يعتبر حق السطحية من الحقوق العينية الأصلية الوارد عليها النص في البند السادس من المادة التاسعة من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية ، وقد أفرد له المشرع المغربي خمس مواد من المادة 116 إلى المادة 120 ويتميز هذا الحق بأنه مستقل بذاته عن الملكية وليس متفرع عنها كحق الانتفاع والارتفاق.
أولا – التعريف بحق السطحية :
عرفت المادة 116 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية حق السطحية بأنه ” حق عيني قوامه ملكية بنايات أو منشآت أو أغراس فوق أرض الغير، وينتقل بالشفعة أو بالإرث أو بالوصية، ويتضح من التعريف أن حق السطحية عبارة عن تملك شخص لأبنية وأغراس على أرض مملوكة للغير”.
ولم يتناول القانون المدني الفرنسي هذا الحق إلا أن الفقه الفرنسي يرى إمكانية استنتاج هذا الحق في المادة 222 التي تنص على أن ” كل بناء أو غرس فوق الأرض يعتبر ملكا لصاحب الأرض ما لم يقم الدليل على العكس، وهذا الكلام يفهم منه أن المشرع الفرنسي يجيز بأن تكون الثمار أو المباني الموجودة فوق الأرض مملوكة لشخص آخر غير صاحب الأرض”.
كما أن المشرع المصري لم ينص على حق السطحية كما فعل المشرع المغربي ولكن الفقرة الثالثة من المادة 803 من القانون المدني المصري أجازت بأن تكون ملكية سطح الأرض منفصلة عن ملكية ما فوقها ، ويمنع في سوريا إنشاء حق السطحية طبقا للفصل 997 من القانون المدني السوري، ونؤيد الرأي الذي يرى بأن هذا الحق يخالف القاعدة الأساسية القائلة بأن ملكية الأرض تشمل ملكية ما فوقها وما تحتها.
فحق السطحية يقيد سلطة المالك كما أن التجارب دلت على عدم جدوى هذا الحق من الناحية العملية ففصل ملكية الأرض عن ملكية ما فوقها من بناء وأغراس لا ينسجم مع طبيعة الاستثمار العقاري.
ثانيا – خصائص حق السطحية :
يتميز حق السطحية بالخصائص التالية:
1 – يعتبر حق السطحية حق قائم بذاته مستقل عن حق ملكية الأرض وبالتالي فهو ليس متفرع عن حق الملكية كحق الانتفاع وحق الارتفاق ، ولا يقوم حق السطحية إلا إذا وافق مالك العقار وأذن للغير في إمتلاك بنايات وأغراس في ملكه.
وقد جاء في قرار المحكمة النقض مايلي : “….. العقد المبرم بين الطرفين يتعلق بأرض بورية وان إقامة بناء أو غرس دون موافقة المكري لايعطي للمكتري أي حق عيني على العقار، وأن حق السطحية المحتج به لا يمكن إنشائه على حق ملكية الغير …
وعلى الأطراف إدلاء بحججهم بصفة تلقائية تكون سليمة من كل عيب، ولذلك فإن القرار حين علل بأن المتعرض لم يدلي بأية حجه تثبت له الحق المطالب به وأن علاقته مع المالك كمكتري لا تخول له حق الملكية، فإنه يكون نتيجة لذلك معللا ومرتكزا على أساس قانوني والوسيلتين معا بالتالي غير جديرتين بالإعتبار”.
2 – يعتبر صاحب حق السطحية مالكا مستقلا عن صاحب الأرض ولذلك لا يجوز لأحدهما طلب إجراء القسمة لأنهما ليسا مالكين على الشيوع بل إن كل منهما مالك أجنبي عن الآخر.
3 – أن حق الملكية الذي يتمتع به صاحب السطحية على البناء، أو الغرس هو حق دائم مثل صاحب الرقبة على الأرض.
4 – يمكن لصاحب حق السطحية أن يفوته أو يرهنه رهنا رسميا، كما يمكن أن يرتب له أو عليه حقوق ارتفاق في الحدود التي يجوز له فيها مباشرة هذا الحق وفقا لمقتضيات المادة 117 من مدونة الحقوق العينية.
5 – يعتبر صاحب حق السطحية حارسا للبناء أو الغراس الواقع عليه هذا الحق، وذلك طبقا للفصلين 88 و 89 من قانون الالتزامات والعقود وعليه إذا لحق هذا البناء أو الغراس ضررا بالغير فإن صاحب حق السطحية مسؤولا عن هذا الضرر وليس مالك البناء.
6 – حق السطحية قد يكون كاملا وقد يكون جزئيا.
أ – فحق السطحية الكامل هو الذي يشتمل كل الأشياء الخارجية فوق الأرض من أبنية وأغراس، وفي هذه الحالة لا يبقى لصاحب الرقبة سوى الحق في إنشاء بعض الارتفاقات القانونية التي تنسجم مع استعمال حق السطحية، كما يجوز له أن يستغل جوف الأرض بفتح مقالع واستثمارها شريطة عدم تعارض عمله مع حقوق صاحب السطحية. وأخيرا يجوز له الاستفادة من الكنز الذي يكتشف في الأرض لأن الكنز المدفون يعود إلى مالك الرقبة وليس لصاحب حق السطحية.
ب – قد يكون حق السطحية جزئيا بحيث لا يشمل سطح الأرض بكاملها بل ينحصر في بعض أجزائها فقط كحق السطحية المقررة على بناء واحد من عدة مباني أو بضعة أشجار.
7 – حق السطحية ينتقل بالشفعة أو الإرث أو بالوصية ، ولا يمكن ترتبيه على حقوق مشاعة إلا باتفاق جميع الشركاء ( الفقرة الثانية من المادة 116 من مدونة الحقوق العينية).
8 – ليس لمالك حق السطحية أن يبني أو يغرس من جديد ما تلاشى لقدمه أو مات أو اقتلع بسبب حادث فجائي أو قوة قاهرة ما لم يكن هناك اتفاق مخالف ( المادة 120 من مدونة الحقوق العينية ) .
9 – يحق لمدعي حق السطحية أن يمارس التعرض على مطلب التحفيظ حيث يأسس صاحب حق السطحية مطالبه على ملكية ما يعلو الأرض ويقر ضمنيا ملكية الرقبة لغيره.
ثالثا – إنشاء حق السطحية وانقضاؤه :
ينشأ حق السطحية إما بالتعاقد أو بالشفعة أو بالتقادم المكسب فقد ينشأ حق السطحية عن طريق العقد كالبيع والهبة والكراء، كما إذا اكرى مالك الأرض أرضه لشخص وأجاز له بمقتضى العقد إنشاء أبنية أو أغراس في هذه الأرض على أن تكون هذه البنايات والأغراس ملكا للمكتري،
كما ينشأ حق السطحية عن طريق الشفعة، كما إذا كان أصحاب حق السطحية مالكين للحق على الشيوع فيما بينهم ويبيع أحدهم حصته في حق السطحية للغير فيجوز لكل من الشركاء على الشيوع أخد الحصة المبيعة بالشفعة.
وأخيرا قد ينشأ حق السطحية عن طريق التقادم المكسب بالنسبة للعقارات غير المحفظة، كما إذا وضع شخص يده على بناء أو غرس قائم على أرض غير محفظة وبعد مضي المدة التي يحددها القانون يصبح مالكا للبناء أو الغراس دون الأرض.
وينتهي حق السطحية بأحد الأسباب الثلاثة الواردة في المادة 118 من مدونة الحقوق العينية:
1) بالتنازل عنه صراحة.
2) باتحاده مع ملكية الرقبة في يد شخص واحد.
3) بهلاك البنايات أو المنشآت أو الأغراس هلاكا كليا، لذلك فإن تلف حق السطحية لا يأذي إلى إنقضاء الحق ما لم يتم تلف أصل الملك،
وفي هذا قضت محكمة النقض في أحد قراراتها، ” تلف الملك الذي هو محل دعوى النازلة إنما يعني تلف ملك الغير الذي قرر فوقه حق السطحية لا مجرد تلف حق السطحية في حد ذاته . الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه مخالفا لمقتضيات الفصل المشار إليه أعلاه مما عرضه بالتالي للنقض والإبطال”.