المجال الإجتماعيقانونيات

التزامات المؤاجر “أداء الأجر”

يتعلق الأمر بالالتزامات الناشئة عن عقد الشغل، فالمشغل يلتزم بتقديم الشغل المتفق عليه، وكذا الوسائل الضرورية اللازمة لإنجازه، وإذا تخلف عن ذلك، فإنه يلزم بمنح الأجر أو تعويض يوازي الضرر الذي تعرض له الأجير، لكن ذلك رهين بتوفر شرطين، أن يبقى الأجير رهن إشارة المشغل أولا وعدم تقديمه خدمات للغير ثانيا. هذا ونشير إلى أن للأجراء الحق في تسلم بطاقة الشغل والحق في الاستفادة من برامج محو الأمية والتكوين المستمر.

كما أن المشرع يفرض على المشغل علاوة على الالتزامات التعاقدية، التزامات قانونية كاتخاذ التدابير الوقائية والمحافظة على الأمن، وتشمل هذه التدابير بالأساس صيانة أماكن العمل، صيانة وتأمين وسائل العمل، اتخاذ التدابير الضرورية للمحافظة على صحة وسلامة الأجراء، وذلك علاوة على قواعد حسن السلوك والأخلاق واستتباب الآداب العامة، داخل المؤسسة.

كما يتعين على المشغل احترام تنظيم الشغل خصوصا، مدة الشغل، العطل ،الحقوق الأساسية للأجراء مثل الحق النقابي، ويقع عليه أيضا التزام أداء النفقات أو التحملات الاجتماعية أو الضريبية، وضمان الحق في الإعلان للأجير عن المقتضيات التالية: اتفاقية الشغل الجماعية ومضمونها، النظام الداخلي ،مواقيت الشغل، أساليب تطبيق الراحة الأسبوعية، المقتضيات القانونية والتدابير المتعلقة بحفظ الصحة والسلامة، وبالوقاية من خطر الآلات، تواريخ أداء الأجر، ومواقيته، ومكان أدائه، رقم التسجيل بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الهيئة المؤمنة ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية. لكن يبقى أهم التزام يقع على المؤاجر، هو توفير الحماية ضد الاحتياجات المعيشية وبعبارة أخرى أداء الأجر وهو ما ستركز عليه ضمن هذه الالتزامات.

فالأجر هو الدخل الذي يحدد للشغل، وهو عنصر أساسي في الإنتاج وفي عقد الشغل، فبدون الأجر يبقى الشغل عملا مجانيا أو عملا خيريا أو عمل استعباد واستغلال، وقد تعرضت مدونة الشغل للأجر في المواد 345 إلى 395 وتناول الأجر كعنصر أساسي من عناصر عقد الشغل،

الطبيعة القانونية للأجر (مفهومه) :

أ- المفهوم االقانوني للأجر :

الأجر هو أحد العناصر الأساسية في عقد الشغل، فهو أحد الالتزامات الأساسية الملقاة على عاتق المشغل، وباستقراء الفقرة الأولى من الفصل 723 من ق ل ع، نجد أن الأجر هو مقابل العمل، لكن هذا التعريف يبقى تحديدا ضيقا، إذا يستبعد فكرة الأجر الاجتماعي أو الغير المباشر الرامي إلى أمن وضمان استقرار أو عيش الأجير، وذلك بأداء الأجر في كل الحالات التي يتوقف فيها الأجير عن العمل سواء من طرف المشغل مباشرة أو من طرف بعض المؤسسات الأخرى المختصة.

وهذا ما أكده المشرع في مجالات متعددة، فالأجر يتضمن مكونات أخرى، والأمر يتعلق بالتعويضات ،الإكراميات، العلاوات، وسائر الامتيازات الأخرى المادية والعينية، وهذا ما كرسه الفصل 19 من ظهير 1972 المتعلق بالضمان الاجتماعي، وكذلك ظهير 18 يونيو 1936 الذي تم إلغاءه، وهو ما كرسته مدونة الشغل في المادة 357 التي جاء فيها: يحتسب الحد الأدنى القانوني للأجر في النشاطات غير الفلاحية تبعا للقيمة المحددة في المقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل، ويدخل في حسابه الحلوان ومكملات الأجر مادية كانت أو عينية.

ب- المفهوم الاقتصادي والاجتماعي للأجر:

في السابق كان ينظر إلى الشغل بمثابة سلعة ثمنها هو الأجر، وهكذا كان يحدد الأجر بكل حرية في نطاق إجارة الخدمة وتبعا لقاعدة العرض والطلب على الشغل، وأمام افتضاض سوق العمل باليد العاملة، انخفضت الأجور بشكل سريع مما أدى إلى تدهور الحالة المادية والاجتماعية للعامل الشيء الذي دفع بالدولة سنة 1936 بالتدخل لتحديد الأجر الأدنى وحمايته، وذلك بهدف حماية فئات الأجراء الأكثر حرمانا، ومن تم أصبح للأجر وظيفة اجتماعية معيشية لضمان حد أدنى من وسائل العيش الكريم، عبر تمكين الأجير وأسرته من تغطية حاجياتهم اليومية من غذاء ومسكن ولباس وتمدرس… إلخ.

وهذا التصور الجديد هو الذي يبرر منح الأجير جملة من التعويضات والأداءات بصرف النظر عن تقديمه لأي عمل لفائدة المشغل، وذلك من قبل التعويضات العائلية والتعويضات والإيرادات عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، التعويض عن العطلة السنوية المؤدى عنها الأجر، ورواتب الزمان وراتب الشيخوخة …

تحديد الأجر وأهميته:

إذا كان الأجر هو ما يتقاضاه الأجير مقابل عمله وبمناسبته، بل وفي بعض الأحيان لقاء مجرد تواجده في مكان الشغل، ولو لم يؤديه لسبب خارج عن إرادته، فإن هذا الأجر يتحدد بكامل الحرية باتفاق الطرفين، وذلك إما بكيفية مباشرة أو بمقتضى اتفاقية شغل جماعية مع ضرورة مراعاة الأحكام القانونية المتعلقة بالحد الأدنى، أما إذا لم يحدد الطرفان الأجر وفق المقتضيات السابقة، فإن المحكمة هي التي تتولى تحديده وفق العرف الجاري به العمل. وإذا كان هناك أجرا محددا سابقا، افترض في الطرفين أنهما ارتضياه، وهذا ويمنع المشرع كل تمييز في الأجر بين الجنسين، وذلك إذا تساوت قيمة الشغل الذي يؤديانه، بحيث أن المشغل الذي يخالف هذا المقتضى يعاقب بغرامة من 25000 إلى 30.000 درهم وفي حالة العود تضاعف الغرامة.

وإذا كان الأجر يحدد بناء على اتفاق الطرفين، فإن العامل يستفيد وجوبا من زيادة بسبب أقدميته وتسمى هذه الزيادة في الأجر بعلاوة الأقدمية تحتسب وفق الشكل التالي:

-%5 من الأجر المؤدى بعد قضاء 5 سنوات من العمل.

– %10 من الأجر المؤدى بعد قضاء 5 سنوات من العمل.

– %15 من الأجر المؤدى بعد 12 سنة من العمل.

– %20 من الأجر المؤدى بعد قضاء 20 سنة من العمل.

– %25 من الأجر المؤدى بعد قضاء 25 سنة من العمل.

ويراعى عن احتساب هذه العلاوة الأجرة بمعناها الأساسي وتوابعها بما فيه التعويضات عن الساعات الإضافية، باستثناء ما يلي:

– التعويضات العائلية.

– الحلوان، ما لم يكن هذا الأجر الوحيد للعامل.

-المكافات التي تمنح في بعض المناسبات ،مثلا في نهاية كل سنة.

– المساهمات في الأرباح.

– التعويضات التي تمنح للأجير عن قيامه بأعمال في ظروف صعبة أو القيام بأعمال خطيرة كالاشتغال في المقالع أو في أعالي البحار أو في المناجم أو في بعض المعامل التي تنتج الأسمنت أو المواد الكيماوية أو الغازية.

– التعويض الذي يدفع للعامل بسبب حلوله محل أجير آخر بصفة مؤقتة.

وفي الأخير نشير إلى أن لتحديد الأجر أهمية بالغة، فبالإضافة إلى دوره المعيشي للأجير وأسرته، تنعكس مستوياته على الجانب الاقتصادي الذي تعرفه البلد، على اعتبار أن الرفع أو التخفيض منه يكون له دائما أثر مباشر على القوة الشرائية للعمال، وبالتالي على النشاط الاقتصادي داخل الدولة بوجه عام. كما أنه يمكن اعتماده في حساب العديد من المستحقات التي يحصل عليها الأجير في فترة حياته أو ذوي حقوقه عند وفاته، نذكر من هذه المستحقات التعويضات والإيرادات عن حوادث الشغل والأمراض المهنية، وعلاوة الأقدمية والتعويضات المستحقة عن الطرد أو الفصل، وعند تحديد راتب الزمانة وراتب الشيخوخة التي يصرفهما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كما أن القواعد الخاصة بالحماية القانونية للأجور ولتقادمها ولإثباتها مرتبطة بقيمة الأجر.

طريقة احتساب الأجر:

يتوفر أطراف عقد الشغل على الحرية في تحديد الطريقة التي يتم على أساسها احتساب الأجر، وهي إما حسابه على أساس الزمن أو القطعة أو بالطريحة أي عبر الجمع بين الطريقتين:

1) حساب الأجر بالزمن: يقصد بها حساب الأجر باعتماد مدة زمنية معينة، كتحديد الأجر على أساس الساعة أو اليوم أو الشهر أو نصف الشهر. وإذا كان هذا الأسلوب يؤدي إلى استقرار الأجر بصرف النظر عن كمية الإنتاج، إلا أنه يفتقد إلى الحوافز التي تؤدي إلى الرفع من الإنتاج، فطريقة حساب الأجر بالزمن لا تساعد على تمييز الأجير المجد، ولا تحفز الأجير على زيادة إنتاجه، طالما أن أجره ثابت ومضمون، لذا يلجأ بعض المشغلين إلى اعتماد حساب الأجر بالقطعة.

2) حساب الأجر بالقطعة: يقصد به حساب الأجر على أساس وحدة إنتاجية معينة، أي بالنظر إلى عدد القطع المنتجة خلال مدة العمل، فيتناسب ما يحصل عليه الأجير من أجر مع عدد الوحدات التي ينتجها، هذه الطريقة تؤدي إلى تمييز الأجراء المجدين والمهرة عن غيرهم، إلا أنها بصفة عامة تؤدي إلى ارتفاع الإنتاج وإرهاق الأجراء مما يؤثر سلبا على جودة الإنتاج.

3) حساب الأجر بالطريحة: أي حساب الأجر باعتماد الزمن وعدد الوحدات المنتجة أثناء العمل، وما يزيد عن ذلك يأخذ عنه أجرا زائدا، وهذه الطريقة تساعد على ضمان قدر من الأجر الثابت، وفتح المجال أمام الأجير للزيادة في هذا الأجر، وبالتالي تحقق للمشغل الجمع بين الكمية المرغوب فيها والجودة المطلوبة.

السياسة التشريعية في تحديد الأجور:

تتدخل الدولة عن طريق وضع حد أدنى للأجر، وبذلك تضمن للأجراء حد أدنى من الحماية، من أجل الحفاظ على قدرتهم الشرائية التي تتغير بتغير مستوى الأسعار وازدياد نسبة التضخم.

1) مبدأ الحد الأدنى للأجر :

يقصد بالحد الأدنى القانوني للأجر، القيمة الدنيا المستحقة للأجير، والذي يضمن للأجراء ذوي الدخل الضعيف قدرة شرائية مناسبة لمسايرة تطور مستوى الأسعار، والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطور المقاولة، هذا وتطبيق مبدأ الحد الأدنى القانوني إن كان يطال جميع الأجراء، فإنه من ناحية أخرى يمنع كل تمييز في الأجر بين الجنسين، عندما تتساوى قيمة الشغل الذي يؤديانه، كما يجب أداؤه بالعملة الوطنية المتداولة.

ويستحق العمال الحد الأدنى للأجر، سواء كانوا يتقاضون أجورهم على أساس ساعة شغل، أو على أساس يوم شغل، أو على أساس القطعة أو الشغل المؤدى أو المردودية، اللهم إذا حدث نقص في حجم الشغل، ثبت بناء على معاينة يقوم بها خبير مقبول أنه يعود مباشرة إلى الأجير، وفي هذه الحالة لا يستحق هذا الأخير سوى الأجر المناسب للشغل المنجز حتى ولو كان دون الحد الأدنى القانوني.

وقد راعي المشرع حالة توقف الشغل بسبب لا يعود للأجير مخافة تأثير ذلك على الحد الأدنى للأجر، وهكذا أشارت المادة 347 من المدونة على أنه يؤدى للأجير عن المدة التي يقضيها في مكان الشغل في حالة ضياع الوقت لسبب خارج عن إرادته، أجر يحتسب بناء على نفس الأسس التي يحتسب عليها الأجر العادي. غير أنه إذا كان الأجير يتقاضى أجره، على أساس القطعة، أو الشغل المؤدى، أو المردودية، وجب له عن ذلك الوقت الضائع أجر يؤدى له على أساس معدل أجره خلال السنة والعشرون يوما السابقة، على أن لا يقل ذلك عن الحد الأدنى القانوني للأجر،

كما أن ضياع الوقت في النشاطات غير الفلاحية عندما يكون راجعا لأسباب خارجة عن إرادة الأجير، فإن الوقت المقضي بأماكن الشغل يحسب لفائدة الأجير ويؤدى عنه على أساس الأجرة العادية وفي المقابل إذا تعذر على المشغل في النشاطات الفلاحية، توفير الشغل بسبب حالات جوية غير مألوفة، فإن الأجير الذي يكون رهن إشارة المشغل طيلة الصباح وما بعد الزوال يستفيد من أجرة نصف يوم إذا ظل عاطلا اليوم بكامله، ويتقاضى ثلثي الأجرة اليومية إذا ظل عاطلا خلال نصف يوم فقط.

2) كيفية اعتماد الحد الأدنى للأجر:

يتم تحديد الحد الأدنى القانوني للأجر بنص تنظيمي تصدره السلطة الوصية على ميدان الشغل وهي وزارة التشغيل، وذلك بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، وتختلف طريقة احتساب الحد الأدنى القانوني للأجر حسب اختلاف القطاعات الاقتصادية، ففي القطاعين الصناعي والتجاري والمهن الحرة، وفي قطاع الخدمات يحدد على أساس الأجر المؤدى عن يوم شغل .

وقد تم مؤخرا إصدار مرسوم قانون رقم 12.19.424 يتعلق بالزيادة في الحد الأدنى القانوني للأجر في الصناعة والتجارة والمهن الحرة والفلاحة، جاء في إطار تطبيق نتائج الاتفاق الاجتماعي الذي تم بين الحكومة وثلاث مركزيات نقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب خلال 2 أبريل 2019، والذي أفضى إلى اتخاذ قرار بتحسين الوضعية المادية للأجراء سواء بالقطاع العمومي أو القطاع الخاص.

ومن بين الإجراءات التي تقرر أن تدخل حيز التطبيق ابتداء من فاتح يوليوز 2019، الرفع من الحد الأدنى القانوني للأجر المعمول به في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات وفي الفلاحة بنسبة 10 في المائة على مرحلتين، 5 في المائة ابتداء من فاتح يوليوز 2019 و 5 في المائة في يوليوز 2020 وهكذا أصبح الحد الأدنى القانوني للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة والخدمات 14.13 درهما للساعة ابتداء من فاتح يوليوز 2019 و 14,81 درهما ابتداء من فاتح يوليوز 2020.

أما بالنسبة للقطاع الفلاحي والغابوي وتوابعه فتحدد الأجرة اليومية الدنيا في المرحلة الأولى في 73,22 درهما ابتداء من فاتح يوليوز 2019، و 76.70 درهم ابتداء من فاتح يوليوز 2020 ويدخل في حساب الحد الأدنى القانوني للأجر في النشاطات غير الفلاحية الحلوان ومكملات الأجر الأخرى مادية كانت أو عينية، أما في النشاطات الفلاحية فلا تحسب الفوائدالعينية ضمن الحد الأدنى القانوني للأجر.

وفي الأخير نشير إلى أن الحد الأدنى للأجر من النظام العام، وكل اتفاق بتخفيضه سواء كان فرديا أو جماعيا يكون باطلا بقوة القانون والمشغل الذي يخالف هذه المقتضيات يعاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم، وتكرر عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء الذين لم يراع في حقهم تطبيق الحد الأدنى القانوني للأجر على أن لا يتجاوز المجموع 20.000 درهم، بالإضافة إلى ذلك فإنه وعند النزاع، إذا لم تؤد المبالغ المستحقة قبل انعقاد الجلسة فإن المحكمة تقضي تبعا لطلب الأجير المعني بالأمر، بما يعادل الحد الأدنى القانوني للأجر من المبالغ التي احتجزت له كلا أو بعضا دون سبب قانوني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى