المجال العقاريقانونيات

الملكية المشتركة

توجد إلى جانب الصورة العادية للملكية الخالصة التي يسيطر فيها المالك الواحد على شيء معين، صورا خاصة للملكية تكون فيها مشتركة بين عدد من الملاك تسمى بالملكية المشتركة.

وتنقسم الملكية المشتركة إلى نوعين ملكية شائعة، يكون فيها لكل من الشركاء حصة شائعة في الشيء المشترك. ونظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية، التي تجمع في ثناياها بين الملكية الخالصة لبعض أجزاء الشيء المشترك والملكية الشائعة لباقي الأجزاء.

وقد نظم المشرع المغربي الملكية الشائعة في الباب الأول من القسم السابع من الكتاب الثاني من قانون الالتزامات والعقود، وبين أحكامها في الفصول 960 إلى 981، كما عرض لها في مدونة الحقوق العينية الجديدة رقم 39.08 ونص في المادة 24 على خضوع الملكية الشائعة لأحكام مدونة الحقوق العينية مع مراعاة الأحكام الواردة في قانون الالتزامات والعقود والنصوص الخاصة. أما الملكية المشتركة للعقارات المبنية فهي منظمة بمقتضى القانون رقم 18.00 المغير والمتمم لظهير 16 نونبر 1946 المتعلق بالملكية المشتركة للطبقات.

أولا : الملكية الشائعة

عرف الفقه الملكية الشائعة بأنها “ملكية مشتركة بين عدة أشخاص على شيء يكون فيها لكل من الشركاء حصة معلومة القدر في كل جزء من أجزاء الشيء المشترك دون أن تكون هذه الحصة مفرزة عن سواها من الحصص”.

ويستفاد من هذا التعريف، أن الملكية تكون شائعة عندما يكون الشيء الواحد مملوكا لأكثر من شخص بحيث يكون لكل منهم حصة شائعة تنسب إلى الشيء في مجموعه كالنصف أو الربع مثلا دون أن تكون هذه الحصة مفرزة عن باقي الحصص الأخرى.

بمعنى أن الشيء الواحد عندما يكون مملوكا لعدة أشخاص لكن كل منهم يختص بجزء مادي معين من هذا الشيء فإن الملكية في هذه الحالة لا تعتبر ملكية شائعة، وإنما ملكية مفرزة.

وقد أشار الفصل 960 من ق ل ع إلى الملكية الشائعة بقوله “إذا كان الشيء أو الحق لأشخاص متعددين بالاشتراك فيما بينهم وعلى سبيل الشياع، تنشأ حالة قانونية تسمى الشياع أو شبه الشركة، وهي إما اختيارية أو اضطرارية”، ويسجل على هذا النص القانوني ما يلي:

– المشرع المغربي يصطلح على الملكية الشائعة بشبه الشركة، وذلك تمييزا لها عن الشركة العقدية التي ينتج عنها شخص معنوي يعتبر هو المالك لأموالها وذمته مستقلة عن الذمة المالية للشركاء.

– إن محل الملكية الشائعة قد يكون عبارة عن منقول أو عقار محفظ أو غير محفظ أو حق من الحقوق العينية المعروفة كحق الانتفاع الذي يكون مملوكا بين عدة شركاء فيصير حقا شائعا بينهم. وإن كان المشرع المغربي وعلى غرار بعض البلدان العربية قد اقتصر على تنظيم الملكية الشائعة باعتبارها الصورة الغالبة للشيوع.

– إن أسباب نشوء الملكية الشائعة إما اختيارية أو إجبارية، فتكون اختيارية حسب الفقه عندما تنشأ بإرادة الإنسان سواء عن طريق العقد كأن يشتري شخصان أو أكثر عقارا على الشياع، أو بالإرادة المنفردة كأن يهب أو يوصي شخص بشيء يملكه لفائدة شخصين أو أكثر. وتكون إجبارية حينما تتدخل إرادة المشرع كما هو الشأن في الإرث.

وباختصار فإن جميع الأسباب التي تؤدي إلى اكتساب الملكية العادية يمكن أن تؤدي إلى نشوء الملكية الشائعة، كما إذا حاز شخصان أو أكثر شيئا حيازة مشتركة بحيث تؤدي إلى اكتساب ملكيته على الشيوع بعد مرور المدة المعتد بها قانونا، وإن كان الميراث من أكثر الأسباب شيوعا في نشوء الملكية الشائعة.

ومهما كان مصدر الملكية الشائعة فإن المشتاع أو الشريك على الشياع مقيد في تعامله مع حصته الشائعة أو الشيء المشاع بمجموعة من القيود الهدف منها الحد من مضار الشياع.

وقد اختلف الفقه حول تحديد طبيعة حق المشتاع بين قائل بأن حق الشريك على الشياع لا يعد أن يكون مجرد حق شخصي، ومن ذهب إلى أنه حق عيني من نوع خاص، على أن الرأي السائد في الفقه يذهب إلى أن حق الشريك على الشياع هو حق ملكية بالمعنى الدقيق.

لأن المالك المشتاع يتمتع بجميع سلطات المالك على نصيبه في المال الشائع، كل ما في الأمر أن هناك بعض القيود الناتجة عن تعدد الملاك للشيء الواحد، مشكلة بذلك مجموعة من الالتزامات تقع على عاتق الشريك سواء في تعامله مع حصته الشائعة أو مع الشيء المشترك في مجموعه. وسنعرض لهذه القيود والالتزامات على التوالي :

1 – تقييد سلطات الشريك على المال الشائع :

و تتمثل هذه القيود في:

أ – تقييد سلطة الشريك في استعمال واستغلال الحصة الشائعة :

يحق للمالك المشتاع أن يستعمل حصته وينتفع بها بكافة الأوجه المشروعة، فإن كان الشيء المشترك عبارة عن دار له أن يسكن في حصته، وإن كان بئرا له أن يستعمله في أخذ الماء. كما له حق استغلال حصته إما بأخذ نصيبه من الثمار الناتجة عن المال المشاع أو أن يأخذ من كرائه ما يعادل حصته فيه.

وهو غير مقيد في ذلك إلا بمراعاة الشروط الواردة في الفصول 962 و 964 و 965 من ق ل ع كما يلي:

– ألا يستعمل حصته في الشيء الشائع استعمالا يتنافى مع طبيعته أو مع الغرض الذي أعد له.

– ألا يستعمله استعمالا يتعارض مع مصلحة بقية المالكين أو على وجه يترتب عليه حرمانهم من أن يستعملوه بدورهم.

– أن يكون الشيء المشترك قابلا للقسمة بطبيعته، وإذا لم يكن كذلك فليس للشريك سوى أخذ غلته بنسبة نصيبه.

– أن يقدم لشركائه حسابا عما أخذه زائدا على نصيبه من الغلة.

ب – تقييد سلطة الشريك في التصرف في الحصة الشائعة :

للشريك على الشياع باعتباره مالكا لحصته الشائعة، أن يتصرف فيها بكافة التصرفات المعتد بها قانونا بعوض أو بدون عوض، ويعتبر تصرفه صحيحا ونافذا في حق جميع الشركاء دون حاجة إلى موافقتهم، ولا يكون لباقي الشركاء على الشياع إلا إمكانية استردادهم للحصة الشائعة التي باعها شريكهم عن طريق ممارسة حق الشفعة ، كما عبر عن ذلك الفصل 974 من ق ل ع.

ج – تقييد سلطة الشريك في القيام بأعمال الإدارة :

الأصل أن إدارة الشيء الشائع تعود إلى الشركاء مجتمعين، فإن اتفقوا على تنظيم معين لإدارة المال الشائع، صار هذا التنظيم هو الواجب الإتباع، ما لم يعهدوا بالإدارة لأحدهم أو الشخص من غيرهم فله أن ينفرد بها .

لكن قد يتعذر الحصول على موافقة الشركاء من أجل القيام بعمل من أعمال الإدارة لذلك نجد أن المشرع قد وضع قواعد خاصة تطبق في هذه الحالة تختلف حسبما تعلق الأمر بأعمال الإدارة المعتادة والأعمال غير المعتادة.

  • أعمال الإدارة المعتادة :

يقصد بها تلك الأعمال التي لا ينطوي عنها المساس بجوهر الشيء الشائع أو تغيير الغرض الذي أعد له كتخصيص الأرض الزراعية لزراعة الحبوب أو إيجار العقار المشاع لفائدة الغير.

ويكون الغالبية الشركاء الذين يملكون على الأقل ثلاثة أرباع المال أحقية اتخاذ قرارات بهذه الأعمال ولو عارض الباقون، وإذا لم تتوفر الأغلبية المطلوبة كان لأي من الشركاء اللجوء إلى المحكمة المختصة التي تتخذ ما تراه أوفق لمصالحهم جميعا، كما جاء في الفصل 971 من ق ل ع.

  • أعمال الإدارة غير المعتادة :

وهي تلك الأعمال التي تؤدي إلى تغيير الغرض الذي أعد من أجله الشيء المشاع بهدف تحسين الانتفاع به كتحويل منزل للسكن إلى فندق، أو التي من شأنها المساس بملكية المال المشاع كإيجاره لمدة طويلة.

وقد تعرض المشرع لهذه الأعمال في الفصل 972 من ق ل ع وتطلب لنفاذها إجماع كافة المالكين بحيث لا يعتد فيها بقرارات الأغلبية.

2 – التزامات الشريك على المال الشائع :

تتحدد هذه الالتزامات فيما يلي:

أ – التزام الشريك بالمحافظة على الشيء الشائع :

وفي هذا ينص الفصل 967 من ق ل ع “على كل مالك على الشياع أن يحافظ على الشيء المشاع بنفس العناية التي يبذلها في المحافظة على الأشياء الخاصة به، وهو مسؤول عن الأضرار الناشئة عن انتفاء هذه العناية”.

فالشريك على الشياع وفق ما سبق، ملزم قانونا بالقيام بكل عمل من شأنه حفظ الشيء الشائع وصيانته، دون حاجة للحصول على موافقة الشركاء طالما أن هذا العمل ليس فيه ضرر.

وأعمال الحفظ والصيانة التي يلزم بها الشريك قد تكون أعمالا مادية، كالقيام ببعض الترميمات الضرورية، وقد تكون تصرفات قانونية، كالوفاء بالضرائب أو رفع الدعاوى وقطع التقادم المكسب.

ويحتفظ الشريك بحقه في أن يجبر باقي المالكين على أداء النفقات كل بقدر نصيبه كما يقضي بذلك الفصل 968 ق ل ع، ولا يستثنى من ذلك إلا المصروفات التي أنفقت في أشياء غير ضرورية كمصروفات الزينة والترف بحيث يفقد الشريك الذي أنفقها حقه في الرجوع على الباقين ما لم يكونوا قد أذنوا في إنفاقها صراحة أو ضمنا وفقا لما جاء في الفصل970 من ق ل ع.

ب – التزام الشريك بعدم القيام بأي تجديدات على الشيء الشائع :

يمنع على الشريك منعا كليا إدخال أية تجديدات على الشيء الشائع دون الحصول على موافقة الباقين، وعند المخالفة تطبق الأحكام الواردة في الفصل 963 من ق ل ع كما يلي:

– إذا كان الشيء قابلا للقسمة شرع في قسمته، فإن خرج الجزء الذي حصل فيه التجديد في نصيب من أجراه، لم يكن هناك رجوع لأحد على آخر، أما إذا خرج في نصيب غيره، كان لمن خرج في نصيبه الخيار بين أن يدفع قيمة التجديدات وبين أن يلزم من أجراها بإزالتها وإعادة الأشياء إلى حالتها.

– إذا كان الشيء غير قابل للقسمة حق لباقي المالكين على الشياع أن يلزموا من أجرى التجديدات بإعادة الأشياء إلى حالها على نفقته، وذلك مع التعويض إن كان له محل.

ثانيا : الملكية المشتركة للعقارات المبنية

تعود الجذور التاريخية لنظام الملكية المشتركة أو ملكية الطبقات إلى عهد سلطات الحماية الفرنسية التي شرعت منذ دخولها إلى المغرب على نهج سياسة تنظيمية في الميدان المعماري تتماشى مع حاجيات التطور الرأسمالي وتركيز رؤوس الأموال في مدن محددة كالدار البيضاء مثلا.

من اجل ذلك عمل المهندس المعماري ecochard على تنظيم التصميم المعماري في المغرب تنظيما يراعي الأهداف السابقة ويروم محاربة الفوضى في ميدان البناء عبر وضع عدة مخططات تفصل بين المناطق الصناعية والتجارية والمالية والسكنية.

غير أن تشييد مثل هذه الابنية باتت الحاجة اليها ملحة خاصة بعد الازمة الخانقة التي عرفها المغرب في قطاع الإسكان عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي ساهمت في تفاقمها عدة عوامل كالنمو الديموغرافي والهجرة سواء منها الداخلية أو الخارجية إلى جانب ضعف الدخل اليومي لفئة عريضة من المغاربة. لذلك كان التدخل التشريعي لازما في تلك الظرفية لوضع قانون ينظم ملكية الشقق والعمارات من خلال ظهير 16 نونبر 1946 المتعلق بملكيات الطبقات.

لكن بالرغم من وجود الإطار التشريعي المنظم للسكن العمودي فإنه لم يفلح في تحقيق الأهداف المرجوة من ورائه وعلى رأسها التخفيف من أزمة السكن، ولعل مرد ذلك الأسباب الآتية:

– ضعف الوعاء العقاري اللازم لاحتضان مثل هذه البنايات.

– ضعف إقبال المغاربة على هذا النوع من الملكية العقارية نظرا لميولهم للسكن الفردي أكثر من السكن الجماعي.

– السلبيات العديدة الناجمة عن تطبيق ظهير 1946 ومنها حصر مجال تطبيق هذا القانون على العقارات المحفظة أو في طور التحفيظ الكائنة في الأحياء المغربية والأوربية بالمدن الجديدة.

– عدم الزامية وضع نظام خاص بالملكية المشتركة يبين حقوق وواجبات الملاك المشتركين.

– عدم وجود معيار حاسم للتفريق بين ما هو مفرز وما هو مشترك داخل الملكية المشتركة.

– عدم وجود اتحاد الملاك بالرغم من التنصيص عليه في ظهير 1946، وحتى إن وجد فإنه ذو صلاحيات محدودة.

– عدم التنصيص على كيفية إدخال الإصلاحات والبنايات الإضافية.

ونتيجة للمآخذ السابقة، فقد عمل المشرع المغربي على إصدار القانون رقم 00-18 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية، سعيا منه لاحتواء العيوب والصعوبات التي كان يطرحها ظهير 1946.

1 – تعريف الملكية المشتركة للعقارات المبنية :

عرف المشرع المغربي الملكية المشتركة للعقارات المبنية في المادة الأولى من القانون رقم 18-00 بأنها ” العقارات المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات والمشتركة ملكيتها ما بين عدة أشخاص والمقسمة إلى أجزاء يظم كل جزء منها جزءا مفرزا وحصة في الأجزاء المشتركة”.

كما عرفها البعض بأنها النظام المطبق على الدور والعمارات المقسمة إلى طوابق أو شقق يملكها أشخاص مختلفون على أساس أن كل طابق أو شقة ملكية خاصة لكل واحد منهم وأن الأجزاء المشتركة شائعة بينهم بكيفية إجبارية ودائمة.

ومن خلال هذه التعاريف، يتضح بأن الملكية المشتركة نظام مزدوج يكون المالك فيها مالكا لجزء مفرز كإحدى المحلات أو الطوابق أو الشقق، ومالكا للأجزاء الأخرى على الشيوع والمخصصة للاستعمال المشترك كالمصعد والمرآب والدرج، مما يستعصي عن طلب قسمتها وإفراز الحصص فيها لكونها معدة للبقاء في الشيوع الدائم، فالفرد عندما يتملك شقة أو محل داخل العقار الخاضع لنظام الملكية المشتركة يصبح مشاركا بصورة إجبارية في ملكية الأجزاء الشائعة بحيث تكون إزاء شيوع تبعي.

وقد تعددت التسميات التي يطلقها الدارسون على هذا النوع من الملكية العقارية، فمنهم من يطلق عليها ملكية الطبقات ومنهم من يبحثها تحت اسم ملكية الشقق، ومنهم من يسميها بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، وتبقى هذه التسمية الأخيرة هي الأنسب تكريسا لإرادة المشرع.

2 – نطاق تطبيق القانون رقم 00-18

جاء في المادة الأولى من القانون رقم 00-18 “تسري أحكام هذا القانون على العقارات المبنية المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات والمشتركة ملكيتها بين عدة أشخاص والمقسمة إلى أجزاء يضم كل جزء منها جزءا مفرزا وحصة في الأجزاء المشتركة. كما تسري هذه الأحكام على مجموعات العقارات المبنية وعلى مختلف الإقامات المؤلفة من بنايات متلاصقة أو منفصلة وبها أجزاء مشتركة مملوكة على الشيوع لمجموع الملاك. وتسري هذه الأحكام على العقارات سواء أكانت محفظة أو في طور التحفيظ أو غير محفظة”.

ويستفاد من النص السابق ما يلي:

– إن القانون رقم 00-18 لا يسري فقط على العقارات المبنية المقسمة إلى شقق أو طبقات والمخصصة للسكن، بل تسري أحكامه حتى على المحلات المخصصة للاستعمال المهني والحرفي، وهو ما من شأنه أن يزيل الغموض الذي كانت تطرحه نصوص ظهير 1946.

– التنصيص على سريان أحكام القانون رقم 00-18 على المجموعات العقارية وعلى مختلف الإقامات المؤلفة من بنايات متلاصقة أو منفصلة وبها أجزاء مشتركة.

ويقصد بالمجموعات العقارية تلك الوحدات العقارية التي تم بناؤها فوق أرض واحدة قد تتشابه في شكلها ، وتتميز هذه المجموعات بازدواجية التنظيم والتسيير حيث يمكن أن يكون لكل عمارة جمع عام يسيرها وسنديك خاص بها.

– تمديد أحكام القانون رقم 00-18 لتسري على العقارات المحفظة والتي هي في طور التحفيظ وكذا العقارات غير المحفظة. وهذا المقتضى إن كان يمثل رغبة المشرع الرامية إلى تعبئة العقار غير المحفظ بغية توفير الوعاء العقاري اللازم لاحتضان هذا النوع من البناء بما يكفل تنزيل سياسته التنموية في قطاع الإسكان والتخفيف من أزمة السكن تبعا لذلك فإنه من جهة أخرى أثار حفيظة مختلف المهتمين نظرا لتعارضه مع مبدأ تعميم نظام التحفيظ العقاري وكذا للغموض الذي يلف العقارات غير المحفظة وكثرة النزاعات التي تطرحها، مما يدفع المستثمرين إلى الابتعاد عن التعامل بشأنها .

3 – حقوق والتزامات الملاك المشتركين :

إن الملكية المشتركة كما تقدم معنا تعتبر نظاما مزدوجا، لذلك فهي ترتب للمالك مجموعة من الحقوق على جزئه المفرز كما تحمله بمجموعة من الالتزامات على الأجزاء المشتركة. وستوضح هذه الحقوق والالتزامات على ضوء القانون رقم 00-18.

ا – حقوق المالك المشترك :

يتمتع المالك في الملكية المشتركة للعقارات المبنية بمجموعة من الحقوق نذكر منها ما يلي:

– حق المالك في التصرف في الجزء المفرز له دون قيد أو شرط، وكذا حقه في التصرف في الأجزاء المشتركة المرتبطة به بحسب الغرض المعد له ، كالبيع والهبة وغيرها من التصرفات القانونية الهادفة إلى إنشاء حق عيني على الجزء المفرز أو نقله أو تعديله أو إنهائه.

– حق المالك المشترك في الاعتراض على القيام بإنجاز الأشغال المشتركة المقررة من قبل الجمع العام أمام قاضي المستعجلات.

– حق المالك في إقامة دعوى للحفاظ على حقوقه في العقار المشترك و إصلاح الضرر اللاحق بالعقار أو الأجزاء المشتركة.

– حق المالك في ممارسة حق الأفضلية إن وجد، ويقصد بحق الأفضلية حق اتحاد الملاك أو أحد المالكين أو بعضهم في الحلول محل المشتري الأجنبي الذي يشتري شقة أو محلا خاضعا لنظام الملكية المشتركة بعد أداء ثمن الشراء والمصاريف.

– حق المالك في طلب مراجعة مساهمته في التكاليف أمام المحكمة المختصة.

ب – التزامات المالك المشترك :

يتحمل المالك المشترك في إطار الملكية المشتركة للعقارات المبنية بمجموعة من الالتزامات منها :

– التزام المالك بعدم الإعتراض على القيام بالإصلاحات المستعجلة المتعلقة بالأجزاء المشتركة.

– التزام المالك المشترك بالمساهمة في التكاليف التي يستلزمها الحفاظ على الأجزاء المشتركة وصيانتها.

– التزام المالك باحترام نظام الملكية المشتركة وتبليغه عند الاقتضاء للمكتري وعدم الاضرار بباقي الملاك المشتركين.

4- اتحاد الملاك :

وينشأ هذا الإتحاد بقوة القانون من مجموع المالكين للطبقات أو الشقق أو المحلات في العقار المشترك، ويهدف إلى ضمان الحفاظ على العقار وإدارة الأجزاء المشتركة.

وقد اعترف القانون الجديد لاتحاد الملاك بصلاحيات واسعة منها حق التقاضي ولو ضد أحد الملاك المشتركين، إلى جانب اكتسابه الشخصية المعنوية والاستقلال المالي.

ونشير إلى أن اتحاد الملاك يسهر على تسيير اختصاصاته القانونية مجموعة من الأجهزة التي يتوفر عليها، حيث يديره جمع عام ويسيره وكيل الاتحاد. ويهدف مساعدة اتحاد الملاك للقيام بدوره على أكمل وجه في تسيير العقار لأجل صيانته والحفاظ عليه، فقد أجاز له المشرع المغربي بتلقي اشتراكات من الملاك قصد التوفر على الميزانية المخصصة لهذه الأغراض.

5- نظام الملكية المشتركة :

يعتبر نظام الملكية المشتركة ميثاقا جماعيا يعنى بتنظيم الحياة في إطار الملكية المشتركة ويعمل على ضبط كل من حقوق والتزامات الملاك كما يسهر من ناحية أخرى على تنظيم السير العادي للحياة اليومية للعقار المشترك.

ويجب أن يتضمن نظام الملكية المشتركة وفقا للمادة 9 من القانون رقم 00-18 البيانات التالية :

– الغرض المعدة له أجزاء العقار المفرزة والمشتركة وشروط استعمالها.

– قواعد تسيير اتحاد الملاك وعقد الجمع العام.

– توزيع الحصص الشائعة التي تنوب كل جزء مفرز في الأجزاء المشتركة.

– القواعد المتعلقة بإدارة الأجزاء المشتركة وحق الانتفاع بها.

وقد عهد المشرع بوضع نظام للملكية المشتركة إلى المالك الأصلي أو الملاك المشتركون باتفاق فيما بينهم، وإلا فإنهم يخضعون لنظام نموذجي يتم وضعه من طرف السلطة المختصة.

ويجب إلى جانب ما تقدم العمل على إشهار نظام الملكية المشتركة من خلال إيداعه لدى المحافظة العقارية مع إرفاقه بالتصاميم المعمارية والطبوغرافية المصادق عليها متى تعلق الأمر بعقار محفظ، أما إذا كان العقار غير محفظ يودع نظام الملكية المشتركة لدى كتابة الضبط بالمحكمة الإبتدائية الواقع العقار بدائرة نفوذها.

ولم يعرض المشرع المغربي في القانون رقم 18.00 لحالة كون العقار في طور التحفيظ لذلك نعتقد أن ليس هناك ما يمنع من إيداع نظام الملكية المشتركة لهذه العقارات بسجل التعرضات بالمحافظة العقارية، ما دام أن كل ما يمكن تقييده في الرسم العقاري يجوز أن يكون موضع إيداع وفقا للفصل 84 من القانون رقم 14.07.

6 – التعاقد في نطاق القانون رقم 18.00 :

من أهم المستجدات التي جاء بها القانون رقم 18.00 ما ورد في المادة 12 منه التي تنص على أنه يجب أن تحرر جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان .

يحدد وزير العدل سنويا لائحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود.

يقيد باللائحة المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى طبقا للفصل 34 من الظهير الشريف رقم 1.93.162 الصادر في 22 ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) المعتبر بمثابة قانون يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة.

يحدد نص تنظيمي شروط تقييد باقي المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود.

يجب أن يتم توقيع العقد والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف ومن الجهة التي حررته.

يتم تصحيح الإمضاءات بالنسبة للعقود المحررة من طرف المحامي لدى رئيس كتابة الضبط للمحكمة الابتدائية التي يمارس المحامي بدائرتها”.

ويمكن أن نسجل على نص المادة السابقة الملاحظات الآتية:

– فرض رسمية المعاملات العقارية المنعقدة في إطار الملكية المشتركة للعقارات المبنية أو ورودها في محررات ثابتة التاريخ، سواء كان العقار محفظا أو في طور التحفيظ أو عقار غيرمحفظ. لذا فان الإشكال الذي كان يثيره الفصل 489 من ق ل ع حول مدى شموله للعقار غيرالمحفظ لم يعد مطروحا على الأقل بالنسبة للتصرفات الواردة عليه في إطار القانون رقم 18.00.

– المشرع حتى لو أجاز توثيق المعاملات السابقة في محررات ثابتة التاريخ، فإنه لم يترك الباب مفتوحا على مصراعيه، بل حدد الجهات المخول لها تحرير تلك العقود وحصرها في المحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى وباقي المهنيين المدرجة أسمائهم في لائحة سنوية تصدر عن وزير العدل بالتالي لم يعد هناك مجال لتحرير هذه العقود من طرف الكتاب العموميين، فالتعاقد في إطار القانون رقم 18.00 يتم إما بمقتضى محررات رسمية تحرر من قبل الموثقين أو العدول، أو محررات ثابتة التاريخ تصدر عن الجهات المشار إليها.

– ترتيب المشرع جزاء البطلان عن مخالفة الأحكام السابقة، وهو ما يعني أن الكتابة المتطلبة هي للانعقاد وليس للإثبات ينطوي عن تخلفها اعتبار التصرف غير موجود من الناحية القانونية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى