المجال العقاريقانونيات

الشروط الواجب توافرها عند طلب تقييد الحقوق العينية

بين المشرع المغربي في الفصل 69 من ظهير 12 غشت 1913 الخاص بالتحفيظ العقاري الشروط الواجب توافرها عند طلب تقييد حق من الحقوق وتتجلى هذه الشروط من خلال أحكام هذا الفصل حيث أوجب ” على كل شخص يطلب تقييد حق من الحقوق أن يقدم للمحافظة طلبا مؤرخا وموقعا من طرفه يتضمن ما يلي :

1 – تعيين العقار الذي يعنيه التقييد، وذلك ببيان رقم الرسم العقاري.

2 – بيان نوع الحق المطلوب تقييده.

3 – بيان أصل التملك وكذا نوع وتاريخ العقد الذي يثبته.

4 – بيان الحالة المدنية للمستفيد من التقييد المطلوب إنجازه.

5- وعند الاقتضاء بيان ما يطلب تقييده في نفس الوقت الذي يطلب فيه تقييد الحقالأصلي من أسباب الفسخ أو قيد على حق التصرف أو أي تقييد خاص آخر والكل مع بيان الحالة المدنية للمستفيدين من التقييد المذكور” .

وقد تمت إضافة فقرة جديدة بعد التعديل في قانون التحفيظ العقاري تنص على ما يلي ” يرفق بالطلب كل حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به أو كل عقد أو وثيقة أدلى بها تدعيما لهذا المطلب”.

أولا – شكل طلب التقييد :

أوجب المشرع المغربي على كل شخص يطلب تقييد حق من الحقوق أن يقدم إلى المحافظة العقارية طلب يتضمن بيانات محددة في الفصل 69 من ظهير 12 غشت 1913 ويعني هذا أن طلب التقييد يجب أن يكون في شكل كتابي وأن يقدم مباشرة إلى المحافظة العقارية التي يقع العقار في دائرتها.

ويلاحظ أن المشرع المغربي قد ألزم تقديم الطلب بالإضافة إلى العقد المنشئ للتصرف الشيء الذي يجعلنا نتساءل عما إذا كانت عملية التقييد تتم بناء على ضرورة تقديم الطلب أم بناء على تقديم العقد المنشئ للالتزام ؟

لا شك أن المشرع أراد بذلك التمييز بين العقد وبين الموافقة على تقييده، حيث اعتبر الطلب بمثابة موافقة على تقييد العقد المتضمن للتصرف والملاحظ أن هذه الفكرة قد تكون مستوحاة من القانون الألماني الذي يعتبر الالتزام بنقل الملكية شيء و بالموافقة على التسجيل شيء آخر.

ومعنى هذا أن العقد الصحيح يبقى معلقا على موافقة المالك بالتسجيل إذ أن تقديم العقد وحده لا يعتبر كافيا، وبمعنى آخر تصبح هذه الموافقة بمثابة الشرط المتمم الذي يسمح بالتسجيل واستنادا لذلك نرى أن اشتراط تقديم هذا الطلب يعتبر في الحقيقة عملا إداريا مسطريا. ولا أثر له على التقييدات التي ينبغي أن تتم وفقا للاتفاقات والعقود والأحكام كما أشار إلى ذلك المشرع في الفصل 65 من ظهير 12 غشت 1913. ولهذا فإن الأساس الذي ينبني عليه التقييد في القانون العقاري المغربي هو التصرفات القانونية أو الوقائع المادية التي يطالب بها الملك المقيد.

فالتصرف القانوني يقوم أصلا على الإرادة، وهذه الإرادة تهدف إلى إحداث أثر قانوني معين، فالعقد مثلا لا يعدو أن يكون تصرفا قانونيا يقوم على تطابق إرادتين، وقد ينشئ الحقوق الشخصية أو يكسب الحقوق العينية. ومثل ذلك يقال بالنسبة للوصية فهي تصرف قانوني يقوم على إرادة منفردة ويكسب الحقوق العينية، ومن ثم فإن تقييد هذه التصرفات يكون مبنيا على أساس السند المثبت للتصرف ذاته وليس على أساس البيانات المطلوبة إلى جانب التصرف القانوني.

أما الواقعة القانونية فهي واقعة مادية رتب القانون عليها أثرا، وقد تكون واقعة طبيعية لا دخل لإرادة الإنسان فيها كبلوغ الأهلية والوفاة، حيث يترتب على مجرد وقوع حالة من هذه الحالات، آثار قانونية قررها المشرع. وقد تكون واقعة اختيارية حدثت بإرادة الإنسان كالهدم أو البناء أو الحيازة. والواقعة القانونية بدورها قد تكسب الحقوق العينية كما هو الأمر في حالة الوفاة حيث يترتب على ذلك حلول الورثة محل مورثهم حكما.

ويتجلى من خلال هذا أن عملية التقييد تعتمد في أغلب الحالات إما على التصرفات القانونية أو على بعض الوقائع القانونية. وفي كلتا الحالتين يجب على المعنيين تقديم طلب إلى المحافظ العقاري يعبرون فيه عن رغبتهم في تقييد التصرف أو الواقعة القانونية.

أما اشتراط تقديم البيانات المشار إليها فلا يعتبر في الحقيقة إلا عملا شكليا لا يؤثر على عملية التسجيل بل تقتصر الغاية منه على إبراز البيانات المتعلقة بالعقار وعلى بيان هوية الأطراف ونوع التصرف، ولعل أهم ما يؤكد رأينا هذا ويدعمه هو موقف المشرع المغربي بالذات فبعد أن فرض القانون على طالب التقييد تقديم طلب موقع من الطرفين كلما كان المطلب مؤسساً على وثيقة اتفاقية عاد فأعفى طالب التقييد من هذا الطلب في الحالة التي يكون فيها العقد نفسه مشتملا على البيانات الضرورية لتقييد الحق، سواء كان هذا العقد رسميا أو عرفيا، ويعني هذا أن العقد ينبغي أن يتضمن قدرا أدنى من البيانات وأهمها البيانات التالية:

– تعيين العقار الذي يجب أن يقع عليه التسجيل، وذلك ببيان رقم الرسم العقاري وكذا موقعه ومساحته والاسم المعروف به ومشتملاته.

– بيان الحالة المدنية للمتصرف والمتصرف إليه.

– بیان نوع الحق الذي يجب تقييده، ويتجلى هذا من مضمون العقد نفسه ( بيع أو هبة أو قسمة أو رهن الخ…).

واذا كان الأمر يتعلق بتقييد أوامر أو أحكام قضائية فينبغي أن تتضمن هذه الأوامر والأحكام نفس البيانات السابقة.

وتجدر الإشارة إلى أن كل حق يطلب تقييده يجب تلقيه مباشرة ممن يكون العقار أو الحق مسجلا على اسمه تطبيقا للمادة 28 من القرار الوزيري الصادر في 20 رجب 1333 (3 يونيو 1915).

ففي عقد البيع مثلا يقع عبء التقييد على عاتق البائع لأنه إذا كان المشتري وفقا لأحكام عقد البيع ملزما بأداء الثمن. فإن البائع ملزم بنقل الملكية وما سيتتبع ذلك من إجراءات لدى المحافظة العقارية ملتمسا تقييد عقد البيع الذي أبرمه مع المشتري. وقد جرت العادة أن يتم تضمين هذا الالتماس في نهاية عقد البيع بالصيغة التالية ” يلتمس الأطراف من المحافظ العقاري تقييد هذا العقد بالرسم العقاري عدد ….”.

ثانيا – البيانات المتعلقة بالأطراف :

إن طلب التقييد سواء قدم في شكل عقد يثبت التصرف كالبيع أو الوصية أو وثيقة تثبت الواقعة القانونية كالوفاة فإنه ينبغي أن يشتمل على البيانات المتعلقة بهوية كل من المتصرف والمتصرف إليه. وذلك أنه بالرغم من أن المشرع قد أشار في الفقرة 4 من الفصل 69 إلى ضرورة بيان الحالة المدنية للمستفيد من التقييد المطلوب إنجازه فإنه عاد وأوجب على المحافظ في الفصل 72 أن يحقق تحت مسؤوليته هوية المفوت وأهليته وكذا صحة الوثائق المدلى بها تأييدا للمطلب شكلا وجوهرا.

وقد اهتم المشرع بالأشخاص الذاتيين دون الأشخاص المعنويين وهو فراغ قد تم تداركه بمناسبة مراجعة قانون التحفيظ العقاري (الفصل 13) المتعلق بطالب التحفيظ. وعليه يتضح من أحكام النصوص المشار إليها أن التحقق من الهوية ينصرف إلى الأشخاص الذاتيين والأشخاص المعنويين كذلك سواء بمناسبة التحفيظ أو التقييد.

1) فيما يخص الأشخاص الذاتيين :

– التأكد من أهلية المفوت لمعرفة ما إذا كان هو صاحب الحق المقيد وبالتالي فيما إذا كان أهلا للتصرف بالعقار، ومطابقة اسمه مع الاسم المضمن بالرسم العقاري.

– التحقق من هوية المستفيد من التصرف ومن حالته المدنية وذلك لمعرفة اسمه الكامل، وتاريخ ازدياده ونظام الزواج الخاضع له، وعنوانه.

– التحقق من أن الحق المتصرف فيه والذي سيكون موضوعا للتقييد مطابق لما ورد ذكره في العقد وفي حالة الشياع توضيح الأسهم التي سيتم تفويتها.

ويتجلى من خلال هذا أن العقد أو المطلب ينبغي أن يتضمن الحالة المدنية لكل الأطراف. فالمحافظ يستطيع التأكد من هوية المفوت اعتمادا على المعلومات المتوفرة لديه بالسجل العقاري حيث يستطيع التأكد من اسم المفوت و تاریخ ازدياده و عنوانه الشخصي وحالته المدنية ونظام الزواج الذي يخضع له بحيث ينبغي أن تكون هذه البيانات المذكورة في الرسم العقاري مطابقة لتلك المذكورة في العقد، وبإمكان المحافظ المطابقة حتى بين التوقيعات المتوفرة لديه بالملف العقاري في بعض الحالات.

أما المفوت إليه فلا سبيل إلى معرفته من طرف المحافظ إلا بواسطة العقد المقدم مع طلب التقييد. هذا العقد الذي ينبغي أن تتم المصادقة على توقيعاته من طرف الجهات الادارية المختصة ، إذا كان الأمر يتعلق بمحررات عرفية، أو بناء على محررات رسمية. مع التنبيه بأن المشرع قلص من المحررات العرفية في هذا المجال وفقا للمادة 4 من مدونة الحقوق العينية.

ومن جملة البيانات التي ينبغي أن يتأكد منها المحافظ أثناء طلب تقييد حق من الحقوق نذكر ما يلي :

1- الاسم العائلي والشخصي للمستفيد من التقييد.

2 – الصفة التي تقدم بها صاحب الطلب، هل أصالة عن نفسه، أو نيابة عن غيره وفي هذه الحالة الأخيرة لابد من أن يرفق الطلب بحجة تبرز هذه الصفة كما لو تعلق الأمر بوكالة أو تقديم مع التأكد من الصلاحيات المخولة للوكيل.

3- محل سكن طالب التقييد وإذا كان هذا المحل خارجا عن دائرة المحافظة العقارية فيجب على المعني بالأمر تعيين موطن مختار في دائرة المحافظة الموجودة بها العقار المطلوب تسجيل الحق عليه ( الفصل 26 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915).

4 – الحالة المدنية لطالب التقييد وذلك ليتأكد المحافظ من حالتين :

– حالة توافر الأهلية أو عدم توافرها اعتمادا على تاريخ الازدياد المصرح به في العقد.

– والحالة العائلية ( أعزب، متزوج، مطلق، أو ما شابه ذلك ) وان اقتضى الحال اسم الزوج أو الزوجة وتاريخ الزواج والنظام المالي للزوج أي هل المعني بالأمر متزوج حسب نظام الشريعة الإسلامية أو نظام فصل الأموال أو اشتراك الأموال المعمول به بالنسبة للأجانب غير المسلمين.

5 – جنسية طالب التقييد، وذلك لمعرفة ما إذا كان مغربيا أو أجنبيا وفي حالة تفويت عقار باسم أجنبي فيجب بيان سبب التفويت أو الاقتناء وهل هو مبني على ترخيص مسبق وهل تتوفر فيه الشروط القانونية للتملك في المغرب خاصة إذا جرى التصرف خارج الدوائر الحضرية.

6 – واذا كان التصرف يتعلق بعقار مملوك على الشياع فينبغي تقديم نفس البيانات المذكورة أعلاه بالنسبة لكل شريك مع بيان نصيب كل واحد منهم.

7 – واذا كانت هناك حقوق عينية مقررة لفائدة بعض الأشخاص فينبغي ذكر نفس البيانات بالنسبة لصاحب كل حق.

أما بيان الحالة المدنية لأصحاب الحقوق العينية المقيدة أو التي سيتم تقييدها من جنسية، وتاريخ ازدياد والنظام الزوجي للملاكين وذوي الحقوق العينية المترتبة على العقار، فيعتبر ذا أهمية بالغة للتأكد من أهلية كل طرف وبالتالي تحديد القواعد القانونية الواجب تطبيقها عليهم، خاصة فيما يتعلق بالإرث والوصية أو ما أشبه ذلك، كما أنه يساعد على مراقبة العمليات العقارية المتعلقة بالأملاك الفلاحية أو ذات الصبغة الفلاحية والتي يكون أحد أطرافها من الأشخاص الأجانب.

وإذا تبين أن الشخص الذي سيتم تقييده بالرسم العقاري من جنسية أجنبية وجب على المحافظ أن يطالبه بالإدلاء بشهادة أحواله الشخصية أو ما يصطلح عليها بالشهادة العرفية (Certificat de coutume) وتمنح عادة من طرف سفارة أو قنصلية البلد الذي ينتمي إليه المعني بالأمر، وتشتمل عادة على البيانات المتعلقة بأهليته المدنية طبقا لأحواله الشخصية والنظام المالي الذي يخضع له، إن كان متزوجا، حيث يعتمد المحافظ على هذه البيانات قصد تقييدها بالرسم العقاري.

وبالإضافة إلى كل ما تقدم لابد من أن يتضمن الرسم العقاري كل التغييرات التي تطرأ على الحالة المدنية للملاكين وأصحاب الحقوق العينية المترتبة على العقار حتى تكون بيانات الرسم العقاري مطابقة للحالة الراهنة.

على أن ما تجدر ملاحظته هو أن الفصل 72 من ظهير 12 غشت 1913 قد اقتصر في أحكامه على ضرورة التحقق من هوية المفوت دون أن يذكر المفوت إليه، وحول هذا توضح أنه إذا كان التحقق من هوية المفوت يشكل إلزاما يقع على عاتق المحافظ التأكد منه. لأن حقوق هذا المفوت هي التي ستتأثر بالتقييد نظرا لما يؤدي إليه من إسقاط أو تعديل، أو انتقاص حقه المقيد في السجل العقاري أو ما يمكن أن يترتب عليه من تكاليف أو تحملات، فإن التأكد من هوية المفوت إليه يعتبر هو أيضا ذا أهمية بالغة نظرا لارتباط حقوق المفوت بالمفوت إليه.

وعليه فإن كل حق يطلب تقييده ينبغي تلقيه مباشرة ممن يكون العقار أو الحق مقيدا على اسمه تحقيقا لمبدأ استمرار التقييدات، فإذا كان عقار ما موضوع عدة انتقالات ولم يتم تقييدها وقام المستفيد الأخير من التصرف بطلب تقييد حقوقه على العقار فإن المحافظ سيجد نفسه مضطرا إلى رفض التقييد لكون أطراف العقد يعتبرون أجانب بالنسبة لبيانات السجل العقاري. ويتطلب الأمر في مثل هذه الحالة تقييد التصرفات السابقة قصد تحيين بيانات الرسم العقاري ليتأتى بعد ذلك تقييد التصرف الأخير.

ووسيلة المحافظ للتأكد من استمرارية التقييد تستند إلى هوية الأطراف سواء منهم المفوت أو المفوت إليه. ولقد كان الفصل 73 من ظهير التحفيظ العقاري في صيغته القديمة يشير بأن هوية الأطراف تعتبر محققة إذا كانت التوقيعات الموضوعة أسفل العقود المدلى بها تأييدا للمطلب معرفا بها من طرف إحدى السلطات المحددة في نفس الفصل متى تعلق الأمر بعقود عرفية وهذه السلطات هي :

أولا : القناصل ونوابهم ورجال السلك القنصلي.

ثانيا : العمال والباشوات والقواد.

ثالثا : رئيس المحكمة

وقد تم إدخال تعديل مهم على الفصل 73 وتم التركيز فيه على أن تكون توقيعات الأطراف وهويتهم محققة ومصادق عليها من طرف السلطات المختصة وأصبح يتضمن فقرة واحدة جاءت بالصيغة التالية حسب ما هو وارد ” تعتبر هوية كل طرف وصفته وأهليته محققة إذا استند الطلب على محررات رسمية، وتعتبر هويته محققة إذا كانت التوقيعات الموضوعة بالطلب وبالعقود المدلى بها مصادق عليها من طرف السلطات المختصة”.وسنتولى بيان مضمون الفصل 73 في صيغته الأصلية حسب التوضيحات التالية :

أولا : فرجال السلك القنصلي قد يتأكدون من هوية الأطراف المنتمين إلى جاليتهم، ولكن ليس من اختصاصهم إبرام التصرفات، حيث يتعين على المعنيين بالأمر اللجوء إلى الموثقين.

وقد تم تحديد اختصاص الأعوان الدبلوماسيين والقناصل بمقتضى الظهير رقم421-66 الصادر في 20 أكتوبر 1969 وكذا المرسوم التطبيقي رقم 646-66-2 الصادرفي 29 يناير 1970 المتعلق باختصاصات الأعوان الدبلوماسيين والقناصل العاملين بالخارج. وقد ورد في المادة 27 من هذا المرسوم ما يلي : يؤهل الأعوان الدبلوماسيين والقناصل لتصحيح إمضاءات الموظفين العموميين التابعين الدوائر نفوذهم سواء حرروا العقد أو قاموا بتصحيح الإمضاءات الموضوعة عليه.

ويجوز لهم من جهة أخرى القيام بما يلي : تصحيح الإمضاءات الموضوعة على العقود المحررة بخط اليد والمبرمة من طرف المغاربة المقيمين بدوائر نفوذهم. والإشهاد بمطابقة النسخ لأصول العقود الخصوصية أو العمومية المحررة بالدوائر الإدارية لنفوذهم.

ونشير بأن العقود المبرمة بالخارج والمتعلقة بعقارات موجودة بالمغرب يتعين أن تطبق بشأنها مقتضيات الفصل 432 من ق.م.م الذي ينص على أن العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين تكون قابلة للتنفيذ بالمغرب بعد إعطائها الصيغة التنفيذية.

وللحصول على الصيغة التنفيذية يتوجب اتباع الإجراءات المحددة في الفصلين 430 و 431 من ق.م.م. وتتمثل في تقديم طلب إلى المحكمة الابتدائية التي يقع بدائرتها العقار، وأن يرفق هذا الطلب بنسخة من العقد مع ترجمته التامة إلى اللغة العربية من طرف ترجمان محلف وعلى المحكمة أن تتأكد من صحة التصرف وعدم مساس أي محتوى من محتويات العقد بالنظام العام المغربي. ونشير في هذا السياق بأنه قد يستغني عن هذه الإجراءات إذا كانت هناك اتفاقيات دبلوماسية تقضي بغير ذلك.

ثانيا : أما اختصاص العمال والباشوات والقواد بالإشهاد على صحة الإمضاء ومطابقة نسخ الوثائق لأصولها بعد التأكد من هوية الأطراف فقد تم نقل هذا الاختصاص إلى رؤساء المجالس الجماعية طبقا للفصل 51 من ظهير 3 أكتوبر 2002 المتعلق بالتنظيم الجماعي والذي يخول لرؤساء هذه المجالس صلاحية القيام بالإشهاد على صحة الإمضاءات وكذا مطابقة النسخ لأصولها.

وورد في الفصل 51 من القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي ظهير رقم 297-02-1 الصادر بتاريخ 3 أكتوبر 2002 ج. ر. 5058 (02-11-21) : “يعتبر رئيس المجلس الجماعي ضابطا للحالة المدنية ….” يقوم طبق الشروط المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل بالإشهاد على صحة الإمضاء ومطابقة نسخ الوثائق لأصولها. ويمكنه تفويض هذه المهام الأخيرة إلى بعض نوابه والى الكاتب العام للجماعة ورؤساء الأقسام والمصالح بالجماعة المعينين طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

ثالثا : أما رئيس المحكمة فإنه يتأكد من هوية الأطراف إذا كان هناك نزاع معروض على المحكمة يتعلق بتسجيل حق من الحقوق أو بمناسبة المطالبة بحجز عقاري لفائدة الغير أو بمناسبة نزاع يتعلق بحق قابل للتسجيل. وتتأكد هذه السلطات من هوية الأطراف بواسطة تقديم بطاقة التعريف أو جواز السفر أو دفتر الحالة المدنية أو أية وثيقة معترف بها رسميا حيث يشهد الموظف بصحة توقيع المعني بالأمر. علما بأن التوقيع ينبغي أن يتم بمحضر الموظف المكلف.

إلا أن الواقع العملي مخالف لهذا الإجراء حيث أن المصالح المكلفة بتصحيح الإمضاءات غالبا ما تتلقى وثائق وعقود موقعة مسبقا من طرف المعنيين بالأمر حيث يكتفي الموظف المكلف بمراقبة بطاقة التعريف فقط.

وقد أكدت الفقرة الثانية من الفصل 73 من ظهير التحفيظ العقاري بأنه إذا كان أحد الطرفين لا يعرف ولا يستطيع التوقيع. فيقع التعريف أمام إحدى السلطات المذكورة بمحضر شاهدين ذكرين يعرفهما المعني بالأمر معرفة كافية ويتوفران على الأهلية اللازمة للتعاقد ويحسنان التوقيع. حيث يشهد الموظف بصحة تعريف الشاهدين ويمضي معهما الوثيقة. وإن توقيع هذين الشخصين ليس معناه إجراء التصرف باسم المعني بالأمر ولكن المقصود منه معرفتهما له وإشهادهما على التصرف الذي أجراه.

ونشير بأن المقصود بالتوقيع في هذا المجال ليس وضع بصمات الأصابع أو وضع الختم أو غيره، وإنما التوقيع بخط اليد حيث استبعد المشرع كل وسيلة أخرى، إذ أن التوقيع يعتبر تعبيرا عن الإرادة الحرة للشخص فيما هو عازم عليه من وراء توقيعه (الفقرة 2 من الفصل 426 ق.ل.ع).

وهذا يفترض أن يكون الشخص يعرف القراءة والكتابة حتى يتمكن من الاطلاع على محتوى العقد الذي سيضع توقيعه عليه سواء أصالة عن نفسه أو نيابة عن غيره.

وقد جاء في الفقرة الثالثة من الفصل 73 عقاري أنفا بأنه إذا كان القاضي أو الموظف الذي يباشر التعريف لا يعرف اسم الأطراف أو حالتهم الشخصية أو عنوانهم أو كان لا يعرف الشاهدين فيجب أن يعرف له ذلك، من قبل شاهدين معروفين لديه تكون لهما نفس الصفات المذكورة سابقا أي أن يكونوا من الذكور وأن يتوفروا على الأهلية اللازمة للتعاقد وأن يعرفوا التوقيع وإن إجبارية التوفر على بطاقة تعريف وطنية تضع حدا لمثل هذه الحالات.

ونؤكد بأن اللجوء إلى شهادة شاهدين دون اتباع المسطرة المتعلقة بتصحيح الإمضاءات المشار إليها لا تعتبر كافية بالنسبة للعقود العرفية حيث يحق للمحافظ رفض العقد المقدم له بهذه الكيفية.

وينبغي التذكير هنا بالحالة التي يتم فيها الإشهاد من طرف عدلين على شخص لا يتقن اللغة العربية حيث يتقين في مثل هذه الحالة تطبيق مقتضيات الفصل 26 من ظهير 6 ماي 1982 المتعلق بتنظيم خطة العدالة وتلقي الشهادة وتحريرها قبل تعديله والذي ورد فيه ما يلي : يستعين العدل بترجمان محلف عند وجود صعوبة في التلقي مباشرة باللغة العربية من المشهود عليهم، ويستعان في حالة انعدام هذا الترجمان بكل شخص يراه العدل أهلا للقيام بهذه المهمة بعد قبول المشهود عليه له.

ونشير بأن كل البيانات التي ذكرناها سابقا قد حددها المشرع في الفصل 24 من القرار الوزيري الصادر في 20 رجب 1333 (3 يونيو 1915) والمحدد لتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري حيث نص على ما يلي : جميع المحررات المتعلقة بإنشاء أو نقل أو تغيير أو إنهاء حق من الحقوق العينية أو الالتزامات المتعلقة بها لكي تنتج آثارها ويتم تسجيلها بالسجل العقاري. يجب أن تتضمن إضافة إلى أركان العقد الأساسية المقررة ما يلي :

– أسماء الأطراف المتعاقدين.

– صفاتهم.

– حالتهم المدنية مع بيان ذكر اسم الزوج وتاريخ الزواج ونظامه. تاريخ إبرام العقد.

– تعيين موطن أو عنوان كل طرف داخل نفوذ المحافظة العقارية.

– تعيين العقار موضوع التسجيل.

– رقم الرسم العقاري للعقار.

– توقيعات الأطراف المتعاقدة بالنسبة للعقود العرفية ويجب أن يتم لزوما تصحيحها وفقا للمقتضيات المقررة وتعتبر هوية الأطراف وتوقيعاتهم محققة بالنسبة للعقود الرسمية المحررة من طرف العدول والموثقين.

ونشير بأن مجال العقود العرفية في المعاملات العقارية قد ضاق نطاقه بصدور مدونة الحقوق العينية التي أصبحت تستلزم إبرام التصرفات العقارية بمقتضى محررات رسمية تحت طائلة البطلان وفقا للمادة 4 من نفس المدونة.

2) فيما يخص الأشخاص المعنونين :

لقد تم الاهتمام في ظهير 12 غشت 1913 بالأشخاص الذاتيين سواء في الشق المتعلق بمسطرة التحفيظ أو في الشق المتعلق بمسطرة التقييدات. ولم يتم تناول الأشخاص المعنويين في أي منهما، وحيث أن حق التملك وابرام التصرفات العقارية لا ينحصر في الأشخاص الذاتيين فقط بل يمكن أن يشمل حتى الأشخاص المعنويين وقد تم تدارك هذا الإغفال في التعديلات التي دخلت على قانون التحفيظ العقاري حيث تمت الإشارة في الفصل 13 المتعلق بطلب التحفيظ حيث ثم النص على أنه ” إذا كان طالب التحفيظ شخصيا اعتباريا فيجب بيان تسميته وشكله القانوني ومقره الاجتماعي واسم ممثله القانوني”.

وقد سبق تلاقي هذا النقص ببعض المذكرات الصادرة عن المحافظ العام والتي تشير إلى إمكانية إنشاء ملفات خاصة بالشركات داخل كل محافظة عقارية تتضمن كلالبيانات المتعلقة بالتأسيس والتغييرات التي تحدث بعد ذلك. وتجد هذه الملفات الخاصة أساسها القانوني في القوانين المنظمة للشركات والتعاونيات والجمعيات وكذا المؤسسات العمومية الخاضعة للقانون العام حيث يتعين على المحافظ العقاري الرجوع إليها للتأكد من وجود إثبات هوية كل شخص معنوي.

وهذه الملفات الخاصة أو الملف القانوني للشركة تتضمن نفس الوثائق المتطلبة لتأسيس الشركات وتقييدها بالسجل التجاري. ويكفي أن تشير إلى الوثائق المكونة للملفات الخاصة والمثبتة لوجود الشركات عموما ومن أهمها :

1 – النظام الأساسي للشركة والذي يتضمن غالبا بيان اسم الشركة وغرضها ومقرها، ورأس مالها ومدتها وطريقة تسييرها ومدة صلاحية المتصرفين فيها مع بيان الصلاحيات المخولة لهم.

2 – محاضر الاجتماعات العامة للشركة وكذا الاستثنائية عند الاقتضاء والتي تتضمن في الغالب القرارات المتخذة وكذا التغييرات المحدثة على النظام الأساسي.

3 – لائحة بأسماء المتصرفين ومدة صلاحيتهم.

4 – تعيين الأشخاص المفوض لهم بالتوقيع باسم الشركة.

وينبغي أن تكون هناك ملاءمة بين الوثائق المودعة بالسجل التجاري والوثائق المودعة بالمحافظة العقارية وكل تعديل أو تغيير في إحدى مكونات وجود الشركة أو أعضائها أو المتصرفين فيها إلا ويجب أن يتم إيداع ما يفيد هذا التعديل بكل من السجل التجاري وكذا المحافظة العقارية.

ويجدر التنبيه بأن فتح هذه الملفات الخاصة بالشركات رهين بأن تكون لهذه الشركات حقوق عينية عقارية أصلية أو تبعية، وحينما تنتفي هذه الحقوق يصبح الملف الخاص بالشركة غير ذي موضوع، ويتعين التشطيب عليها من السجل المعد لهذا الغرض بالمحافظة العقارية. كما أن حل الشركة رضائيا أو قضائيا يفترض أن الموجودات العقارية للشركة قد تمت تصفيتها أوتم تفويتها لفائدة الغير الشيء الذي يتطلب إيداع الوثائق التي تثبت هذه الوضعية.

واستنادا إلى كل ما سبق فإنه يتعين على المحافظ التأكد من هوية الشخص المعنوي سواء كان طالبا للتحفيظ أو متعرضا أو مفوتا أو مفوتا إليه بالاعتماد على الوثائق المضمنة بالملف الخاص للشركة والذي يتم تأسيسه لهذه الغاية. وهذا يفترض من المحافظ الربط بين معطيات الملف الخاص بالشركة ومعطيات الرسم العقاري. كما يمكن الاعتماد على البيانات المقيدة بصفة نظامية بالسجل التجاري فيما يخص الشركات التجارية، حيث يمكن المطالبة بشهادة التقييد بالسجل التجاري تكون حديثة العهد.

أما فيما يخص الجمعيات والتعاونيات فلا سبيل إلى معرفة وضعيتها القانونية إلا بتقديم نسخ من الوثائق المودعة لدى المصالح الادارية التي تتلقى تصريحات التأسيس. ونفس الشيء بالنسبة لبعض المؤسسات العمومية حيث يتعين الادلاء بالوثائق المثبتة لإحداث المؤسسة والأشخاص المفوض لهم قانونا بتسيير شؤونها ومراقبة الصلاحيات المخولة لهم.

ثالثا – البيانات المتعلقة بالعقار موضوع التسجيل :

تطبيقا للفقرة الأولى من الفصل 69 من ظهير التحفيظ العقاري أنه يجب على كل شخص يطلب تسجيل حق من الحقوق أن يعين العقار الذي يجب أن يقع عليه التقييد، وذلك ببيان الرسم العقاري، وأهمية تعيين هذه البيانات في العقد تعتبر أساسية لأنها من إحدى أركان العقد الأساسية والمتعلقة بوجوب تعيين محل العقد. ثم هي من جهة ثانية تمكن المحافظ من التعرف على العقار الذي سيكون موضوعا لهذا التقييد.

والملاحظ أن المشرع اكتفى بتعيين العقار ورقم الرسم العقاري، دون أن يشترط بیان تفاصيل أخرى عن العقار كمساحته ومشتملاته وموقعه وحدوده إلا إذا كانت إحدى هذه المواصفات مشترطة في العقد. وذلك لأن الحالة المادية للعقار محققة ومعروفة بالرسم العقاري ومع ذلك فإن بيانها يعتبر ضروريا وبالخصوص مشتملات العقار للتعرف على مدى مطابقتها لمضمون الرسم العقاري كأن يذكر بأن العقار عليه بناء أو أرض عقارية.

كما يتمكن المحافظ أيضا بواسطة تعيين العقار من القيام بمراقبة تطابق اسم المفوت الوارد اسمه في العقد مع الاسم المقيد بالرسم العقاري للتأكد من أن صاحب الحق المقيد هو نفسه الذي أجرى التصرف على حقه. وفي حالة عدم وجود هذا التطابق كأن يذكر رقم رسم عقاري لا ينطبق على العقار موضوع التصرف أو أن يذكر رقم مطلب التحفيظ بدل رقم الرسم العقاري.

فإن المحافظ يبادر إلى رفض التقييد حتى ولو ثبت لديه بأنه وقع خطأ في ذكر رقم الرسم الحقيقي، وأن الأمر يتعلق بمجرد خطأ، بحيث يتعين على المعنيين بالأمر تصحيح هذا الخطأ بأنفسهم إما بواسطة عقد لاحق أو بتغيير العقد الأصلي. إلا أنه بإمكان المحافظ الربط بين رقم مطلب التحفيظ الذي تحول إلى رسم عقاري إذا كانت البيانات الأخرى تسمح بذلك.

رابعا – بيان ما يثبت الحق في التسجيل :

إن الحق في تقييد تصرف ما بالرسم العقاري غالبا ما يستند إلى العقود الناقلة للملكية. إن العقد غالبا ما يحدد نوع التصرف الذي ينبغي تقييده، كما لو تعلق الأمر ببيع، وهل هذا البيع يقع على مجموع العقار (بيع كلي) أو على جزء منه (بيع جزئي)، أو كما لو تعلق الأمر بقسمة، أو وصية، أو معارضة.

وقد جاءت المادة 25 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 المحدد لتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري، لتؤكد بأن الأطراف ملزمون بناء على طلب من المحافظ بأن يحرروا في طلب خاص مؤرخ، وموقع عليه من طرفهما، أو من طرف المحافظ – إذا كانوا لا يعرفون التوقيع – يوضحون فيه صفتهم وأهليتهم، وحالتهم المدنية، ونوع وموضوع، وأساس ومدى وقيمة الحقوق المراد تسجيلها.

ومعنى هذا أن الأطراف ملزمون بتحديد نوع التصرف المراد تقييده بكل دقة. وهذا التحديد ينبغي أن يستند طبعا إلى ما هو وارد في العقد. والجدير بالإشارة أن المحافظات العقارية تضع رهن إشارة العموم مطبوعات خاصة معدة لهذا الغرض.

ولكن الواقع العملي يثبت بأن الأفراد غالبا ما يكتفون بوضع العقود والوثائق التي يستند إليها التصرف ويقوم المحافظ أو مساعدوه بتهييئ ملخص للتصرف، استنادا إلى الوثائق المقدمة بعد فحصها، ويسمى ملخص التضمين أو الدقيقة (La minute)وتضمين ذلك في مطبوع خاص.

وتعتبر هذه العملية أدق وأخطر العمليات التي يقوم بها المحافظ وعلى أساسها يجري التقييد المنشئ، أو المعدل، أو المسقط، للحق العيني العقاري المقيد سابقا ، إذ أن هذا الطلب الخاص هو بمثابة ملخص لما ورد في العقد، ولما سيتم تقييده على الدفاتر العقارية بعد توقيعه من طرف المحافظ.

ويمثل هذا الملخص بيانات موجزة تؤخذ من العقود والوثائق المقدمة وهي وحدها التي تتمتع بالقوة الثبوتية للتقييد بعد التأشير عليه من طرف المحافظ، بل إنها تصبح هي الأساس، ولا يمكن بعد ذلك اعتبار الوثائق والعقود المقدمة بأنها هي الأصل، بل الأصل هو ما ورد في الدفاتر العقارية وحدها. حتى ولو أضيف إلى تلك البيانات الموجزة ذكر عبارة وكل ذلك وفقا للشروط والبنود المذكورة في العقد. فهذه العبارة لا يمكن أن تخلق آثارا لتلك الشروط، كما لا يمكن لتلك الوثائق رغم أهميتها، أن تتزاحم مع قيمة الدفاتر العقارية من حيث الحجية.

وإذا ما وقع إغفال هذه البيانات أو بعضها فإن المحافظ يعتبر مسؤولا شخصيا على ذلك، وهذا ما أكدته المادة 97 من ظهير التحفيظ العقاري التي جاء فيها ” إن المحافظ على الأملاك العقارية مسؤول شخصيا عن الضرر الناتج عن : إغفال التضمين بسجلاته لكل تقييد أو بيان تقييد احتياطي أو تشطيب طلب منه بصفة قانونية”.

ونظرا لأهمية البيانات التي ينبغي استخلاصها من الوثائق المقدمة. فهذا يعني أنه لا يمكن افتراض بيانات غير مبنية على حجج أو وثائق تؤيدها. إذ أن هذا الطلب الخاص لا تكون له أية حجية إلا إذا كان يستند إلى حجج صحيحة. ولهذا جاءت الفقرة الثالثة من الفصل 69 من ظهير التحفيظ العقاري لتبين بأنه يجب على كل شخص يطلب تقييد أو بيان أو تقييد احتياطيا أن يقدم للمحافظة ما يثبت أصل التملك وكذا نوع وتاريخ العقد الذي يثبته.

ويتجلى من خلال هذا أن ما يثبت أصل التملك لا يكاد يخرج عن العقد في أغلب الحالات، فإن كان الأمر يتعلق ببيع أو وصية أو هبة فإن عقد البيع أو الهبة يجب أن يبين أصل تملك البائع أو الواهب، وقد يكون أصل التملك أحيانا هو الإرث. وفي هذه الحالة لابد للورثة من أن يثبتوا زيادة على شهادة الوفاة، ما يثبت حالتهم المدنية، واستحقاقهم للإرث، وحظوظهم فيه وأصل تملك مورثهم، طبقا لما ورد النص عليه في الفصل 82 من ظهير التحفيظ العقاري، وكذا مقتضيات مدونة الأسرة.

خامسا – سجل الإيداع :

إن ترتيب الأولوية في تقييد الحقوق يعتمد أساسا على قبول إيداعها لدى المحافظة العقارية. ويتم إثبات ذلك بواسطة سجل خاص هو سجل الإيداع حيث بين المشرع كيفية ضبطه ومراقبته من طرف المحافظ.

وطبقا للفصل 76 من ظهير التحفيظ العقاري، فإن المحافظ ملزم بأن يتخذ سجلا للإيداع يثبت فيه الإجراءات المطلوبة والوثائق المسلمة إليه بأرقام ترتيبية و حسب ورودها عليه دون ترك أي بياض ولا إحداث أي إقحام بين السطور. وقد تمت الإشارة إلى كيفية ضبط وتنظيم هذا السجل في الفصول 30 31 و 32 من القرار الوزيري 4 يونيه 1915 المنظم لمصالح المحافظة على الملكية العقارية.

ويتبين من هذا أن سجل الإيداع يجب أن يخضع لمراقبة منتظمة من طرف المحافظ، فكل إيداع يجب تلقيه مباشرة بواسطة هذا السجل مقابل وصل يحمل نفس رقم الترتيب الذي حصل به مع بيان تاريخ الإيداع. وقد بينت المادة 31 من القرار الوزيري 4 يونيه 1915 طريقة مسك هذا السجل.

ويعتبر سجل الايداع حجة بالنسبة للمحافظ وبالنسبة للغير على ما يتضمنه من حيث ترتيب الأولوية في الايداع طبقا للفصل 77 من ظهير التحفيظ العقاري الذي ينص على أن ترتيب الأولوية بين الحقوق المتعلقة بالعقار الواحد يكون حسب ترتيب تقييدها. ورغم ذلك فإن الأولوية في الايداع لا تعطي دائما حق الأولوية في التقييد إلا إذا تأكد المحافظ من أن مطلب التقييد مستوف لكل الشروط، وان العملية المطلوبة تجيز التقييد. فعند ذلك تكون الأولوية في التقييد بحسب تاريخ الايداع، حيث يتم تقييد الحق على الرسم العقاري اعتبارا من ذلك التاريخ، ولا ينبغي الخلط هنا بين عملية الايداع وعملية التقييد.

ولقد تم إدخال تعديل بسيط من حيث الصياغة على الفصل 76 في قانون التحفيظ العقاري فأصبح كالتالي ” يجب على المحافظ على الأملاك العقارية أن يتخذ سجلا للايداع يثبت فيه حالا الإجراءات المطلوبة والوثائق المسلمة إليه بأرقام ترتيبية وحسب ورودها عليه دون ترك أي بياض ولا إحداث أي إقحام بين السطور”.

ولقد انتبه المشرع المغربي إلى حالة تعدد المطالب على نفس العقار في آن واحد قنص في الفقرة الأخيرة من الفصل 76 من ظهير التحفيظ العقاري بأنه إذا قدمت في آن واحد عدة طلبات متعلقة بنفس العقار فإنه ينص على ذلك بسجل الايداع وتقيد الحقوق بنفس الرتبة، فإن تنافى بعضها مع البعض رفض المحافظ التقييد.

وعبارة وإذا قامت في آن واحد الوارة في الفقرة 3 من الفصل 76 تتطلب من المحافظ الانتباه إلى عدم وجود تعارض أو تنافي بين المطالب المقدمة في أن واحد والمتعلقة بنفس العقار، فيمكن مثلا قبول طلب تقييد عقد شراء عقار وتقييد عقد رهن عليه في نفس الوقت فيمكن قبول مثل هذه الطلبات لعدم وجود تنافي بينها.

وفي الميدان العملي نلاحظ بأن المحافظ يعمد إلى تقييد الحق بحسب الرقم الترتيبي إذ لا يمكن قبول إيداع عدة مطالب بنفس الرقم الترتيبي، وأحيانا يلتجئ المحافظ إلى رفض الطلب من بها بذلك الأطراف المعنيين إلى وجود عدة مطالب تتعلق بنفس العقار، قصد تحديد موقفهم منها.

أما إذا كانت المطالب متنافية مع بعضها بحيث لا يمكن تقييدها في آن واحد، فإن المحافظ يرفض التقييد كما هو الأمر في حالة تقديم طلبين لتقييد حقوق على نفس العقار في آن واحد أحدهما يتعلق بالبيع والآخر يتعلق بالحجز بحيث لا يجوز للمحافظ المفاضلة بينهما حيث يجوز له رفض الطلبين معا وعلى المعنيين بالأمر اللجوء إلى المحكمة المختصة للبت في الموضوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى