من المبادئ الجديدة التي نص عليها قانون التنظيم القضائي رقم 38.15 مبدأ القضاء المتخصص. ويقصد بهذا المبدأ تخصص بعض المحاكم في بعض القضايا كما هو الحال بالنسبة للمحاكم التجارية والأقسام المتخصصة في القضاء التجاري بالمحاكم الابتدائية
وكما هو الشأن كذلك بخصوص المحاكم الإدارية والأقسام المتخصصة في القضاء الإداري في المحاكم الابتدائية دون أن ننسى طبعا محاكم الاستئناف التجارية والأقسام المتخصصة في القضاء التجاري بها ومحاكم الاستئناف الإدارية والأقسام المتخصصة في القضاء الإداري كمحاكم ثاني درجة متخصصة في المادتين التجارية والإدارية.
ونعتقد أن هذا المبدأ الجديد الذي نصت عليه المادة 5 من القانون المذكور أعلاه مبادرة جديرة بالاهتمام والعناية من طرف كل المهتمين والمتدخلين في المادة القانونية.
فعلى الباحثين أن يقوموا بإنجاز أبحاث تبرز أهمية المبدأ الجديد، وعلى الممارسين إظهار الجوانب الإيجابية والسلبية التي ينطوي عليها المبدأ، وعلى الجهات المسؤولة العمل على إيجاد قضاة متخصصين بأعداد كافية لتغطية حاجيات المحاكم والأقسام المتخصصة وعلى إعداد الوسائل المادية والبشرية اللازمة لإنجاح هذا التوجه الجديد تشريعيا والقديم عمليا حيث العمل بالقضاء المتخصص منذ 1993 (المحاكم الإدارية) و 1997 (المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية) و2006 (محاكم الاستئناف الإدارية).
وإيمانا بأهمية المبدأ المومأ إليه أعلاه، حرص المشروع على ضرورة مراعاة تخصص القضاة عند تعيينهم في المحاكم والأقسام المتخصصة. وفي تقديرنا هذه إشارة من المشرع إلى الجهات المعنية للقيام بما يلزم لإنجاح تنزيل المبدأ الجديد وتحقيق النتائج المتوخاة منه.
ورغم تنصيص المشرع على مبدأ التخصص إلا أنه أكد على اعتبار المحكمة الابتدائية صاحبة الولاية العامة في كل القضايا التي لا وجود لنص يمنح الاختصاص فيها لمحكمة أخرى. وهكذا نصت الفقرة الثانية من المادة 5 من القانون 38.15 على أنه : “… تشكل المحكمة الابتدائية الوحدة الرئيسية في التنظيم القضائي وهي صاحبة الولاية العامة في كل القضايا التي لم يسند الاختصاص بشأنها صراحة إلى جهة قضائية أخرى …”.