يعتبر مصطلح قانون المسطرة المدنية التسمية الأولى التي كان ولازال يستعمله المشرع المغربي منذ سنة 1974، على أن هناك بعض التشريعات العربية تستعمل مصطلحات أخرى كقانون المرافعات بالنسبة للتشريعين المصري والعراقي ، ومجلة الإجراءات المدنية والتجارية بالنسبة للتشريع التونسي.
وعرف قانون المرافعات بأنه مجموعة من القواعد القانونية ينظم إجراءات اللجوء إلى المحاكم لطلب الحماية القضائية عند المنازعة في الحق أو الاعتداء عليه وذلك في المسائل المدنية والتجارية وفيما لم يرد به نص خاص في قانون إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية.
أما الفقيه الفرنسي بوتييه فقد عرفه على أنه : ” الشكل الذي يمكن بمقتضاء رفع الدعوى ومتابعتها قضائياً والدفاع والتدخل فيها وكذلك سبل الطعن في الأحكام وتنفيذها.
بالنسبة للفقه المغربي فقد ربط وصف قانون المسطرة المدنية بالقانون القضائي الخاص، الذي يتولى تحديد اختصاص المحاكم وأنواعها وتنظيمها ودرجاتها، كما يعني أيضا بالشكل الذي يجب بمقتضاه رفع الدعوى، والسير والتدخل، والتحقيق والحكم فيها، مع بيان طرق الطعن في الأحكام التي تصدرها المحاكم وطرق تنفيذها.
وتبدو أهمية قواعد المرافعات في أنها تضع المنهج الإجرائي الواجب الإتباع عند استعمال حق الالتجاء إلى القضاء، هذا المنهج الإجرائي الموحد بالنسبة للكافة يمثل أهم الضمانات للمتقاضين، حيث يلتزم به القاضي والمتقاضي، فيمنع تعسف الأول، ويضمن للآخر حقه في الدفاع، ويترتب على ذلك ثقة صاحب الحق في الحصول عليه بطريقة آمنة وعادلة مما يشيع الأمن والسلام في المجتمع.
ويمكن إجمال أهمية قانون المسطرة المدنية من الناحية الاجتماعية أنه يحقق النظام والأمن داخل المجتمع، لأنه يولد الشعور بالثقة في القانون بتجنب الاضطراب والعنف عن طريق تدخل السلطة القضائية لحماية الحقوق الخاصة للأفراد.
أما من الناحية الاقتصادية، فإذا اتسمت قواعدها بالدقة والتنظيم الجيد وكانت سريعة وغير مكلفة، فإنها تكون من عوامل تشجيع الائتمان وازدهاره وهذا ينعكس على النشاط الاقتصادي في المجتمع.
إذن فلا شك أن قانون المسطرة المدنية يمثل الجهاز العصبي في جسد الحياة القانونية، فكل عناصر الجسد القانوني لا تعمل ولا تتحرك دون قانون الإجراءات، كما يمثل مكانا أوليا في كل نظام قانوني.
ويحتل قانون المسطرة المدنية مكانة متميزة بين فروع القوانين الأخرى لأنه هو الذي يمنح لهذه القوانين فعاليتها، ويوفر لها الحماية القضائية الضرورية لإعمال قواعدها، ولذلك تلجأ كل القوانين سواء كانت منتمية للقانون الخاص أو العام إلى القانون القضائي لاقتباس نصوصه أو الإحالة عليه.
ويتجسد هذا الدور حيث أصبحت القوانين المسطرية الحديثة تعطي للقاضي المدني دورا أكثر ايجابية في تسيير الخصومة والتدخل فيها، وقد سار المشرع المغربي في هذا الاتجاه، حيث منح القاضي المدني سلطات مهمة في توجيه الأطراف إلى تصحيح الاخلالات المسطرية القابلة للتصحيح وإثارة القواعد المتعلقة بالنظام العام، كالاختصاص النوعي، وأجال السقوط، أو استعمال سلطاته في تحقيق الدعوى باللجوء إلى مختلف وسائل التحقيق والإثبات من خبرة ومعاينة وشهادة واليمين.
كل هذا جعل قانون المسطرة المدنية قانونا مميزا لا يندرج ضمن القانون العام أو القانون الخاص، وأن قواعده لا يمكن أن تخضع لمثل هذا التصنيف لأنه تصنيف خاص بالقواعد الموضوعية، أما قواعد قانون المسطرة المدنية فهي. قواعد إجرائية لا تحكم العلاقات الخاصة أو العامة بين الأفراد، وإنما تحكم حقوقهم وواجباتهم الإجرائية كيفما كانت سواء مدنية أو تجارية أو إدارية.