المجال العقاريقانونيات

الاستيلاء كسبب لكسب الملكية

إن دراسة الاستيلاء كسبب من أسباب كسب الملكية في التشريع المغربي يقتضي التوقف بداية عند تعريفه، وبيان شروطه، وانتهاء بتوضيح أحكام الكنز.

أولا : تعريف الاستيلاء

يعد الاستيلاء سببا لكسب ملكية الأشياء التي لا مالك لها عن طريق وضع اليد عليها بنية تملكها. والاستيلاء بهذا المعنى يتكون من عنصرين: عنصر مادي يتجسد في الحيازة أي وضع اليد، وعنصر معنوي وهو وجود نية التملك.

ولما كان من غير المستساغ الاعتداد بالاستيلاء كسبب لاكتساب العقار، فإن المنقول يبقى تبعا لذلك المجال المعتد به لاكتساب الملكية عن طريق واقعة الاستيلاء هذا على اعتبار أن المنقولات هي من تكون في الغالب بلا مالك يتملكها ويتصرف فيها.

يتضح مما سبق أن الاستيلاء لا يتحقق من مجرد حيازة المنقول المباح انطلاقا من وضع اليد فحسب بل يلزم ضرورة توافر نية تملك ذلك المنقول. لكن السؤال المطروح يتعلق بمفهوم وشروط المنقولات التي لا مالك لها بهذا الخصوص ، وهذا ما سنعالجه فيما يلي .

ثانيا : شروط الاستيلاء

يشترط في الاستيلاء الشروط الآتية:

1 – أن يرد الاستيلاء على شيء منقول لا مالك له، والأشياء المنقولة التي لا مالك لها تصنف إلى الأنواع التالية:

أ – الأشياء المهملة أو المتروكة:

ويراد بها تلك التي كانت في الأصل مملوكة ثم وقع التخلي عنها، من ثم تصير وتصبح غير مملوكة لأحد.

ومن صور هذه الحالة الأشياء القديمة أو البالية، كمن يترك سيارته التي أصابها حادث في الطريق العام لاستحالة إصلاحها وبنية التخلي عن ملكيتها ، فهي تصبح منقولا مباحا ولا يعد سارقا من يستولي على بعض قطع منها لأنه يصبح مالكا بالاستيلاء لهذه الأشياء.

أما بخصوص الأشياء المسروقة أو الضائعة فلا تدخل في نطاق هذه الحالة إلا بعد مرور ثلاث سنوات كاملة ( الفصل 456 مكرر من ق ل ع ).

ب – الأشياء المباحة أو الخالية :

وهي تلك التي ليست في الأصل ملكا لأحد كالطيور في الجو والأسماك في البحار والأنهار والحيوانات غير الأليفة مادامت طليقة.

ويقصد بهذه الأشياء على العموم الأشياء المنتفع بها من قبل العامة باعتبار الأصل فيها أنها تخرج عن التعامل بحكم طبيعتها ولا يستأثر بها أحد لوحده إذ من يستأثر بقدر منها يمتلكه بإحرازه. ومن أمثلة هذه الأشياء كما سبق قوله الحيوانات غير الأليفة طالما هي حرة، وهو ما سارت عليه بعض التشريعات العربية ( المادة 2-1077 من القانون المدني الأردني).

2 – أن يكون المنقول شيئاً ماديا على أساس أن الأشياء المادية وحدها من يجوز تملكها عن طريق الاستيلاء، أما الأشياء المعنوية فلا يمكن تملكها بهذه الكيفية.

ولفهم هذه الصورة نفترض مثلا أن فنانا قام بنحت تمثال أو رسم لوحة ثم بعد ذلك قام بإتلاف ما أنتجه وتخلى عن بقاياه قاصدا سد الطريق أمام الغير للانتفاع بهذا الشيء، فإن مستولي ومحرز هذه البقايا المادية يتملكها بالاستيلاء باعتبارها بدون مالك، ولكنه لا يكتسب الحق الأدبي الذي يقع على الإنتاج الفني لكونه لصيقا بشخص صاحبه.

ثالثا : أحكام الكنز

الكنز هو الشيء المنقول المدفون أو المخبأ الذي لا يقدر أحد إثبات ملكيته، والذي يعود عن طريق الاستيلاء لمالك الأرض أو البناء الذي عثر عليه فيه.

وقد أكدت المادة 18 من القانون رقم 39.08 هذا التعريف بالتنصيص على أن “الكنز الذي يعثر عليه في عقار معين يكون ملكا لصاحبه وعليه الخمس للدولة”.

فالواضح أنه لاعتبار الشيء كنزا وفق ما ذكر، يقتضي ضرورة توافر عدة أحكام كما يلي:

1 – أن يكون محل الكنز منقولا لم يثبت ملكيته لأحد وعليه فالمباني والأعمدة ونحوها من العقارات المدفونة لا تعد كنوزا.

2 – أن لا يكون هذا المنقول مما يكون ذا قيمة تاريخية، وإلا اعتبر من الآثار ويسري عليها حكمها، كما لا يشترط أن يكون من المناجم الطبيعية وإلا عُد من المناجم وطبق عليه آنذاك أحكامها “أي هذه المناجم”.

3 – أن يكون المنقول مدفونا أو مخبوءا، فإذا كان ظاهرا طبق عليه أحكام اللقطة (وإلا نكون أمام حالة المنقولات الضائعة). ولا فرق أن يكون هذا طبق عليه أحكام اللقطة (وهي كل شيء له قيمة مالية عثر عليه غير مالكه في مكان يتعرض فيه للضياع) ولا فرق أن يكون الدفن قديما أو حديثا.

إن استجماع الكنز للشروط المبينة أعلاه تكون عندئذ ملكيته لصاحبه شريطة استفادة الدولة من الخمس (1/5) حسب المادة 18 من القانون رقم 39.08.

تجدر الإشارة أخيرا أن جزاء كتمان الكنز أو كتمان النصيب العائد للدولة يعاقب عليه في القانون الأردني بالحبس من ستة أشهر وبغرامة تصل لخمسين دينار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى