أوردت المادة الثالثة من قانون المسطرة الجنائية قاعدة عامة مفادها أنه يمكن إقامة الدعوى العمومية من طرف الموظفين المكلفين بذلك قانوناً. ويستفاد من ذلك أن القانون نفسه هو الذي يمنح هذا التكليف بإقامة الدعوى العمومية لبعض الموظفين خارج أسلاك قضاء النيابة العامة.
وقد أكد البند رقم 3 من المادة 384 من قانون المسطرة الجنائية هذا الرأي في حديثه عن كيفية رفع الدعوى العمومية إلى المحكمة، وجاء فيه أن “الدعوى ترفع باستدعاء يسلمه أحد أعوان الإدارة المأذون له بذلك قانوناً، إذا كان هناك نص خاص يسمح لهذه الإدارة بتحريك الدعوى العمومية”. وكأمثلة على أنواع الموظفين الذين كلفهم القانون بحق إقامة الدعوى العمومية، نذكر موظفي إدارة الجمارك وموظفي إدارة المياه والغابات:
1- قضايا الجمارك :
ينص الفصل 249 من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة أن الدعوى العمومية يمكن تحريكها من قبل النيابة العامة، والوزير المكلف بالمالية أو مدير إدارة الجمارك أو أحد ممثليه المؤهلين، كلما تعلق الأمر بالجنح الجمركية المنصوص عليها في الفصلين 279 مكرر مرتين و 281 . وأما بالنسبة للمخالفات المحددة في الفصول 285 و 294 و 297 و 299 من نفس المدونة، فإنه لا يمكن تحريك الدعوى العمومية إلا بمبادرة من وزير المالية أو مدير إدارة الجمارك أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك.
2 – قضايا المياه والغابات :
خول ظهير 1917/10/10 المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها، لأعوان إدارة المياه والغابات (حلت محلها المندوبية السامية للمياه والغابات) حق متابعة مرتكبي المخالفات الغابوية وتوجيه الاستدعاء إليهم. وقد خول المشرع أعوان هذه الإدارة بالإضافة إلى حق إقامة الدعوى العمومية، حق ممارستها واستعمال الطعن.
وتجدر الإشارة أن الفصل 73 من ظهير 1917/10/17 بشأن حفظ الغابات واستغلالها قد منح أعوان إدارة المياه والغابات حق الطعن في الأحكام، مما يفيد أن حق هؤلاء الأعوان لا يقتصر على إقامة الدعوى العمومية فقط وإنما يشمل أيضاً ممارستها.
3 – قضايا الصيد البري :
عهد الظهير الشريف المؤرخ في 21 يوليوز 1923 المتعلق بمراقبة الصيد البري لإدارة المياه والغابات بالمتابعة من أجل المخالفات لمقتضيات الظهير المذكور. وقد جاء في الفصل 22 مكرر ” يعهد إلى إدارة المياه والغابات سواء لفائدة الدولة أو لفائدة مكتري حق الصيد – بالمتابعات عن تعويض المخالفات المقررة في ظهيرنا الشريف هذا، وتباشر الدعاوى والمتابعات من طرف مهندسي إدارة المياه والغابات بالنيابة عن الإدارة، وذلك بدون أن يمنع هذا من استعمال الحق المخول لوكيل الدولة العام (وكيل الملك)”.
4 – جهات أخرى :
هناك جهات أخرى أسند لها القانون مهمة إثارة المتابعة أو الإحالة على الجهة المختصة، ومن ذلك ما نصت عليه المادة 359 من قانون المسطرة الجنائية بشأن بت هيئة الحكم مباشرة في المخالفات التي ترتكب في الجلسة، حيث خول القانون لهيئة المحكمة التثبت من المخالفة والحكم فيها. وكما هو الشأن بالنسبة للغرفة الجنائية بمحكمة النقض والرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف بالنسبة للجرائم المنسوبة لبعض أصناف القضاة والموظفين (المواد 264 و 265 و 266 و 267 و 268) من قانون المسطرة الجنائية.