محكمة النقضالتنظيم القضائي

الجمعية العامة لمحكمة النقض

تنص المادة 93 من قانون التنظيم القضائي 38.15 على ما يلي : ” تتكون الجمعية العامة لمحكمة النقض، بالإضافة إلى الرئيس الأول والوكيل العام للملك بها، من جميع المستشارين والمحامين العامين العاملين بها.

يحضر رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة أشغال الجمعية العامة بصفة استشارية “.

خصص المشرع هذه المادة لبيان تأليف الجمعية العامة لمحكمة النقض باعتبارها جهازا تنظيميا وتقريريا ينضاف إلى مكتب المحكمة المشار إليه أعلاه، وقد حدد مكوناتها في:

– الرئيس الأول المحكمة النقض.

– الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض.

– جميع المستشارين العاملين بمحكمة النقض.

– جميع المحامين العامين العاملين بمحكمة النقض.

هذا، وتجدر الإشارة إلى أن عبارة المشرع “جميع المستشارين”، تدفعنا إلى التساؤل عن مدى اعتبار المستشارين المساعدين المعينين للقيام بهذه المهمة بمحكمة النقض، داخلين في عموم العبارة أم أن عمومها ينصرف إلى استغراق جميع أفراد المستشارين المعينين بهذه المحكمة بصفة مستمرة؟

وبعبارة أخرى هل العموم في هذه العبارة ينصرف إلى النوع فنقول بأن كل مستشار يحمل هذا الاسم بغض النظر عن صفته سواء كان مستشارا أو مستشارا مساعد يعتبر عضوا في الجمعية العامة؛ أم أن العموم ينصرف إلى الجنس فنقول بأن المشرع ما دام قد خص جنس المستشارين بالذكر دون تقييد بالوصف “مساعدين” ولا إطلاق في النعت فإنه لا يعتبر عضوا في الجمعية العامة للمحكمة إلا المستشارون المعينون بهذه المحكمة بصفة دائمة من بين القضاة المرتبين في الدرجة الأولى على الأقل؟

إن إمعان النظر في صياغة المادة يؤكد لنا أن المقصود بالمستشارين الوارد ذكرهم في المادة والذين تتألف منهم الجمعية العامة للمحكمة هم المستشارون المعينون بالمحكمة بصفة مستمرة دون المستشارين المساعدين،

بدليل أن المشرع حلَّى “المستشارين” بالألف واللام التي تفيد في هذا الموضع العهد، أي المستشارون المعهود تأليفهم لمحكمة النقض بصفة دائمة وعادية، لا بصفة مؤقتة؛ ولو أراد إشراك المستشارين المساعدين لاستعمل صياغة غير هذه الصياغة، فيحذف الألف واللام، فيأتي بعبارة “تتكون الجمعية العامة لمحكمة النقض، بالإضافة إلى الرئيس الأول والوكيل العام للملك بها، من جميع مستشاريها….” مستعملا صيغة النكرة في سياق الإثبات التي تفيد العموم، أو يوظف عبارة” … من جميع المستشارين والمستشارين المساعدين والمحامين العامين العاملين بها ” .

فلما استعمل الصياغة المشار إليها موظفا فيها الألف والام التي تفيد العهد دل ذلك على أن الجمعية العامة لا تتألف إلا من المستشارين المعهود وصفهم بهذا الوصف المجرد، وأن المستشارين المساعدين لا يدخلون في تأليفها، لدلالة الصياغة المستعملة، وللطبيعة التقريرية للجمعية العامة التي تقتضي ألا يكون عضوا مقررا فيها، مؤثرا في اتخاذ قراراتها إلا المستشارون المعينون للعمل بها بصفة مستمرة، دون المعينين لفترة مؤقتة.

وقد نصت هذه المادة على أن رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة بمحكمة النقض يحضران أشغال الجمعية العامة بصفة استشارية.

وأضافت المادة 94 من قانون التنظيم القضائي على أنه ” يرأس الجمعية العامة لمحكمة النقض الرئيس الأول. تنعقد الجمعية العامة لمحكمة النقض وفق الكيفيات المنصوص عليها في المادتين 30و 31 من هذا القانون. يتضمن جدول أعمال الجمعية العامة لمحكمة النقض المواضيع المنصوص عليها في هذا القانون.

ينجز رئيس كتابة الضبط بمحكمة النقض محضرا بأشغال الجمعية العامة، تدون فيه المناقشات والقرارات المتخذة ويوقعه الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك لديها ورئيس كتابة الضبط.

يوجه الرئيس الأول لمحكمة النقض نسخة من المحضر إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة والوزير المكلف بالعدل، وتوزع نسخ منه على جميع المستشارين والمحامين العامين لمحكمة النقض. ينشر برنامج تنظيم العمل بمحكمة النقض على موقعها الإلكتروني “.

أسند المشرع في هذه المادة رئاسة الجمعية العامة لمحكمة النقض للرئيس الأول، وأحال بشأن كيفية انعقادها على المادتين 30 و 31 من هذا القانون، اللتان تفيد دلالتهما على أنها تنعقد بدعوة من الرئيس الأول بعد التنسيق مع الوكيل العام للملك لديها في النصف الثاني من شهر دجنبر من كل سنة،

وذلك بعد توجيه دعوة لأعضائها من أجل الحضور لاجتماعها قبل ثمانية أيام على الأقل من التاريخ المقرر؛ وترفق هذه الدعوة بجدول الأعمال المعد من قبل الرئيس الأول لمحكمة النقض، ويتم الإعلان عن هذا الاجتماع بكل الوسائل الممكنة. ويتضمن جدول أعمال الجمعية العامة لمحكمة النقض المواضيع المنصوص عليها في المادة 33 من هذا القانون، وهي :

– عرض النشاط القضائي للمحكمة خلال السنة القضائية المنصرمة من قبل الرئيس الأول للمحكمة والوكيل العام للملك لديها حسب الحالة، كل فيما يخصه.

– عرض الرئيس الأول لبرنامج تنظيم العمل بالمحكمة، المعد من قبل مكتب المحكمة على المصادقة.

– دراسة الطرق الكفيلة بالرفع من الأداء بالمحكمة وتحديث أساليب العمل بها.

– دراسة البرنامج الثقافي والتواصلي للمحكمة، وحصر مواضيع التكوين المستمرة.

– تحديد حاجيات المحكمة من الموارد البشرية والمادية.

وتنعقد الجمعية العامة بحضور أكثر من نصف أعضائها، وفي حالة عدم اكتمال النصاب القانوني يؤجل الاجتماع الذي ينعقد في أول أيام العمل، وفي هذه الحالة، يعتبر الاجتماع صحيحا بمن حضر.

وسواء توفر النصاب القانوني خلال الاجتماع الأول وانعقد اجتماع الجمعية العامة بمن حضر، فإنها تصادق على برنامج تنظيم العمل بأغلبية أعضائها.

والذي نسجله في هذا المقام أن المشرع حينما نظم عمل مكتب محكمة النقض بين كيفية اتخاذه لقراراته بأغلبية أعضائها، كما بين الحل في حالة تعادل الأصوات، وهو ما لم يقم به عند تنظيمه للجمعية العامة رغم أهمية دورها في المصادقة على برنامج العمل الذي يعده مكتب المحكمة والذي لا يمكن اعتماده دون هذه المصادقة؛ فاكتفى بالإحالة على المواد 30 و 31 و 33 التي لا تحدد هي الأخرى طريقة اتخاذ القرارات.

فإذا كانت موافقة أغلبية الأعضاء على برنامج العمل لا يطرح أي إشكال، فإن الأمر كذلك إذا ما لم يجز هذه الأغلبية بأن لم يحظ بالموافقة أو القبول من غالبية الأعضاء أو تفرقوا بشأنه إلى فريقين متساويين من حيث عدد الأعضاء؛ فما العمل في مثل هذه الحالة.

انطلاقا من أهمية الحسم في برنامج العمل من قبل الجمعية العامة المنعقدة في نهاية السنة القضائية واقتراب افتتاح السنة الجديدة التي يفترض أن تنطلق وفق البرنامج الجديد ضمانا للسير العادي والسلس للعمل بالمحكمة، فإنه من المصلحة في حالة تعادل الأصوات أن يعمل بمبدأ اعتبار “صوت الرئيس مرجحا” ،

وهو المبدأ الذي يختلف عن مبدأ “تغليب الجانب الذي ينتمي إليه الرئيس ” الذي يقتضي أن يدلي الرئيس بصوته وفي حالة التعادل سيرتكز الترجيح على معيار تغليب الجانب الذي ينتمي إليه صوت الرئيس موافقة أو معارضة، ما يقتضي أن يستمر تعادل عدد الأصوات الموافقة والأصوات المعارضة مثلا (20 صوتا موافقا مقابل 20 صوتا معارضا)، وأن الترجيح بينها لن يقوم على معيار عددي بإضافة صوت الرئيس إلى جهة من الجهات لسبق احتسابه، وإنما على معيار معنوي انتمائي يتجلى في تغليب الجهة التي ينتمي إليها الرئيس.

وهو ما يخالف ما ندعو إليه في إطار اعتماد برنامج العمل من قبل الجمعية العامة لمحكمة النقض من أن رئيس الجمعية العامة يفترض أن لا يدلي بصوته عند عرض البرنامج على المصادقة، وإنما يحتفظ به لحل إشكال تعادل الأصوات، فيكون مرجحا ترجح به كفة جهة على الأخرى، طبقا لمبدأ اعتبار صوت الرئيس مرجحا ، إذ لا يستقيم قبول إدلائه بصوته واحتسابه من جملة الأصوات، ثم في حالة التعادل اعتباره مرجحا لأنه بهذا الشكل سيكون محتسبا لمرتين اثنتين، إذ سيكون صوتا مؤثرا في حصول التعادل فى مرة أولى، ثم صوتا مؤثرا مرجحا في مرة ثانية بعد التعادل.

ونوضح ذلك بمثال، فهب أن عدد الأعضاء الحاضرين بمن فيهم الرئيس هو 30 عضوا، فصوت 11 عضوا بالموافقة وصوت الرئيس بالموافقة أيضا فيكون عدد الأصوات الموافقة 12 صوتا، بينما صوت 12 عضوا آخرين ضد المشروع، بينما امتنع 6 أعضاء من التصويت، ففي مثل هذه الحالة صوت الرئيس كان سببا في حصول التعادل، إذ لولاه لكانت النتيجة هي 12 صوتا معارضا في مقابل 11 صوتا موافقا.

ولكان مصير المشروع إرجاعه لمكتب المحكمة لعدم تحصيله الأغلبية، فلا يعقل أن يسمح له بالتصويت ابتداء حيث أنقذ البرنامج وحصل بصوته المحتسب على التعادل، ثم يمنح مرة أخرى الحق في التصويت للترجيح بين الجهتين المتعادلتين اللتان ينتمي إلى إحداهما، والتي ستستفيد من صوته بطبيعة الحال مرة أخرى.

والملاحظ أن المشرع سكت عن الحل الذي يجب اعتماده في الحالة التي لا يحوز فيها البرنامج الأغلبية أو يكون محل معارضة من قبل الجمعية العامة، مستبعدا بذلك احتمال رفضه لمصلحة استمرارية السير العادي للعمل بالمحكمة؛ ففي مثل هذه الحالة نرى أنه يتعين إرجاعه للمكتب في يومه ذاك من أجل مراجعته داخل أجل قريب جدا تحدده الجمعية العامة نفسها طالما أن المشرع لم يحددد أجلا لذلك؛ أو تتولى هي نفسها إدخال التعديلات المناسبة عليه واعتمادها حالا بحسب ما تقتضيه المصلحة.

وفي الختام ينجز رئيس كتابة الضبط بمحكمة النقض محضرا بأشغال الجمعية العامة، تدون فيه المناقشات والقرارات المتخذة ويوقعه الرئيس الأول لمحكمة النقض والوكيل العام للملك ورئيس كتابة الضبط.

وبعد تحرير المحضر وتوقيعه، وللإحاطة علما به، يتولى الرئيس الأول، توجيه نسخة منه لكل من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة والوزير المكلف بالعدل، وتوزع نسخ منه على جميع المستشارين والمحامين العامين لمحكمة النقض قصد الاستعداد للعمل به خلال السنة القضائية المقبلة.

وسعيا لتحقق العلم ببرنامج تنظيم العمل بالمحاكم المصادق عليه من قبل الجمعية العامة، لدى جميع القضاة والموظفين وأصحاب المهن القضائية الأخرى، يبادر الرئيس الأول على نشره بالموقع الإلكتروني للمحكمة قبل انتهاء السنة القضائية الجارية، وفي أقصى الأحوال عند افتتاح السنة القضائية المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى