المساعدون الاجتماعيون بالمحاكم الابتدائية
تنص المادة 50 من ظهير التنظيم القضائي على أنه ” يمارس المساعدون الاجتماعيون المنتمون لهيئة كتابة الضبط بمكتب المساعدة الاجتماعية بكل من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، علاوة على المهام المسندة إليه بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وبتكليف من الجهات القضائية المختصة المهام التالية:
– القيام بالاستقبال والاستماع والتوجيه ومواكبة الفئات الخاصة؛
– إجراء الأبحاث الاجتماعية؛
– ممارسة الوساطة أو الصلح في النزاعات المعروضة على القضاء؛
– القيام بزيارات تفقدية لأماكن الإيداع وأماكن الإيواء؛
– تتبع تنفيذ العقوبات والتدابير القضائية؛
– تتبع وضعية ضحايا الجرائم؛
– تتبع النساء ضحايا العنف.
يرفع مكتب المساعدة الاجتماعية تقارير إلى المسؤولين القضائيين والإداريين بالمحكمة حول الإحصائيات والدراسات والصعوبات والإكراهات المطروحة، كل سنة أو كلما طلبت الهيئة القضائية منه ذلك.
كما ينجز مكتب المساعدة الاجتماعية تقارير إدارية حول سير أشغاله والصعوبات التي تعترضه والحلول الكفيلة بتطوير عمله، ترفع إلى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل. يتم تنظيم مكتب المساعدة الاجتماعية بموجب النص التنظيمي المشار إليه في المادة 22 أعلاه “.
ينص المشرع في هذه المادة على إنشاء مكتب للمساعدة الاجتماعية في المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، وذلك للمرة الأولى، بهدف تأسيس دعائم نظام موازٍ يقدم الدعم ويساعد في تحسين سير العمل القضائي.
ونظام المساعدة الاجتماعية القضائية هو أحد الأنظمة التي اعتمدتها العديد من الدول الغربية مثل بلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك بعض الدول العربية مثل قطر، ضمن منظوماتها القضائية. يهدف هذا النظام إلى إيجاد حلول سريعة وفعالة لبعض القضايا الخاصة التي تتعلق بطبيعة الأطراف المعنية، خاصة في الحالات التي تتعلق بالمرأة أو الطفل أو الأزواج في إطار العلاقات الأسرية، أو بالأجراء في إطار العلاقات الشغلية.
وتتم المساعدة القضائية الاجتماعية في الأصل بناءً على تكليف من القضاء يُوجه إلى المساعد الاجتماعي المختص، وذلك لإجراء بحث اجتماعي حول نقطة معينة تتعلق بالقضية المعروضة، أو من خلال انتدابه لتقديم الدعم النفسي أو الاجتماعي أثناء نظر القضية.
وتبنى المشرع نظام المساعدة الاجتماعية الذي يشمل إجراء الأبحاث الاجتماعية، وذلك من خلال العديد من المقتضيات المنصوص عليها في مجموعة من القوانين. من أبرز هذه القوانين قانون المسطرة الجنائية، حيث نص في المادة 87 على أن القاضي المكلف بالتحقيق يلتزم بإجراء بحث حول شخصية المتهم وحالته العائلية والاجتماعية في قضايا الجنايات، بينما يكون هذا البحث اختيارياً في قضايا الجنح. ويتم إجراء هذا البحث إما بواسطة ضباط الشرطة القضائية أو من خلال أي شخص أو مؤسسة مؤهلة لهذا الغرض.
كما منح المشرع في المادة 474 لقاضي الأحداث صلاحية إجراء بحث اجتماعي بنفسه أو إصدار أمر بذلك، لتحديد التدابير اللازمة لضمان حماية الحدث وإنقاذه. وقد منح القاضي أيضًا صلاحية تلقي معلومات عبر البحث الاجتماعي تتعلق بحالة عائلة الحدث المادية والمعنوية، وطبعه وسوابقه، ومدى مواظبته على الدراسة وسيرته فيها، وسلوكه المهني، ورفاقه، بالإضافة إلى الظروف التي نشأ فيها وتلقى تربيته.
ويمكن لقاضي الأحداث، من أجل الوقوف على هذه المعلومات، أن يكلف إجراء البحث الاجتماعي إلى الإدارة المكلفة بالشؤون الاجتماعية أو إلى إحدى الجمعيات أو الأشخاص أو المساعدين الاجتماعيين المؤهلين لهذا الغرض.
وفي مجال الأسرة، ألزم المشرع في المادة 20 من مدونة الأسرة قاضي الأسرة المكلف بالزواج، قبل الإذن بزواج الفتى أو الفتاة دون سن الأهلية، بضرورة الاستماع إلى أبوي القاصر أو نائبه الشرعي. كما يجب عليه الاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي بواسطة أحد المساعدين الاجتماعيين، وذلك لضمان اتخاذ القرار المناسب وحماية مصلحة القاصر.
كما منح المشرع للمحكمة في المادة 172 صلاحية الاستعانة بمساعدة اجتماعية لإعداد تقرير حول سكن الحاضن وما يوفره للمحضون من الحاجات الضرورية المادية والمعنوية. بالإضافة إلى ذلك، نص في المادة 251 على إحداث مجلس للعائلة، يتم تحديد تكوينه ومهامه بموجب نص تنظيمي، ويُناط به مساعدة القضاء في شؤون الأسرة واختصاصاته المتعلقة بها.
وقد تم تفعيل هذا النظام على مستوى المحاكم المغربية من خلال مجموعة من الخلايا المتخصصة، حيث تختص بعض هذه الخلايا في التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وبعضها الآخر في إجراء الأبحاث الاجتماعية، بينما تتولى خلية أخرى مهمة المرافقة والتتبع. ويعمل في هذه الخلايا مساعدون اجتماعيون، إلا أنهم لا يتمتعون بنظام أساسي خاص ينظم مهنتهم، على الرغم من الأهمية الكبيرة لدورهم الذي أراده المشرع من خلال إشراكهم في المساطر القضائية.
والجديد في هذه المادة أنها نصت بشكل صريح على أن المساعدين الاجتماعيين العاملين في مكتب المساعدة الاجتماعية بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف ينتمون إلى هيئة كتابة الضبط.
ولترسيخ هذا النظام والاستفادة من مزاياه، قرر المشرع في إطار هذا القانون إحداث مكتب للمساعدة الاجتماعية يتولى، بالإضافة إلى المهام التي يمكن أن تسند إليه بناءً على النصوص التنظيمية والتشريعية المعمول بها، ممارسة الاختصاصات التالية:
– القيام بالاستقبال، الاستماع، التوجيه، ومواكبة الفئات الخاصة: حيث سيتجاوز دور هذه المكاتب حدود التدخل في المساطر القضائية الجارية ليشمل مساعدة المتقاضين والمرتفقين بالمحاكم. سيتم ذلك من خلال إنشاء خلايا متخصصة للاستقبال والدعم والتوجيه، بالإضافة إلى خلايا مخصصة لمواكبة الفئات الخاصة مثل ذوي الاحتياجات الخاصة، النساء والأطفال في وضعية صعبة، المغاربة المقيمين بالخارج، وغيرهم من الفئات المستحقة للدعم والمساعدة.
– إجراء الأبحاث الاجتماعية بناءً على طلب السلطات القضائية: وفقاً للمقتضيات القانونية المعمول بها في مختلف المساطر القضائية التي تتطلب إجراء بحث اجتماعي، مثل الحالات التي تم الإشارة إليها سابقاً، وذلك بهدف تقديم معلومات اجتماعية تساهم في اتخاذ القرارات القضائية المناسبة.
– ممارسة الوساطة أو الصلح في النزاعات المعروضة على القضاء: سواء في الحالات التي يكون فيها الصلح إلزامياً بموجب القانون أو اختيارياً. ومع ذلك، هناك حالات يشترط فيها المشرع أن يتم الصلح من قبل أشخاص معينين، كما هو الحال بالنسبة للحكمين في مسطرة الشقاق، حيث يتم إجراء الصلح من قبل الجهات التي أسند إليها القانون هذه الصلاحية. ومع ذلك، يمكن أن تتم محاولة صلح إضافية بواسطة أحد المساعدين الاجتماعيين في حال فشل المحاولة الأولى.
– القيام بزيارات تفقدية لأماكن الإيداع من أجل رصد وضعية الأفراد فيها وتقديم المساعدة اللازمة لهم، سواء من خلال الدعم النفسي أو بتقديم المقترحات التي تراها مناسبة لتجاوز المشاكل والاختلالات التي قد يتم رصدها خلال الزيارة.
– القيام بزيارات تفقدية لأماكن الإيواء التي يوضع بها النساء أو الأطفال في وضعية صعبة، بهدف رصد وضعية الأفراد المتواجدين فيها وتقديم المساعدة اللازمة لهم، سواء من خلال الدعم النفسي أو بتقديم المقترحات التي تراها مناسبة لتجاوز المشاكل والاختلالات التي قد يتم رصدها في هذه الأماكن.
– تتبع تنفيذ العقوبات والتدابير القضائية في المؤسسات السجنية أو بمراكز المصاحبة وإعادة الإدماج، تحت إشراف القاضي المكلف بتطبيق العقوبات.
– متابعة حالة ضحايا الجرائم من الناحية النفسية والاجتماعية، وتوفير الدعم الضروري لهم لمساعدتهم في التعامل مع تأثيرات الجريمة على حياتهم.
– متابعة حالة النساء ضحايا العنف من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، والعمل على مساعدتهن بتوجيههن نحو الحلول المناسبة لتجاوز المشاكل التي يعانين منها، مع العمل على حلها بشكل قانوني يحفظ حقوقهن وكرامتهن.
ويتعين على مكتب المساعدة الاجتماعية إعداد تقارير ترفع إلى المسؤولين القضائيين والإداريين بالمحكمة التي يتبع لها، تتضمن الإحصائيات والدراسات والصعوبات والإكراهات المطروحة، وذلك سنويًا أو كلما طلبت الهيئة القضائية منه ذلك.
كما يقوم مكتب المساعدة الاجتماعية بإعداد تقارير إدارية تتعلق بسير أعماله والصعوبات التي يواجهها، بالإضافة إلى الحلول المقترحة لتطوير أدائه، حيث تُرفع هذه التقارير إلى السلطة الحكومية المكلفة بالعدل.