يعتمد نظام التحفيظ العقاري على قواعد متينة لضبط الحقوق الواقعة على الملكية العقارية ضبطا محكما.
فالحقوق التي يتم تقييدها بالسجلات العقارية تكون محفوظة لدى محافظة الأملاك العقارية لأنها تمثل الحقيقة، وتكون مرجعا في كل وقت وحين لكل من يريد الاطلاع على حالة العقار من الوجهتين المادية والقانونية.
وإذا كان الوقوف في عين المكان قد يتيح لكل من يعنيه الأمر التعرف على حالة العقار من الناحية المادية، فإن الناحية القانونية لا سبيل إلى معرفتها والتأكد منها إلا بمراجعة السجلات العقارية للوقوف على ما تتضمنه من تقييدات.
ولهذا ألزم المشرع ضرورة تقييد كل العقود والمستندات المتعلقة بالتصرفات القانونية والأعمال المادية التي تطرأ على العقار المحفظ بسجلات خاصة، وتقييد ما يفيد هذه التصرفات أو الأعمال بواسطة بيانات مختصرة بالرسوم العقارية المتعلقة بها. وذلك بعد فحص هذه المستندات ومراقبتها شكلا وجوهرا من طرف المحافظ العقاري.
حيث ألزم المشرع المحافظ بأن يحقق تحت مسؤوليته من هوية الأطراف المتعاقدة، وأهليتهم، وكذا صحة العقود والمستندات المدلى بها تأييدا لمطلب التقييد. ويتحمل المحافظ مسؤولية خطيرة في هذا الباب فكل التقييدات التي يتم تضمينها بالسجلات والرسوم العقارية ينبغي أن تكون بأمر منه، وتحت مسؤوليته. وتختلف في هذا الإطار طريقة التقييد في نظام الشهر العيني عن الطريقة المتبعة في نظام الشهر الشخصي.
فنظام الشهر الشخصي يعتمد على حفظ صورة العقد في ملفات خاصة أو نقل صورة العقد في دفاتر خاصة معدة لذلك، يطلع عليها الغير ويأخذ صورا منها ، فيقف بذلك على حقيقة التصرفات الحاصلة بشأن العقارات. وهذه هي الطريقة المعتادة في التسجيل وفقا لهذا النظام وتسمى بالتسجيل الحرفي Transcription إلا أن عيبها يكمن في أن العقود تسجل كما هي، فإذا كانت تتضمن عيبا من العيوب فإنها تبقى كذلك ولا سبيل إلى تغييرها.
أما في نظام الشهر العيني فإن التقييد يتم عن طريق ذكر بيانات معينة من طرف المحافظ أوردها القانون اعتمادا على العقود والمستندات التي يحتفظ بها في ملف العقار، فيكون الحق ثابتا اعتمادا على ما هو مقيد في الرسم العقاري من بيانات دون غيره من الوثائق. ويسمى هذا النوع بتقييد أو تسجيل البيانات Inscription وهو نفس النظام المتبع في المغرب. ولهذا يستعمل لفظ التقييد أو التسجيل.
ونشير بأن النظام الفرنسي يفرق بين حق الملكية وما يتفرع عنها، وبين الضمانات. فإنشاء ونقل الملكية أو الحقوق العينية المتفرعة عن الملكية يخضع لاجراءات التسجيل. ويتم الشهر في سجل اسمه سجل التسجيلات Registre des inscriptions أما إنشاء الضمانات العينية العقارية كالرهن الرسمي فيخضع لاجراءات القيد ويتم الشهر في سجل اسمه سجل القيود Registre des transcriptions.
أما القانون المغربي فإنه لم يفرق بين حق وحق فالحقوق العينية أصلية كانت أوتبعية تخضع لاجراءات واحدة هي إجراءات التقييد في سجل واحد هو السجل العقاري Livre foncier بالرغم من أن المشرع يستعمل أحيانا لفظ التقييد كما هو الشأن في الفصول 74 و85 و 97 و 99 من ظهير 12 غشت 1913، وأحيانا لفظ التسجيل، وقد تلافى المشرع عند مراجعته لقانون التحفيظ العقاري هذه الازدواجية في اللفظ فاستعمل لفظ التقييد في كل الحالات.
ولقد خص المشرع المغربي عمليات التقييد بمسطرة خاصة واجبة الاتباع وحدد نوعية الحقوق الخاضعة للتقييد بحيث ينبغي تقييد ما ينبغي تقييده من حقوق قابلة للتقييد بالسجل العقاري كما أن المحافظ ملزم بالتحقق من كل العمليات المراد تقييدها تحقيقا لمبدأ مشروعية التسجيل حيث لا ينبغي أن تقيد إلا الحقوق الثابتة والمكتسبة بطريق شرعي كما سمح المشرع في نفس الوقت بتقييد بعض الحقوق تقييدا احتياطيا في انتظار إتمام الاجراءات اللازمة أوفض النزاعات الطارئة بشأنها.