المجال الجنائيقانونيات

سرية إجراءات البحث والتحقيق

نصت المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية على سرية إجراءات البحث والتحقيق، أي أن الأبحاث والتحريات والإجراءات التي تتم برسم البحث أو التحقيق الإعدادي تكون سرية. وكل شخص يساهم فيما يلزم بالسر المهني. أي أن كل شخص يباشر بصفة مباشرة أو غير مباشرة عملا من أعمال البحث أو التحقيق، يكون ملزما بكتمان السر المهني وفقا للشروط وتحت طائلة العقوبات المقررة في القانون الجنائي.

على خلاف ما وقع عليه التنصيص في المادة 300 من قانون المسطرة الجنائية التي توجب تحت طائلة البطلان، أن تتم في مرحلة المحاكمة إجراءات البحث والمناقشات في جلسة علنية عدا الحالات المنصوص عليها في المواد 301 و 302 و 478 من ق.م.ج التي يمكن فيها للرئيس أن يمنع الأحداث أو بعضهم من دخول قاعة الجلسات إذا ارتأى أن حضورهم فيها غير مناسب أو إذا اعتبرت المحكمة أن في علنية الجلسة خطرا على الأمن أو الأخلاق فإنها تصدر مقررا بجعل الجلسة سرية، وكذلك محاكمة الأحداث التي تتم في جلسات سرية.

وتلحق بسرية البحث والتحقيق، سرية التحقيق التكميلي الذي يمكن للمحكمة أن تأمر به إذا كانت القضية غير جاهزة للحكم، وتعين في هذه الحالة أحد أعضائها للقيام بالتحقيق وفقا لمقتضيات وأحكام التحقيق الإعدادي التي توجب التقيد بسرية الإجراءات (المادتان 324 و 362 من ق م ج ).

وسرية البحث والتحقيق ضرورة يقتضيها حسن سير العدالة، كما أنها تحمي قرينة البراءة التي تصدرت قانون المسطرة الجنائية.

وتعتبر سرية البحث ضرورية في مرحلة البحث التمهيدي لأنها تترك لضابط الشرطة القضائية مجالا يتحرك فيه بغاية الوصول إلى التثبت من الجريمة. غير أنه من حق المتهم الاطلاع على كل الوثائق التي تشكل وسائل الإثبات ضده، حتى يمكنه أن يجيب عليها في إطار توفير حقوق الدفاع ضمانا لتحقيق التوازن بين حق المجتمع وحق المتهم في إطار مسطرة حضورية تواجهية.

وسرية البحث أمر مفروض على كل شخص يساهم في البحث أو التحقيق، وهذا يشمل ضابط الشرطة القضائية وأعوانه وقضاة النيابة العامة الذين يسيرون البحث، وعند الاقتضاء الأشخاص الذين يستعين بهم ضابط الشرطة القضائية لتوضيح بعض الأمور التقنية.

وتنص المادة 77 من ق. م. ج. أنه يمكن لممثل النيابة العامة شخصياً أو بواسطة ضابط الشرطة القضائية أن يستعين بذوي الكفاءة لتحديد ظروف وفاة شخص، وانتداب أهل الخبرة للكشف عن أسباب الوفاة. كما أعطت المادة 64 من ق. م. ج لضابط الشرطة القضائية الحق في الاستعانة بأهل الخبرة إذا اقتضى الأمر القيام بمشاهدات لا تقبل التأخير.

كما تشمل سرية البحث قاضي التحقيق وكاتب الضبط وقاضي النيابة العامة والخبراء الذين يعينهم قاضي التحقيق.

وقد قضت المحاكم الفرنسية أن القاضي الذي يكشف عن أفعال متعلقة بالبحث الذي يجريه، يخرق سرية التحقيق، ولو كانت تلك الأفعال قد سبق كشفها. وفي أحكام أخرى قضت محكمة النقض الفرنسية أن هذه السرية واجبة على مفتشي الشرطة ويتعين عليهم حفظ سر الأبحاث والتوقيفات التي ينجزونها. ويمنع عليهم حماية لمصلحة البحث الكشف عن وجود شكاية تلقوها خلال ممارستهم لعملهم .

بل إن محكمة النقض ذهبت إلى القول: “إن تسليم وثائق صادرة عن مصلحة التشخيص القضائي من طرف موظفين في الشرطة لم يتم التوصل إلى هويتهم، لا يمكن أن يتم إلا خرقا للمادة 11 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي ، ولو كان الأمر يتعلق بقضية صدر فيها قرار بعدم المتابعة. فجنحتي إخفاء وثائق وخرق سر التحقيق ثابتتين من جراء نشر الوثائق التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة “.

ولا يمكن مواجهة ممثل النيابة العامة بالسر المهني، إذ يحق له الاطلاع على البحث الذي تجريه الشرطة القضائية، كما يحق له الاطلاع على ملف التحقيق، والحصول على كل المعلومات الضرورية ليستعملها في أداء المهمة المناطة به بمقتضى القانون.

كما أنه لا شيء يحول دون استعمال وثائق تتعلق ببحث جنائي في قضية جنائية أخرى يمكنها مساعدة المحكمة للوصول إلى الحقيقة.

ولا يمتد السر المهني إلى المطالب بالحق المدني، فالقضاء لم يعتبره من المساهمين في إجراء التحقيق حتى يمكن تطبيق مقتضيات المادة 15 في حقه، وقد صرحت الغرفة الجنائية لمحكمة النقض الفرنسية في هذا الصدد إن الطرف المدني غير خاضع المقتضيات المادة 11 (المطابقة للمادة 15 من قانون المسطرة الجنائية المغربي).

والسلطات المختصة بالتحري عن الجرائم كما عددها قانون المسطرة الجنائية هي:

الشرطة القضائية.

النيابة العامة.

– قاضي التحقيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى