يعد هذا المبدأ من الحقوق الضرورية والطبيعية للفرد في مواجهة الدولة ، ويجد سنده في الواجب الذي ترتب على الدولة تجاه الأفراد، بعد استئثارها بمرفق القضاء ووضع يدها عليه بشكل حصري، وطبعه بالطابع السيادي بشكل يمنع على الأفراد اقتضاء حقوقهم بأنفسهم، أو قيام جهة ما داخل الدولة بتولي تلك المهمة قضائيا. فبعد أن ولى عهد العدالة الخاصة، حيث كان الفرد يقتضي في ظله حقه بوسائله الخاصة، صار لزاما على الدولة أن تنظم هذا المرفق، وأن تيسر للأفراد سبل ولوجه، وتمكنهم من اقتضاء حقوقهم وحمايتها. وقد نص على هذا المبدأ الفصل الثامن من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالقول: ” لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية …
فبمقتضى هذا المبدأ يتعين على المحكمة، أن تنشئ المحاكم وتعمل على تقريبها من الأفراد، وأن تيسر ولوجها، وتمنع التعقيدات التي تعرقل هذا الولوج أو تحول دونه. كما يتعين عليها أن تسهل المساطر والإجراءات الكفيلة باقتضاء الحقوق، والابتعاد ما أمكن عن التعقيدات والشكليات التي تتنافى مع مبادئ العدالة والحق في اقتضاء الحقوق. كما يتوجب على القضاء بمقتضى هذا المبدأ، أن يبت في أي نازلة عرضت عليه، وأن يصدر حكمه في أي دعوى رائجة أمامه.
وفي هذا الصدد تنص الفقرة الأولى من المادة الثانية، من قانون المسطرة المدنية على أنه لا يحق للمحكمة الامتناع عن الحكم أو إصدار قرار، ويجب البت بحكم في كل قضية رفعت إلى المحكمة”. بل إن المشرع اعتبر القاضي بمقتضى الفصل 61 من ذات القانون مرتكبا لجريمة إنكار العدالة التي يعاقب عليها الفصل 240 من القانون الجنائي متى رفض البت في المقالات أو أهمل إصدار الأحكام في القضايا الجاهزة بعد حلول دور تعيينها في الجلسة.