إن الدعوى مجرد رخصة لصاحبها وليست واجبًا عليه ، فله استخدامها وله تركها فلا يجبر على مباشرتها، وله أيضا مطلق الحرية في تحديد الوقت أو الظرف الذي يراه مناسبا للالتجاء إلى القضاء، وله كذلك الحق في النزول عن خصومته التي أقامها إذا لم يتعلق بها حق المدعى عليه، من هنا تبرز خصوصية هذا الحق باعتباره حقا إجرائيا تحكمه قواعد الإجراءات التي يجب أن تنظمه طبيعته و تحدد عناصره.
عناصر الدعوى:
تتكون الدعوى من عناصر معينة، مثلها في ذلك مثل سائر الحقوق، فهي لابد لها من أشخاص تقوم بينهم، ومحل ترد عليه، وأخيراً لابد لها من سبب تستند إليه:
1 – أشخاص الدعوى ( أطراف الدعوى):
يقصد بأشخاص الدعوى أطرافها، أي الشخص الذي ينسب له الإدعاء والشخص الذي يوجه إليه هذا الإدعاء، وبمعنى آخر المدعي والمدعى عليه, وبناء على ذلك فالقاضي لا يعتبر طرفا في الدعوى.
والعبرة في تحديد أشخاص الدعوى هي بصفتهم فيها لا بمباشرتهم لها، إذ قد تباشر الدعوى من شخص لا صفة له بالنسبة للحق أو المركز القانوني المدعى به, مثل المحامي أو الوكيل في الخصومة ومع ذلك فأيهم لا يعد طرفا في الدعوى وإنما الذي يعد كذلك هو الموكل أو الأصيل الذي ينسب له الحق أو يكون طرفا سلبيا فيه.
ولا يشترط في أشخاص الدعوى أن يكونوا من الأشخاص الطبيعيين، فقد يكونوا من الأشخاص الاعتباريين كشركة أو جمعية أو وزارة أو مصلحة، كما لا يشترط فيهم أن يكونوا كاملي الأهلية، فقد يكون القاصر والمحجور عليه مدع أو مدعى عليه؛ لأنه لا يباشر الدعوى بنفسه أو تباشر في مواجهته وإنما تباشر بواسطة أو في مواجهة من يمثله.
2 – محل الدعوى:
يقصد بمحل الدعوى ما تهدف الدعوى إلى تحقيقه، أي ما يطلبه المدعي في دعواه، وهو عبارة عن تقرير وجود أو عدم وجود حق أو مركز قانوني، أو إلزام الخصم بأداء معين .
والحقيقة أن هذا العنصر يختلف من دعوى إلى أخرى، غير أنه دائما يتكون من ثلاثة عناصر أساسية، هي:
- الحكم المطلوب إصداره من القضاء: هل هو مجرد تأكيد وجود أو نفي حق أو إحداث تغيير معين في الحق أو المركز القانوني أو الإلزام بأداء معين قابل للتنفيذ الجبري.
- الحق أو المركز الذي يرد عليه الحكم: هل هو حق ملكية أو ارتفاق أم حق شخصي.
- الشيء محل الحق أو المركز القانوني: هل هو عقار أم منقول أو دعوى المطالبة بقسط من الدين.
3 – سبب الدعوى:
وهو مجموعة الوقائع القانونية المنتجة التي يتمسك بها المدعى كسبب لدعواه بصرف النظر عن التكييف القانوني لهذه الوقائع، وهي عبارة عن السبب المؤدي إلى قيام الدعوى وهو دائما الاعتداء على الحق أو المركز أو التهديد بالاعتداء عليه، ولا يقصد بسبب الدعوى القاعدة القانونية التي يستند إليها المدعي في دعواه والتي هي من مهام القاضي الأصيلة.
أهمية تحديد عناصر الدعوى:
– يتقيد القاضي في حكمه بعناصر الدعوى، فلا يجوز أن يقضى لشخص أو على شخص لم يكن طرفا في الدعوى، كما أنه لا يجوز أن يقضى بأكثر مما طلب المدعي أو بغير ما طلب وهو ما نصت عليه المادة الثالثة من قانون المسطرة المدنية التي جاءت تقتضي بأنه ” يتعين على القاضي أن يبت في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات”.
-لا يجوز أن تقوم خصومتان متعاصرتان في دعوى واحدة، وعناصر الدعوى هي وسيلة التحقق من وحدة الدعوى في الخصومتين. حيث لا يمكن رفع ذات الدعوى من جديد بإجراءات جديدة أمام ذات المحكمة ناظرة الدعوى أو أمام محكمة أخرى، فإذا رفعت ذات الدعوى أمام ذات المحكمة ناظرة الدعوى فإن المدعى عليه يستطيع أن يدفع بضمها، أما إذا رفعت أمام محكمة أخرى فإن المدعى عليه يستطيع أن يدفع بالإحالة أمام هذه المحكمة، لإحالتها إلى المحكمة التي رفعت إليها الدعوى ابتداء.
-لا يجوز أن يصدر حكمان قضائيان في دعوى واحدة ، إذ يعتبر صدور حكم في دعوى مانعا قانونيا لصدور حكم آخر في نفس الدعوى في حالة تسجيلها أمام نفس المحكمة أو أمام محكمة أخرى من نفس درجة المحكمة المصدرة للحكم الأول وذلك لاكتساب الحكم الأول حجية الأمر المقضى التي تتحدد بعناصر الدعوى أشخاصا ومحلا وسببا، إضافة إلى سبق الفصل في الدعوى.
-تتحدد خصومة الاستئناف بعناصر الدعوى، بحيث لا يجوز التغيير في عناصر الدعوى في المرحلة الاستئئنافية، والسبب في ذلك أن الاستئناف ما هو إلا استمرار الدعوى في مرحلتها الابتدائية طبقا للأثر الناقل للاستئناف، بحيث لا يجوز التغيير في عناصر الدعوى في المرحلة الاستئنافية، ولذلك منع المشرع تقديم طلبات جديدة في الاستئناف لم تسبق إثارتها أمام المحكمة الابتدائية.