تنص المادة 67 من قانون التنظيم القضائي على ما يلي :
“مع مراعاة مقتضيات المادة 68 بعده، يمكن أن تشتمل كل محكمة استئناف على غرف وتضم كل غرفة هيئة أو عدة هيئات، حسب أنواع وحجم القضايا التي تختص بالنظر فيها.
يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها، باستثناء اختصاصات قسم الجرائم المالية وقسم جرائم الإرهاب المشار إليها بعده، والأقسام المتخصصة في القضاء التجاري والأقسام المتخصصة في القضاء الإداري.
تحدد محاكم الاستئناف المشتملة على قسم الجرائم المالية، ودوائر اختصاصها المحلي بمرسوم بعد استطلاع رأى المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.
تشتمل محكمة الاستئناف بالرباط وحدها على قسم مختص بالبت في جرائم الإرهاب. تشتمل قسم الجرائم المالية وقسم جرائم الإرهاب على غرف التحقيق وغرف الجنايات الابتدائية وغرف الجنايات الاستئنافية ونيابة عامة وكتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة “.
تتولى هذه المادة بيان تنظيم محاكم الاستئناف العادية، التي يمكن أن تشتمل هي الأخرى، غلى غرار تنظيم المحاكم الابتدائية، على غرف، وكل غرفة يمكن أن تضم هيئة واحدة أو هيآت متعددة .
وأخذا من المشرع بمبدأ الوحدة ومبدأ القضاء المتخصص في الوقت نفسه، فإنه كان مضطرا في هذه المادة إلى محاولة الجمع والتوفيق بين المبدئين على نحو لا ينتقض به أحدهما نتيجة إعمال المبدأ الآخر، فأقر بداية إلى أن الأصل هو الوحدة وتبعا لذلك يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها، لأنها جميعها تعتبر جزءا لا يتجزأ من محكمة استئناف واحدة؛ ثم استثنى من ذلك أنواعا مخصوصة من القضايا أسند نظرها إلى أقسام بعينها لا يمكن لغيرها أن تنظرها أو تبت فيها؛ ويتعلق الأمر بالاختصاصات المسندة للأقسام التالية:
أولا – الأقسام المتخصصة في القضاء التجاري:
على غرار الأقسام المتخصصة في هذا النوع من القضايا بالمحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة.
ثانيا- الأقسام المتخصصة في القضاء الإداري:
وهي الأخرى أيضا على غرار الأقسام المتخصصة في هذا النوع من القضايا بالمحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة.
ثالثا – أقسام الجرائم المالية:
وهي أقسام أحدثت للنظر في بعض الجرائم المالية المحددة في جنايات الارتشاء والغدر والاختلاس وتبديد الأموال العامة واستغلال النفوذ المقترفة من طرف الموظفين العموميين، وكذا الجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها، المنصوص عليها وعلى عقوباتها في الفصول من 241 إلى 256 من مجموعة القانون الجنائي، وذلك بعد حذف المحكمة الخاصة للعدل بموجب القانون رقم 79.03 المتعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي وبحذف المحكمة الخاصة للعدل بمقتضى مادته الرابعة.
وقد تم في مرحلة أولى إحداث أقسام للجرائم المالية بتسع محاكم للاستئناف بكل من الدار البيضاء، الرباط، فاس مكناس، مراكش أكادير، طنجة، وجدة والعيون، وذلك بموجب المرسوم رقم 2.04.471 الصادر بتاريخ 15 سبتمبر 2004 ، فتم التراجع عن هذا العدد إلى أربع محاكم للاستئناف فقط تحدث بها أقسام للجرائم المالية هي الرباط، الدار البيضاء، فاس ومراكش. وذلك بموجب المرسوم رقم 2.11.445 الصادر بتاريخ 4 نوفمبر 2011 المتعلق بتحديد عدد محاكم الاستئناف المحدثة بها أقسام للجرائم المالية وتعيين دوائر نفوذها.
وكي يسند الاختصاص في نظر الجرائم المشار إليها أعلاء إلى هذه الأقسام، تمت إضافة المادة 1-260 إلى قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه “استثناء من قواعد الاختصاص المنصوص عليها في هذا الفرع تختص أقسام الجرائم المالية بمحاكم الاستئناف المحددة والمعين دوائر نفوذها بمرسوم، بالنظر في الجنايات المنصوص عليها في الفصول 241 إلى 256 من القانون الجنائي وكذا الجرائم التي لا يمكن فصلها عنها أو المرتبطة بها”.
وقد تم إحداث هذه الأقسام تكريسا وتفعيلا لمبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليها في الفصل الأول من دستور المملكة، بعيدا عن المحاكم الاستثنائية التي تتنافى المحاكمة أمامها ومبدأ وحدة القضاء وتكريس أسس ودعائم المحاكمة العادلة.
وقد نصت هذه المادة موضوع الشرح في فقرتها الثالثة على أنه تحدد محاكم الاستئناف المشتملة على قسم الجرائم المالية، ودوائر اختصاصها المحلي بمرسوم بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ مستعملة صيغة المضارع التي تفيد الوجوب وتدل على الحال والاستقبال؛ الأمر الذي يعني أنه سيتمر العمل بالتقسيم الحالي بموجب المرسوم رقم 2.11.445 الصادر بتاريخ 4 نوفمبر 2011 الذي يبقى ساري المفعول في أفق إعادة النظر في هذا التقسيم وفي دوائر الاختصاص المحلي لتلك الأقسام، بموجب مرسوم جديد يصدر هذه المرة بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.
وتشتمل هذه الأقسام وجوبا على غرف للتحقيق، وغرف للجنايات الابتدائية وغرف الجنايات الاستئنافية ونيابة عامة وكتابة للضبط.
رابعا – قسم جرائم الإرهاب:
وهو قسم يحدث بمحكمة الاستئناف بالرباط وحدها دون بقية محاكم الاستئناف المغربية، يختص بالبت فى جرائم الإرهاب، تبعا للاختصاص المسند لهذه المحكمة بموجب المادة السابعة من القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ، والتي تنص على أنه ” بصرف النظر عن قواعد الإختصاص المقررة في قانون المسطرة الجنائية أو في نصوص أخرى، تختص محكمة الاستئناف بالرباط بالمتابعة والتحقيق والحكم في الجرائم الإرهابية”.
وقد أجازت المادة نفسها في فقرتها الثانية لهذه المحكمة، ولأسباب تتعلق بالأمن العمومي، أن تعقد جلساتها بصفة استثنائية بمقر أي محكمة أخرى من محاكم الاستئناف المغربية دون أن يعني هذا الجواز نقل الاختصاص للمحكمة التي عقدت الجلسات بها، وإنما يستمر الاختصاص لمحكمة الاستئناف بالرباط، منعقدا لقسم جرائم الإرهاب بها بشكل حصري دون غيره من بقية الأقسام.
ويقصد بالجرائم الإرهابية التي يختص بنظرها قسم جرائم الإرهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط، الأفعال التي لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف، وقد عددها المشرع في الباب الأول مكرر من مجموعة القانون الجنائي.
ويشتمل هذا القسم وجوبا على غرفة للتحقيق، وغرفة للجنايات الابتدائية وغرفة للجنايات الاستئنافية ونيابة عامة وكتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة.
وقد نصت المادة 69 من قانون التنظيم القضائي على أنه ” يرأس كل قسم من أقسام الجرائم المالية والقسم المختص بالبت في جرائم الإرهاب وكل غرفة أو هيئة بمحكمة الاستئناف مستشار. يعين المستشارون المشار إليهم في الفقرة السابقة ونوابهم طبقا للكيفيات المنصوص عليها في الفرع الأول من الفصل الثاني من الباب الثاني من القسم الأول من هذا القانون. يعين رؤساء الأقسام المتخصصة في القضاء الإداري ورؤساء الأقسام المتخصصة في القضاء التجاري بقرار للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
تعمل الأقسام المتخصصة في القضاء الإداري والأقسام المتخصصة في القضاء التجاري وأقسام الجرائم المالية والقسم المختص في جرائم الإرهاب وباقي الغرف تحت إشراف الرئيس الأول للمحكمة والوكيل العام للملك لديها، كل في مجال اختصاصه، عدا القسم المتخصص في القضاء الإداري الخاضع لإشراف الرئيس الأول للمحكمة وحده “.
وأشارت المادة 70 من قانون التنظيم القضائي إلى أنه ” يعين من بين قضاة محكمة الاستئناف، طبقا للكيفيات المنصوص عليها في الفرع الأول من الفصل الثاني من الباب الثاني من القسم الأول من هذا القانون، أي مستشار ينتدب لمهمة بالمحكمة، وعند الاقتضاء مفوض ملكي أو أكثر للدفاع عن القانون والحق بالقسم المتخصص في القضاء الإداري. يعين المستشارون المكلفون بالأحداث والقضاة المكلفون بالتحقيق لمدة ثلاث سنوات بقرار للمجلس الأعلى للسلطة القضائية باقتراح من الرئيس الأول للمحكمة”.
فنظرا لتنوع المهام والوظائف التي تباشرها محاكم الاستئناف، سواء القضائية منها أو الإدارية فإن هذا القانون وفي إطار التدبير الجيد للعمل داخل المحكمة، أعطى لأجهزتها التنظيمية ممثلة في مكتب المحكمة، صلاحية تعيين مستشارين فى هذه المهام القضائية والإدارية التي ينتدبون للقيام بها، ومنها مفوض ملكي أو أكثر للدفاع عن القانون والحق بالقسم المتخصص في القضاء الإداري.
ويقتصر هذا التعيين من قبل مكتب المحكمة بمناسبة إعداده لبرنامج العمل قبل عرضه على الجمعية العامة التي تحسم في تعيين المستشارين المنتدبين لمهمة محددة، على اعتبار أن صلاحية التعيين في بقية ما جاء في الفقرة الثانية من المادة موضوع الشرح يرجع للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بناء على مقترح من الرئيس الأول للمحكمة ، لا سيما :
أولا – المستشار المكلف بالأحداث :
ويعين فى هذه المهمة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. بقرار للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بناء على مقترح من الرئيس الأول للمحكمة من بين المستشارين العاملين بمحكمة الاستئناف، من أجل أداء المهام المنوطة به في مجال قضاء الأحداث طبقا لمقتضيات قانون المسطرة الجنائية، لا سيما الفصول من 485 إلى 487.
فإذا ما تغيب المستشار المعين أو حال دون قيامه بمهمته مانع. ، فإن الرئيس الأول يكلف من يقوم مقامه بعد استشارة الوكيل العام للملك.
ثانيا – القاضي المكلف بالتحقيق:
ويعين في هذه المهمة هو الآخر لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، بقرار للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بناء على مقترح من الرئيس الأول للمحكمة من بين المستشارين العاملين بمحكمة الاستئناف.
وسواء تعلق الأمر بالمستشار المكلف بالأحداث أو القاضي المكلف بالتحقيق، فإن مقتضى هذه المادة، قد وضع حدا لتدخل السلطة التنفيذية من خلال وزير العدل في تعيين هؤلاء ضمانا لاستقلاليتهم.