يقتضي هذا المبدأ أن يقف القاضي على مسافة واحدة بين أطراف الدعوى دون تحيز لطرف أو محاباته أو إرشاده أو توجيهه .و يستلزم هذا المبدأ أيضا أن يبت القاضي في النزاع في حدود وثائق الملف ومستندات القضية وما راج أمامه من مناقشات دون الاستناد إلى أدلة خارجية بما في ذلك علمه الشخصي. إذ القاعدة أن القاضي لا يحكم بعلمه، مالم يتعلق الأمر بالعلم العام.
كما يقتضي الحياد ألا تحكم المحكمة إلا في حدود طلبات الأطراف ، وألا تتجاوزها، ولو كانوا مستحقين لأكثر مما طلب ما لم يتعلق الأمر بالمسائل المتعلقة بالنظام العام. و في هذا الصدد تنص المادة 3 من قانون المسطرة المدنية على أنه” يتعين على القاضي أن يبت في حدود طلبات الأطراف ، ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات، ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة..
على أن هذا المبدأ ترد عليه بعض الاستثناءات في إطار ما يعرف بالحياد الايجابي للمحكمة من قبيل إنذار الأطراف بإصلاح المسطرة أو استكمال بعض البيانات أو النسخ المتعلقة بالدعوى، كما تنص على ذلك الفقرة الثانية من المادة الأولى، والتي تنص على أنه : ” لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة، والأهلية. والمصلحة، لإثبات حقوقه. يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان ضروريا ، وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة وإلا صرح القاضي بعدم قبول الدعوى…
و كذا ما تنص عليه الفقرة الأخيرة من المادة 33 من قانون المسطرة المدنية بالقول :” يطلب القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية عند الاقتضاء تحديد البيانات غير التامة أو التي تم إغفاله ، كما يطلب الإدلاء بنسخ المقال الكافية وذلك داخل أجل يحدده ، تحت طائلة الحكم بعدم قبول الطلب ….
و من جهة أخرى يقتضي مبدأ الحياد أن يتنحى القاضي من تلقاء نفسه وألا يتولى البت في النزاع، كلما وجدت حالات التنافي، وأسباب وظروف تؤثر في حياده كقيام علاقة قرابة أو مصاهرة أو صداقة أو عداوة مع أحد الأطراف. تحت طائلة التجريح والمخاصمة وفقا لمقتضيات قانون المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية والنصوص ذات الصلة.