حددت المادة 56 من مدونة الأسرة الزواج غير الصحيح في كل من الزواج الباطل والفاسد، وبالتالي تكون المدونة قد تخلت عن التصنيف التقليدي الذي وضعه الفقهاء، أي التفرقة بين الزواج المتفق على فساده والزواج المختلف في فساده حيث كان يتعذر عمليا ضبط دلالاتهما.
الزواج غير الصحيح :
أولا : الزواج الباطل
اعتبر المشرع الزواج باطلا إذا اختلت فيه أحد الأركان المنصوص عليها في المادة 10 من مدونة الأسرة، أي إذا اختل فيه الإيجاب والقبول ، حيث لابد من سماع إيجاب وقبول المتعاقدين بألفاظ تفيد معنى الزواج لغة أو عرفا، ويشترط فيهما أن يكونا متطابقين ، فإذا انعدم أحد هذين الركنين ( الإيجاب أو القبول بين الطرفين أو التطابق بينهما) ، اعتبر العقد باطلا. ومن الأسباب المؤدية إلى البطلان كذلك، وجود موانع شرعية بين الزوجين، سواء كانت مؤبدة أو مؤقتة كما هو منصوص عليها في المواد من 35 إلى 39 من مدونة الأسرة.
ثانيا : الزواج الفاسد
يعتبر الزواج فاسدا إذا اختل فيه شرط من شروط صحته المذكورة في المادتين 60 و 61 من مدونة الأسرة حيث اجتمعت في هاتين المادتين صور الزواج الفاسد الذي يمكن أن يكون إما زواجاً فاسدا لصداقه، أو زواجا فاسدا لعقده.
1) الزواج الفاسد لصداقه:
يعتبر الصداق شرطا من شروط صحة عقد الزواج وبالتالي لا يجوز الاتفاق على إسقاطه، فكل ما صح التزامه شرعا صلح أن يكون صداقة. فالزواج الفاسد لصداقه هو الذي فقد شرطا من الشروط التي يجب أن تتوفر في الصداق أو الذي لم يذكر فيه الصداق بالمرة، أي أن الزواج يكون فاسدا لصداقه إذا لم تتوفر في الصداق شروطه الشرعية ( كأن يكون محله لحم خنزير، أو قارورة خمر، أو سموم……)
2) الزواج الفاسد لعقده :
يتضح من مقتضيات المادة 61 من مدونة الأسرة أن المشرع حدد حالات الزواج الفاسد لعقده فيما يلي :
1- إذا كان الزواج في المرض المخوف لأحد الزوجين إلا بعد أن يشفى المريض بعد الزواج، والمرض المخوف أو مرض الموت هو الذي يعجز الإنسان بسببه عن القيام بمصالحه ويحول دون قيامه بواجباته حيث يغلب فيه الهلاك عادة أو تحدث فعلا الموت متصلة به.
2- إذا قصد الزوج بالزواج تحليل المبتوتة لمن طلاقها ثلاثا، والمقصود هنا المرأة المطلقة من زوجها طلاقا باننا بينونة كبرى، أي أنها أصبحت محرمة على مطلقها الأول حرمة مؤقتة ولا يمكنه مراجعتها أو العقد عليها إلا بعد زواجها من شخص آخر، دخل بها دخولا يعتد به شرعاً وانقضت عدتها منه بطلاق أو تطليق أو وفاة، وحينذاك يمكن لمطلقها الأول أن يعقد عليها من جديد بعد موافقتها طبعا. فإذا كانت نية الزوج الثاني منصبة على تحليل المرأة لمطلقها الأول، يعتبر هذا الزواج فاسدا لعقده.
3- إذا كان الزواج بدون ولي في حالة وجوبه.ويعتد بالطلاق أو التطليق الواقع في الحالات المذكورة أعلاه قبل صدور الحكم بالفسخ.
أثار الزواج غير الصحيح
أولا : آثار الزواج الباطل
تترتب عنه الآثار التالية طبقا لما تنص عليه الفقرة الثانية من الفصل 58 من مدونة الأسرة :
1- وجوب الصداق للمرأة إذا تم الدخول بها. أما إذا تم التصريح ببطلان العقد قبل البناء، فلا تستحق المرأة الصداق.
2- وجوب الاستبراء وليس العدة على الزوجة إذا تم الدخول بها حتى لاتختلط الأنساب في حالة زواجها من شخص آخر قبل انتهاء مدة الاستبراء.
3- لحوق النسب، غير أن ذلك يتوقف على قصد الزوج حيث إذا كان هذا الأخير حسن النية، يلحق به الولد ويترتب عن هذا النسب جميع الآثار المتعلقة بالقرابة وبالتالي يحرم الزواج في الدرجات الممنوعة، كما تحقق به نفقة القرابة والإرث. أما إذا كان الزوج سيء النية، أي عالما بالتحريم كأن يتزوج امرأة خامسة أو أخته من الرضاع مثلا، فلن يلحق الولد به بل يصبح هذا المولود ابن الزنى ويبقى بالنسبة للأم كالطفل الشرعي لأنه ابنها مع ترتيب جميع الآثار الناتجة عن النسب.
وإذا شاب عقد الزواج أحد أسباب البطلان المنصوص عليها في المادة 57 من المدونة، يعتبر العقد منعدم وتصرح المحكمة ببطلان الزواج بمجرد إطلاعها عليه (أي عند التأكد من توفر أحد الأسباب المؤدية للبطلان)، أو بطلب قد يتقدم به أحد الزوجين أو ممن يعنيه الأمر وفق الإجراءات الشكلية الواجب اتباعها أمام المحكمة.
ثانيا : آثار الزواج الفاسد
1) الزواج الفاسد لصداقه :
يفسخ هذا النوع من الزواج قبل البناء ولا صداق فيه للزوجة. أما إذا لم يطلع عليه إلا بعد البناء، فلا يفسخ وإنما يصحح بصداق المثل الذي تأخذه الزوجة، غير أن صداق المثل المشار إليه في المادة 60 من مدونةرالأسرة تراعي المحكمة في تقديره الوسط الإجتماعي للزوجين.
2) الزواج الفاسد لعقده :
يفسخ هذا النوع من الزواج قبل البناء وبعده طبقا للمادة 61 من مدونة الأسرة. وفيما يخص آثار الزواج الفاسد لعقده الذي تقرر فسخه، فإن المادة 64 من المدونة ميزت بين ما إذا كان الفسخ قد وقع قبل البناء، حيث لا تنتج عنه أية آثار، وبين كون صدور الحكم بالفسخ لم يكن إلا بعد البناء، حيث تترتب عنه آثار الزواج الصحيح خلال الفترة الممتدة من وقت وقوع البناء إلى تاريخ صدورالحكم بفسخه.