المجال الجنائيقانونيات

الاعذار القانونية في جريمة السرقة

الاعذار القانونية في جريمة السرقة منها المعفية ومنها المخففة.

أولا : الاعذار المعفية في جريمة السرقة :

تعرض القانون الجنائي في الفصل 534 و 535 للسرقة بين الاقارب، فاعتبر القرابة المنصوص عليها في الفصل الأول معفية من العقاب، بينما المنصوص عليها في الفصل الثاني يقتصر أثرها على منع النيابة العامة من اثارة المتابعة إلى أن يتقدم الضحية بالشكوى.

وهذا نص الفصل 534 ” يعفى من العقاب، مع التزامه بالتعويضات المدنية، السارق في الأحوال الآتية: 1 – إذا كان المال المسروق مملوكا لزوجه. 2 – إذا كان المال المسروق مملوكا لأحد فروعه”.

ونص الفصل 535 ” إذا كان المال المسروق مملوكا لأحد أصول السارق أو أحد أقاربه أو أصهاره إلى الدرجة الرابعة، فلا يجوز متابعة الفاعل إلا بناء على شكوى من المجني عليه؛ وسحب الشكوى يضع حدا للمتابعة”.

وقد نوقشت السرقة بين الأقارب في الفقه الاسلامي، واختلفت الآراء فيه بين قائل بأن القرابة لا أثر لها مطلقا على تطبيق حد السرقة، وقائل بأن قرابة الرحم المحرمة كلها تعفي من الحد، وقائل بقصر الاعفاء على بعض القرابة دون البعض الآخر.

فالمذهب الظاهري يقول بوجوب تطبيق الحد كلما توفرت عناصر الجريمة ولا أثر مطلقا لعلاقة النسب أو المصاهرة التي تجمع بين الجاني والضحية لا فرق في ذلك بين الآباء والابناء والازواج وبين غيرهم من الأقارب والأجانب. ويقول أبو حنيفة بأن الاعفاء يشمل كل من تربطه بالمجني عليه علاقة رحم أو مصاهرة محرمة.

ويتفق الأئمة الأربعة وسفيان الثوري على أنه لا قطع على الابوين فيها سرقاه من أبنائهما، ويعمم الشافعي ورأى في المذهب المالكي ذلك على الأصول جميعهم، كما يوافق كل من الشافعي وابن حنبل وسفيان الثوري ، أبا حنيفة في اعفاء الأبناء من الحد على ما سرقوه من أصولهم. ويرى أبو حنيفة وسفيان الثوري والشافعي في أحد أقواله، باعفاء الزوج من الحد على ما سرقه من الزوج الآخر ، أما مالك فيقيد ذلك فيقول بسرقة الأشياء الموجودة داخل بيت الزوجية ، أو الأشياء التي لم يحجرها مالكها منهما على الآخر في قول ثان.

والقانون الجنائي كما يتضح من الفصل 534 قصر الاعفاء من العقاب على الأزواج والأصول، أما ما عداهم من الأقارب فلا يستفيدون من العذر المعني، نعم لا تثار ضدهم المتابعة إلا إذا قدمت الشكوى من المجني عليه، وبشرط أن تكون علاقة النسب أو المصاهرة التي تجمعهم بالمجني عليه لا تتجاوز الدرجة الرابعة. هذا ونتناول بايجاز شروط تطبيق الاعفاء المنصوص عليه في ف 534 تم التكييف القانوني لهذا الاعفاء :

1 – شروط تطبيق الاعفاء المنصوص عليه في ف 534 :

يتبين من نص الفصل 534 انه يشترط لتطبيق الاعفاء الوارد فيها ما يلي : أن يكون السارق زوجا للمجني عليه، أو أصلا له ” ويتعين أن تكون علاقة النسب هذه شرعية أي معترفا بها قانونا وفقا الأحكام قانون الأسرة” ، وأن يكون المال المسروق مملوكة للزوج أو الفرع “فإذا كان الزوج أو الفرع ليس مالكا للشيء، وإنما حائز له فقط حيازة مؤقتة طبقت العقوبة على الجاني لأنه في هذه الحالة المالك الأجنبي هو الذي يتضرر من الجريمة وليس الزوج أو الفرع”، وأن لا يكون المسروق المملوك للزوج أو الفرع مرهونا أو محجوزا.

2 – التكييف القانوني للاعفاء المنصوص عليه في م 534 :

استعملنا فيما سبق عبارة الاعفاء من العقوبة في التعليق على الفصل 534 وذلك مجاراة للنص العربي لهذا الفصل استعمل نفس العبارة “ويعفى من العقاب”. ومن المعلوم أن الاعفاء من العقاب يكون عند توفر عذر من الاعذار القانونية المعفية ، وهذا ما حملنا على القول بأن الفصل 534 تقرر عذرا معفيا من عقوبة السرقة .

والقانون الجنائي تعرض للتعريف بالاعذار القانونية في الفصل 143 الذي يقول “الاعذار هي حالات محددة في القانون على سبيل الحصر يترتب عليها مع ثبوت الجريمة وقيام المسؤولية ان يتمتع المجرم إما بعدم العقاب إذا كانت أعذارا معفية وإما بتخفيض العقوبة، إذا كانت أعذارا مخفضة“.

ومقتضى هذا ان العذر القانوني المعني لا يرفع الصفة الجرمية عن الفعل ، وتبقى معه المسؤولية قائمة، كل ما في الأمر انه يعفي المجرم المسؤول من العقوبة، ويبقى للمحكمة كما يقول الفصل 145 من القانون الجنائي الحق في أن تحكم على المعني بتدابير الوقاية الشخصية أو العينية ما عدا الاقصاء.

وهذه الطبيعة القانونية للعذر المعفي تفرض أن لا يقرر الاعفاء الا المحكمة، فلا يحق للنيابة العامة مثلا أن تحفظ الملف ولا لقاضي التحقيق أن يقرر عدم المتابعة بناء على وجود العذر المعفي، فما دام المعفي معرضا للتدابير الوقائية. وجب أن يتابع جنائيا ويحال على المحكمة لتحاكمه.

ثانيا : الاعذار المخففة في جريمة السرقة :

تعرض القانون الجنائي لعذرين مخففين للعقوبة في جريمة السرقة، أحدهما عام يتعلق بقيمة المسروق (الفصل 506) والثاني خاص بسرقة المحاصيل والمنتجات الفلاحية (الفصل 518 و 519 من القانون الجنائي ).

1 – العذر المتعلق بقيمة الشيء المسروق :

نص الفصل 506 من القانون الجنائي على انه ” استثناء من أحكام الفصل السابق فان سرقة الاشياء الزهيدة القيمة يعاقب عليها بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين درهما. على انه إذا اقترنت هذه السرقة بظروف مشددة مما أشير اليه في الفصول 507 إلى 510 طبقت عليها العقوبات المقررة في تلك الفصول “.وبناء على ذلك تكون شروط تطبيق ف 506 هي : بساطة قيمة المسروق، وعدم اقتران السرقة بأي ظرف من ظروف التشديد.

أ – بساطة قيمة الشيء المسروق :

عبر القانون عن هذا الشرط بعبارة “سرقة الأشياء الزهيدة القيمة”، ولم يحدد النص مفهوم القيمة الزهيدة، وانما ترك ذلك للقاضي ليدخل في الاعتبار الظروف والملابسات الخاصة بكل قضية، فالعوائد والاعراف والحالة الاقتصادية وحتى ظروف الجاني والمجني عليه، كل ذلك قد يؤثر على القيمة المادية أو المعنوية للشيء المسروق، والشيء الزهيد القيمة هو ما لا يتزاحم الناس على تملكه، ولا يبدو منهم حرص على السعي إلى ذلك ولا يبدي الفرد تعلقا كبيرا به.

هذا المفهوم اللغوي للشيء ذي القيمة الزهيدة لا تتقيد به النيابة العامة والمحاكم في الواقع العملي، وإنما تطبق الفصل 506 كلما كانت قيمة المسروق غير مرتفعة، أي كلما كانت لا تتجاوز بضع عشرات من الدراهم، وعلى كل حال فإن القانون نفسه اعتمد صياغة مرنة، ولم يحدد بتدقيق مقدار القيمة الزهيدة، وبذلك فسح المجال للنيابة وللقاضي التصرف في مفهوم عبارة “القيمة الزهيدة”.

هذا، وتقدير قيمة المسروق، يرجع إلى سلطة قاضي الموضوع، لأنه الذي يفحص الوقائع، ويحيط بالظروف والعوامل المحددة لقيمة الشيء المسروق، ولا يراقبه في ذلك قاضي النقض الذي لا يدخل في اختصاصه تحديد ماهية الوقائع المعروضة على قاضي الموضوع.

أما بالنسبة لاعتبار القيمة المقدرة من قاضي الموضوع زهيدة أو غير زهيدة فيخضع لرقابة قاضي النقض، لأن الأمر يتعلق بتكييف الوقائع وتحديد مفهوم مصطلح قانوني، وهو بذلك يدخل في صميم رقابة التطبيق السليم للقانون، وتفسير نصوصه، وهكذا إذا كان قاضي الموضوع يملك كامل الصلاحية في تحديد قيمة المسروق بخمسين أو مائة درهم مثلا ، فانه مراقب في اعتبار هذا المبلغ أو ذاك قيمة زهيدة، تطبق عليها الفصل 506 أو قيمة غير زهيدة تطبق عليها الفصل 505.

ب – عدم اقتران السرقة بظرف تشديد :

حسب الفقرة الثانية من الفصل 506 لا يستفيد السارق من العذر المخفف إلا إذا كانت سرقته غير مرفقة بأي ظرف من ظروف التشديد المنصوص عليها في الفصول من 507 إلى 510، وقد فرض المشرع هذا القيد مراعاة للخطورة الاجرامية التي تبرزها ظروف التشديد في السرقة.

فتخفيف العقوبة في حالة تفاهة قيمة المسروق، وان كان بدوره لا تبرره القواعد العامة المتحكمة في تحديد العقوبة، الا أن القيام بالاختلاس في ظروف عادية مع تفاهة الشيء المختلس، يكون الجاني مدفوعا إليه في أغلب الحالات بالحاجة وبارادة عفوية دون تصميم ولا رغبة في الكسب الحرام على حساب الآخرين، ولذلك كان تخفيف العقاب مقبولا.

اما في الحالة التي ينفذ فيها الجاني السرقة مع أحد ظروف التشديد كالتسلح واستعمال العنف والتسلق أو الكسر، وارتكابها ليلا، أو في أوقات الكوارث، وتعدد السارقين فإن الخطورة الإجرامية تكون واضحة في سلوك السارق، وبالتالي يجب ان تكون هذه الخطورة هي المعيار المعتمد لتحديد العقوبة دون أي إلتفات إلى النتيجة الاجرامية وقيمة ما كسبه الجاني من غنيمة .

2 – سرقة المحاصيل والمنتجات الفلاحية :

ينص الفصل 518 من القانون الجنائي على أن ” من سرق من الحقول محاصيل أو منتجات نافعة منفصلة عن الأرض ، ولو كانت في حزم أو أكوام ، يعاقب بالحبس من خمسة عشر يوما إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين درهما. فإذا ارتكبت السرقة ليلا أو من عدة أشخاص أو بالاستعانة بناقلات أو دواب الحمل، فإن الحبس يكون من سنة إلى خمس والغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم “.

وينص الفصل 519 على أن ” من سرق محاصيل أو منتجات نافعة لم تفصل عن الأرض بعد، وكان ذلك بواسطة سلات، أو حقائب أو ما يماثلها من أدوات، أو مستعينا بناقلات أو بدواب الحمل، أو كان ذلك ليلا أو بواسطة شخصين أو أكثر، يعاقب بالحبس من خمسة عشر يوما إلى سنتين، وغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين درهما. فإذا اجتمع في السرقة ظروف التشديد الأربعة المعدودة في الفقرة السابقة، فعقوبتها الحبس من سنتين إلى خمس وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم”.

قرر المشرع بهذين النصين عقوبة منخفضة لسرقة المحاصيل والمنتجات الفلاحية ، نظرا إلى أن وجود هذه الأشياء في الحقول بعيدة عن الحيازة المباشرة للمالك يشجع ذوي الميول الاجرامية على سرقتها، ولذلك تجد الرأي السائد في الفقه الاسلامي يشترط لتطبيق الحد ان تكون السرقة من الحرز أي من محل حصن فيه المالك الشيء وحفظه من الضياع ، كالمنزل وحظيرة الحيوان ، والسياج الذي يحيط به المالك ماله وما إلى ذلك .

وان النظر إلى قوة حيازة وتحصين المالك لماله هي التي جعلت القانون يقرر عقوبة متفاوتة بين الحالة التي تكون فيها المنتجات لم تفصل بعد عن الأرض وبين الحالة التي تكون فيها قد فصلت، فشدد العقوبة في الحالة الثانية على اعتبار أن قيام المالك بفصلها استعداداً لتصريفها أو نقلها إلى مكان حفظها يبرز فيه مفهوم الحيازة أقوى من حالة بقائها متصلة بالأرض أو الاشجار التي انتجتها.

أ – مجال تطبيق الفصل 518 و 519 من القانون الجنائي :

استعمل الفصلين عبارة “محاصيل أو منتجات نافعة” فما المقصود بهذه العبارة ؟ تشمل محاصيل ومنتجات الأرض كل النباتات والغلل التي يسخر فيها الانسان الأرض لانتاجها، فهي تعني المحاصيل والمنتجات الصناعية أي التي انتجتها الأرض بتدخل من الانسان سواء كان هذا التدخل بغرسها أو زراعتها من البداية أو بالتدخل بتربيتها ورعايتها بعد أن نبتت تلقائيا .

وهكذا يدخل في المحاصيل والمنتجات سائر المزروعات والمغروسات المعدة لاستهلاك الانسان أو الحيوان، كانت في صورة عشب أو نجم أو شجر وكل ما اشترطه النص هو أن تكون نافعة أي أن تكون قد اعدت للانتفاع بها والاستفادة منها بأي وجه من أوجه الانتفاع والاستفادة كالاستهلاك المباشر للانسان أو الحيوان، والبيع، واعادة غرسها كالمشاتل وبذور الخضراوات .

وبصورة اجمالية تشمل المحاصيل والمنتجات النافعة محاصيل الحبوب والخضر والفواكه والتوابل، والمزروعات المهيأة للصناعة كقصب السكر والشمندر والتبغ وكذلك المحاصيل التي تنتج خصيصا للحيوان أو للبيع، إلى غير ذلك مما يستنبته الانسان في الأرض للانتفاع به، والعشب الطبيعي لا يدخل في المحاصيل والمنتجات الفلاحية إلا إذا تدخل الانسان للعناية به، وتهيئه للانتفاع به كمنتوج فلاحي .

ب – العقوبة :

ميز القانون بشكل واضح في العقاب بين الحالة التي لا تكون فيها المحاصيل قد فصلت عن الأرض وبين الحالة التي تكون فيها قد فصلت، وذلك باعتبار أن فصلها يقربها من المال المنقول الذي يحوزه مالكه حيازة قانونية ومادية.

المحاصيل والمنتجات المفصولة عن الأرض :

فرق الفصل 518 في هذه الحالة بين السرقة العادية، والسرقة المرفقة بأحد ظروف التشديد المنصوص عليها في فقرتها الثانية، فإذا كانت السرقة عادية عوقب عليها بحبس من خمسة عشر يوما إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين درهما، بينما تكون العقوبة هي الحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم إذا ارتكبت السرقة ليلا، أو من عدة أشخاص، أو استعان السارق في حمل المسروق بناقلة، أو دابة حمل.

والناقلة تشمل كل آلية أو أداة للنقل لا يستقل السارق بحملها مثل السيارة والعربة والدراجة، أما الأدوات التي يحملها السارق في يده أو فوق ظهره كالسلات والحقائب فلا تدخل في مفهوم الناقلة الواردة في النص وانما تطبق عليها الفقرة الأولى من الفصل 518 من ق.ج

هذا، وظرف التشديد يتحقق بالاستعانة على السرقة بناقلة أو بدابة الحمل، ولو كانت كمية المسروق قليلة، فالمقصود بالاستعانة بناقلة أو دابة حمل هو استعمال احداهما وسيلة للتنقل في الذهاب إلى محل السرقة والرجوع منه بصرف النظر عن استعمالها أو عدم استعمالها في نفس الوقت لحمل المسروق.

ويؤكد هذا المعنى للاستعانة بالناقلة أو دابة الحمل ما سياتي في الفصل 519 من اعتبار ذلك ظرفا مشددا مستقلا عن استعمال السلات والحقائب وغيرهما من ادوات الحمل في أخذ المسروق، وبناء على ذلك فإن الدراجة مثلا تعتبر ناقلة ويتحقق بها ظرف التشديد ولو انها غير صالحة الا لحمل كمية قليلة يمكن للسارق أن يحملها بيده أو على ظهره، ويكفي لاعتبارها ظرف تشديد استعمالها وسيلة للتنقل إلى ومن محل السرقة.

ومن جهة ثانية استعمل الفصل 518 عبارة “منفصلة عن الأرض” فما المقصود بكلمة منفصلة ؟ ومتى تنتهي مرحلة انفصال المحصول عن الأرض لتسري عليه الأحكام العامة للسرقة كباقي المنقولات؟ ان النص يطبق على المحاصيل والمنتجات التي فصلها مالكها عن الأرض استعدادا لنقلها إلى أماكن التخزين أو الاستعمال، أو الدرس أوالبيع أو التصنيع أو ما إلى ذلك من الأغراض الأخرى التي ينتج من أجلها المحصول والمهم أن يتم فصله بعمل الانسان ، لأن هذا الفصل كما أشرنا قبل هو الذي يقرب المحصول من المنقولات العادية فتكون العقوبة فيها أشد من عقوبة سرقتها وهي ما تزال لاصقة بالأرض .

بناء على ذلك فإن كلمة منفصلة التي استعملها النص غير دقيقة، وكان ينبغي أن يوضع محلها “مفصولة” أو “فصلت عن الأرض” لأن لفظ منفصلة، يشمل بدلالته اللغوية حالة الانفصال التلقائي للمحصول كالثمار التي تتساقط بسبب نضجها مثلا أو بسبب ريح، ففي هذه الحالة لايبدو هناك مبرر لتشديد العقوبة وانما يعتبر سرقة هذه الثمار المتساقطة بمثابة سرقتها وهي ما تزال ملتصقة بأصولها.

كما نشير من ناحية ثانية إلى أن فصل المحصول عن الأرض يشمل كل صور الأخذ والاستخراج مثل حصاد الحبوب، وقطف الثمار من الأشجار، وجني الخضر، وقلع المشاتل والبذور، واستخراج البطاطيس والكاكاو مثلا إلى غير ذلك مما يتناسب مع كل نوع من المحصولات والمنتجات.

إن سرقة المحصولات الفلاحية المفصولة عن الأرض تخضع لمقتضيات الفصل 518 مادامت موجودة في مكان انتاجها ولو كانت في حزم أو أكوام كما يقول النص، وتعتبر المحصولات في مكان انتاجها متى بقيت في المكان الذي وضعت فيه عقب فصلها عن الأرض مباشرة .

وهكذا يطبق الفصل 518 على سرقة أكوام الحصاد، والثمار والغلل التي تكون مباشرة عند حصد الحبوب، وقطف الثمار، وجمع الغلل، وكذلك حزم التبن، والأكياس والصناديق التي توضع فيها الحبوب والفواكه والخضر وغيرها، ما دامت هذه الحزم والأكياس والصناديق متناثرة في الحقل الذي انتجها.

لكن على العكس من ذلك نرى تطبيق أحكام السرقة العادية إذا جمع المحصول إلى أماكن خزنه أو بيعه أو شحنه أو درسه أو غرسه ولو كان ذلك داخل حقل الانتاج، لأن جمع المحصول بعد فصله عن الأرض ونقله من محل انتاجه إلى أحد الأماكن المشار إليها ، يضفيان عليه صفة المال المنقول المملوك للغير، ويختفي بهما وصف المحصول المفصول عن الأرض .

المحاصيل والمنتجات غير المفصولة :

طبقا للفصل 609 من القانون الجنائي يعاقب بغرامة من عشرة إلى مائة وعشرين درهما من قطف ثمارا مملوكة للغير، وأكلها في عين المكان.

أما الفصل 519 من القانون الجنائي فقد نص في فقرته الأولى على أنه من سرق محاصيل أو منتجات نافعة لم تفصل عن الأرض بعد، وكان ذلك بواسطة سلات، أو حقائب أو ما يماثلها من أدوات، أو مستعينا بناقلات أو بدواب الحمل، أو كان ذلك ليلا أو بواسطة شخصين أو أكثر، يعاقب بالحبس من خمسة عشر يوما إلى سنتين، وغرامة من مائتين إلى مائتين وخمسين درهما.

ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم إذا اجتمعت الظروف الأربعة السالفة وهي : الليل، تعدد السارقين، استعمال سلات أو أكياس ، أو أي أداة من أدوات الحمل المماثلة في حمل المسروق، و الاستعانة بناقلة أو دابة حمل في الوصول إلى محل السرقة والرجوع منه،

هذا وقد اعتبر القانون الاستعانة بناقلة أو دابة حمل ظرفا مستقلا عن استعمال السلات والحقائب، وما يماثلها للدلالة على أن الجانب الملاحظ في الاستعانة بناقلة أو دابة حمل هو استعمال أي منهما وسيلة للتنقل دون مراعاة الحمل المسروق فيها أم لا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى