أولا – تقادم الدعوى العمومية :
تقضي المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية بما يلي: ” تتقادم الدعوى العمومية، ما لم تنص قوانين خاصة على خلاف ذلك :
– بمرور عشرين سنة ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجناية.
– بمرور خمس سنوات ميلادية كاملة تبتدئ من يوم ارتكاب الجنحة.
– بمرور سنتين ميلاديتين كاملتين تبتدئات من يوم ارتكاب المخالفة.
غير أنه إذا كان الضحية قاصراً وتعرض لاعتداء جرمي ارتكبه في حقه أحد أصوله أو من له عليه رعاية أو كفالة أو سلطة، فإن أمد التقادم يبدأ في السريان من جديد لنفس المدة ابتداء من تاريخ بلوغ الضحية سن الرشد المدني”.
ويعتبر تاريخ ارتكاب الجريمة هو منطلق احتساب أجل التقادم ومؤدى ذلك أنه إذا انصرمت المدة التي يحددها المشرع دون أن تبادر النيابة العامة أو الجهة المخول إليها حق القامة الدعوى العمومية إلى ممارسة هذه الدعوى، فإن الدعوى تعتبر قد سقطت بمضي المدة وتمتنع بعد ذلك ممارستها، ويتعين على القضاء – في كل الأحوال – التصريح بسقوطها.
وتعتبر مدة التقادم عملا بالمادة 750 من الآجال الكاملة، لا تشمل اليوم الأول ولا اليوم الأخير ، أي أنه لا يحسب ضمن المدة يوم ارتكاب الجريمة ويوم القيام بإجراء المتابعة، وإذا كان اليوم الأخير يوم عطلة امتد الأجل إلى أول يوم عمل بعده.
غير أن مدة التقادم يمكن أن تستمر أكثر من المدد المشار إليها في المادة الخامسة، وذلك في الحالات التي يطرأ فيها إجراء قاطع أو سبب موقف للتقادم.
والإجراء القاطع لمدة التقادم هو كل إجراء من إجراءات التحقيق أو من إجراءات المتابعة تقوم به السلطة القضائية أو تأمر بالقيام به وإجراءات التحقيق هي الإجراءات التي تندرج في إطار التحقيق الإعدادي أو التحقيق النهائي لقضية من القضايا، وتقوم به السلطة القضائية إما في إطار مسطرة التحقيق الإعدادي أو في إطار تحقيق تكميلي، أو في إطار مناقشة قضية بالجلسات. وأما إجراءات المتابعة فهي كل الإجراءات التي تقوم بها الجهة المكلفة بإقامة الدعوى العمومية لعرض الخصومة على القضاء قصد البت فيها.
ويترتب على الإجراء القاطع اعتبار الزمن الذي مضى منذ ارتكاب الفعل الجرمي كأن لم يكن، ويبدأ احتساب مدة التقادم بكاملها من جديد انطلاقا من تاريخ الإجراء القاطع، ويمكن أن يتكرر الأمر أكثر من مرة.
وأما السبب الواقف فيتمثل في استحالة إقامة الدعوى العمومية الناتجة عن القانون نفسه، ولا يعني توقف التقادم إهمال احتساب المدة المنصرمة منذ تاريخ ارتكاب الجريمة، وإنما يعني أن حساب التقادم يتوقف في التاريخ الذي يطرأ فيه المانع القانوني الذي يحول دون إقامة الدعوى العمومية، ويستأنف السريان بارتفاع المانع، مع احتساب المدة السابقة عن التوقف.
ويعود التقادم إلى مجراء من جديد ابتداء من اليوم الذي ترتفع فيه الاستحالة لمدة تساوي ما بقي من آمده وقت توقفه بمعنى أن توقف التقادم تبقى معه المدة السابقة على التوقف قائمة وتبدأ فترة أخرى ليتحقق التقادم بجمع الفترتين معا (الفقرة الخامسة من المادة 6).
وفي إطار الحماية التي قررها المشرع للقاصرين، نصت الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة من قانون المسطرة الجنائية، على وقف التقادم لمصلحة الضحية القاصر الذي تعرض لاعتداء جرمي ارتكبه في حقه أحد أصوله أو من له عليه رعاية أو كفالة أو سلطة، حيث تعتبر فترة قصور الصحية فترة توقف للتقادم بالنسبة للقاصر حتى يبلغ من الرشد المدني، ولا يسري الأجل إلا ابتداء من تاريخ بلوغه 18 سنة كاملة.
والتقادم من النظام العام، يمكن للمتهم أن يتمسك به في سائر مراحل المسطرة، وعلى المحكمة أن تثيره تلقائيا، وتصرح بسقوط الدعوى العمومية.
ثانيا – تقادم الدعوى المدنية :
تقضى المادة 14 من قانون المسطرة الجنائية بأن الدعوى المدنية تتقادم طبقاً للقواعد المعمول بها في القانون المدني. وإذا تقادمت الدعوى العمومية فلا يمكن إقامة الدعوى المدنية إلا أمام المحكمة المدنية.
فتقادم الدعوى المدنية يخضع لقواعد وأحكام قانون الالتزامات والعقود في مدته وفي أسباب توقفه وانقطاعه.
ومنه فقد نص الفصل 106 من قانون الالتزامات والعقود على أن دعاوى التعويض من جراء الجرم وشبه الجرم، فتتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم الطرف المتضرر الضرر ومن هو المسؤول عنه. وتتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر. ولا تثير المحكمة تلقائياً تقادم الدعوى المدنية وإنما على صاحب المصلحة التمسك به.