إن الهدف من صدور مدونة الحقوق العينية هو توحيد النصوص القانونية المنظمة للعقار غير المحفظ – وإن كانت المدونة تطبق كذلك على العقارات المحفظة – حتى لا تبقى محلا لتضارب الاجتهادات القضائية، وإختلاف الآراء الفقهية، ولعل ذلك هو السبب في إستفاضة المشرع المغربي في شرح بعض بنود المدونة خاصة ما يتعلق بأسباب كسب الملكية. وبشكل خاص إحياء الأراضي الموات.
هذه الأخيرة، كانت منذ زمن، تعد من بين أسباب كسب الملكية وذلك استنادا للحديث الشريف: “من أحيا أرضا ميتة فهي له” . ويطلق هذا المصطلح الفقهي على قيام الشخص بأعمال تؤدي إلى جعل الأرض غير المملوكة والتي لا يمكن الانتفاع بها على حالتها. صالحة للاستغلال.
وقد اعتبر المشرع المغربي إحياء الأرض الموات سببا مكسبا للملكية وذلك بصريح المادة 222 من مدونة الحقوق العينية التي تنص على أنه “الأراضي الموات التي لا مالك لها تكون ملكا للدولة، ولا يجوز وضع اليد عليها إلا بإذن صريح من السلطة المختصة. ويكون إحياء الأرض الموات بجعلها صالحة للاستغلال”.
ومن الأعمال التي تجعل الأرض الموات صالحة للاستغلال مثلا القيام بزراعتها أو غرس الأشجار بها أو إقامة منشأت عليها ، أو تفجير ماء بها أو صرفه عنها كما جاء في المادة 224 من مدونة الحقوق العينية . وما يلاحظ بخصوص المواد التي نضمت إحياء الأرض الموات كونها ربطت مسألة الإحياء بضرورة الحصول على ترخيص قانوني من السلطة المختصة تطبيقا للمادة 223 من مدونة الحقوق العينية.
والإحياء كما سبق الذكر يكون بجعل الأرض الموات صالحة للاستغلال من خلال القيام بإحدى الأعمال الواردة في المادة 224 مدونة الحقوق العينية على سبيل المثال، بحيث يمكن أن يتحقق الإحياء بأعمال أخرى كإزالة الأملاح أو الأوساخ أو الأحجار منها إلى غير ذلك. على انه متى صارت الأرض الموات مستغلة من طرف من أحياها فلا يزول حقه في استغلالها بعودتها إلى ما كانت عليه قبل الإحياء كما نصت على ذلك المادة 225 من مدونة الحقوق العينية.
والأصل حسب مضمون المادة 226 من مدونة الحقوق العينية أن يختص أهل البلدة، أو مالك الدار أو رب البئر أو الشجر بالحريم، ويمنع الغير من استغلاله أو إحداث أي شيء فيه، وكل ما يضر بهذا الحريم يزال.
وعموما فإن الحريم يحدد على النحو التالي :
1 – حريم الجماعة أو البلدة مداخلها ومخارجها المؤدية إلى هذه الجماعة أو البلدة.
2 – حريم الدار ما يرتفق به أهلها في إقامتهم بها، وتشترك الدور المجتمعة في حريم واحد وينتفع به أهل كل دار بما لا يضر بغيرهم من الجيران.
3 – حريم البئر أو الثقب أو أي مورد من موارد المياه السطحية أو الجوفية هو ما يسع واردها ويكون إحداث شيء فيه ضارا به أو بمائه.
1 – حريم الشجرة ما تحتاج إليه في سقيها ومد جذورها وفروعها مع مراعاة الأحكام المتعلقة بقيود الجوار.
وعليه فالأرض المملوكة لشخص إذا أهملها صاحبها حتى صارت ميتة، فلا يعتبر إحياؤها من طرف الغير سبب لملكيتها، بل تبقى مملوكة لصاحبها القديم وكذلك الأمر بالنسبة للحريم التابع للأراضي المملوكة فلا يعتبر إحياؤها سببا لملكيتها، وإنما تبقى في ملكية مالك الدار و أهل البلدة أو رب البئر كما فصلت في ذلك المدونة.