يترتب على اكتساب الشخص لصفة تاجر خضوعه لمجموعة من الالتزامات الأخلاقية والقانونية، ومن هذه الالتزامات:
الالتزام بمبادئ الشرف والأمانة والوفاء بالوعد وحسن السلوك و الصدق في المعاملة، والانضباط بأداء الديون في تاريخ استحقاقها تحت طائلة مساطر المعالجة والتفالس (م 560 إلى 732 من المدونة)، وشهر النظام المالي للزواج، والالتزام بعدم المنافسة غير المشروعة، والالتزام بمسك الدفاتر التجارية ومحاسبة منتظمة (م 19 إلى 26 من المدونة) والالتزام بفتح حساب في مؤسسة بنكية أو في مركز للشيكات البريدية، أما اليوم “البريد بنك” (م 18 من المدونة) والالتزام بالقيد في السجل التجاري (م 27 إلى 78 من المدونة) والالتزام بأداء الضرائب التجارية.
أولا – مسك محاسبة والمحافظة على المراسلات :
يتبين بالرجوع إلى الباب الأول من القسم الرابع من المدونة المتعلق بالقواعد المحاسبية والمحافظة على المراسلات أن المشرع أوجب على التجار أن يمسكوا محاسبة طبقا لأحكام م 19 من القانون رقم 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.138 بتاريخ 30 من جمادى الآخرة 1413 ( موافق 25 ديسمبر 1992).
1) أهمية مسك المحاسبة :
يعد مسك الدفاتر التجارية من أهم الالتزامات التي تقع على عاتق التجار، إذ يجب على هؤلاء أن يقيدوا فيها يوما بيوم تفاصيل عملياتهم التجارية صيانة لمصالحهم الذاتية أولا، وحماية للتجارة والأمن الغذائي ثانيا.
فمن مصلحة التاجر أن يمسك دفاتر خاصة يوازن فيها بين إيراداته ونفقاته التجارية ويضبط المحاسبة أيضا على أساس القواعد الجديدة للقانون 9.88 وللتحقق من مركزه التجاري وسلامة عملياته اليومية والسنوية، ويستطيع التاجر، بعد إقامة الموازنة أو الحصيلة وحساب الأرباح والخسائر وعلى ضوء النتائج المتحصلة والمستخرجة، أن يوجه تجارته توجيها سليما، زد على ذلك أن هذا الأخير يستطيع أن يعتمد أو يستند على هذه الدفاتر فيفض كثير من المشاكل والمنازعات التجارية، خاصة أن الدفاتر كانت وما زالت وسيلة للإثبات أمام القضاء، كما يبعد عنه نظام التفالس (م 721 إلى 723 من المدونة).
2) أنواع الوثائق المحاسبية :
أوجبت المادة الأولى والثانية ( المغيرتان) والسادسة من القانون رقم 9.88 الصادر عن مجلس النواب في 4 أغسطس 1992 على كل تاجر وشركة تجارية، وبصفة عامة على كل شخص طبيعي أو معنوي يتصف بصفة تاجر، أن يمسك محاسبته وفق القواعد التي ينص عليها هذا القانون والبيانات الواردة في الجداول الملحقة به، وأن يمسك ثلاثة دفاتر هي:
دفتر اليومية un livre journal ودفتر الجرد أو الإحصاء le livre d’inventaire ودفتر الأستاذ أو الدفتر الكبير grand livre زيادة على “الدليل” والقوائم التركيبية، أما غير التجار والشركات المدنية فلا يخضعون لمثل هذا الالتزام.
لقد أوجب القانون المغربي الجديد على التاجر في الأصل، سواء كان طبيعيا مع مراعاة التغييرات المدخلة بالنسبة للأشخاص الطبيعيين السابق بيانها أو معنويا، أن يمسك ثلاثة دفاتر ودليلا وقوائم تركيبية، وأخضعها لشروط موضوعية وشكلية، وهي دفتر اليومية ودفتر الأستاذ ودفتر الجرد ودفتر الإحصاء.
وتضاف إلى هذه الدفاتر ما يمكن أن يستعين به التاجر عن طواعية واختيار من دفاتر اختيارية لا تقع تحت الحصر، حسب ما تدعو إليه أهمية أو متطلبات المقاولة أو المنشأة نذكر من أهمها دفتر الصندوق ودفتر البيع والشراء ودفتر الأوراق التجارية، ودفتر التسويد ودفتر المقاصة، وهي التي أشار إليها القانون الجديد وعرفها بالدفاتر المساعدة ( المادة 3).
يسجل فيه التاجر عملياته التجارية التي ينجزها حسب الترتيب الزمني يوما بيوم، فقد الزمت المادة 1 و 2 من القانون الجديد كل تاجر، سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا وطنيا أو أجنبيا مثقفا أو أميا ذكرا أو أنثى أن يمسك دفترا، يطلق عليه دفتر اليومية أو الدفتر اليومي، يقيد فيه يوما بيوم العمليات المتعلقة بالمقاولة أو المنشأة التي يستغلها أو التجارة التي يمارسها، أي أن يسجل في محاسبته جميع الحركات المتعلقة بأصول وخصوم المقاولة أو المنشأة مرتبة تبعا لتسلسلها الزمني عملية عملية ويوما بيوم، ويتضمن تسجيل الحركة في المحاسبة بيان مصدرها ومحتواها والحساب المتعلقة به، ومراجع المستند الذي يثبتها.
وتدخل المشرع لبيان طرق القيد التي يجب أن تتم وفقا لضوابط المادة 14 (المغيرة بالقانون رقم 44.03) من القانون رقم 9.88 الجديد، وتتم مثلا وفقا للضوابط التالية “تقيد السلع عند دخولها إلى المقاولة، أو المنشأة بكلفة تملكها إذا كان تملكها بعوض وبقيمتها الحالية إذا كان تملكها بغير عوض، وبكلفة إنتاجها إذا كانت من إنتاج المقاولة (المنشأة)، وتقيد السندات الممتلكة بعوض في تاريخ دخولها إلى المقاولة ( المنشأة) بثمن شرائها”.
أنشأ هذا الدفتر بمقتضى الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثانية من قانون 9.88 المغيرة بالقانون رقم (44.03) حيث يكون من اللازم أن تنقل قيود دفتر اليومية إلى سجل يسمى دفتر الأستاذ وتسجل فيه وفقا لحسابات التاجر، ويجب أن تتضمن قائمة الحسابات هاته أقساما لحسابات وضعية المقاولة (المنشأة) وأقساما لحسابات الإدارة، وأقساما للحسابات الخاصة، وفقا لما هو محدد في الجداول الملحقة بهذا القانون.
فهذا هو الدفتر الذي الذي ينقل إليه التاجر ملخص المعاملات المثبتة في دفتر اليومية من أصول وخصوم.
ألزمت المادة 6 من القانون الجديد رقم 9.88 ( المادة 11 من القانون التجاري القديم المنسوخ) التاجر بأن يضع في آخر كل سنة إحصاء شاملا لمقاولته أو شركته أو تجارته، يبين فيه العناصر السلبية أو الخصوم “passifs” والعناصر الإيجابية أو الأصول “avtifs” وأن يوقف جميع الحسابات ليعد الموازنة أو الحصيلة ” le bilan” وحساب الأرباح والخسائر.
توجب المادة 6 على التاجر أن ينقل إلى دفتر الجرد أو الإحصاء الحصيلة أو الموازنة، وحساب الخسائر والأرباح فقط، وتكون مدة الدورة المحاسبية إثنا عشر شهرا، ويجوز بصورة استثنائية أن تكون أقل من ذلك ( المادة 7)، فهو دفتر يتولى إحصاء ممتلكات المقاولة في نهاية كل سنة مالية.
توجب المادة 9 من القانون الجديد رقم 9.88 على الأشخاص الخاضعين لأحكامه إعداد قوائم تركيبية سنوية عند اختتام الدورة المحاسبية، ويكون ذلك على أساس بيانات المحاسبة والجرد المقيدة في دفتر اليومية ودفتر الجرد، وتتضمن الموازنة وحساب العائدات والتكاليف وقائمة أرصدة الإدارة وجدول التمويل وقائمة المعلومات التكميلية، وتشكل هذه القوائم كلا لا يتجزأ.
لقد كانت المادة 13 من قانون 12 غشت 1913 المنسوخ تتطلب تخصيص ملفين لهذه الوثائق، ملف الرسائل الأصلية الواردة أو ملف أو نسخ أو (صور) الرسائل الصادرة، ويلزم التاجر بمسكها لمدة عشر سنوات (القانون العراقي أنزل هذه المدة إلى سبع سنوات) للتدليل على صحة البيانات المقيدة في دفتر اليومية والجرد واثباتها عند الاقتضاء.
أما مدونة التجارة الجديد لسنة 1996 فقد حافظت على المصطلح القديم وعلى مدة الحفظ لعشر سنوات مع بيان تاریخ بدء حسابها، وذلك في الفقرة الأولى من المادة 26 التي جاء فيها “يجب أن ترتب وتحفظ أصول المراسلات الواردة ونسخ المراسلات الصادرة منذ عشر سنوات ابتداء من تاريخها”.
وتفسر كلمة الرسائل ونسخ الرسائل تفسيرا واسعا يشمل جميع الوثائق والمستندات المتعلقة بالتجارة، كالفاتورات والإيصالات وتذاكر النقل ووثائق التأمين وغيرها من المستندات القديمة والجديدة والمستجدة.
3) الإلتزام القانوني بتنظيم الدفاتر التجارية :
أخضع المشرع دفتري اليومية والجرد لإجراءات شكلية صارمة وهامة تتناسب مع أهمية الدفاتر في تحقيق المركز المالي للتاجر وفي الإثبات، وفي تحديد قدر الضريبة وحماية التجارة من الغش وغيرها من المنافع العامة والخاصة، وقد جاءت هذه الإجراءات أو الشروط في المادة الأولى والثامنة والثانية والعشرون من القانون رقم 9.88 (مع مراعاة التغييرات المدخلة بمقتضى القانون رقم 44.03) وهي التالية:
1 – يجب أن يكون القيد في دفتري اليومية والجرد حسب التسلسل الزمني أو الترتيب التاريخي للعمليات المنجزة “chronologiquement” عملية عملية ويوما بيوم ( المادة الأولى ف 22).
2 – يجب عدم ترك أي فراغ أو بياض من شأنه أن يستغل بيانات جديدة أو أرقام جديدة ولا يسوغ أن يقع في الدفترين أي تغيير أو تحريف مهما كان نوعه، سواء بالشطب أو الكتابة على الهامش أو بين السطور، وإن حدث أن وقع خطأ في الدفتر توجب تصحيحه بقيد جديد مع الإشارة إليه وإلى تاريخه، حتى لا يقوم أي شك في صحة تلك البيانات أو سحب الثقة من الدفتر ( المادة 22 ف 3 من القانون الجديد).
3 – يلزم أن يرقم “cotes” كاتب الضبط لدى المحكمة التجارية ( وعند الاقتضاء المحكمة الابتدائية في الجهات التي لا توجد محاكم تجارية التابع لها مقر المقاولة) صفحات دفتري اليومية والجرد بالتسلسل، تفاديا لتمزيق الأوراق أو قطعها قبل بدء استعمالها ( المادة 8).
4 – أن يضع الكاتب توقيعه وختم المحكمة “paraphes” علامته بالكيفية العادية، على كل صفحة من صفحات دفتري اليومية والجرد دون صائر، ويخصص لكل دفتر رقم ينقله في سجل خاص ( المادة 8).
4) الجزاءات التي تترتب على عدم احترام أو مراعاة الإجراءات الشكلية :
لم يخصص القانون الجديد رقم 9.88 ولا المغير له رقم 44.03 ولا مدونة التجارة لسنة 1996 جزاءات جنائية على عدم مسك محاسبة منتظمة والدفترين التجاريين والوثائق والمستندات الإثباتية، ولا على عدم انتظامها أو عدم مراعاة إجراءاتها، ولا يسأل تبعا لذلك التاجر عن مثل هذا الإخلال ما دامت تجارته سليمة وذمته قادرة على الوفاء بالتزاماته، وما دام في غير حاجة إلى هذه الدفاتر في الإثبات أمام القضاء.
وقد تغيرت هذه الوضعية نسبيا وبصورة مباشرة بالنسبة للأشخاص المعنوية بعد صدور القوانين الجديدة المنظمة للشركات، والخلاصة هي أن المشرع ألزم كل تاجر بعرض دفاتر المحاسبة قبل الشروع في استعمالها على كاتب الضبط بالمحكمة التجارية أو الابتدائية التابع لها مقر المقاولة قصد ترقيم صفحاتها، والتوقيع عليها، ويحتفظ بهذه الوثائق لمدة عشر سنوات، ويعاقب القانون على الإخلال بإمساكها بشكل منتظم بجزاءات منها “رفض اعتمادها من قبل إدارة الضرائب لتحديد الضريبة الملائمة الواجبة، وعدم اعتمادها وسيلة للإثبات، والحكم بالتفالس ضد كل من يمسك حسابات وهمية أو أخفى وثائق حسابية”.
ثانيا – السجل التجاري “le registre de commerce” :
1) تعريف السجل التجاري :
يعرف السجل التجاري بأنه أداة رسمية للشهر تشرف عليها السلطة القضائية، تسجل فيه أسماء التجار والشركات التجارية، كما تسجل فيه البيانات المتعلقة بهم وبتجارتهم، كعناوينهم وأسمائهم وشعاراتهم التجارية وطبيعة تجارتهم، إضافة إلى المعلومات الخاصة بأصولهم التجارية، وكذا التعريف بالشكل القانوني للشركات ونظامها الأساسي، وقيمة رأسمالها، والمسؤولية عن تسييرها.
وهكذا فإن السجل التجاري يعتبر من جهة أداة للإخبار واشهار المعلومات المتعلقة بالتجار ونشاطهم بحيث يستطيع كل شخص تطبيقا للمادة 29 من مدونة التجارة الحصول على نسخة أو مستخرج مشهود بصحته للتقييدات التي يتضمنها السجل التجاري أو شهادة تثبت عدم وجود أي تقييد، أو أن التقييد الموجود قد شطب عليه، مما يعني أن كل متعامل مع التاجر بإمكانه التعرف على مركزه المالي وهو ما يسهل الائتمان.
2) وظائف السجل التجاري :
تختلف وظائف السجل التجاري باختلاف التشريعات ومشاربها، إلا أن أهمها الوظائف التالية:
يشكل السجل التجاري المحلي والمركزي موسوعة تجارية تضم بين دفتيها بيانات مفصلة عن النشاط التجاري الذي باشره كل تاجر أو شركة تجارية أو مجموعة ذات نفع اقتصادي حيث يلتزم هؤلاء بقيد أسمائهم الشخصية والعائلية واللقب ومكان الازدياد، وجنسياتهم، والإذن بالاتجار إذا تعلق الأمر بقاصر والغرض التجاري والفروع والوكالات والعلامة والعنوان التجاري، وحقوق الملكية، وبراءة الاختراع والأصل التجاري وكل التعديلات والتغييرات التي تطرأ عليها (م 42 و 43 و 45 و 46 و 47 و 48 و 50 من مدونة التجارة).
وتوضع هذه المعلومات رهن إشارة كل من يهمه الأمر الذي يمكنه أن يحصل على نسخة أو مستخرج منها مشهود بصحته من لدن كتابة ضبط المحكمة التجارية (مؤقتا المحكمة الابتدائية في الأقاليم التي لا تتوفر على محاكم تجارية) أو من مدير المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية ( المادة 33 من مدونة التجارة والمادة الأولى إلى 4 من القانون رقم 13.99 المنشئ لهذا المكتب، حسب ما إذا كانت الشهادة أو المستخرج تتعلق بالسجل التجاري أو السجل المركزي.
يقدم السجل التجاري إحصاء شاملا عن عدد التجار والشركات والمقاولات التجارية والفروع والوكالات الأجنبية والوطنية وأغراضها، وأنواعها، ورأس المال الرائج الوطني والأجنبي.
تستطيع الدولة على ضوء البيانات الإحصائية التي يقدمها لها السجل أن توجه الاقتصاد القومي أو الوطني التوجيه الصحيح، ويمكن لها أن تركز مشروعاتهم وتخطيطاتها على بيانات دقيقة وسليمة، كما أنها قد تسترشد بالسجل التجاري في سياسة التأميم أو التخصيص التي قد تسلكها.
تعتبر الوظيفة القانونية من أهم الوظائف فالتقييد أو التسجيل في السجل التجاري يحدث آثارا منشئة لحقوق والتزامات هامة يطمئن إليها المتعاملون. ويوجد في المغرب نوعان من السجلات التجارية، يطلق على النوع الأول السجل التجاري المحلي وعلى النوع الثاني السجل التجاري المركزي ( المادة 27 من مدونة التجارة).
وتمسك الأول كتابة ضبط المحكمة التجارية ( المادة 28 من المدونة والمادة 2 من القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية) والثاني الإدارة ( المادة 31 من مدونة التجارة).
في نفس الإطار لا يجوز لأي شخص استعمال اسم تاجر أو عنوان تجاري مقيد بالسجل التجاري (المادة 70 من مدونة التجارة). كما أن التقييد في السجل التجاري ينهض قرينة على اكتساب صفة تاجر بالنسبة لكل شخص طبيعي أو اعتباري مقيد فيه، ويجعله خاضعا للالتزامات المترتبة على التجار ما لم يثبت خلاف ذلك (م 58 من مدونة التجارة).
3) الالتزام بالتسجيل في السجل التجاري :
يعتبر السجل التجاري أهم وسيلة لشهر المركز القانوني والمالي للتجار وإطلاع المتعاملين معهم على وضعيتهم المالية والقانونية على نحو يزرع الثقة في نفوسهم ويسر المعاملات التجارية ويدعم الائتمان، ويعد التسجيل في السجل التجاري إجراء إلزاميا وإجباريا تحت طائلة الجزاءات، وبعبارة المادة 37 من مدونة التجارة، يلزم بالتسجيل في السجل التجاري الأشخاص الطبيعيون والمعنويون مغاربة كانوا أو أجانب الذين يزاولون نشاطا تجاريا في تراب المملكة، وتغطي عبارة الأشخاص الطبيعيين سائر التجار الأفراد رجالا كانوا أو نساء مغاربة أو أجانب،
وعبارة الأشخاص المعنويين سائر الشركات التجارية، ما عدا شركة المحاصة، والمجموعات ذات النفع الاقتصادي والمؤسسات العامة أو العمومية ذات الطابع الصناعي أو التجاري أو الحرفي أو الخدماتي وغيرها، سواء كانت تجارية من حيث الشكل أو من الممارسة للأنشطة التجارية أو الاثنين معا، أي ذات المعيار المزدوج، ويلزم بالتسجيل علاوة على ذلك. كما نصت مدونة التجارة الجديدة على العديد من الجزاءات عند الإخلال بالمقتضيات القانونية المقررة في هذا الشأن.
4) تنظيم السجل التجاري :
يتكون السجل التجاري من سجلات محلية، وسجل مركزي
يمسك وينظم السجل التجاري المحلي من طرف كتابة ضبط المحكمة التجارية (المادتان 28 من مدونة التجارة و 2 من القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية)، إلا أن كتابة ضبط المحكمة الابتدائية تبقى مختصة مؤقتا في الأقاليم التي لا توجد بها في الوقت الحاضر محاكم تجارية تسهيلا وتقريبا للقضاء والإدارة من المواطنين والمتقاضيين.
ويشتمل السجل التجاري المحلي على جزأين ( المادة 7 من المرسوم رقم 2.96.906 الصادر في 9 رمضان 1417 موافق 18 يناير 1997) هما:
أ- سجل ترتيبي أو إجمالي registre chronologique يقيد فيه ملخص للبيانات ( النموذج رقم 5 طبقا للمادة 8 من المرسوم).
ب- سجل تحليل أو تفصلي rrgistre analytique الذي تدون فيه البيانات تفصيليا (النموذج رقم 6) ويمسك في جدول وحسب ترقيم متصل ( المادة 9 من المرسوم ) ويتكون من مجموعتين تخصص إحداهما للأشخاص الطبيعيين والأخرى للأشخاص المعنويين، وتكون أرقام المجموعة الأولى أعدادا زوجية أو شفعية “pair” وأرقام المجموعة الثانية أعدادا فردية أو ترية “impair” ( المادة 9 من المرسوم أعلاه).
يمسك السجل التجاري المركزي المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، وهو مؤسسة عمومية يوجد مقره بالبيضاء وتتمثل وظيفة السجل التجاري المركزي في مركزة المعلومات المقيدة في السجلات المحلية، وقد أوجب القانون على كتابات ضبط المحاكم المختصة المتلقية لتصاريح التقييد أو التعديل بالسجل المحلي توجيه نظير منها إلى مصلحة السجل المركزي قصد تضمينه في الأسبوع الأول من كل شهر.
وتجمع نظائر التصاريح في سجلين مستقلين، يخصص أحدهما للأشخاص الطبيعيين، والآخر للأشخاص المعنويين، ويقسم كل من هذين السجلين إلى عدد من المجلدات يساوي عدد المحاكم، ويشتمل كل مجلد على عدة أجزاء.
ويقوم السجل المركزي مطلع كل سنة بإصدار مجموعة يضمنها معلومات عن أسماء التجار، والتسميات والشعارات التجارية المسجلة لديه، ويمكن لكل من يعنيه الأمر أن يطلع على محتوياته، أو يحصل على نسخة أو شهادة أو مستخرج يتعلق بالتقييدات المسجلة فيه.
خلاصة: لقد كان السجل التجاري المحلي في المغرب في البداية عموميا، بمعنى أنه كان مفتوحا في وجه الجمهور، أي كان من الجائز لكل من يهمه الأمر أن يتوجه إلى المحكمة للاطلاع شخصيا وبنفسه على المعلومات والبيانات والمحررات التي يرغب في الوقوف عليها.
ولا زالت تطبعه العلانية في العراق وفقا للمادة 30 من قانون 1984 ، وفي سويسرا حسب المادة 930 من قانون الالتزامات، أو ليحصل على مستخرج أو نسخة مشهود بصحتها، أو على شهادة تثبت عدم وجود أي تقييد، أو أن التقييد الموجود قد شطب عليه، إلا أن هذا الأمر قد تغير بمقتضى المادة 17 من ظهير 1926 (المنسوخ بمقتضى المادة 733 من مدونة التجارة) التي وضعت حدا لعلانية السجل التجاري المحلي وحصرت حق الأفراد في الحصول على المستخرجات والنسخ والشهادات.
ولقد سايرت المدونة الجديدة هذا النهج الذي يجعل السجل التجاري المحلي غير عمومي، والسجل التجاري المركزي وحده عموميا ( المادة 32 من مدونة التجارة)، أي يمكن للجمهور الاطلاع على السجل التجاري المركزي إلى جانب الحصول على الشهادات المتعلقة بتقييدات أسماء التجار والتسميات التجارية والشعارات، وكذا الشهادات والنسخ المتعلقة بالتقييدات المسجلة فيه ( المادة 33 ف 2 من مدونة التجارة).
5) التقييدات بالسجل التجاري :
التقييدات التي تدون بالسجل التجاري وفق المادة 36 هي ثلاثة أنواع “التسجيلات، والتعديلات، والتشطيبات”.
يجب أن يودع طلب بالتقييد سواء تعلق بالتسجيلات أو التقييدات المعدلة أو تعلق باسم تاجر (عنوان تجاري لمقاولة فردية أو جماعية مملوكة على الشياع) أو تسمية تجارية (المقاولة تتخذ شكل شركة) لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية، وعند الاقتضاء المحكمة الابتدائية، للمكان الذي توجد به المؤسسة الرئيسية للتاجر أو مقاولته أو مقر الشركة (المادة 30 ف 1 من مدونة التجارة).
وقد نصت الفقرة الثانية من المادة 39 من مدونة التجارة على ذلك صراحة ، حيث جاء فيها “يجب أن يودع طلب التسجيل لدى كتابة ضبط المحكمة الموجود في دائرة اختصاصها المقر الاجتماعي، أو إن تعلق الأمر بشخص طبيعي تاجر إما في مؤسسته الرئيسية أو مقر مقاولته إن كان مستقلا عن المؤسسة المذكورة”، والمادة 50 من مدونة التجارة التي جاء فيها “يتعين أن يكون كل تغيير أو تعديل يتعلق بالبيانات الواجب تقييدها بالسجل التجاري طبقا للمواد من 42 إلى 48 محل طلب تقييد من أجل التعديل “.
الأشخاص الملزمون بالتسجيل في السجل التجاري هم الأشخاص الطبيعيون والمعنويون الذين يزاولون نشاطا تجاريا بالمغرب، وكذا كل فرع أو وكالة مقاولة تجارية، أو مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي أو تجاري، ويتم التصريح لدى السجل التجاري بالبيانات المحددة قانونا كاسم التاجر، والإسم والشعار التجاري، والنشاط التجاري المزاول فعليا، ومقر المقاولة.
موضوع التعديلات هو كل تغيير في المعلومات الواردة في التسجيلات تتعلق بتغيير اسم الشركة أو الشعار التجاري، أو مقر المقاولة، أو النشاط التجاري المزاول فعليا، أو رأس مال الشركة أو غيرها.
لم يكتف المشرع بتنظيم مسألتي التسجيلات والتقييدات المعدلة، بل امتد اهتمامه إلى التشطيبات التي تفرض إجراءها سلامة البيانات المسجلة، أو المقيدة، حماية للأغيار، ونزاهة المعاملات وصدقها، فقد تتعرض التسجيلات والتقييدات المعدلة لطارئ واقعي، أو قانوني كالوفاة، أو حل الشركات، أو إغلاق فروع، أو وكالات، أو الأحكام الصادرة بالتسوية، أو التصفية القضائية، أو تملك أو اكتراء أصل تجاري أو المنع من مزاولة نشاط تجاري، وغيرها من الأحداث القانونية، والواقعية التي تجعل التشطيب ضرورة ملحة حماية المصالح وحقوق الأغيار، وسلامة التجارة، والأهداف التي يروم السجل التجاري تحقيقها.
ويجب أن يقع التشطيب في الأجل الذي يضعه المشرع لكل واقعة قانونية أو مادية على حدة (مثلا المادتان 54 و 55 من مدونة التجارة)، فإن لم يضع المشرع أجلا خاصا وجب التصريح بالتشطيب في ظرف شهر ابتداء من تاريخ التصرف أو الواقعة الواجب تقييدها (المادة 75 ف 3 من مدونة التجارة)، وذلك تحت طائلة العقاب الجنائي المنصوص عليه في المواد 62 إلى 68 من مدونة التجارة.
ويكون التشطيب إما بناء على طلب يقدم من طرف التاجر الطبيعي المعني، أو الورثة أو المصفي أو المسيرين خلال فترة حل الشركة، أو تلقائيا بناء على أمر صادر من رئيس المحكمة التجارية ( المادة 20 من القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية) أو المحكمة الابتدائية عند الاقتضاء.
6) جزاء مخالفة أحكام القيد بالسجل التجاري :
تنص المادة 62 من مدونة التجارة على أن كل من كان ملزما بالتقييد في السجل التجاري. ولم يتقدم بطلب التقييد في الآجال المحددة لذلك، يعاقب بعد انصرام شهر واحد عن إنذار موجه من طرف الإدارة، بغرامة تتراوح بين 1000 و 5000 درهم.
ويعاقب بنفس العقوبة كل ملزم بالتقييد، أو شركة تجارية، إذا تم التسجيل بصفة رئيسة في عدة سجلات محلية، أو تم التسجيل في سجل محلي واحد تحت عدة أرقام، أو في حالة عدم الإشارة في الوثائق التجارية للتجار أو الشركات التجارية إلى رقم التسجيل في السجل التجاري ومكان هذا التسجيل”، وفق ما أشارت إليه المادة 64 من مدونة التجارة.