أمام تزايد النمو السكاني بالمجال الحضري وضعف دخل المواطن المغربي وغلاء الأراضي الحضرية وانتشار المضاربات العقارية كان من اللازم أن تتجه سياسة الدولة نحو اعتماد السكن الاجتماعي وذلك من خلال بناء عمارات سكنية بالمدن وتقسيمها إلى طبقات وشقق تستجيب جزئيا لهذه الضرورة.
وقد نشأت عن هذا النمط الجديد للسكن علاقات جوار جديدة وغير مألوفة تتسم بصعوبة تعايش الأسر وعدم احترام قواعد وضوابط الملكية المشتركة، مما نتج عنه إهمال المرفق المشترك وغياب التضامن وثقافة التسامح وحسن الجوار بين الملاك المشتركين وبالتالي تدهور مستوى الإطار السكني والبيئة المرتبطة به.
ولقد كان هذا هو الدافع إلى صدور ظهير 16 نونبر 1946 المتعلق بالملكية المشتركة، إلا أن هذا القانون لم يتمكن من الإلمام بجميع المشاكل التي يطرحها السكن الاجتماعي وذلك راجع لمجموعة من السلبيات التي شابته منها :
– محدودية صلاحيات وكيل الاتحاد.
– عدم الأخذ بعين الاعتبار المجمعات السكنية.
– عدم التنصيص على كيفية إدخال الإصلاحات والبنايات الإضافية.
– غياب مقتضى يجبر الملاك المشتركين في العقار بوضع نظام للملكية المشتركة يحسم الأمر في بيان حقوقهم والتزاماتهم المتبادلة.
– الواقع يثبت أن جل سكان العمارات المقسمة إلى طبقات وشقق هم من المكترين مما يترتب عنه عدم احترام بنود ضابط الملكية المشتركة.
ونظرا لهذا فقد كان من اللازم وضع تشريع جديد ينظم الملكية المشتركة يتجاوز ثغرات قانون 16 نونبر 1946، ويستجيب للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المجتمع المغربي ويساهم في حل أزمة السكن.
وفعلا كان ذلك بصدور قانون 18.00 المتعلق بالملكية المشتركة الذي تحكمت في صدوره مجموعة من الاعتبارات القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، فعلى المستوى القانوني فقد جاء هذا القانون لتجاوز ثغرات قانون 16 نونبر 1946 ولإضفاء مزيد من الشفافية على مستوى تسيير وتدبير الملكية المشتركة.
وعلى المستوى الاقتصادي تم إدماج العقار غير المحفظ لتنفيذ أهداف هذا القانون وهو الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تدعيم الموارد المالية والجبائية للدولة.
أما المنطق الاجتماعي لهذا القانون فهو جعل الملكية المشتركة إطارا رحبا للتعايش والتساكن بين الملاك المشتركين عبر خلق مناخ سليم يبعث على الثقة ويكفل الشروط اللازمة لحسن تسيير العقار. وعموما يمكن تحديد الخطوط العريضة لهذا القانون في:
– توسيع مجال التطبيق ليشمل العقار والمجمعات العقارية المكونة من طبقات وشقق ومحلات سواء كانت مخصصة للسكنى أو للاستعمال المهني أو التجاري.
– سريانه على العقارات كيفما كان نوعها سواء كانت محفظة أو في طور التحفيظ أوغير محفظة.
– وضعه لمعيار تحدد على ضوئه الأجزاء الخاصة المفرزة والأجزاء المشتركة بحيث يكون المعيار في الأولى هو الاستعمال الخاص أو الشخصي، وفي الثاني الاستعمال المشترك فيما بين مجموع الملاك أو البعض منهم.
– إلزامية وضع نظام لكل ملكية مشتركة.
– الإبقاء على حق الأفضلية الذي كان مقرر في ظهير 1946 مع تحديد شروط تطبيقه من طرف الملاك المشتركين.
– توسيع وظيفة اتحاد الملاك لتمتد إلى حماية المصلحة الجماعية.
ومن الأمور المستجدة التي جاء بها قانون 18.00 هو التنصيص على وجوب توثيق جميع التصرفات الواردة على الملكية المشتركة في محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ محرر من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان.
والملاحظ أن المشرع المغربي في إطار هذه المادة قد ضيق من فئة الأشخاص المؤهلون لتحرير هذه التصرفات وحسم في أمر تحريرها وأصبح واجبا وبقوة القانون.
وهذا الأمر فيه ضمانة وأكثر حماية للأشخاص المتعاملين في إطار الملكية المشتركة ويكون بذلك المشرع أقفل الباب على الكتاب العموميين وبعض محرري العقود الذين لا تتوفر فيهم الكفاءة اللازمة والذين قد يحررون عقودا سيئة في صياغتها أو ناقصة في مضمونها وهو شيء إيجابي سيضع حدا لكثير من التلاعبات التي كانت تحدث في مجال بيع الشقق والطبقات والتي تعرض كثير من الأشخاص لعمليات النصب والاحتيال نتج عنها ضياع حقوقهم.