تنص المادة 57 من ظهير التنظيم القضائي على ما يلي ” ينظر قسم قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث، وكذا قضايا الحالة المدنية والكفالة والجنسية، وفي كل القضايا التي لها علاقة برعاية وحماية الأسرة.
مع مراعاة الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 54 أعلاه، يمارس رئيس قسم قضاء الأسرة أو من ينوب عنه الاختصاصات المخولة قانونا لرئيس المحكمة الابتدائية، فيما له صلة باختصاصات هذا القسم “.
أتى الدور في هذه المادة على قسم قضاء الأسرة ليأخذ نصيبه من الاختصاصات التي يستأثر بنظرها، هو الآخر، دون غيره من بقية الاقسام والغرف، وقد حددت في :
1) قضايا الأحوال الشخصية:
ويقصد بها تلك القضايا التي يكون موضوعها متعلقا بالحالة الشخصية للإنسان، سواء في بعدها الفردي من كون الشخص ذكرا أو أنثى، أو ابنا شرعيا أو ابنا غير شرعي، أو كونه تام الأهلية أو ناقصها أو منعدمها، أو في بعدها الأسرى في كل ما يتصل بعلاقات الزواج وانحلال ميثاقه ، والآثار المترتبة عليها، من واجبات وحقوق متبادلة، وولادة ونتائجها، ونيابة شرعية، وواجبات وحقوق مرعية بعد انتهاء العلاقة الزوجية بوفاة أو طلاق أو تطليق أو فسخ أو خلع ؛ وكل ذلك طبقا لأحكام ومقتضيات مدونة الأسرة.
2) قضايا الميراث:
بداية لعل المتسائل يتساءل عن سبب ذكر المشرع دائما الميراث بشكل مستقل، عاطفا إياه على الأحوال الشخصية رغم كون الأحكام التي تنظمهما ضمنت في قانون واحد هو مدونة الأسرة، أفلا يدخل الميراث ضمن جملة قضايا الأحوال الشخصية؟ والجواب أنه رغم تضمين أحكامهما في قانون واحد إلا أن طبيعة كل واحد منهما تختلف عن الآخر؛ وبعبارة أخرى لأن الميراث لا يدخل ضمن مفهوم الأحوال الشخصية، وإنما يدخل ضمن مفهوم الأحوال العينية، لتعلقه بالحقوق المالية المترتبة بسبب مخصوص هو الوفاة.
فكل القضايا التي يكون موضوعها المنازعة في حق من هذه الحقوق المالية المترتبة بسب الوفاة، كالمطالبة بإحصاء التركة، أو افتتاحها وقسمتها، أو المنازعة في نصيب من الأنصبة المستحقة، أو تنفيذ الوصية أو مدى صحتها، أو غيرها من القضايا المرتبطة بهذه الحقوق، فإن قسم قضاء الأسرة هو وحده الذي يختص بنظرها دون غيره من بقية الأقسام والغرف بالمحكمة الابتدائية.
3) قضايا الحالة المدنية:
ويقصد بها القضايا المتعلقة بنظام الحالة المدنية المنظم بمقتضى القانون رقم 36.21 المتعلق بالحالة المدنية في كل ما يرتبط بتسجيل وترسيم الوقائع المدنية الأساسية للأفراد من ولادة ووفاة وزواج وطلاق، وضبط جميع البيانات المتعلقة بها من حيث نوعها وتاريخ ومكان حدوثها في سجلات الحالة المدنية.
4) قضايا الكفالة:
وتنصرف أساسا إلى القضايا المتعلقة بكفالة الأطفال المهملين طبقا للقانون رقم 15.01 والذي اعتبر في مادته الأولى مهملا كل طفل من كلا الجنسين لم يبلغ سنه ثمان عشرة سنة شمسية كاملة إذا وجد في إحدى الحالات التالية:
- إذا ولد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها.
- إذا كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش.
- إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية، أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته بعد فقد الآخر أو عجزه على رعايته منحرفا ولا يقوم بواجبه المذكور إزاءه.
فكل طفل وجد في حالة من إحدى هذه الحالات يعتبر طفلا مهملا يمكن كفالته بالالتزام برعايته وتربيته وحمايته والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده دون أن يترتب عن هذه الكفالة حق في النسب ولا في الإرث.
فإذا ما تمت الكفالة طبقا للشروط والمسطرة المحددة في القانون المشار إليه أعلاه، ونشأ بشأنها نزاع مرتبط بتنفيذها أو الإخلال بالتزاماتها أو المطالبة باسترجاعها من قبل والدي الطفل المكفول، فإن قسم قضاء الأسرة هو الذي يختص دون غيره من بقية الأقسام والغرف بالمحكمة الابتدائية بالبت في هذه القضايا ومثيلاتها.
5) قضايا الجنسية:
المرتبطة باكتساب الجنسية المغربية وفقدانها والتجريد منها، وكذا التجنيس واسترجاع الجنسية، والآثار المترتبة على كل ما ذكر، طبقا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 1.58.250 بسن قانون الجنسية المغربية ، فيختص بنظر هذه القضايا قسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية، دون غيره من بقية الأقسام والغرف.
وبالإضافة إلى هذه القضايا المشار إليها أعلاه، فإن قسم قضاء الأسرة يختص أيضا بنظر كل القضايا التي لها علاقة برعاية وحماية الأسرة.
ومع مراعاة الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 54 ، يمارس رئيس قسم قضاء الأسرة أو من ينوب عنه الاختصاصات المخولة قانونا لرئيس المحكمة الابتدائية، فيما له صلة باختصاصات هذا القسم، لاسيما مهام قاضي المستعجلات التي تضاربت بشأنها المواقف فيما قبل بين من يرى اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية وحده في ممارستها ولو تعلق الأمر بقضايا الأسرة، ومن يرى أن الاختصاص في ممارستها يرجع لرئيس قسم قضاء الأسرة لا سيما في الطلبات المرتبطة بالقضايا المعروضة على هذا القسم.