جناية التسميم جريمة مستقلة عن جريمة القتل العمد في القانون المغربي ولا يعتبر القتل عن طريق التسميم، قتلا عمديا مرفقا بظرف تشديد، وقد نص على جناية التسميم الفصل 398 التي تقول ” من اعتدى على حياة شخص بواسطة مواد من شأنها أن تسبب الموت عاجلا أو آجلا، أيا كانت الطريقة التي استعملت أو أعطيت بها تلك المواد، وأيا كانت النتيجة يعد مرتكبا لجريمة التسميم، ويعاقب بالاعدام”.
أولا : عناصر جريمة التسميم
يتبين من الفصل 398 أن عناصر جريمة التسميم هي : فعل مادي وقصد جنائي .
1) الفعل المادي :
يتحقق الفعل المادي في جريمة التسميم باستعمال أو اعطاء مادة لشخص متى كان من شأن هذه المادة أن تسبب الموت عاجلا أو آجلا، فيتطلب الأمر اذن وجود مادة معينة ثم استعمالها أو اعطاؤها للضحية .
أ – المادة المستعملة :
لقد اكتفى القانون بوصف المادة المستعملة في جريمة التسميم بكونها مادة “من شأنها أن تسبب الموت عاجلا أو آجلا”. ان المواد التي تسبب الوفاة قد تكون طبيعتها كذلك في الغالب والعادي من الأحوال، وفي هذه الحالة قد تكون سامة بالمعنى المتعارف عليه للسم، وقد تقضي على الحياة دون أن تكون سامة كبعض الجراثيم والميكروبات .
وقد لا تكون طبيعتها احداث الموت ولكن بسبب الظروف التي اعطيت فيها للضحية تكون قادرة على التسبب في الوفاة، مثل اعطاء مريض أجريت له عملية جراحية طعاما أو شرابا قبل أن تنفس امعاؤه، واعطاء شخص أثناء تناوله لبعض الأدوية طعاما يتسبب اجتماعه بذلك الدواء في وفاته.
فما هي المواد المقصودة في الفصل 398 من هذه الأنواع الثلاثة؟ إن المعروف في الفقه التقليدي هو قصر جريمة التسميم على حالة اعطاء المواد السامة، لأنها المواد التي كانت معروفة بخاصيتها في القضاء على الحياة قبل تقدم علوم الطب والتشريح، وان تسمية الجريمة بجناية التسميم يدل على أن القصد منها الاعتداء على الحياة بالمواد السامة دون غيرها من المواد أيا كان مفعولها على وفاة من تناولها.
والقانون المغربي لم يشترط صراحة في المواد أن تكون سامة، ولكنه في نفس الوقت احتفظ بالاسم الاصطلاحي للجريمة وهو جريمة التسميم فهل يفهم من هذه التسمية ضرورة اشتراط أن تكون المواد سامة ؟ .
يميل الفقهاء إلى الرأي المعاكس أي إلى القول بأن الجريمة تتحقق باعطاء كل مادة من شأنها أن تقضي على الحياة عاجلا أو آجلا، سواء كانت سامة أم لا، لأن العلة في تشديد العقوبة بالقتل بالتسميم هو ما يكشف عنه ارتكاب هذه الجريمة من خطورة الجاني.
فهو من ناحية يصيد الضحية من حيث لا يشعر، ويخادعه باعطائه مادة قاتلة في صورة مادة تديم الحياة أو تنعشها كطعام أو شراب أو دواء أو عطر، وغالبا ما تكون هذه المخادعة استغلالا ماكرا لقرابة أو صداقة تجمع بينهما أو لثقة يضعها الضحية في الجاني كالخادم والطبيب المعالج، ومن ناحية ثانية يختار زرع المادة القاتلة داخل الجسم حتى لا تبقي آثارا ظاهرة تلفت النظر اليها وتساعد على اكتشافها.
ولا شك أن هذه الأوصاف الدنيئة التي تجسم الخطورة الإجرامية للجاني تتحقق سواء كانت المادة سامة أو غير سامة مادام لها نفس الأثر وهو القضاء على الحياة عن طريق الفتك الباطني بالأجهزة الحيوية .
وإذا كان القانون الجنائي قد احتفظ بالاسم الاصطلاحي للجريمة وهو التسميم، فإن ذلك لا يعني ضرورة الاحتفاظ بمدلوله اللغوي الذي كان يستعمل به من قبل، لأن كثيرا من المصطلحات القانونية وغير القانونية اتسع مفهومها، وتطور مدلولها استجابة لحاجات الحياة ووقائعها.
هذا عن المواد الغير السامة ولكنها تؤدي بحكم طبيعتها إلى القضاء على الحياة عاجلا أو آجلا، ويبقى النوع الثالث الذي أشرنا اليه، ونعني به المواد التي لا تسبب الموت بطبيعتها ولكن يترتب عنها الموت إذا أعطيت لشخص في ظروف خاصة كالأمثلة التي أوردناها من قبل وكحقن مريض بالقلب بدواء يؤدي إلى وقف قلب المريض حالا، وحقن مريض بقرحة المعدة بدواء يثير لديه نزيف القرحة الذي يؤدي إلى وفاته .
لا جدال في أن الفصل 398 بصياغته الحالية لا تشمل مثل هذه الحالات لأنها تشترط صراحة أن تكون المواد من شأنها أن تسبب الموت عاجلا أو آجلا، وهذه الأدوية ليست كذلك لأنها لو حقن بها شخص صحيح لما أثرت فيه .
ومع ذلك فإنه يبقى التمييز بين المادة القاتلة بطبيعتها وبين المادة القاتلة بسبب الظروف المحيطة باستعمالها مجرد تمييز موروث لا يقوم على أساس علمي سليم ففي مثال الشخص المريض بالقلب إذا عزم طبيب أو ممرض على القضاء على حياته ما الفرق بين أن يحقنه بمادة سامة، أو بمادة غير سامة ولكنه يعلم أنها تؤدي بالنسبة اليه إلى وقف القلب حالا ؟ بل ان الوسيلة الثانية تبدو أكثر خطورة ، لأن اكتشاف سبب الوفاة معها أصعب بكثير من اكتشافه في حالة القتل بمادة سامة .
وخلاصة القول، ان التشريعات القديمة عرفت جريمة التسميم كجريمة مستقلة ومتميزة عن جريمة القتل، وأطلقت عليها هذا الاسم لأن المعروف إذ ذاك هو اعطاء المواد السامة للضحية عن طريق الطعام أو الشراب، ولم يكن فصلها عن جريمة القتل اعتباطيا، وانما لما يتميز به السم من امكانية تسربه مع الطعام أو الشراب إلى الأجهزة الحيوية الداخلية والفتك بها أو تعطيلها دون أن يخلف ذلك آثارا ظاهرة للعين المجردة، فخصت هذه الوسيلة الدنيئة والخادعة بعقوبة أشد من عقوبة القتل الذي يحدث بوسائل ظاهرة ومكشوفة.
وفي وقتنا الحاضر كشف العلم عن كثير من وظائف الأجهزة الحيوية داخل الجسم وعن كيفية عملها في وقت الصحة وفي حالة المرض، ابتداء من الجهاز العصبي وجهازي التنفس والدورة الدموية إلى باقي الأجهزة الثانوية المتفرعة عنها، وأصبح في الامكان تخريب هذه الأجهزة أو تعطيلها، وبالتالي القضاء على الحياة، بمواد غير سامة بل قد تكون غير ضارة بحسب طبيعتها، ومع ذلك فإنها تستوي مع المواد السامة أو تفوقها من حيث قدرتها على القضاء على الحياة بنفس الأسلوب الذي تعطى وتعمل به المواد السامة.
كما تطورت من ناحية ثانية وسائل ايصال المواد السامة وغير السامة إلى الأجهزة الداخلية للجسم فلم تعد قاصرة على دسها في الطعام والشراب، بناء على ذلك فإن موقف المشرع الآن ينبغي أن يقوم باختيار أحد الحلين لا ثالث لهما .
فأما ان يقرر وجود الخطورة الاجرامية التي تستحق تشديد العقوبة في القتل بالمواد التي تفتك بالأجهزة الحيوية الداخلية أو تعطلها دون أن تخلف آثارا ظاهرة تكشف عن الجريمة، وفي هذه الحالة يسوى بين جميع المواد التي تتوفر لها هذه الميزة كما يسوى بين جميع الوسائل التي يمكن بها ايصال تلك المواد إلى داخل الجسم.
واما ان لا يعترف بتلك الخطورة فيكتفي بالعقاب عن القتل العمد تم هذا القتل بالمواد السالفة الذكر أو بغيرها من الوسائل كالطعن والخنق والسلاح الناري وغير ذلك من عشرات الوسائل، والقانون المغربي عمم الحكم بالنسبة لوسائل اعطاء المواد ، ولكنه بقي أسير التقليد بالنسبة للمواد ذاتها، وهو حل لا يبدو معقولا .
إن النص يقول “مواد من شأنها أن تسبب الموت عاجلا أو آجلا” ومؤدى ذلك أن المادة المعطاة يتعين أن تكون قاتلة بحسب العادي المألوف أو حسب التحليلات العلمية لعناصر المادة ولعملها في الأجهزة الحيوية.
وإذا كانت المواد ليس من شأنها القضاء على الحياة ولكن الجاني اعتقد أنها قاتلة، فإن الجريمة لا تقوم، ولا مجال لتطبيق الفصل 117 المتعلق بالجريمة المستحيلة لأن الجريمة المستحيلة تتحقق في جرائم النتيجة دون الجريمة الشكلية وجريمة التسميم في القانون جريمة شكلية لا تتحقق إلا بالقيام بالسلوك المعاقب عليه وفق النموذج المحدد في القانون، ونموذج السلوك المحدد لجريمة التسميم هو استعمال أو اعطاء مواد من شأنها أن تسبب الموت عاجلا أو آجلا فإذا كانت المواد لا تتوفر على هذه الصفة لم يتحقق نموذج السلوك المعاقب عليه .
وإذا كانت المواد تضر بالصحة لا بالحياة ذاتها وأعطيت بدون قصد القتل طبق الفصلان 413 و 414 إذا سببت للضحية مرضا أو عجزا أو عاهة أو نتج عنها الموت، وإذا أعطيت بنية القتل عوقب الجاني على القتل العمد إن حدث الموت فعلا أو على محاولته إذا لم يمت الضحية، وذلك تطبيقا للقواعد العامة ما دام القانون لم ينص على هذه الحالة بنص خاص.
وكل هذا إذا لم تكن المواد الضارة بالصحة معدة على النطاق التجاري للتغذية البشرية، وإلا طبقت المادة الأولى من ظهير 29 أكتوبر 1959 التي تقضي بأنه يعاقب بالاعدام الأشخاص الذين قاموا عن تبصر قصد الاتجار، بصنع منتوجات أو مواد معدة للتغذية البشرية وخطيرة على الصحة العمومية، أو باشروا مسكها أو توزيعها أو عرضها للبيع أوبيعها.
ب – وسيلة استعمال المادة أو اعطائها :
فيما يرجع إلى وسيلة استعمال أو اعطاء المواد للضحية استعمل القانون عبارة شاملة فنص على تحقق الجريمة أيا كانت الطريقة التي استعملت أو أعطيت بها تلك المواد، فيستوي أن تستعمل في طعام أو شراب أو دواء أو عطور أو غير ذلك وأن تعطى عن طريق الفم أو الأنف أو المصران الغليظ أو الحقن أو ان تمس بها جروح أو خدوش في جسم الضحية تتسرب منها إلى داخل الجسم، وما إلى ذلك من الوسائل التي يتأتى بها ايصال جزئيات المادة إلى الاجهزة الداخلية للجسم.
ويستوي كذلك أن يعطيها الجاني مباشرة للضحية، أو بواسطة شخص آخر ساهم معه في الجريمة أو كان حسن النية كأن يدس المادة في طعام أو شراب أو دواء دون علم الشخص الذي يقوم باعطائه للضحية، وقد يقتصر الجاني على تهييئ المادة القاتلة ثم يتناولها الضحية بنفسه، كأن تعد الخادمة طعاما تدس فيه مادة قاتلة، وتتركه إلى أن يأتي الضحية ويتناوله، أو يستبدل الجاني دواء يحتوي على مادة سامة بالدواء الحقيقي الذي كان يستعمله الضحية.
2) القصد الجنائي :
العنصر الثاني في جريمة التسميم القصد الجنائي، ويتحقق هذا القصد، بعلم الجاني أن المادة تسبب الموت عاجلا أو آجلا، وبان يقصد من اعطائها للضحية القضاء على حياته .
وبناء على ذلك فإن القصد الجنائي لا يتحقق إذا كان الشخص الذي أعطى المادة القاتلة للضحية لا يعلم أنها سامة، كما إذا فعل ذلك نتيجة خطأ أو غلط أو جهل أو تدليس اجرامي من الغير، ولكن انتفاء القصد في هذه الحالة لا يحول دون امكانية متابعته بالقتل الخطأ ، إذا كان تصرفه يكون اهمالا أو عدم تبصر أو احتياط أو انتباه أو مراعاة للنظم والقوانين طبقا للفصل 432 المتعلقة بالقتل الخطأ.
كما ينتفي القصد الجنائي الذي تقوم به جريمة التسميم إذا كان الفاعل يعلم أن المادة سامة، ولكنه لم يعطها للضحية بقصد القضاء على حياته كالطبيب الذي يعطي دواء محتويا على مادة سامة لمريض بقصد علاجه من مرض معين، ويؤدي ذلك إلى وفاته بسبب عدم انتباه الطبيب إلى مرض آخر تؤثر عليه المادة السامة فتحدث الوفاة، أو بسبب تجاوزه غلطا الكمية المسموح بها طبيا من المادة السامة .
ولكن متى ثبت علم الجاني بأن المادة سامة ويمكن أن تحدث الموت في الاحوال العادية فإن قيامه باعطائها للضحية يعتبر قرينة على قصده القضاء على حياته على أنه يمكنه دفع هذه القرينة بأية وسيلة اثبات مضادة تقنع المحكمة بانتفاء قصد القتل كما في مثال الطبيب السالف الذكر، الذي اعتقد أن نوع مرض الضحية أو خطورته يحول دون حدوث الوفاة .
ثانيا : المحاولة والعدول الارادي في جريمة التسميم
سبقت الاشارة إلى أن التسميم جريمة شكلية ، لأن الفصل 398 يؤكد بعبارة واضحة وصريحة أن الجريمة تتحقق بإعطاء المواد التي من شأنها أن تسبب الموت عاجلا أو آجلا وأيا كانت النتيجة، وبهذه الصفة أي باعتبارها جريمة شكلية فإن المحاولة في صورة الجريمة الخائبة أو الجريمة المستحيلة لا تتحقق فيها .
أما المحاولة في صورة الجريمة الموقوفة فتحقق فيها إذا ما أوقف الجاني بسبب خارجي عن اتمام نشاطه الإجرامي، كما اذا تنبه الضحية أو شخص لتصرفه الاجرامي فحال بينه وبين اتمامه أو لأي سبب آخر خارج عن ارادته.
وطبقا للفصل 114 فإن المحاولة تتحقق بالبدء في التنفيذ أو بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكاب الجريمة، فكلما توفر هذا الوصف في تصرف الجاني اعتبر مرتكبا محاولة جناية التسميم، كما إذا دس المادة القاتلة في طعام أو شراب مهيأ للتناول أو بعد أن أخذ الضحية يأكل أو يشرب منه، أو هيأ المادة القاتلة بصورة تؤكد أنها ستستعمل للاعتداء على حياة انسان وفي وقت قريب (عمل لا لبس فيه يهدف مباشرة إلى ارتكاب الجريمة) أما إذا لم يصل الفاعل إلى هذه المرحلة فلا يعتبر مرتكبا للمحاولة كما إذا اقتصر على حيازة المادة السامة، أو على تهييئها ولكن لم يكن على وشك اعطائها للضحية .
أما بالنسبة للعدول الارادي فيتحقق بلا جدال إذا تراجع الفاعل عن اعطاء المادة القاتلة بعد أن كان قد وصل في نشاطه الاجرامي إلى مرحلة المحاولة، لكن ما الحكم إذا تراجع بعد أن أعطى المادة القاتلة للضحية فعلا ؟ بأن يعطيه مثلا مادة تبطل مفعول المادة الأولى أو تثير جهازه الهضمي فيتقيأ المادة القاتلة فور ابتلاعها أو يحمله إلى المستشفى للعلاج .
مقتضى القواعد العامة أن عمله هذا وإن حال دون موت الضحية لا يعتبر تراجعا اراديا يحول دون تحقق الجريمة واستحقاق العقاب، لأن التراجع الارادي يجب أن يكون قبل اتمام الجريمة، أما اذا تمت الجريمة فلا يبقى بعد ذلك إلا الندم الذي لا يؤثر على المسؤولية من الناحية القانونية، ولو كان في صورة ما يعرف في الفقه الجنائي بالتوبة الفعالة، أي الندم الذي يصحبه ازالة الآثار الضارة للجريمة كالسارق الذي يرد المسروق إلى مكانه.
فالجاني بمجرد اعطائه المادة القاتلة للضحية يكون قد انهى الركن المادي الذي يتطلبه القانون لقيام جريمة التسميم ، وتدخله بعد ذلك بانقاذ الضحية من الموت يعتبر ثوبة فعالة قد يعتبرها القاضي لمنح ظروف التخفيف ولكن لا أثر لها على المسؤولية الجنائية من الناحية القانونية.
هذا هو الحكم المستخلص من القواعد العامة ، الا أننا إذا رجعنا إلى الفصل 114 ، تجد فيه ما يساعدنا على القول برأي معاكس ، أي إن تدخل الجاني بانقاذ الضحية يحول دون عقابه عن جريمة التسميم، فالفصل 114 يقول ” كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع فيها أو بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلى ارتكابها ، لم يوقف تنفيذها أو لم يحصل الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن ارادة مرتكبها …”.
فعبارة ” الأثر المتوخى منها” تعني الهدف المقصود من الجريمة، وجريمة التسميم وإن كانت جريمة شكلية، تتحقق بمجرد اعطاء المادة القاتلة للضحية ولا تتوقف على حصول نتيجة اجرامية معينة، إلا أن ركنها المعنوي كما رأينا هو قصد الجاني القضاء على حياة الضحية، ولذلك فإن الجاني في جريمة التسميم يكون له دائما هدف يتوخى تحقيقه منها وهو القضاء على حياة الضحية.
فإذا ندم بعد اعطاء المادة القاتلة وتدخل اختياريا للحيلولة دون تحقق الهدف الذي كان يتوخاه من عملية التسميم ، استفاد من صياغة الفصل 114، واعتبر كمن توقف بارادته قبل اتمام النشاط المادي الموصل إلى النتيجة الاجرامية في الجرائم المادية.
ويدق الحكم في حالة ما إذا تأكد أن التدخل الاختياري للجاني هو الذي انقذ حياة الضحية ، ولكن في نفس الوقت تعرض الضحية لمرض أو عجز أو عاهة.
ان تطبيق الفصل 413 غير ممكن، لأنها تتعلق بالتسبب في مرض أو عجز أو عاهة عن طريق اعطاء مواد ضارة بالصحة بدون نية القتل. والمواد في جريمة التسميم تعطى بقصد القتل .
ولذلك فإن الجاني في هذه الحالة يبقى معرضا لعقوبة جريمة التسميم، وإن كان تدخله انقذ الضحية من الموت ولا شك أنها عقوبة تبدو قاسية سيما اذا لم يلحق الضحية الا مرض أو عجز بسيط ، ولكن مادام يتعذر تكييف الافعال وفقا لنص جنائي آخر فانه لا يبقى الا تطبيق النص المتعلق بجريمة التسميم.