبا وبذلك يكون المشرع خرج عن مبدأ حرية الاثبات و اقتضى بالنسبة لعقد الوكالة التجارية الكتابة لإثباته، وعند الاقتضاء، لتعديله.
و بخصوص عقد الائتمان الإيجاري، فقد جعلت منه المادة 433 من مدونة التجارة عقدا شكليا من حيث أنه يجب إفراغه في محرر مكتوب ليتسنى تضمينه بعض البيانات التي تم التنصيص عليها في مدونة التجارة، وهكذا فإنه يجب التصريح في عقود الائتمان تحت طائلة البطلان على الشروط التي يمكن فيها فسخها وتجديدها بطلب من المتعاقد المكتري، كما تنص تلك العقود على كيفية التسوية الودية للنزاعات الممكن حدوثها بين المتعاقدين.
هذا بالإضافة إلى ضرورة شهر الائتمان الإيجاري على المنقول والذي يتم بناء على طلب من مؤسسة الائتمان الإيجاري في سجل مفتوح لهذه الغاية بكتابة الضبط التي تمسك السجل التجاري، ووجوب شهر كل تعديل يمس المعلومات المفيدة، وتكون كتابة الضبط المختصة هي التي يكون المكتري مسجلا بصفة رسمية بالسجل التجاري الممسوك من طرفها.
أما إذا كان موضوع عقد الائتمان الإيجاري عبارة على عقار، فإنه يخضع للتسجيل بالمحافظة العقارية وفقا لأحكام ظهير التحفيظ العقاري، كما أن أي تعديل في موضوع هذا العقد يخضع لنفس الإجراءات الشهر، و يرمي الشهر في جوهره إلى حماية الدائنين والغيار، لذلك فإن هؤلاء لا يمكن أبدا أن يواجهوا بعقد ائتمان إيجاري لم يشهر ما لم يتثبت صاحب المصلحة أن هؤلاء على علم بالعقد وبمضمونه، وبذلك يكون عقد الائتمان الإيجاري قد خرج عن المألوف في مادة العقود التجارية بخصوص حرية الإثبات.
أما بخصوص العقود البنكية التي نظمتها مدونة التجارة في القسم السابع من الكتاب الرابع بمقتضى المواد 487 إلى 544، فإن المشرع المغربي لم يشترط في معظمها بخصوص الانعقاد شكل معين و إذا كان الغالب في الميدان العملي ان تتعامل الأبناك مع عملائها بواسطة عقود مكتوبة تضم مجموعة من الشروط، إلا أن هذه الكتابة ليست شرطا للإبرام وإنما مجرد وسيلة للإثبات وتوضيح التزامات الأطراف.
و هذا ما أكده المشرع التجاري صراحة عندما أشار في المادة 492 من مدونة التجارة إلى أن كشف الحساب وسيلة إثبات إذا كان صادرا وفق الشروط المحددة في المادة 156 من قانون 24 ديسمبر 2014 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها وهو ما أكده أيضا القضاء المغربي في أكثر من ققرار.
و على خلاف ذلك فقد فرض المشرع في الفقرة الأولى من المادة 519 من م. التجارة أن يكون التحويل بأمر كتابي من الأمر، مما يعني أن الأمر بالتحويل هو تصرف شكلي و أن الكتابة فيه للإنعقاد، و بذلك لا مجال لإمكانية إجراء عملية التحويل البنكي بناء على امر شفوي من الأمر، وإذا وقع أن صدر هذا الأمر شفويا عن طريق الهاتف مثلا فإنه على البنك أن لا يقوم بالتحويل ما لم يتأكد الأمر كتابة من صاحب الحساب، أو من له حق التصرف فيه، وإن كان المشرع لم يضع جزاء على تخلف الكتابة فإن الفقه يرى ببطلان هذا التصرف.
– شكلية العقود التجارية الواردة في قانون الشركات :
تنظم الشركات التجارية في المغرب بقانونين، الأول هو قانون 95/17 الذي يسري على شركة المساهمة أساسا و يعتبر الشريعة العامة للشركات و الثاني هو قانون 96/05 الذي ينظم باقي الشركات التجارية و باستقرائنا لمواد هاذين القانونين نجد أن المشرع المغربي قد خرج على الأصل الذي هو الرضائية في العقود وأفرد معاملة متميزة لعقد الشركة بحيث نص على وجوب تضمين النظام الأساسي للشركات مجموعة من البيانات الإلزامية، وهذا مانجده في كل من:
المادة 5 من القانون 96/05 ” يجب تحت طائلة البطلان أن يؤرخ النظام الأساسي للشركة – و المقصود هنا شركة التضامن- وأن يتضمن البيانات التالية …..”.
المادة 23 من القانون 96/05 ” يجب تضمين النظام الأساسي للشركة – المقصود هنا شركة التوصية البسيطة- بالإضافة إلى البيانات المشار إليها في المادة الخامسة ما يلى …..”.
المادة 50 من القانون 96/05 “يجب على كافة الشركاء أن ينضموا إلى العقد التأسيسي للشركة إما شخصيا أو بواسطة وكيل يتوفر على وكالة خاصة. يجب تحت طائلة بطلان الشركة – شركة ذات المسؤولية المحدودة- أن يؤرخ نظامها الأساسي و أن يتضمن البيانات التالية…”.
المادة 11 من القانون 95-17 ” يجب أن يتضمن النظام الأساسي للشركة – المقصود هنا شركة المساهمة- فضلاعن البيانات المذكورة في المادة الثانية 29، ودون إخلال بكل البيانات الأخرى المفيدة البيانات التالية …”.
وعلى عكس الشروط الشكلية اللازمة لتأسيس الشركات التجارية المذكورة لا يشترط الكتابة لتأسيس شركة المحاصة، بحيث يمكن إثبات وجودها بكافة الوسائل، كما أنها لا تخضع لأي تقييد في السجل التجاري ولا لأي إجراء من إجراءات الشهر.
2) خصوصية الأجال المتعلقة بتقادم الدعاوي الناشئة عن العقود التجارية :
التقادم هو مرور فترة من الزمان حددها القانون بحيث لا يسمح بعدها برفع دعوى المطالبة بحق عيني أو شخصي، وقد ذهب المشرع إلى أن كل الدعاوى الناشئة عن الالتزام تتقادم بمضى خمس عشرة سنة، طبقا للمادة 387 من قانون الالتزامات و العقود. وإذا كانت هذه القاعدة تتلاءم مع الالتزامات المدنية إلا أنها لا تتلاءم مع الالتزامات التجارية التي تتطلب السرعة في الوفاء بالديون التجارية، كما أن المعاملات التجارية تحتاج إلى نوع من الاستقرار حتى لا تظل معلقة مدة طويلة مما يتعارض مع طبيعتها، وهذا ما دفع المشرع التجاري لفرض مددا قصيرة يجب على الدائن أن يطالب بدينه خلالها وإلا حرم من الادعاء به.
ونشير بأن التقادم في المادة التجارية ليس من النظام العام، بحيث لا يثيره القاضي من تلقاء نفسه، و إنما ينبغي على الأطراف أن يتمسكوا به أمام المحكمة و هذا ما قضت به محكمة النقض، حيث عللت قراراها على أنه “إن المحكمة … أيدت الحكم المستأنف، وبالتالي تبنت تعليلاته و حيثياته التي منها سقوط الدعوى بالتقادم المثار تلقائيا من طرف المحكمة، خرقا لمقتضيات الفصل 372 من ق ل ع التي تقضي أن التقادم لا يسقط الدعوى بقوة القانون، بل لابد من أن يتمسك به من له المصلحة فيه خصوصا أن القانون التجاري حدد فقط مدة التقادم بالنسبة للكمبيالات، ولم يرد فيه ما يفيد أن التقادم بالنسبة للقضايا التجارية من النظام العام “.
جاء في المادة الخامسة من مدونة التجارة المغربية أنه “تتقادم الالتزامات الناشئة بمناسبة عمل تجاري بين التجار أو بينهم وبين غير التجار، بمضي خمس سنوات، ما لم توجد مقتضيات خاصة مخالفة.
معنى ذلك أن هذا الحكم خاص بالتجار في تعاملاتهم مع بعضهم البعض وبشرط أن تكون متعلقة بتجارتهم أما إذا كان التعامل أحد طرفيه تاجراً وكان هذا العمل متعلقاً بتجارته، وكان الطرف الآخر شخص غير تاجر وكان التعامل بالنسبة له عملاً مدنياً، فإن التاجر لا يستطيع أن يتمسك في مواجهة هذا الشخص بسقوط الحق إلا وفقاً للقواعد العامة وهي الخمس عشر سنة، أما الشخص الآخر فيستطيع أن يتمسك في مواجهة التاجر بسقوط حقه بمضي خمس سنوات.
وضع المشرع التجاري في المادة الخامسة المشار إليها أعلاه استثناءات للتقادم الخمسي عندما قال بانه “… ما لم توجد مقتضيات خاصة مخالفة”. وبرجوعنا إلى هذه المقتضيات الخاصة نجد أن بعض منها ذكر في مدونة التجارة والبعض الآخر جاء متفرقا في أكثر من نص قانوني.
– الاستثناءات الواردة في مدونة التجارة :
لقد سن المشرع قواعد خاصة بالتقادم في الأوراق التجارية، تختلف عن المقتضيات القانونية الواردة في مدونة التجارة، وفي قانون الالتزامات و العقود، فقرر تقادما قصيرا بالنسبة للدعاوى الصرفية، وواضح أن المشرع أراد عندما أخذ بالتقادم القصير أن يتحلل الضامنون في الكمبيالة مثلا من التزاماتهم الصرفية بسرعة، وأن يدفع الدائنين على المبادرة إلى المطالبة بحقوقهم في أقرب وقت، لأن هذه السرعة تقتضيها طبيعة المعاملات التجارية.
وهكذا نصت م 228 من م.ت على أنه “تتقادم جميع الدعاوي الناتجة عن الكمبيالة ضد القابل بمضى ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ الاستحقاق. تتقادم دعوى الحامل على المظهرين والساحب بمضى سنة واحدة ابتداء من تاريخ الاحتجاج المحرر ضمن الأجل القانوني أو من تاريخ الاستحقاق في حالة اشتراط الرجوع بدون مصاريفق. تتقادم دعاوى المظهرين بعضهم في مواجهة البعض الآخر وضد الساحب بمضي ستة أشهر ابتداء من يوم قيام المظهر برد مبلغ الكمبيالة أو من يوم رفع الدعوى ضده”.
كما نصت المادة 295 من مدونة التجارة على تقادم قصير بالنسبة للدعاوى المتعلقة بالشيك على نحو مساير لطبيعة الشيك باعتباره أداة وفاء ومستحق الأداء عند الإطلاع.
– الاستثناءات الواردة في النصوص التجارية الخاصة :
أشارة المادة 36 من مدونة التأمينات على أنه ” تتقادم كل الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بمرور سنتين ابتداء من وقوع حدوث الواقعة التي تولدت عنها هذه الدعاوى…”.
وأخد المشرع المغربي بالتقادم الخمسي كأصل في قانون 95/17 المتعلق بشركة المساهمة، إلا أنه استثنى من ذلك دعاوى بطلان الشركة أو عقودها أو مداولاتها اللاحقة لتأسيسها التي تتقادم بناء على مقتضيات المادة 345 من هذا القانون بمرور ثلاثة سنوات ابتداء من يوم سريان البطلان.
3) دور القضاء التجاري في تحقيق سرعة المعاملات التجارية :
على خلاف بعض الدول التي حافظت على نظام قضائي موحد ، أخذ المغرب بنظام القضاء المزدوج أي بإحداث نوعين من المحاكم، محاكم مدنية تختص بنظر المنازعات المدنية و محاكم تجارية تختص بنظر المنازعات التجارية، وقد أحدثت هذه المحاكم بموجب القانون رقم 53.95 الذي حمل في طياته مجموعة من المقتضيات المسايرة لعامل السرعة الذي تتسم به المعاملات التجارية.
و بمجرد أن دخلت حيز التنفيذ، أبانت المحاكم التجارية عن أهميتها ودورها في البث في المنازعات التجارية في أقصر الأجال، كما أنها كرست بعض الاجتهادات القضائية كما هو الحال بالنسبة لاختصاصها في مادة العقود التجارية.
ثانيا – القواعد التي تهدف إلى تحقيق الثقة و الائتمان بين التجار :
من أجل دعم الثقة والائتمان اللذان يميزان المعاملات التجارية، فإن المشرع التجاري أفرد مجموعة من القواعد القانونية التي تهدف إلى دعم هذا الائتمان وتشجيعه، مثل افتراض التضامن بين المدينين بدين تجاري، والتشدد في منح مهلة قضائية للمدين الذي يخل بالائتمان التجارى كما يوجد نظام صعوبة المقاولات كأداة تهدد التاجر الذي يتوقف عن دفع ديونه وغير ذلك من القواعد التجارية التي تسعى إلى دعم الثقة و الائتمان بين التجار.
1) مبدأ افتراض التضامن ودوره في تثبيت الثقة بين التجار:
يقصد بالتضامن، أنه إذا تعدد المدينين فإن وفاء أحدهم بالدين يترتب عليه إبراء ذمة باقي المدينين، و يختلف التضامن بين المدينين بين ما نص عليه المشرع في قانون الالتزامات و العقود عن ما هو معمول به في مدونة التجارة.
فقد جاء وفقا للقواعد العامة في قانون الالتزامات و العقود على أنه إذا تعددت أطراف العقد المدني فإن ذلك لا يعنى وجود تضامن فيما بينهم أي فيما بين الدائنين وفيما بين المدينين لأن الأصل يقتضي أن التضامن لا يفترض في المادة المدنية، وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 164 من ظهير الالتزامات و العقود حيث جاء فيه بأن “التضامن بين المدينين لا يفترض، ويجب أن ينتج صراحة عن السند المنشئ للالتزام أو من القانون، أو أن يكون النتيجة الحتمية لطبيعة المعاملة”.
يتضح من ذلك أن المعاملات المدنية في حالة تعدد المدينين في دين واحد لايفترض فيها التضامن، بمعنى أن كل مدين يظل مسؤولا عن حصته في الدين فلا يستطيع الدائن مطالبته إلا بمقدار حصته فقط بل يستطيع أحد المدينين أن يدفع في مواجهة الدائن بالتجريد أي مطالبة باقي المدينين قبله، ويستطيع أن يدفع بالتقسيم أي دفع نصيبه فقط.
و على خلاف ذلك فإن المشرع قد أخد بمبدأ افتراض التضامن بين التجار بموجب نص المادة 335 من مدونة التجارة التي جاء فيها أنه ” يفترض التضامن في الالتزامات التجارية”، ومفاد ذلك أن المشرع افترض تضامن المدينين بدين تجاري في حالة تعددهم، حيث يلتزم جميع المدينين في مواجهة الدائن، ويستطيع هذا الأخير الرجوع عليهم جميعا كلا بما يخصه أو الرجوع على أحدهما أو جميعهما بالدين كله و لعل الحكمة التي توخاها المشرع من قاعدة افتراض التضامن بين المدينين بدين تجاري إذا تعددوا في دعم الائتمان والأخذ بها يعد ضمان للدائنين للحصول على حقوقهم وفيه يسر للمدينين إذ يسهل لهم سبيل الحصول على ما يطلبون.
و برجوعنا إلى نص المادة 165 من ق.ل. ع فإن هذه الأخيرة كانت السباقة إلى التنصيص على افتراض التضامن بين التجار … مالم يصرح السند المنشئ للالتزام أو القانون بعكسه وقد أثارت هذه العبارة الأخيرة من المادة 165 جملة من التساؤلات على اعتبار أنها نصت على أنه يجوز الاتفاق بين المعنيين بالأمر على مخالفة قاعدة التضامن بين المدينين بدين تجاري، وهذا يعتبر مخالف لما نصت عليه مدونة التجارة في المادة 335 بخصوص التضامن بين المدنين التجار.
و قد أكد الفقه على ضرورة حماية الائتمان في ميدان العقود التجارية وذلك بإعمال مقتضيات المادة 335 من م.ت بكيفية مخالفة لما هو منصوص عليه في الفصل 165 من ق. ل. ع وهذا عن طريق عدم الاعتداد باتفاق الأطراف على نفي التضامن في الالتزامات التجارية لأنه لو كانت نية المشرع المغربي تنصرف إلى الاحتجاج بذلك لما اقتصر في صياغته للمادة 335 من م.ت على ما يلي ” يفترض التضامن في الالتزامات التجارية” من دون أن يضيف عبارة ” ما لم ينص السند المنشئ للالتزام أو القانون على عكس ذلك”، كما جاء في الفصل 165 من قانون الالتزامات و العقود.
وبالإضافة إلى ذلك فإن القاعدة الخاصة تسمو على القاعدة العامة، وبالتالي فإن القاعدة 335 جاءت في قانون خاص و مقتضياتها تسمو على مقتضيات المادة 165 من ق.ل.ع. الذي يبقى هو الشريعة العامة للعقود يعمل بقواعده عند غياب قاعدة خاصة.
ونظرا لأهمية الائتمان في المعاملات الاقتصادية والتجارية، لم يكتفي المشرع التجاري على التنصيص على مبدأ التضامن بين التجار فقط من خلال م 335 من م.ت و المادة 165 من ق.ل.ع بل نجده قد تطرق إلى قاعدة التضامن في كل من الفصل 912 من ق ل ع الذي أكد على أن “التضامن يقوم بقوة القانون بين الوكلاء…” إذا أعطيت الوكالة بين التجار ما لم يشترط غير ذلك، ونجد قاعدة التضامن في عقد الكفالة حيث نصت المادة 1133 من ق ل ع على أنه “… وفي الحالة التي تعتبر الكفالة فيها فعلا تجاريا بالنسبة إلى الكفيل، تخضع آثار الكفالة للقواعد المتعلقة بالتضامن بين المدينين”.
هذا بالإضافة إلى تأكيد التضامن بين الشركاء في عقد شركة التضامن، و بين الشركاء المتضامنين في شركة التوصية البسيطة، والشركاء المتضامنين في شركة التوصية بالأسهم، و بين الموقعين على الورقة التجارية.
2) نظام مهلة الميسرة ودوره في تثبيت الثقة بين التجار :
مهلة الميسرة أو مهلة الوفاء أو ما يصطلح عليه أيضا بالمهلة القضائية هي مهلة يمنحها القاضي للمدين الذي يمر بظروف صعبة تجعله غير قادر على الوفاء في الميعاد المحدد بشرط الا يلحق بالدائن ضرر جسيم.
إذا كان الأصل في المعاملات المدنية أو التجارية أن على المدين أن يفي بالتزامه بمجرد ترتبه في ذمته أو حلول اجله، فإن المدين يواجه احيانا ظروفا معينة تمنعه من أن يفي بالتزامه في موعده، فهل يستطيع القاضي أن يمنحه مهلة للوفاء بالالتزام ؟
خلافا لما جاء في القاعدة العامة بمقتضى الفصل 128 من ق.ل و بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 243 من ق.ل.ع. و التي يمكن للقاضي أن يمنح مهلة الميسرة إلى المدين بصفة استثنائية ، فإنه في المجال التجاري لايمكن للقاضي أن يطبق مقتضيات المادة 128 على المعاملات التجارية على اعتبار أن هذه الأخيرة متشابكة، فقد يكون التاجر دائنا لأحد التجار ومدينا لآخر.
ولأن التجارة تقوم على الثقة فانه قد يعتمد في وفاء دينه على قيام مدينه بوفاء الدين له، فإذا لم يوف مدين التاجر بالدين في موعده فلن يستطيع التاجر أن يفي هو بدينه، وهذا يؤدي إلى زعزعة الائتمان الذي تقوم عليه التجارة، لذلك فقد تشدد المشرع مع المدين بمقتضى المادة 231 من م.ت من منح اجل لوفاء الديون المستحقة في الكمبيالة يتجاوز الميعاد المعين للاستحقاق، وتم تأكيد نفس القاعدة بمقتضى المادة 304 من م.ت في مجال التعامل بالشيك.
3) نظام صعوبة المقاولة و دوره في تثبيت الائتمان والثقة بين التجار :
كما سبق أن رأينا، فالائتمان هو أساس المعاملات التجارية والثقة المتبادلة هي روح هذه المعاملات وقوامها المتين لذلك استوجب هذا الائتمان وهذه الثقة حماية قوية للحفاظ على حقوق الدائنين، لأن التجار يعلقون أمالا كبيرة على الوفاء بالالتزامات التجارية خلال الاجال المتفق عليها، وكل خلل في احترام هذه الأجال يعرض المعاملات التجارية إلى اضطراب محقق، الأمر الذي ينعكس سلبا على النشاط التجاري برمته في أي مجتمع من المجتمعات، بل ربما يحوله عدماً إن لم يتم ابتكار الوسائل واستحداث الأساليب لحماية هذا الائتمان، والمحافظة على هذه الثقة.
وبناء عليه، فإن المشرع كان دائما حريص على سن قواعد خاصة بالتجار في وضعية مالية و اقتصادية صعبة لا يستطيعون معها احترام اجال حلول ديونهم، حيث ظهر أولا نظام الافلاس في ظل القانون التجاري القديم الصادر في 12 غشت 1913 و الذي عرفته المادة 197 بأنه ” كل تاجر توقف عن أداء ديونه يعتبر في حالة إفلاس”، وقد تميز هذا النظام بصرامة احكامه وتشدده نحو المدين و هذا التشدد يدفع المدين إلى الحرص على الوفاء بديونه عند استحقاقها، وعلى العناية بالثقة و الائتمان الواجب توفرهما في المعاملات التجارية.
وبالنظر لمحدودية نظام الإفلاس، فقد استعاضت عنه مدونة التجارة الجديدة بنظام صعوبة المقاولة الذي يهدف من خلال مقتضياته للخروج بالمقاولة المفتوح ضدها المسطرة من المأزق المالي والاقتصادي الذي تتخبط فيه و ذلك بكيفية تحقق مصلحة هذه المقاولة و مصلحة دائنيها “.
إلا أن هذه المقتضيات الجديدة لم تأثر على تشدد المشرع التجاري في مواجهة المقاولة المتوقفة عن الأداء، وهذا يظهر من خلال استقرائنا للمادة 560 من م. ت التي جاء فيها بأن مساطر معالجة صعوبات المقاولة تطبق على كل تاجر وكل حرفي وكل شركة تجارية ليس بمقدورهم سداد الديون المستحقة عليهم عند الحلول، وذلك إما بناء على طلب من رئيس المقاولة أو أحد الدائنين أو المحكمة أو بطلب من النيابة العامة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن صدور الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة المقاولة لا يؤدي إلى تخلي المدين عن إدارة أمواله والتصرف فيها لكن تحت إشراف القاضي المنتدب و السنديك و بمساعدة رئيسها إن اقتضى الحال لمدة أقصاها أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة بطلب من السنديك.
و يتولى السنديك خلال هذه المرحلة بإعداد تقرير عن الموازنة المالية والاقتصادية والاجتماعية للمقاولة بمساعدة رئيس المقاولة أو خبير أو عدة خبراء، ويقترح السنديك في هذا التقرير إما مخططا للتسوية يتضمن استمرارية المقاولة أو تفويتها إلى احد الأغيار أو التصفية القضائية.
و بناء على تقرير السنديك وبعد الاستماع لأقوال رئيس المقاولة والمراقبين ومندوبي العمال، فإن المحكمة تقرر إما استمرار نشاط المقاولة أو تفويتها ، أو فتح مسطرة التصفية القضائية إذا تبين لها بأن وضعية المقاولة مختلة بشكل لا رجعة فيه. وفي حال ما إذا قررت المحكمة التصفية القضائية، فإن المدين يتخلى بقوة القانون عن تسيير أمواله والتصرف فيها،
ويقوم السنديك بتلقي التصريح بالديون من طرف الدائنين الذي يعود دينهم إلى ما قبل صدور حكم فتح المسطرة و يقوم بالتحقق من ديون الشركة تحت مراقبة القاضي المنتدب، كما أنيطت له مهمة الإخبار والإعلام، حيث أنه بمجرد تعيينه يقوم بإعلام جميع الأطراف المهتمة بالمقاولة بافتتاح مسطرة التصفية القضائية، ويتخذ كل إجراء لإخبار الدائنين واستشارتهم، كل ذلك تحت مراقبة وإشراف القاضي المنتدب.
و إن ظهر من خلال سير المسطرة في مواجهة شركة تجارية نقص في باب الأصول، يمكن للمحكمة، في حالة حصول خطأ في التسيير ساهم في هذا النقص، أن تقرر تحميله كليا أو جزئيا تضامنيا أم لا لكل المسيرين أو للبعض منهم فقط.
و زيادة في ضمان حق الدائنين، فقد أقر المشرع التجاري الحق للمحكمة في حالة التسوية أو التصفية القضائية لشركة ما، فتح مسطرة التصفية القضائية تجاه كل مسؤول يتبين أنه تصرف في أموال الشركة كما لو كانت أمواله الخاصة، وأبرم عقودا تجارية لأجل مصلحته الخاصة تحت ستار الشركة قصد إخفاء تصرفاته، أو استعمال أموالا لشركة بشكل يضر بمصالحها.
وتأسيسا على ما سبق يتضح أن نظام صعوبات المقاولة يهدف في جوهره إلى الحفاظ على استمرارية نشاط المقاولة لما له من اهمية على المنظومة الاقتصادية، هذا بالإضافة إلى أن المشرع المغربي أفرد مجموعة من المقتضيات القانونية في الكتاب الخامس من مدونة التجارة المعنون بـ” إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة”، بهدف حماية دائني المقاولة التي فتحت ضدها مسطرة التصفية، وهذا كله يساعد في تدعيم الثقة والائتمان و تشجيع التجار على التعامل بالأجال في أداء ديونهم.
4) خصائص الفائدة في الديون التجارية :
الأصل أن يدفع المدين فوائد عن كل تأخير في أداء دينه داخل الأجل المتفق عليه مسبقا بينه و بين الدائن غير ان الفائدة في القانون التجاري تختلف عنها في القانون المدني لا من حيث سعرها فقط و لكن أيضا من حيث نظامها بالنسبة إليهما.
ينص الفصل 875 من ق. ل.ع على أنه ” في الشؤون المدنية والتجارية، يحدد السعر القانوني للفوائد والحد الأقصى للفوائد الاتفاقية بمقتضى نص قانوني خاص”، و برجوعنا إلى ظهير 16 يونيو 1950 نجد بأن السعر القانوني للفائدة الاتفاقية هو 10 في المئة وبأن الفائدة القانونية هي 6 في المئة.
هذا في ما يخص سعر الفائدة و الذي يؤخذ به على حد سواء دون التمييز بين الديون المدنية و الديون التجارية على خلاف ما كان معمول به في السابق، حيث كان ظهير 20 مارس 1926 يميز بين الفائدة المدنية و يحددها في7 في المئة والفائدة التجارية ويحددها في 8 في المئة.
و من جهة أخرى فإن الفائدة تحسب مبدنيا على أساس سنة كاملة، وكل إتفاق مخالف يعتبر باطلا إذا كان الغرض مدنيا، أما إذا كان تجاريا فيجوز احتسابها بالشهر على أن لا يتجاوز السعر الأقصى السنوي للفائدة الاتفاقية المنصوص عليها في ظهير 16 يونيو 1950. و لا يجوز في القرض المدني اشتراط إضافة الفوائد إلى رأس المال بحيث تصبح تفتح بدورها الفوائد ( الفصل 874 من ق.ل.ع) أما في الديون التجارية فذلك جائز شريطة ألا يكون ذلك إلا بعد انتهاء كل نصف سنة حتى لو تعلق الأمر بالحسابات الجارية.
و تأسيسا على ما سبق، فإن نظام الفوائد يطبق في المواد التجارية بكيفية تختلف عن تطبيقه في المواد المدنية، ويرجع السبب في ذلك إلى رغبة المشرع المغربي في دعم الائتمان التجاري و حمايته.