قانون المسطرة الجنائيةقانونيات

شروط وشكليات تفتيش المنازل

أولا – مفهوم المنزل ومكانته في الشرع والقانون :

إن من الحقوق الأساسية التي كفلها القانون للمشبوه فيه أمام الضابطة القضائية أن أحاط منزله بضمانات حمائية أثناء التفتيش. إذ يعتبر الدخول للمنزل بدون رضى واستئذان صاحبه غير جائز سواء في الشرع أو القانون. قال الله تعالى في محكم كتابه الحكيم” يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستانسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون” (سورة النور الآية 27).

ونظرا لأهمية المنزل وحرمته في القانون المغربي نص الفصل 24 من الدستور المغربي لسنة 2011 م على ما يلي ” … لا تنتهك حرمة المنزل، ولا يمكن القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون…”.

والمنزل هو ” كل مبنى أو بيت أو مسكن أو خيمة، أو مأوى ثابت أو متنقل سواء كان مسكونا فعلا، أو غير مسكون وجب ألا تنتهك حرمته، ولا يمكن القيام بأي تفتيش بداخله إلا وفق الشروط والإجراءات المنصوص عليها قانونا”.

ومن تم، فإنه إذا وجدت بعض الأدلة بداخل المنزل لها علاقة بكشف معالم الجريمة، وجب على ضابط الشرطة القضائية احترام شروط وشكليات عملية التفتيش احتراما لقدسية المسكن، وحرمات صاحبه والعمل على تفادي الأسرار التي ليس له الحق قانونا الاطلاع عليها.

ثانيا – شروط وشكليات تفتيش المنازل :

لقد خول المشرع المغربي لضباط الشرطة القضائية مجموعة من الصلاحيات المنوطة بهم في نطاق البحث التمهيدي، إلا أنه ونظرا لخطورة هذا الإجراء وحفاظا على حصانة المسكن، وحرمة صاحبه نص المشرع على جملة من الشروط وهي كالآتي :

1 – احترام الوقت القانوني للتفتيش :

ان تفتيش المنازل يجب أن يكون داخل الوقت القانوني المحدد بين الساعة السادسة صباحا والتاسعة ليلا، إلا إذا طلب صاحب المنزل تفتيش منزله، أو صدرت استغاثة من داخله، أو في الحالات الاستثنائية التي نص عليها القانون.

وهي التي أشارت إليها المادة 62 من قانون المسطرة الجنائية المغربي على أنه ” لا يمكن الشروع في تفتيش المنازل، أو معاينتها قبل الساعة السادسة صباحا وبعد التاسعة ليلا، إلا إذا طلب ذلك رب المنزل أو وجهت استغاثة من داخله، أو في الحالات الاستثنائية التي ينص عليها القانون، غير أن العمليات التي ابتدأت في ساعة قانونية يمكن مواصلتها بدون توقف.

إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية، واقتضت ذلك ضرورة البحث أو حالة الاستعجال القصوى، أو إذا كان يخشى اندثار الأدلة فإنه يمكن الشروع في تفتيش المنازل، أو معاينتها بصفة استثنائية قبل الساعة السادسة صباحا، أو بعد التاسعة ليلا بإذن كتابي من النيابة العامة. لا تطبق هذه المقتضيات إذا تعين إجراء التفتيش في محلات يمارس فيها عمل أو نشاط ليلي بصفة معتادة”.

2- اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على السر المهني :

يجب على ضابط الشرطة القضائية اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على السر المهني في حالة إجراء تفتيش بالأماكن المعدة للاستعمال المهني، والاطلاع على ما هو ضروري فقط لكشف معالم الجريمة، والحرص على تفادي تسريب الأسرار احتراما القدسية المسكن، وحرمة صاحبه.

وإلى ذلك أشارت الفقرة الثالثة من المادة 59 من ق. م. ج. على ما يلي “… إذا تعين إجراء التفتيش في أماكن معدة لاستعمال مهني يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني، فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يشعر النيابة العامة المختصة، وأن يتخذ مسبقا جميع التدابير لضمان احترام السر المهني.

إذا كان التفتيش أو الحجز سيجري بمكتب محام يتولى القيام به قاض من قضاة النيابة العامة بمحضر نقيب المحامين أو من ينوب عنه، أو بعد إشعاره بأي وسيلة من الوسائل الممكنة.”.

وهكذا، يتعين على ضابط الشرطة القضائية ، التقيد بكتمان هذه الأسرار، باعتبارها من أسرار المهنة، والاطلاع فقط على ما هو ضروري احتراما لحرمة المنزل وقدسيته.

3- حضور ضابط الشرطة القضائية المدنية إذا قام بالتفتيش ضابط الشرطة القضائية العسكرية :

4- تحرير المحضر :

فكما نعلم، أن المحضر هو ” الوثيقة المكتوبة التي ينجزها ضباط الشرطة القضائية أثناء ممارستهم لمهامهم، وما قاموا به من أبحاث وتحريات ترجع إلى اختصاصاتهم سواء في إطار البحث التمهيدي، أو في حالة التلبس أو في إطار تنفيذ الإنابة القضائية“. وهم في كل الأحوال مطالبون بإثبات ما قاموا به في المحاضر. ويشكل المحضر الإطار القانوني الذي يعكس كل العمليات التي يباشرها ضباط الشرطة القضائية ضمن مجال اختصاصاتهم.

ويتبين من هذه الشروط أنها شروط عامة تفرض في حالة التلبس أو في الحالات العادية. وهناك شرط خامس تختلف فيه حالة التلبس عن الحالة العادية.

أ- في حالة التلبس.

إذا وقع التفتيش في منزل المشبوه فيه بارتكاب الجريمة، فيجب أن يكون بحضوره، وإذا تعذر عليه الحضور، أو كان فارا من العدالة فيتعين على ضابط الشرطة القضائية، أن يعين لهذا الغرض شاهدين لا يخضعان لسلطته. أما إذا وقع التفتيش في منزل الغير، قد يكون حائزا لأشياء وأدوات لها علاقة بالجريمة، فيجب أن يكون هذا التفتيش بمحضره، وإلا فبمحضر نائبه، أو شاهدين في حالة تعذر إيجاد النائب. وإذا تعلق الأمر بتفتيش النساء، وجب على ضابط الشرطة القضائية أن ينتدب امرأة للقيام بهذه المهمة عملا بمقتضيات المادة 60 من ق.م. ج.

ب- التفتيش في الحالة العادية.

إن تفتيش المنازل في الحالات العادية، يجب أن يكون برضا صاحبه بتصريح مكتوب وبخط يده، فإذا كان صاحب المنزل لا يحسن القراءة والكتابة، فيتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يضمن ذلك في المحضر مع الإشارة إلى موافقة صاحب المنزل عملا بمقتضيات المادة 79 من ق. م. ج. التي نصت على ما يلي ” لا يمكن دخول المنازل، وتفتيشها وحجز ما بها من أدوات الاقتناع دون موافقة صريحة من الشخص الذي ستجري العمليات بمنزله.

تضمن هذه الموافقة في تصريح مكتوب بخط يد المعني بالأمر، فإذا كان لا يعرف الكتابة يشار إلى ذلك في المحضر كما يشار فيه إلى قبوله. تسري في هذه الحالة مقتضيات المواد 59 و 60 و 62 و 63 “.

وتبعا لما ذكر أعلاه، فإنه في حالة عدم احترام هذه الشروط والشكليات التي نص عليها القانون والمحددة لعملية تفتيش المنازل فإنه يترتب عليها البطلان. لذلك، وجب أن يكون تفتيش المنازل داخل الوقت القانوني المحدد بين الساعة السادسة صباحا والتاسعة ليلا، إلا إذا طلب صاحب المنزل أو وجهت استغاثة من داخله، أو في الحالات الاستثنائية التي ينص عليها القانون، غير أن العمليات التي ابتدأت في ساعة قانونية يمكن مواصلتها دون توقف، وإلى ذلك أشارت المادة 62 من ق. م. ج.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن الوقت القانوني لتفتيش المنازل يتقيد به ضباط الشرطة القضائية، والضباط السامون للشرطة القضائية إذا كانوا يقومون بالبحث التمهيدي. وأما قاضي التحقيق أثناء قيامه بعملية تفتيش منزل الظنين خلال مرحلة التحقيق الإعدادي، فهو لا يتقيد بهذا التوقيت، وإلى ذلك أشارت المادة 102 من ق. م. ج. على ما يلي ” إذا كان التفتيش يجري في منزل المتهم، في قضية جنائية، أو بشأن جريمة إرهابية، فإنه يجوز لقاضي التحقيق أن يباشره خارج الاوقات المحددة في المادة 62 شريطة أن يقوم به شخصيا وبحضور ممثل النيابة العامة.

إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية، فإنه يجوز لقاضي التحقيق في حالة الاستعجال القصوى، وبقرار معلل أن ينتدب قاضيا، أو ضابطا أو أكثر من ضباط الشرطة القضائية لإجراء التفتيش خارج الساعات القانونية بحضور ممثل النيابة العامة “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى