الفقرة الأولى : التعريف بالإيلاء وبيان سنده الشرعي
الإيلاء لغة الحلف مطلقا سواء كان على فعل شيء أو تركه، وفي الاصطلاح الفقهي هو حلف الزوج بأن لا يجامع زوجته مطلقا أو خلال مدة تفوق أربعة أشهر.
والإيلاء عادة معروفة عند العرب قبل الإسلام حيث كان الزوج يحلف على عدم معاشرة زوجته معاشرة جنسية لمدة زمنية غير محدودة، غايته من وراء ذلك إلحاق الأذى بالزوجة وعقابها رغبة منه في تعليق طلاقها حتى تموت عنده فيرتها ولما جاء الإسلام حدد للمولى أربعة أشهر فقط حيث يكون الزوج مخيرا بين الرجوع إلى معاشرة زوجته أو الافتراق عنها بعد مضي هذه المدة وذلك في قوله تعالى “لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلَاقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (سورة البقرة، الآيتان 226 و 227).
هذا وقد نص الفصل 58 من المدونة الملغاة على حكم الإيلاء بقوله : “إذ الى الزوج أو حلف على هجر زوجته وترك المسيس جاز للزوجية أن ترفع أمرها إلى القاضي الذي يؤجله أربعة أشهر فإن لم يفئ بعد الأجل طلقها عليه وهذا الطلاق رجعي”.
وجاءت المادة 112 من مدونة الأسرة بنفس المقتضيات حينما نصت على أنه: “إذا آلى الزوج من زوجته أو هجرها، فللزوجة أن ترفع أمرها إلى المحكمة التي تؤجله أربعة أشهر، فإن لم يفئ بعد الأجل طلقتها عليه المحكمة”.
الفقرة الثانية: شروط الإيلاء
طبقا للمادة 112 من المدونة المشار إليها أعلاه، وطبقا لأحكام الفقه الإسلامي، فإن الإيلاء لا يتحقق شرعا إلا بتوافر الشروط الآتية:
1. أن تكون الزوجية قائمة بين المولى والمولى عليها حقيقة أو حكما.
2. أن يكون الزوج مسلما، عاقلا قادرا على الوطء. إذ لا يقع الإيلاء من المجبوب والمخصي والعنين و لا من المجنون والمعتوه.
3. أن يحلف الزوج على تحريم زوجته على نفسه مدة تزيد عن أربعة أشهر ولو بيوم واحد عند المالكية، ويكتفي الأحناف بأن يكون مداها أربعة أشهر لا أقل.
الفقرة الثالثة : آثار الإيلاء
إذا حلف الزوج على ترك مجامعة زوجته فإن على الزوجة أن ترفع أمرها إلى القاضي الذي يميل الزوج الحالف الفترة المتبقية من أربعة أشهر ليرجع عن يمينه ويجامع زوجته .فإذا رجع الزوج المولى عن يمينه واتصل بزوجته سقطت الدعوى وتجب عليه هنا كفارة اليمين، تطبيقا لقوله تعالى “فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ”(سورة المائدة، الآية 89).
وإذا لم يتراجع بعد الأجل المضروب له طلقها عليه طلقة رجعية، ويشترط مالك لصحة الرجعة بعد هذا الطلاق مقاربة الزوج زوجته .