المجال الإجتماعيقانونيات

تعريف عقد الشغل وتحديد طبيعته

تعريف عقد الشغل:

عرف المشرع المغربي بموجب الفصل 723 من ق ل ع عقد الشغل: “بأن إجارة الخدمة أو العمل عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين في نظير أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له”.

لكن هذا التعريف تعرض للنقد على اعتبار أن اصطلاح عقد إجارة الخدمة يتجاهل البعد الإنساني لعلاقات الشغل، فيجعل من العمل مجرد سلعة، وبالتالي لا يعير أي اهتمام لشخص الأجير، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هو تعريف غير دقيق لأنه يغفل عنصرا مهما من العناصر المكونة له وهو عنصر التبعية، الذي يميز عقد الشغل ويعطيه خصوصيته التي تسمح بتميزه عن غيره من العقود، إذ يلاحظ أن تعريف إجارة الخدمة هو نفس تعريف إجارة الصنعة أو عقد المقاولة، والفرق واضح بين العقدين الأول يقوم على التبعية والثاني على الاستقلالية.

ويلاحظ أن المدونة قد حاولت تجاوز عدم الدقة الذي يعتري الفصل 723 ق ل ع، فهي وإن لم تعرف عقد الشغل بصفة مباشرة، فإنها تداركت الأمر من خلال تعريفها للأجير في المادة 6، بأنه هو “ذلك الشخص الذي يلتزم ببذل نشاطه المهني تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين مقابل أجر، أيا كان نوعه وطريقة أدائه” .

فالمادة السادسة، تشتمل على جميع العناصر التي يجب توافرها في عقد الشغل، والممثلة في شغل مؤدى من طرف الأجير نظير أجر أيا كان نوعه وطريقة أدائه في إطار التبعية.

ومن خلال هذا التحديد، سنحاول صياغة تعريف لعقد الشغل مسايرة للتشريعات المقارنة والفقه والقضاء، ونعتبر عقد الشغل هو: “عقد يلتزم بمقتضاه شخص بوضع نشاطه المهني لفائدة شخص آخر يسمى المشغل تكون له سلطة عليه وذلك في مقابل معين يسمى الأجر”.

تحديد الطبيعة القانونية لعقد الشغل:

إن تطبيق جميع النصوص القانونية المتعلقة بتنظيم الشغل يتوقف إلى حد ما على معرفة الطبيعة القانونية لعقد الشغل، أي تحديد صفاته، فما هي هاته الأخيرة؟

1- هو عقد يغلب عليه الطابع الشخصي:

فالمشغل لا يقدم على التعاقد مع أي أجير إلا استنادا إلى كفاءة وخبرة تتوافر فيه دون سواه، هي التي تؤهله للقيام بالعمل المنوط به، فشخصية ومؤهلات الأجير يأخذها المشغل بعين الاعتبار عند التعاقد، ويترتب على ذلك أنه يمكن إبطال العقد بسبب الغلط في الشخص.

2- هو عقد رضائي:

أي أن تكوينه يتم بمجرد تلاقي إرادتي المؤاجر والأجير، فلا يشترط في هذا التكوين شكلية خاصة باستثناء بعض الحالات القليلة كعقد شغل الأجانب المادتان (516-517 من م ش)، أو عقد شغل العمال البحريين (الفصل 67 من ظهير 1 مارس 1919 المتعلق بالقانون البحري)، أو الممثلين والوسطاء التجاريين (المادة 80 مش).

ونستخلص رضائية عقد الشغل من نص المادة 15 من م ش التي جاء فيها: “تتوقف صحة عقد الشغل على الشروط المتعلقة بتراضي الطرفين…” كما تنص الفقرة الثانية من ذات المادة على أنه: “وفي حالة إبرام عقد الشغل كتابة يجب تحريره في نظيرين”، مما يفيد أن العقد يمكن أن لا يكون مكتوبا.

3- هو عقد تبادلي:

أي أنه ملزم للجانبين، فهو ينشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من الأجير والمؤاجر بحيث يصبح كل واحد منهما دائنا من ناحية ومدينا من ناحية أخرى، فالأجير مثلا يصبح دائنا بالأجر ومدينا بتقديم العمل، والعكس بالنسبة للمؤاجر.

4- هو عقد معاوضة:

عقد المعاوضة هو الذي يأخذ فيه المتعاقد مقابلا لما يعطي، لذلك فإن الأجر هو ركن من أركان هذا العقد، بذلك لا يعتبر العمل التطوعي عقد شغل، كما لا يعتبر العمل المجاني عقدالوظيفة.

5- هو عقد مستمر:

فالتغيير في المركز القانوني لأحد أطراف العلاقة خاصة المشغل لا ينهي العقد، فعقد الشغل لا ينفسخ بموت رب العمل (الفصل 754 ق ل ع)، كما أن الإرث أو البيع أو الإدماج أو تحويل المشروع أو تقديمه حصة في شركة لا يحول دون استمرار العلاقة التعاقدية بين المالك الجديد للمشروع وبين عماله وخدمه ومستخدميه.

6- عقود الشغل هي غالبا عقود إذعان:

وقد كانت فيما مضى تعتبر إذعان من طرف الأجير فقط الذي يرضخ لشروط المؤاجر أما الآن فقد أصبح الإذعان نافذا بالنسبة للطرفين، إذ كلاهما يذعن لنموذج العقد المبرم طبقا للمقتضيات القانونية التي تنظم العلاقة بينهما بشكل أمر، وكذا الاتفاقية الجماعية، أو النماذج الموضوعة من طرف السلطة العمومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى