علاقة القانون الدستوري بالقانون الإداري:
يشكل كل من القانون الدستوري والقانون الإداري، جوهر القانون العام الداخلي، ويرتبطان بعدة روابط إلى الحد الذي يصعب معه التمييز بينهما أحيانا، فالقانون الدستوري يمثل قمة النظام القانوني الداخلي في الدولة، ويعتبر بذلك الأساس والمقدمة الضرورية للقانون الإداري، كما يعد القانون الإداري نهاية للقانون الدستوري، وما يؤكد هذا الارتباط بينهما هو ما ذهب إليه بارتلمي في قوله : إن القانون الدستوري يبين لنا كيف شيدت الآلة الحكومية، أما القانون الإداري فيبين كيف تسير هذه الآلة وكيف تقوم كل قطعة منها بوظيفتها .
ورغم الارتباط الوثيق بين القانون الدستوري والقانون الإداري، فلكل منهما مجاله الخاص حيث يمكن التمييز بينهما انطلاقا من كون القانون الدستوري هو قانون السلطات العامة الثلاث، أما القانون الإداري فهو قانون الإدارة العامة، وقد عبر عن هذا التمييز بعض الفقهاء حيث قيل بأن القانون الدستوري يقرر المبادئ الأساسية للقانون العام في الدولة بينما القانون الإداري هو الذي يضع المبادئ موضع التنفيذ .
فالقانون الدستوري يهتم بكل ما له علاقة بالتنظيم السياسي في الدولة، في حين أن القانون الإداري يهتم بكل ما له علاقة بالتنظيم الإداري، وهذان المجالات يتكاملان فيما بينهما، مما يدل على الارتباط الكبير بين القانون الدستوري والقانون الإداري رغم أن لكل منهما مجاله الخاص.
علاقة القانون الدستوري بالقانون المالي.
إن القانون المالي يستمد المبادئ والقواعد المتصلة بكل هذه الجوانب من الدستور، والدستور هو الذي يحدد الفلسفة الاجتماعية والسياسية التي يقوم عليها النظام السياسي في البلاد ومن بينها المبادئ الخاصة بالميزانية ولا سيما الجانب المتعلق بالضرائب والايرادات وطرق الانفاق وضبط التوازن المالي للدولة، بل ان بعض الدساتير مثل الدستور المغربي يتعرض لبع المساطر المتعلقة بالموازنة.
فالقانون المالي هو الذي يتولى تحديد ميزانية الدولة، وتربط هذا القانون عدة روابط بالقانون الدستوري، حيث كان الهدف أصلا من نشؤ البرلمانات وعلى رأسها البرلمان الإنجليزي هو ضبط الاختصاصات المالية للدولة، ومصادر تمويلها، وطرق صرفها كما يرتبط القانون المالي بإيديولوجية الدولة، وإضافة إلى ذلك فالدستور يشمل في مقتضياته مجموعة من الفصول المرتبطة بمالية الدولة وبميزانيتها العامة ، وبالتالي فالوثيقة الدستورية تعد منطلقا ومقدمة أساسية للمالية العامة وهذا الأمر يجعل العلاقة أكثر متانة بين القانون الدستوري والقانون المالي.
علاقة القانون الدستوري بعلم السياسة.
يقصد بعلم السياسة” علم حكم الدول أو علم المبادئ التي تقوم عليها علاقات الحكومات بالمواطنين وبالدول الأخرى “… ويهتم علم السياسة بدراسة الظواهر والأحداث السياسية وفي إطار هذه الدراسة غالبا ما يتم تجاوز المقترب القانوني، واعتماد مقتربات علمية سياسية واجتماعية تأخذ بعين الاعتبار كل أبعاد الظاهرة المدروسة .
وقد كان لهذا الأمر عدة آثارعلى القانون الدستوري، الشيء الذي جعل علاقة القانون الدستوري بعلم السياسة علاقة وطيدة رغم الاختلاف البسيط بين الباحثين والفقهاء حول درجتها وطبيعة مقاربتها .
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى كون العلاقة بين القانون الدستوري وعلم السياسة، ليست علاقة اصل بفرع، أو متغير مستقل بمتغير تابع بل هي علاقة تتميز بتكامل حقلين يصعب فهم موضوعات الواحد منها بمعزل عن انشغالات الآخر، سيما وأنهما معا يهتمان بنفس الظاهرة أي السلطة، فالقانون الدستوري في حاجة لعلم السياسة، وهو في نفس الوقت ضرورة بالنسبة لعلم السياسة، والدليل على ذلك هو اشتراك كل من القانون الدستوري وعلم السياسة في دراسة مجموعة من الموضوعات كالأحزاب السياسية، والجماعات الضاغطة وإن اختلفا في المنهج والمقاربة.