يختص وكيل الملك بإقامة الدعوى العمومية وممارستها في المخالفات والجنح، إلا ما استثناه القانون. ويختص وكيل الملك بإقامة الدعوى إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بدائرة نفوذه، أو كان أحد المشتبه فيهم بارتكابها يقيم بدائرته، أو إذا تم إلقاء القبض على أحد هؤلاء بدائرة نفوذه.
1 – بالنسبة للمخالفات :
تقام الدعوى العمومية بشأن المخالفات من طرف وكيل الملك بواسطة أحد الأشكال الآتية :
أ – السند القابل للتنفيذ :
تقترح النيابة العامة على المخالف أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للمخالفة، إذا كانت هذه الأخيرة ثابتة في حقه بمقتضى محضر أو تقرير، ولا يظهر فيها متضرر أو ضحية ويعاقب عليها فقط بغرامة مالية. فإذا تعرض على الأداء تحال القضية على الجلسة وفقا للمقتضيات المشار إليها في المواد 375 وما يليها إلى 382 من قانون المسطرة الجنائية.
ب – الاستدعاء للجلسة :
يوجه وكيل الملك الاستدعاء للمخالف لحضور الجلسة العلنية التي يبت فيها قاض منفرد في الموضوع . وهذه الطريقة هي الكيفية العادية لإقامة الدعوى العمومية في المخالفات. ويمكن تطبيقها حتى بالنسبة للمخالفات القابلة لتطبيق مسطرة السند القابل للتنفيذ. وبطبيعة الحال فإنها تعتبر الوسيلة الوحيدة لإقامة الدعوى العمومية في المخالفات الأخرى التي لا تتوفر فيها شروط مسطرة السند القابل للتنفيذ.
2 – بالنسبة للجنح:
تقام الدعوى العمومية من أجل جنحة من الجنح، إما بالاستدعاء المباشر، أو بواسطة الإحالة الفورية على المحكمة، أو عن طريق المطالبة بإجراء تحقيق إذا كانت الجريمة تقبل التحقيق، أو بواسطة ملتمس يرمي لاستصدار أمر قضائي في غيبة المعني بالأمر.
أ – الاستدعاء للجلسة :
يوجه وكيل الملك الاستدعاء للمتهم للحضور بالجلسة وفقا لمقتضيات المواد 308 وما يليها. ويستدعي في نفس الوقت المسؤول عن الحق المدني إن وجد، فالاستدعاء هو الذي يحرك الدعوى العمومية في هذه الحالة، وأما ما اعتاد بعض أعضاء النيابة العامة تدوينه على هامش المحضر مثل ” متابعة فلان من أجل جنحة السكر البين واستدعائه لجلسة كذا” ، فلا يمكن اعتباره سوى تعليمات يصدرها قاضي النيابة العامة لمساعديه ( كتاب النيابة العامة ) من أجل تحرير استدعاء وفقاً لمقتضيات المادتين 308 و 309 من قانون المسطرة الجنائية.
ويتعين على قاضي النيابة العامة الإمضاء على النسخة الأصلية للاستدعاء، وتبلغ نسخة مطابقة للأصل منه إلى المعني بالأمر. والاستدعاء هو الطريقة الأصلية لإقامة الدعوى العمومية، وأما باقي الطرق فهي استثناء.
ب – الإحالة الفورية :
طبقا لمقتضيات المادة 74 ، يتم تقديم المتهم إلى الجلسة فورا، وفي كل الأحوال داخل ثلاثة أيام دون سابق استدعاء، بعد استنطاقه من طرف وكيل الملك أو نائبه وتطبيق هذه المسطرة لا يكون متاحاً إلا إذا كان المتهم ماثلاً أمام النيابة العامة، سواء كان تحت الحراسة النظرية أو تم تقديمه من طرف الشرطة أو دعي للحضور من قبلها فحضر .
وتبعاً لما نصت عليه المادة 74 فلا تطبق هذه المسطرة إلا في حالات التلبس بالجنحة المنصوص عليها في المادة 56 من قانون المسطرة الجنائية، أو إذا لم تتوفر في مرتكبها ضمانات كافية للحضور حيث يمكن لوكيل الملك أو نائبه أن يصدر أمراً بإيداع المتهم في السجن بعد إشعاره بحقه في تنصيب محام حالاً، واستنطاقه عن هويته وعن الأفعال المنسوبة إليه.
ويمكن لوكيل الملك أن يقرر إيداع المتهم بالسجن أو يقدمه للمحكمة حرا مقابل تقديم كفالة مالية أو شخصية. وبالرجوع إلى مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 74 يتبين أن الخيارات المتاحة لوكيل الملك هي التالية (متابعة المتهم وإصدار أمر بالإيداع في السجن في حقه – متابعته في سراح بعد أداء كفالة مالية – متابعته في سراح مقابل كفالة شخصية).
على أن هذه الخيارات هي مجرد إمكانية متاحة لوكيل الملك إذا تعلق الأمر بتطبيق مسطرة التلبس أو في حالة انعدام ضمانات الحضور، وقد نصت المادة 74 على ذلك بالقول: “إذا تعلق الأمر … فإنه يمكن لوكيل الملك أو نائبه”. وبديهي أن وكيل الملك يمكن أن يعدل عن تطبيق هذه الخيارات إلى الخيار الأصلي وهو المتابعة بواسطة الاستدعاء، شريطة احترام الآجال المرتبطة بذلك.
ومن جهة أخرى يلاحظ أنه إذا كانت المادة 74 من ق. م. ج، تتيح لوكيل الملك إمكانية اعتقال المتهم في حالتين هما” حالة التلبس بالجنحة ؛ وحالة انعدام ضمانات الحضور لدى المتهم” فإن المادة 47 من ق م ج قد نصت على تطبيق المسطرة المذكورة في حالات أخرى بالإضافة إلى حالة التلبس بالجنحة.
وهذه الحالات تقسم إلى مجموعتين. وينبغي أن يتوفر شرط من المجموعة الأولى، وشرط من المجموعة الثانية على الأقل، لإمكانية تطبيق مسطرة الإحالة الفورية. والمجموعة الأولى من الشروط هي: (اعتراف المشتبه فيه بالأفعال المكونة لجريمة يعاقب عليه ابالحبس – أو ظهور معالم أو أدلة قوية على ارتكابه لها)،
وأما المجموعة الثانية فهي الآتية: ( لا تتوفر في المتهم ضمانات الحضور- أو يظهر أنه خطير على النظام العام- أو يظهر أنه خطير على سلامة الأشخاص أو الأموال). وهكذا ينبغي إذا لم تتوفر حالة التلبس أن يتحقق شرط من المجموعة الأولى وشرط من المجموعة الثانية على الأقل لسلوك مسطرة الإحالة الفورية المنصوص عليها في المادة 74 ق.م. ج.
ج – المطالبة بإجراء تحقيق :
يمكن لوكيل الملك أن يلتمس إجراء تحقيق إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجنحة هو خمس سنوات أو أكثر.كما يمكن له أن يلتمس إجراء تحقيق إذا تعلق الأمر بجنحة ارتكبها حدث يقل سنه عن 18 سنة كيفما كانت العقوبة المقررة لتلك الجنحة .وفي حالات أخرى قد ينص القانون على إجراء التحقيق إجباريا أو اختيارياً، فيتعين تطبيق إرادة المشرع إذا كان يأمر به على سبيل الوجوب.
د – الأمر القضائي :
إذا تعلق الأمر بجنحة يعاقب عليها القانون فقط بغرامة لا تتجاوز خمسة آلاف درهم، ولا يظهر فيها متضرر، ويكون ارتكابها مثبت في محضر أو تقرير، يمكن لوكيل الملك أن يتقدم بملتمس إلى القاضي من أجل إصدار أمر قضائي في غيبة المتهم ودون استدعائه.
ولا يمكن أن تتجاوز الغرامة التي يحكم بها القاضي في هذه الحالة نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا للجنحة، بالإضافة إلى المصاريف والعقوبات الإضافية. ويتم تبليغ الأمر القضائي للمتهم وللمسؤول المدني عند الاقتضاء، اللذين يمكنهما التعرض عليه داخل أجل عشرة أيام من تبليغه. وفي حالة التعرض تجري المحاكمة بالشكل الحضوري العادي. ويقبل حكم المحكمة الاستئناف.
تعليق واحد