تنتهي حالة الشيوع بأسباب متعددة عرض لها المشرع في الفصل 977 من ق ل ع وحددها في الهلاك الكلي للشيء المشاع، أو بيع المالكين حصصهم لأحدهم أو بتخليهم له عنها، أو بإجراء القسمة.
فقد ينقضي الشيوع بهلاك الشيء المشاع هلاكا كليا ، كما إذا كان عبارة عن دار مشتركة فينقضي الشيوع بتهدمها. ويمكن أن ينقضي أيضا باجتماع الحصص بيد شخص واحد سواء كان أحد الشركاء أو أجنبيا عنهم، إما بالتصرف القانوني كأن يشتري أحد الشريكين حصة الآخر، أو بالواقعة القانونية كأن يرث أحد الشريكين حصة شريكه. وبصفة عامة يمكن أن تنتهي حالة الشياع بأي سبب من أسباب كسب الملكية كأن يتملك شخص الشيء الشائع كله عن طريق الحيازة إذا مضت على حيازته المدة اللازمة لكسب الملكية.
كما قد ينقضي الشيوع عن طريق القسمة، وباعتبارها من أهم أسباب انقضاء الشيوع فقد عنى المشرع بتنظيمها في مجالين، بحيث أفرد لها من جهة المواد من 25 إلى 27 ومن 313 إلى 332 من مدونة الحقوق العينية الجديدة، كما بحثها في قانون الالتزامات والعقود وبين أحكامها في الفصول 978 إلى 981 ومن 1083 إلى 1091.
أولا: التعريف بالقسمة
لم يعرف المشرع المغربي القسمة على خلاف بعض التشريعات المقارنة، حيث عرفها المشرع الأردني في المادة 1114 من مجلة الأحكام العدلية بقولها ” هي تعيين الحصة الشائعة وقد تتم بالتراضي أو بحكم قضائي”.
ويمكن تعريف القسمة بأنها عملية تهدف إلى إنهاء حالة الشيوع بمقتضاها يحصل كل شريك على جزء من المال المشاع يتفق مع حصته فيه، بحيث يستقل كل منهم بقسم من الأقسام دون سائر الشركاء. ويستفاد من هذا التعريف ما يلي:
– القسمة بمعناها السابق لا تجوز إلا إذا كان الشيء المشاع قابلا للقسمة العينية، وإلا جرت قسمته بسلوك قسمة تصفية.
– القسمة المقصودة هنا هي القسمة النهائية التي ينطوي عنها إنهاء حالة الشيوع بشكل كلي، لذلك يجب التمييز بينها وبين قسمة المهايأة التي تعنى بتنظيم الانتفاع بالمال الشائع بين الشركاء.
ثانيا : أحكام القسمة
إن الملكية الشائعة ليست هي الصورة المثلى للملكية ، فتعدد الملاك لا شك أنه يؤدي إلى مشاكل عديدة ، لذلك نجد أن المشرع المغربي لا ينظر إلى الملكية الشائعة نظرة ارتياح، فقد حرص على إقرار حق الشريك في الخروج من الشياع والتخلص من مساوئه في أي وقت شاء بطلب إجراء القسمة، حيث جاء في الفقرة 27 من مدونة الحقوق العينية انه ” لا يجبر احد على البقاء في الشياع و يسوغ لكل شريك ان يطلب القسمة، وكل شرط يخالف ذلك يكون عديم الاثر”.
فحق الشريك في طلب إجراء القسمة وفق ما سبق، يتعلق بالنظام العام لا يمكن التنازل عنه وكل شرط يخالف ذلك يقع عديم الأثر، كما أنه لا يسقط بالتقادم مهما مضى من الزمن على قيام حالة الشيوع، واستثناء مما سبق يمكن تقييد حق الشريك في طلب إجراء القسمة في ثلاث حالات:
الحالة الأولى: وجود اتفاق بين الشركاء
يجوز للشركاء الاتفاق على البقاء في الشياع لمدة معينة، حيث جاء في الفقرة الثانية من المادة 27 من مدونة الحقوق العينية انه ” يجوز للشركاء أن يتفقوا كتابة على البقاء في الشياع لمدة معينة” فلا يحق لأي منهم أن يطلب القسمة قبل انصرام المدة المتفق عليها.
ومن الملاحظ أن المشرع المغربي سواء في ق ل ع أو في مدونة الحقوق العينية منح الشركاء مطلق الحرية في تحديد مدة البقاء في الشياع، على خلاف بعض التشريعات العربية التي حددتها بما لا يتجاوز خمس سنوات كالقانون المدني المصري.
ويشترط لصحة الاتفاق المانع من القسمة ما يلي:
– أن ينعقد إجماع جميع الشركاء على البقاء في الشياع، فلا يعتد بالاتفاق الصادرعن أغلبية المالكين.
– يجب أن يفرغ هذا الاتفاق في محرر مكتوب، وقد ثار النقاش حول مدى صحة اشتراط الموصي على الشركاء البقاء في الشيوع طيلة مدة معينة؟ إن الإجابة عن هذا التساؤل تقتضي التمييز بين حالتين، الحالة التي تتضمن فيها الوصية شرطا مانعا من القسمة على سبيل التأبيد، إذ يقع باطلا ولو كان الباعث مشروعا، والحالة التي تتضمن فيها الوصية شرطا مانعا من القسمة ولمدة معقولة بحيث يقع صحيحا متى بني على سبب مشروع وفقا لما جاء في المادة 285 من مدونة الأسرة.
– أن يكون الاتفاق مؤقتا، أي لمدة معينة أما إذا كان غير محدد المدة فإنه يقع باطلا.
ومتى توفرت الشروط السابقة صار الاتفاق ملزما ليس للشركاء الذين عقدوه فحسب، بل يسري حتى في حق خلفهم أيضا سواء كان هذا الخلف عاما أو خاصا، وفي هذا تقول الفقرة الثالثة من المادة 27 من مدونة الحقوق العينية ” لا ينفذ هذا الاتفاق في حق الشريك أو من يخلفه إلا في حدود المدة المذكورة”.
ومع ذلك نجد أن المشرع قد سمح للشريك طلب إجراء القسمة حتى قبل انصرام المدة المتفق عليها متى كان هناك مبرر معقول، حيث تبقى للمحكمة المختصة السلطة التقديرية الكاملة لتقرير ذلك وفقا لما جاء في الفقرة الاخيرة من المادة 27 من مدونة الحقوق العينية ” للمحكمة أن تحكم – بناءا على طلب أحد الشركاء – بفسخ الاتفاق وإجراء قسمة حتى قبل انصرام المدة المتفق عليها إن كان لذلك مبرر مشروع”.
الحالة الثانية : إذا كان الشيء الشائع يتنافى بحكم طبيعته أو الغاية المعد لها مع فكرة القسمة
وفي هذا الصدد تنص المادة 314 من مدونة الحقوق العينية على أنه ” يشترط لاجراء القسمة أن يكون المال مملوكا على الشياع للشركاء عند إجرائها، وأن يكون قابلا للقسمة، وأن لا تزول المنفعة المقصودة منه بالنسبة لكل جزء من أجزائه بعد القسمة” . و مثال ذلك الحائط المشترك بين الجارين والأجزاء المشتركة في الملكية المشتركة للعقارات المبنية، حيث نكون إزاء شيوع إجباري يـمتنع معه إجراء القسمة امتناعا دائما.
الحالة الثالثة : إذا كان هناك مانع قانوني يقيد الحق في طلب إجراء القسمة
ومن ذلك ما جاء في ظهير 1969/6/25 المتعلق بضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض، حيث منع تقسيم الأراضي الواقعة داخل دوائر الضم تحت طائلة البطلان والجزاء الجنائي.
ثالثا : أنواع القسمة
يمكن تصنيف القسمة إلى أنواع مختلفة بحسب الزاوية التي ينظر منها إليها ، فهي من حيث مصدرها إما رضائية أو قضائية، ومن حيث طبيعتها إما أن تكون قسمة عينية أو قسمة تصفية، ومن حيث شمولها إما أن تكون قسمة شاملة أو قسمة جزئية، ومن حيث أثرها إما أن تكون قسمة استغلالية أو قسمة نهائية.
1 – القسمة الرضائية :
تنص المادة 25 من مدونة الحقوق العينية ” يجوز للشركاء أن يتفقوا على قسمة العقار المشاع فيما بينهم بالطريقة التي ينعقد إجماعهم عليها ، بشرط أن تتم وفقا للقوانين والضوابط الجاري بها العمل”. وعليه فالقسمة الرضائية أو الاتفاقية هي تلك التي يتفق فيها جميع الشركاء على اقتسام المال الشائع برضائهم واختيارهم.
والقسمة الرضائية شروط معينة بدونها لا تكون نافذة بحق المتقاسمين ولا ترتب آثارها القانونية، وتتمثل هذه الشروط في:
– إجماع الشركاء المشتاعين على القسمة الاتفاقية إما بشكل صريح أو ضمني، أما إذا كان أحدهم معارض في إجراء القسمة أو غائب فلا تصح القسمة الرضائية، حيث جاء في المادة 26 من مدونة الحقوق العينية انه ” إذا اختلف الشركاء في إجراء القسمة كان لمن يريد منهم الخروج من الشياع أن يلجأ الى المحكمة التي تجري القسمة فيما بينهم طبقا للقانون” .
– تمتع الشركاء المتقاسمين بالأهلية الكاملة، أما إذا كان من بينهم من هو ناقص الأهلية أو فاقدها فإن المشرع تطلب من أجل حماية هذه الفئة اللجوء إلى القسمة القضائية.
– حضور جميع الشركاء المتقاسمين بشكل شخصي، ما يعني أن القسمة الاتفاقية التي تتم في غياب أحد الشركاء لا تنفذ حتى لو كان ممثلا من قبل وكيله، بحيث يجب على من يرغب الخروج من الشياع اللجوء إلى المحكمة المختصة. هذا بخلاف المشرع المصري الذي يسمح بإجراء القسمة الاتفاقية، رغم كون أحد الشركاء غائبا أو ناقص الأهلية متى كان حاضرا من قبل ممثله القانوني.
– وجوب تقييد عقد القسمة بالسجل العقاري إذا كان محله عقارا محفظا، وبدون هذا الإجراء الشكلي لا تنتج القسمة أي أثر سواء بين الأطراف أو في مواجهة الغير إلا من تاريخ استيفاء التقييد طبقا لأحكام الفصلين 66 و 67 من القانون رقم 14.07 المتعلق بنظام التحفيظ العقاري، خلال أجل لا يتجاوز ثلاثة أشهر.
– إلزامية المصادقة على القسمة من طرف جميع أصحاب الحقوق العينية المترتبة على العقار المشاع ، فحسب المادة 321 من مدونة الحقوق العينية ” لا تكون القسمة الرضائية نافذة بين الأطراف إلا إذا صادق عليها جميع أصحاب الحقوق العينية المترتبة على العقار”.
وفي موضوع ذي صلة، سمح المشرع لدائن المتقاسم من أجل تفادي الإضرار به بالاعتراض على إجراء القسمة دون حضوره سواء كانت القسمة عينية أو بطريق التصفية فإذا تمت القسمة رغم ذلك كان للدائن المعارض حق طلب إبطال القسمة، مع العلم أنه يجوز لأي واحد من المتقاسمين إيقاف دعوى الإبطال بشرط دفع الدين إلى الدائن أو بإيداع المبلغ الذي يطالب به طبقا للفصل 1086 من قانون الإلتزامات والعقود.
على أنه، إذا تم استدعاء الدائن لحضور عملية القسمة ولم يحظر إلا بعد تمامها لم يكن له طلب إبطالها، وتطبق في هذه الحالة الأحكام الواردة في الفصل 1087 ق ل ع .
2 – القسمة القضائية :
وهي التي تجري عن طريق القضاء بناءا على طلب يتقدم به أحد الشركاء بغية قسمة المال الشائع إما قسمة عينية أو قسمة تصفية، حيث جاء في الفقرة الأخيرة من المادة 313 من مدونة الحقوق العينية ” تتم القسمة إما بالتراضي وإما بحكم قضائي مع مراعاة القوانين والضوابط الجاري بها العمل”.
ويشترط لقبول دعوى القسمة مجموعة من الشروط، سنعرض لها قبل أن نشير الى المحكمة المختصة بدعوى القسمة وأطرافها.
أ – شروط دعوى القسمة :
يشترط لسماع دعوى القسمة من طرف القضاء تحقق مجموعة من الشروط منها ماهو شكلي ومنها ما هو موضوعي .
و تتمثل الشروط الشكلية فيما يلي:
– إن دعوى القسمة لا تتعلق بالنظام العام، لذلك لا يمكن للمحكمة أن تثيرها من تلقاء نفسها بل يجب تحريكها بناء على طلب احد الشركاء.
– وفقا للمادة 316 من مدونة الحقوق العينية فانه ” لا تقبل دعوى القسمة إلا إذا وجهت ضد جميع الشركاء وتم تقييدها تقييدا احتياطيا إذا تعلقت بعقار محفظ”. لذلك فتوجيه دعوى القسمة ضد أحد المالكين على الشياع أو بعضهم فقط أو عدم تقييدها تقييدا احتياطيا يجعلها غير مقبولة شكلا .
– وجوب إدخال جميع أصحاب الحقوق العينية المترتبة على العقار موضوع دعوى القسمة ، كما جاء في المادة 320 من مدونة الحقوق العينية ” يجب على الشركاء أن يدخلوا في دعوى القسمة جميع أصحاب الحقوق العينية المترتبة على العقار”.
وأما الشروط الموضوعية :
– وجوب تحقق إحدى حالات سماع دعوى القسمة القضائية التالية ( اختلاف الشركاء حول إجراء القسمة الرضائية، حيث جاء في احد قرارات استئنافية فاس بأن الخلاف قد لا يقع حول القسمة ولكن حول طبيعتها حيث يفضل احد الشركاء اجراء القسمة عينيا بينما يحبذ الشريك الآخر إجراء القسمة عن طريق التصفية، ووجود شريك غير متمتع بالأهلية الكاملة للتصرف في حقوقه، أو إذا كان كامل الأهلية ولكنه غائب أو مفقود).
– ألا يترتب على القسمة إحداث نقص كبير في قيمة المال المشاع، بحيث يمنع إجراء القسمة العينية وتصير المحكمة إلى سلوك قسمة تصفية، وفي هذا تنص المادة 318 من مدونة الحقوق العينية ” إذا كان العقار المشاع غير قابل للقسمة العينية، أو كان من شأن قسمته مخالفة القوانين والضوابط الجاري بها العمل أو إحداث نقص كبير في قيمته، فإن المحكمة تحكم ببيعه بالمزاد العلني”.
– عدم وجود مانع من الموانع الاتفاقية أو القانونية أو الواقعية التي تحول دون سماعها ،فإذا كان المبدأ أنه لا يجبر أحد على البقاء في الشيوع ، فإنه لا ينبغي للشريك أن يتعسف في طلب القسمة لاسيما إذا كانت المصلحة التي يهدف إليها المدعي لا تتناسب مع الضرر الكبير الذي قد يصيب بقية الشركاء المشتاعين.
– إثبات ملكية العقار محل القسمة، فإذا كان العقار محفظا يكفي للشريك الذي يقيم دعوى القسمة أن يدعم المقال الافتتاحي بشهادة عقارية يسلمها المحافظ العقاري تثبت حصته كشريك مالك في المال الشائع كما تبين أسماء جميع الشركاء.
أما إذا كان العقار غير محفظ فيمكن إثبات ملكيته بإحدى الوسائل المثبتة لملكية العقار كالإدلاء برسم الإراثة أو برسم الملكية، والقضاء المغربي مستقر على قبول رسم الاراثة لإثبات ان العقار مملوك على الشيوع بين الشركاء، هذا ما لم تكتسب ملكية العقار عن طريق الشراء فيمكن إرفاق المقال الافتتاحي بنسخة من هذا العقد.
ومتى توفرت الشروط السابقة مجتمعة تتصدى المحكمة للبت في دعوى القسمة المرفوعة من طرف أحد الشركاء المشتاعين شريطة أن تكون مختصة نوعيا بالنظر فيها، وهو ما سنبحثه في الفقرة الموالية.
ب – المحكمة المختصة للنظر في دعوى القسمة :
يجب التمييز في هذا الصدد بين الاختصاص النوعي والمكاني:
– الاختصاص النوعي: يقصد بالاختصاص النوعي المحكمة المختصة نوعيا بنظر الدعوى داخل الجهة القضائية الواحدة. وحسب مقتضيات الفصل 18 من قانون المسطرة المدنية فإن المحاكم الابتدائية هي المختصة في نظر دعاوى القسمة التي يكون محلها عقارا، مع حفظ الحق في الاستئناف أمام غرف الاستئناف بالمحاكم الابتدائية إلى غاية 20.000 درهم وأمام محاكم الاستئناف إذا تجاوزت دعوى القسمة المبلغ السابق.
أما إذا كان موضوع دعوى القسمة منقولا فإن الاختصاص ينعقد لقضاء القرب باعتباره الجهة المختصة بالنظر في الدعاوى المنقولة التي تتجاوز قيمتها ثلاثة آلاف درهم، مع فتح إمكانية إتفاق الأطراف على رفع الاختصاص القيمي إلى خمسة آلاف درهم، أما إذا تجاوزت الدعوى هذا المبلغ فإنها تقام أمام المحكمة الابتدائية.
– الاختصاص المحلي أو المكاني: يقصد به المحكمة المختصة جغرافيا أو مكانيا بنظر الدعوى، بحيث تختص كل محكمة بقضايا منطقة معينة تسمى دائرة اختصاص المحكمة، فحسب الفصل 28 من قانون المسطرة المدنية، إذا كان موضوع دعوى القسمة عقارا أو تركة وجب إقامتها أمام محكمة موقع العقار أو محكمة محل افتتاح التركة. إلا أن الإشكال يثور في الحالة التي يكون فيها العقار لا يقع داخل دائرة نفوذ محكمة واحدة، إذ هناك من يرى أن الاختصاص ينعقد للمحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرتها أكبر هذه العقارات قيمة. في حين أن الأخذ بهذا الرأي قد تنطوي عنه بعض الصعوبات لذلك يمكن القول بانعقاد الاختصاص للمحكمة الابتدائية التي يقع بدائرتها الجزء الأكبر من العقار.
أما إذا كان موضوع دعوى القسمة منقولا أمكن إقامتها حسب الفصل 27 من ق م م أمام محل إقامة أي واحد من الشركاء المشتاعين.
ج – أطراف دعوى القسمة :
إن دعوى القسمة كسائر الدعاوى لا بد لها من مدعي يتقدم بادعائه أمام القضاء في مواجهة المدعى عليه. والمدعي في دعوى القسمة هو دائما أحد الشركاء على الشيوع سواء أكان شريكا أصليا أم خلفا عاما كالوارث أم خلفا خاصا كالمشتري لحصة أحد الشركاء، فشرط الصفة يعتبر لازما لسماع دعوى القسمة يترتب عن تخلفه التصريح بعدم قبولها.
ويجوز أن يكون المدعي شريكا واحد أو أكثر يقدمون مقالا افتتاحيا خاصا بهم يطلبون من خلاله قسمة المال الشائع، لذلك نجد أن المشرع الفرنسي قد اعتبر المدعي هو أول من وضع مقاله بكتابة ضبط المحكمة، على خلاف نظيره المغربي الذي التزم الصمت بخصوص هذه المسألة.
وتجدر الإشارة، إلى أنه ليس هناك ما يمنع من رفع دعوى القسمة من طرف الممثل القانوني للشريك الأصلي متى كان عديم الأهلية أو ناقصها.
أما المدعى عليه في دعوى القسمة فهو الشريك أو باقي الشركاء في العقار الشائع بحيث توجه ضدهم دعوى قسمة العقار أو ضد ممثلهم القانوني، ذلك أنه من خصائص دعوى القسمة أنها لا تقبل التجزئة، فلا بد من دعوة كافة الشركاء وإلا كانت القسمة عرضة للنقض، مع مراعاة مقتضيات المادة 320 من مدونة الحقوق العينية التي نصت على ادخال جميع اصحاب الحقوق العينية المترتبة على العقار.
3 – القسمة العينية :
هي تلك التي يقسم فيها المال الشائع إلى عدة أقسام مفرزة بعضها عن بعض تتفق مع حصص الشركاء ، وهي لا تجري إلا في الأشياء القابلة للتجزئة. والمبدأ أن القسمة العينية هي الأصل، حيث جاء في قرار لمحكمة النقض أنه “لا يلجأ إلى قسمة التصفية إلا إذا كانت القسمة العينية غير ممكنة”.
وعليه فإن المحكمة وفقا للمادة 317 من مدونة الحقوق العينية تحكم بقسمة العقار المشاع قسمة عينية كلما كانت هذه القسمة ممكنة، وبفرز الحصص وتكوين الأنصبة على أساس أصغر حصة، وعن طريق التقويم والتعديل، ثم توزع الأنصبة المفرزة بين الشركاء بالقرعة، وتصدر حكمها بناء على تصميم ينجزه خبير في المسح الطوبغرافي يعين موقع وحدود ومساحة كل نصيب مفرز.
على انه إن كانت القسمة العينية هي الأصل، فقد يتعذر إجرائها مع ذلك في العديد من الحالات الآتية:
– إذا كان الشيء الشائع غير قابل للتجزئة أو التبعيض كالسيارة أو الدابة فهي أشياء لا تقبل التجزئة بطبيعتها لذلك لا يمكن أن تكون محلا للقسمة العينية.
– إذا كانت القسمة العينية تؤدي إلى إحداث نقص كبير في قيمة الشيء الشائع ويصير غير قابل للانتفاع به، فالطاحونة مثلا لا تجوز قسمتها عينا لأن منفعتها المقصودة تفوت بالقسمة العينية، وفي هذا قضت محكمة النقض في احد قراراتها بما يلي ” …. و كانت المحكمة على صواب فيما ذهبت اليه ذلك أن الفصل 980 المستدل به يمنع قسمة الشيء الذي تحول القسمة دون أداء الفرض المقصود منه عندما تكون القسمة عينية ….”
على أنه إذا كانت القسمة العينية غير ممكنة في الحالات السابقة، فليس معنى ذلك بقاء الشريك في الشياع مرغما، بل له الخروج منه عن طريق إجراء قسمة التصفية، وقبل التعرض لهذه الطريقة من المفيد أن نشير إلى أنه لا يشترط لاعتبار المال الشائع قابلا للقسمة العينية أن تأتي الحصص المقسومة متساوية تماما ، ذلك أنه من الممكن تعويض الشريك الذي أخذ أقل من نصيبه في الملكية بمعدل نقدي يدفعه الشريك الحاصل على أكثر من نصيبه وتسمى القسمة هنا قسمة عينية بمعدل.
4 – قسمة التصفية :
هي القسمة التي تجري عن طريق بيع المال المشترك وتقسيم ثمنه على الشركاء كل بقدر حصته، وتجوز هذه القسمة في مختلف الحالات التي يمتنع فيها إجراء القسمة العينية حيث جاء في إحدى قرارات محكمة النقض ما يلي ” أما فيما يتعلق بأرض الحطة فإن المحكمة لما صادقت على تقرير الخبير الذي اقترح قسمتها قسمة تصفية نظرا لتعذر قسمتها قسمة عينية تكون قد طبقت القانون تطبيق سليما” (قرار عدد 281 المؤرخ في 21-5-2008 ، الملف الشرعي عدد 316/2/1/2006).
غير انه لا يتم سلوك مسطرة البيع بالمزاد العلني إلا بعد استنفاذ الحكم القاضي بالقسمة لطرق الطعن العادية والاستثنائية، وفي هذا تقول المادة 319 من مدونة الحقوق العينية “يتم البيع بالمزاد العلني بعد استنفاذ الحكم القاضي بالقسمة طرق الطعن العادية والنقض عند الاقتضاء، وتطبق على المحضر المتعلق به مقتضيات المادة 221 من هذا القانون”.
ويكون للشركاء الاتفاق على قسمة المال الشائع قسمة تصفية رغم كونه قابلا للقسمة العينية، كما أنه ليس هناك ما يمنع المحكمة بعد رفع دعوى القسمة أن تأمر بإجراء قسمة تصفية عن طريق بيع الأموال بالمزاد العلني وتقسيم الثمن على الشركاء كل بحسب نصيبه.
5 – القسمة الجزئية والقسمة الشاملة :
يقصد بالقسمة الجزئية تلك التي ينطوي عنها إنهاء حالة الشياع جزئيا، فيخرج بعض الشركاء منها دون الآخرين.
أما القسمة الشاملة فهي تؤدي إلى إنهاء حالة الشيوع متى بوشرت بشكل كلي بحيث تنقضي الملكية الشائعة وتحل محلها الملكية المفرزة أو العادية.
6 – قسمة المهايأة:
وتسمى أيضا بالقسمة الاستغلالية ، وقسمة المهايأة حسب المادة 313 من مدونة الحقوق العينية تقتصر على المنافع ، لذلك لا تعد سببا لانقضاء الشيوع بقدر ما تعد سببا لتنظيم الانتفاع بالمال الشائع، لذلك فهي ترد على منافع الشيء المشترك دون الملكية التي تبقى شائعة وهي على نوعين مهايأة زمانية ومهايأة مكانية.
أ – المهايأة الزمانية:
تنص المادة 327 من مدونة الحقوق العينية على أنه “تكون المهايأة زمانية عندما يتفق الشركاء على أن يتناوبوا الانتفاع بجميع العقار المشاع كل منهم مدة تتناسب مع حصته فيه، ويجب فيها تعيين المدة التي يختص بها كل منهم. إذا وقع خلاف بين الشركاء في هذه المدة تعينها المحكمة تبعا لطبيعة العقار المشار كما تعين تاريخ الشروع فيها ومن يبدأ منهم بالانتفاع “.
لذلك فالمهايأة الزمانية هي التي يتفق فيها الشركاء على التناوب على الانتفاع بالمال الشائع لمدة معينة تحسب على أساس حصة كل واحد منهم، كما إذا كانت هناك دار مملوكة مناصفة بين شخصين فيتفقان على سكنى هذه الدار بالمناوبة لمدة سنة.
كما عرض المشرع المغربي للمهايأة الزمانية في الفصل 966 من ق ل ع بقوله ” للمالكين على الشياع أن يتفقوا فيما بينهم على أن يتناوبوا الاستئثار بالانتفاع بالشيء أو الحق المشترك وفي هذه الحالة، يسوغ لكل واحد منهم أن يتصرف، على سبيل التبرع أو المعاوضة، في حقه في الانتفاع بالشيء لمدة انتفاعه، ولا يلتزم بأن يقدم لبقية المالكين حسابا عما يأخذه من الغلة غير أنه لا يسوغ له أن يجري أي شيء من شأنه أن يمنع أو ينقص حقوق بقية المالكين في الانتفاع بالشيء عندما يحين دورهم فيه”.
واستنادا إلى الفصل أعلاه، فإن الشريك على الشياع يحق له الانتفاع بكل المال المشترك طيلة المدة المتفق عليها إما شخصيا أو عن طريق الغير بعوض أو بدون عوض دون أن يكون ملزما بتقديم أي حساب ، كما أن الشريك لا يقيد في انتفاعه بالمال الشائع إلا بأن يحدث ما من شأنه أن يعرقل حقوق بقية المالكين في الانتفاع بدورهم.
ب – المهايأة المكانية:
جاء في المادة 328 من مدونة الحقوق العينية على أنه ” تكون المهايأة مكانية عندما يتفق الشركاء على أن يختص كل واحد منهم بالانتفاع بجزء مفرز من العقار المشاع يتناسب مع حصته فيه على أن يتنازل لشركائه في مقابل ذلك عن الانتفاع بباقي أجزائه الأخرى. ويجب فيها تعيين الجزء الذي يستقل به كل منهم وإلا عينته المحكمة “.
و مثالها أن يتفق مالكوا الدار المشتركة على أن يسكن احدهم في الطابق العلوي والآخر في الطابق السفلي، أو اذا كانت هناك دارين مملوكتين على الشياع فيتفقان على ان ينفرد كل واحد بمسكن منفرد.
و الملاحظ أن المشرع قد عرض لأول مرة للمهايأة المكانية في مدونة الحقوق العينية الجديدة، على غرار المشرع المصري الذي عرض لها في المادة 846 من القانون المدني بقوله ” في قسمة المهايأة يتفق الشركاء على أن يختص كل منهم بمنفعة جزء مفرز يوازي حصته في المال الشائع، متنازلا لشركائه في مقابل ذلك عن الانتفاع بباقي الأجزاء ولا يصح هذا الاتفاق لمدة تزيد على خمس سنوات”.
وتجدر الاشارة أن المهايأة المكانية يمكن أن تتحول إلى قسمة نهائية متى تم الاتفاق على ذلك بين الشركاء أو مضت مدة الحيازة الكافية لاكتساب الحصة التي بيده، ولهذا نجد أن المشرع المصري اشترط عدم تجاوز المهايأة المكانية لمدة تزيد عن خمس سنين. مع العلم أنه لا يستثني من ذلك إلا حالة العقار المحفظ بحيث لا يمكن اكتساب ملكيته عن طريق التقادم المكسب.
وقبل أن نختم الحديث عن قسمة المهايأة، تجدر الإشارة إلى أن المهايأة زمانية كانت أم مكانية تخضع لأحكام عقد إجارة الأشياء المحال عليها بمقتضى المادة 329 من مدونة الحقوق العينية، ما دامت هذه الأحكام لا تتعارض مع طبيعة هذه القسمة. كما أن قسمة المهايأة لا يمكن تصورها إلا في العقارات المشاعة دون المنقولات وفقا لمدلول الفصلين 327 و 328 من مدونة الحقوق العينية.
7 – القسمة البتية:
وهي حسب الفقرة الثانية من المادة 313 من مدونة الحقوق العينية أداة لفرز نصيب كل شريك في الملك و ينقضي بها الشياع، لذلك فالقسمة البتية ترد على الملكية أو جوهر الحق العيني الشائع وتؤدي إلى إنهاء الشيوع بشكل نهائي، بحيث تحل الملكية المفرزة محل الملكية الشائعة.
رابعا : آثار القسمة
يمكن تحديد آثار القسمة في انتهاء حالة الشيوع واستقلال كل شريك بجزء مفرز يعادل حصته في المال الشائع حيث له أن يتصرف في حصته كيفما شاء دون قيد. ومن آثارها أيضا أن القسمة يجب أن تكون عادلة وتسودها المساواة بين الشركاء فلا يأخذ الشريك إلا منابه دون زيادة أو نقصان. وسنعرض لهذه الآثار من خلال بحث طبيعة القسمة والنتائج المترتبة عن وجوب كون القسمة عادلة.
1 – طبيعة القسمة :
من أهم الآثار التي تترتب عن القسمة النهائية للمال المشاع استقلال كل من الشركاء بجزء مفرز من المال يعادل حصته فيه وهو ما نصت عليه بقولها ” يعتبر كل متقاسم مالكا على وجه الاستقلال للحصة المفرزة التي آلت اليه نتيجة القسمة وتكون ملكيته خالصة من كل حق عيني رتبه غيره من الشركاء إلا اذا رتب هذا الحق الشركاء مجتمعون “
لكن طرح التساؤل حول الوقت الذي أصبح فيه الشريك مالكا للجزء الذي آل إليه ؟ هل من وقت إجراء القسمة أو منذ بدء الشيوع؟ إن الجواب على هذا السؤال يقتضي التعرض لطبيعة القسمة هل هي كاشفة للملكية أم ناقلة لها ؟
لقد كان الفقهاء الرومان يعتبرون القسمة ناقلة للملكية يترتب عنها إنهاء الشيوع بدون أثر رجعي، حيث يعتبر كل شريك مالكا للجزء الذي آل إليه من وقت القسمة وليس من وقت الشيوع.
أما عند الفقهاء المسلمين، فقد ميزوا بين القسمة الرضائية واعتبروها ناقلة للملكية وطبقوا عليها أحكام البيع، لذلك لا يمكن اللجوء إليها حسب رأيهم إلا إذا انعقد اتفاق جميع الشركاء، لأنه لا يجبر أحد على بيع ما يملكه. وبين القسمة القضائية واعتبروها كاشفة للحق لذلك يمكن إرغام الشركاء على إجرائها حتى وإن عارض أحدهم.
أما في القوانين الوضعية فإن المشرع المغربي وعلى غرار التشريعات الأخرى كالمشرع المصري والسوري تبنى الأثر الكاشف للقسمة بمقتضى قانون الالتزامات و العقود ثم مدونة الحقوق العينية الحالية، حيث جاء في الفصل 1088 من ق ل ع على انه “يعتبر كل المتقاسمين أنه كان يملك منذ الأصل الأشياء التي أوقعتها القسمة في نصيبه، سواء تمت هذه القسمة عينا أو بطريق التصفية، كما يعتبره أنه لم يملك قط غيرها من بقية الأشياء”.
كما نصت المادة 322 من مدونة الحقوق العينية ” يعتبر كل متقاسم مالكا على وجه الاستقلال للحصة المفرزة التي آلت إليه نتيجة القسمة، وتكون ملكيته خالصة من كل حق عيني رتبه غيرهمن الشركاء إلا إذا رتب هذا الحق الشركاء مجتمعون “.
فالشريك المتقاسم يصبح مالكا للجزء المفرز الذي آل إليه ليس من وقت إجراء القسمة فقط بل من تاريخ بدء الشيوع، فمثلا لو اشترى شخصان أو أكثر عقارا فيما بينهم على الشياع عام 2000 ثم توصلوا إلى قسمته في عام 2003 فإن كلا منهم يعتبر مالكا للجزء المخصص له ملكية مفرزة من العام 2000.
ومما لا شك فيه أن الأخذ بالأثر الكاشف للقسمة فيه تجاوز للأضرار التي تنتج عن اعتبار القسمة ناقلة للملكية، لأن تصرف الشريك بالرهن مثلا في المال الشائع ينطوي عنه نفاذ هذا التصرف في حق الشريك الآخر متى وقعت الحصة المثقلة بالرهن من نصيبه .
هذا على خلاف الأثر الكاشف للقسمة الذي يترتب عنه سقوط التصرفات الصادرة من الشركاء عن الشريك الذي وقع في نصيبه الجزء المفرز لأنه يعتبر قد تصرف في ملك الغير، والتصرف في ملك الغير حسب الفصل 485 من ق ل ع يقع باطلا ما لم يقره المالك.
وهو ما أكده المشرع في نص المادة 322 من مدونة الحقوق العينية بقولها “… وتكون ملكيته خالصة من كل حق عيني رتبه غيره من الشركاء إلا إذا رتب هذا الحق الشركاء مجتمعون”.
وتجدر الإشارة في الأخير، أن المشرع المغربي إن كان قد اعتبر القسمة كاشفة للحق لا منشأة له، فإن هذا الأثر يتوقف متى كان محلها عقارا محفظا على تقييد القسمة في السجلات العقارية وفقا لأحكام الفصلين 66 و 67 من قانون التحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بالقانون رقم 14.07 لأن القسمة النهائية للعقار المحفظ تبقى عديمة الأثر قبل هذا التقييد.
2 – نتائج وجوب كون القسمة عادلة :
يعد مبدأ تحقيق المساواة بين المتقاسمين من أهم المبادئ التي تحكم القسمة، حيث كان الفقهاء الفرنسيون قديما يعتبرون المساواة روح القسمة. ومن النتائج المترتبة عن هذا المبدأ ما يلي:
أ – إبطال القسمة المعيبة بعيب من عيوب الرضى :
لقد عرض المشرع لأسباب إبطال القسمة في المادة 315 من مدونة الحقوق العينية وحددها في الغلط أو الإكراه أو التدليس أو الغبن، وهو المعطى نفسه الذي أكده الفصل 1089 و 1091 من ق ل ع، حيث اعتبر أن القسمة لا يجوز إبطالها إلا للأسباب السابقة، سواء كانت القسمة اتفاقية أو قانونية أو قضائية. في حين نجد أن المشرع المصري لم يجز إبطال القسمة بالغبن الفاحش إلا إذا كانت رضائية
وهو ما يفسر حرص المشرع المغربي على حماية المتقاسمين من أي عيب من شأنه التأثير على إرادة الشركاء بغض النظر عن نوعية القسمة الجارية. وإن كان قد حصر أسباب إبطال القسمة بسبب الغبن في حالة كون المغبون قاصرا أو ناقص الأهلية من خلال إحالته على الفصل 56 من ق ل ع، أما خارج هذه الحالات فلا يكون الغبن سببا لإبطال القسمة إلا إذا كان مرتبطا بالتدليس.
ويعتبر تدليسا حسب المادة 315 من مدونة الحقوق العينية كل فرق لا يقل عن الثلث بين قيمة ما آل إلى الشريك المتقاسم بمقتضى القسمة، وبين القيمة الحقيقية لحصته في العقار المقسوم، وتكون العبرة في تقديره لقيمته وقت إجراء القسمة ، مع العلم انه يسوغ للمدعى عليه في هذه الحالة طلب الإبقاء على القسمة إذا هو أكمل للمدعي ما نقص من نصيبه عينا أو ننقدا.
ويشترط في دعوى إبطال القسمة أن ترفع خلال سنة من وقت تمام القسمة، من طرف المتقاسم الذي تقرر الإبطال لمصلحته أو من طرف نائبه الشرعي، دون إغفال المقتضيات الفصل 9 من ق م م الذي يقضي بتبليغ القضايا المتعلقة بفاقدي الأهلية إلى النيابة العامة.
وتجدر الإشارة إلى أنه يحق للمتقاسم المتضرر أن يرفع إلى جانب دعوى الإبطال دعوى التعويض عن الضرر الذي ألم به نتيجة العيب بشرط أن تتوفر شروط دعوى المسؤولية التقصيرية. وفي حالة وفاته يجوز لورثة المتقاسم رفع دعوى الإبطال خلال المدة المتبقية طبقا لنص الفصل 313 من ق ل ع.
وإذا أبطلت القسمة لأحد الأسباب السابقة، فإن هذا الإبطال يكون بأثر رجعي، بحيث يعود المتقاسمون إلى الوضع القانوني والفعلي الذي كانوا عليه عند إجرائها مع عدم الإخلال بما اكتسبه الغير حسن النية من حقوق كما جاء في الفصل 1091 من ق ل ع. لذلك فإن آثار الإبطال تختلف حسب ما تعلق الأمر بالمتقاسمين أو بالغير.
بالنسبة للمتقاسمين، فإن إبطال القسمة سواء أكانت رضائية أم قضائية ينطوي عنه انبعاث حالة الشيوع من جديد بل وتعتبر كأنها لم تنقضي بعد ، ويلزم كل متقاسم حسب الفصل 316 من ق ل ع أن يرد للآخر كل ما أخذه بمقتضى القسمة الباطلة.
أما بالنسبة للغير، فحرصا من المشرع على حماية الغير حسن النية وضمانا لاستقرار المعاملات نص على أن الإبطال لا يكون له أي أثر في مواجهته ولا يمكن أن يلحق به أي ضرر، لذلك فإن الغير الذي اكتسب حقا على الجزء المفرز من العقار المشاع وبادر إلى تقييده بالسجل العقاري دون أن يكون عالما بأن القسمة معيبة ثم تقرر إبطالها بعد ذلك يظل تقييده منتجا لكافة آثاره القانونية، وهو ما يؤكده الفصل 66 من القانون رقم 14.07 بقوله “لا يمكن بأي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير حسن النية”.
على أنه باستحضار مقتضيات المادة 4 من مدونة الحقوق العينية، نجدها أوردت استثناء على الحجية المطلقة لتقييد الغير حسن النية متى أثبت المتقاسم تضرره بسبب تدليس أو زور، حيث يكون له المطالبة بحقه عن طريق رفع دعوى في الموضوع خلال 4 سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله.
ب – ضمان المتقاسمين بعضهم لبعض :
تنص المادة 324 من مدونة الحقوق العينية على أنه ” يضمن المتقاسمون بعضهم لبعض أنصبتهم مما قد يقع عليها من تعرض أو استحقاق بسبب سابق عن القسمة إلا إذا تم الاتفاق صراحة على الإعفاء منه أو نشأ بسبب خطأ المتقاسم نفسه “. و عليه، فإنه يشترط لضمان المتقاسمين بعضهم لبعض مجموعة من الشروط كما يلي:
– وقوع تعرض أو استحقاق على الحصص المفرزة :
والتعرض المقصود هنا هو التعرض القانوني الصادر من الغير والمتمثل في ادعاء حق على الحصة المفرزة، دون التعرض المادي، أما الاستحقاق فيقصد منه في مجال القسمة تجريد المتقاسم من الجزء المفرز الذي آل إليه أو الانتقاص منه بثبوت حق انتفاع أو ارتفاق للغير.
وقد عرض المشرع لأحكام استحقاق حصة المتقاسم ضمن المواد 324 و 325 و 326 من مدونة الحقوق العينية، وميز فيها بين العقار المحفظ وغير المحفظ كالتالي :
إذا كان العقار غير محفظ واستحقت حصة المتقاسم كلها أو بعضها بما زاد على الثلث، فإن يحق للمتقاسم حسب المادة 325 من مدونة الحقوق العينية أن يطلب فسخ القسمة وإجراء قسمة جديدة فيما بقي من العقار الشائع كله إذا كان ذلك ممكنا و لم يلحق أي ضرر بالغير، فإذا تعذر إجراء قسمة جديدة كان لمستحق الضمان الرجوع على المقاسمين الآخرين بالتعويض. أما إذا كان ما استحق من المتقاسم في حدود الثلث فما دون، فليس له سوى الرجوع على المتقاسمين بالتعويض، وهو الحكم ذاته الذي ينطبق في حالة كون العقار محفظا أو استحقت حصة المقاسم كلا أو جزءا.
ويتحمل المتقاسمون التعويض كل بقدر حصته، والعبرة في تقديره بقيمة النصيب المستحق وقت القسمة، وإذا كان احد المقاسمين معسرا وزع ما ينوبه على مستحقي الضمان و جميع المتقاسمين غير المعسرين، على أن يعودوا عليه في حدود منابه إذا أصبح موسرا طبقا لمقتضيات المادة 326 من مدونة الحقوق العينية.
ومما تجدر الاشارة اليه أن مدونة الحقوق العينية رقم 39.08 قد ألفت الفصل 46 الذي كان واردا في المشروع رقم 19.01 والذي كان يستثني العيوب الخفية من دائرة ضمان المتقاسمين بعضهم لبعض، الشيء الذي يفهم منه أن الضمان السابق يشمل حتى العيوب الخفية اللاحقة بإحدى الحصص المفرزة، ولعل ما يؤكد ذلك أن الفصل 1090 من ق ل ع والذي أحال بخصوص ضمان الشركاء على أحكام عقد البيع بما فيها ضمان العيوب الخفية.
– أن يكون الضمان لأسباب سابقة عن القسمة :
أما إذا كان التعرض أو الاستحقاق يستند إلى أسباب لاحقة على القسمة فلا ضمان نفس الشيء إذا كان الاستحقاق أو التعرض ناتج عن خطأ يعود للمتقاسم المتضرر.
– عدم اشتراط الإعفاء من الضمان :
بمفهوم المخالفة للمادة 324 من مدونة الحقوق العينية يجوز للمتقاسمين الاتفاق على الإعفاء من الضمان، ومتى كان ذلك سقط حق المتقاسم المتضرر في الرجوع على باقي المتقاسمين فيما يقع من تعرص أو استحقاق لحصته.