|

قواعد البث في التعرض على طلب التحفيظ: 5 قواعد أساسية

لقد خص المشرع في ظهير 12 غشت 1913 مسطرة البث في التعرضات على طلبات التحفيظ بنصوص قانونية خاصة، يتعين على المحكمة الالتزام بها بشكل دقيق. ومن بين القواعد الأساسية التي يجب مراعاتها خلال جميع مراحل البث في التعرضات ما يلي:

1 – مجال اختصاص قضاء التحفيظ العقاري.

2 المتعرض هو الذي يتحمل مبدئيا عبء الإثبات.

3- محكمة موقع العقار هي المختصة للبث في التعرض

4- مطابقة ملف التحفيظ للتغييرات الطارئة.

5 – خصوصيات قضايا التحفيظ العقاري.


1 – مجال اختصاص قضاء التحفيظ العقاري :

عندما تبت المحكمة في قضايا التعرضات على طلبات التحفيظ العقاري، فإنها تعمل في إطار اختصاص محدد يجعلها بمثابة محكمة شبه خاصة، حيث تكون حدود اختصاصها محصورة في الجوانب التي ينص عليها القانون. ويأتي هذا الاختصاص المحدود وفقًا للفقرة الثانية من الفصل 37، والتي تنص على أن المحكمة تبث في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه.

هذا يعني أن المتعرض لا يمكنه إثارة التعرض أو الادعاء بحقه المزعوم إلا ضمن الحدود والشروط التالية:

  1. أن يتعلق التعرض بحق عيني: يجب أن يكون الحق الذي يدعيه المتعرض حقًا عينيًا مرتبطًا بالعقار، مثل حق الملكية أو حق الارتفاق أو حق الانتفاع، ولا يمكن أن يكون مجرد حق شخصي أو ادعاء غير مرتبط بحق عيني.
  2. أن يكون التعرض محصورًا في نطاق مطلب التحفيظ: يجب أن يقتصر التعرض على العقار أو الجزء المحدد الذي يشمل مطلب التحفيظ المقدم من طالب التحفيظ، ولا يمكن أن يتجاوز ذلك إلى عقارات أو حقوق أخرى غير مدرجة في الطلب.
  3. أن يمارس التعرض ضد طالب التحفيظ: يجب أن يكون التعرض موجهًا بشكل مباشر ضد طالب التحفيظ، وليس ضد متعرض آخر أو طرف ثالث غير مرتبط مباشرة بمطلب التحفيظ.

أولا : أن يتعلق بحق عيني

لا يمكن للمتعرض أن يطالب إلا بحقوق عينية عقارية، أي الحقوق التي يمكن تسجيلها في الدفاتر العقارية. هذه الحقوق محددة في الفصل 9 من مدونة الحقوق العينية الجديدة (قانون رقم 08-39)، مما يجعل المحكمة غير مختصة مبدئيًا في أي ادعاء آخر لا يرتبط بالحالة القانونية للعقار.

وبناءً على ذلك، يختص قضاء التحفيظ العقاري بالنظر في حق الملكية والحقوق العينية المتفرعة عنه، مثل حق الارتفاق والانتفاع والسطحية والكراء الطويل الأمد. كما ينظر في الدعاوى العينية العقارية المتصلة بها، مثل دعاوى الاستحقاق، وحق الشفعة، وحق الانتفاع، ودعاوى الحيازة، ودعاوى الحقوق العرفية والإسلامية.

وتنظر محكمة التحفيظ بصفة استثنائية في جميع الطلبات التي قد تؤثر على الحالة القانونية للعقار موضوع التحفيظ. يتعلق الأمر بالدعاوى الشخصية والعقارية، مثل الدعاوى المتعلقة بالوعد بنقل حق عيني عقاري، شريطة أن يكون محور هذه الطلبات الوضعية القانونية للعقار المراد تحفيظه. كما تنظر في دعاوى تسجيل الكراء الذي تتجاوز مدته ثلاث سنوات، ودعاوى تسجيل الرهن الرسمي بعد تحفيظ العقار، ودعاوى إيداع تقييد بعض التصرفات وفقًا للفصل 84.

ومع ذلك، يجب أن تُصاغ هذه الطلبات بشكل يتوافق مع شكل التعرضات، حيث تتعامل المحكمة معها بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع التعرضات، وذلك تطبيقًا للفصول 24 و32 من ظهير التحفيظ العقاري.

ثانيا : بقاء التعرض محصورا في نطاق مطلب التحفيظ

يجب أن تُستخدم حقوق المتعرض فقط في حدود العقار المراد تحفيظه، وبالوضع الذي تم تقديمه به إلى المحافظة العقارية. ولا يجوز أن يؤدي التعرض إلى الاعتراف للمتعرض بحقوق في عقار آخر لم يكن موضوعًا للتعرض أو حتى موضوعًا لطلب التحفيظ.

وبالتالي، لا يمكن للمتعرض توسيع نطاق تعرضه، ولكن لديه الحق في تقليصه أو سحبه وفقًا لأحكام الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري.

ثالثا : ممارسة التعرض ضد طالب التحفيظ لا ضد متعرض آخر

تقتصر صلاحية المحكمة على النظر في العلاقة بين حقوق المتعرضين وطالب التحفيظ، ولا تمتد إلى الفصل في نزاعات بين المتعرضين أنفسهم. على سبيل المثال، إذا تقدم مجموعة من الورثة بتعرضات على طلب تحفيظ عقار، ثم انقسموا إلى فريقين يتنازعان حول حقوق معينة متعلقة بالعقار، فإن المحكمة لا تملك صلاحية الفصل في هذا النزاع الداخلي. وذلك لأن كل تعرض يُعتبر دعوى مستقلة موجهة ضد طالب التحفيظ، وليس ضد متعرض آخر.

وبالتالي، فإن المحكمة تبت فقط في الحقوق التي يدعيها المتعرضون في مواجهة طالب التحفيظ، دون أن تفصل في النزاعات بين المتعرضين أنفسهم. مثل هذه النزاعات يمكن أن تكون موضوع دعوى فرعية منفصلة عن دعوى التعرض.

حالة خاصة: تعرضان على نفس العقار
إذا تقدمت مجموعتان بتعرضين منفصلين على نفس طلب التحفيظ، وثبت أن طالب التحفيظ لا يملك أي حق في العقار، بينما قدم كل متعرض أدلة تدعم مطالبه، فإن المحكمة يمكنها أن تصرح بصحة التعرضين معًا. ومع ذلك، تترك المحكمة للمتعرضين حرية رفع نزاعهم أمام هيئة قضائية أخرى. في هذه الحالة، تكون المحكمة قد فصلت فقط في التعرضات الموجهة ضد طالب التحفيظ، وليس في النزاع بين المتعرضين أنفسهم.

بناءً على ما سبق، فإن دور المحكمة يقتصر على تحديد وجود الحق الذي يدعيه المتعرض وطبيعته ومداه، دون أن تنظر في أحقية طلب التحفيظ نفسه، حيث أن هذه المهمة تقع ضمن صلاحيات المحافظ العقاري وحده، وفقًا لأحكام الفصلين 37 و38 من ظهير التحفيظ العقاري.


2 – المتعرض هو الذي يتحمل مبدئيا عبء الاثبات :

لقد استقر الاجتهاد القضائي منذ فترة طويلة على اعتبار المتعرض في وضعية المدعي، وبالتالي يقع عليه عبء الإثبات. أما طالب التحفيظ فيعتبر في وضعية المدعى عليه، وهو معفى مبدئيًا من أي إثبات. ولا يمكن للمحكمة أن تنظر في أحقية طالب التحفيظ للملكية أو في سبب تملكه، خاصة إذا كان حائزًا للعقار موضوع طلب التحفيظ، حيث يفترض أنه المالك بحكم حيازته للعقار وكونه طالب التحفيظ.

وقد أكدت محكمة النقض هذا المبدأ في أحد قراراتها، حيث جاءت فيه “إن طلب التحفيظ يعطي لصاحبه صفة المدعى عليه، ولا يجب عليه الإدلاء بحجة حتى يدعم المتعرض تعرضه بحجة قوية”.

وفي الحالات التي يكون فيها العقار خاضعًا للتحديد الإداري، يتعين على المتعرض أن يؤكد تعرضه بمطلب تحفيظ. في هذه الحالة، يصبح طالب التحفيظ متعرضًا، وعليه يقع عبء الإثبات.

وتعتبر مسألة الإثبات من أصعب الجوانب في قضايا التعرض. فإذا لم يقم المتعرض (المدعي) بإثبات الحق الذي يدعيه، يتم رفض دعواه، وليس على المحكمة أن تبحث في ملكية المدعى عليه (طالب التحفيظ). تكمن الصعوبة في أن القانون يفترض أن طالب التحفيظ هو المالك الحقيقي للعقار، وعلى المتعرض أن يدحض هذه القرينة بالأدلة التي يقدمها للمحكمة. بعد ذلك، تقارن المحكمة بين الأدلة المقدمة من طرفي النزاع.

وحيث أن العقار المطلوب تحفيظه لم يتم تأسيس رسم عقاري بشأنه بعد، فإنه يفترض أن طالب التحفيظ هو المالك، وعلى من يدعي العكس أن يثبت ادعاءه. ويعتمد القضاء في هذه الحالات على سلسلة من القرائن والاحتمالات التي توحي، قدر الإمكان في ظروف كل قضية، بأن الخصم الذي قدم هذه القرائن هو الأرجح أن يكون المالك، أو على الأقل قد قدم أدلة أقوى من تلك التي قدمها خصمه.

ومع ذلك، فإن تطبيق القاعدة التي تقضي بأن عبء الإثبات يقع على المتعرض لا يجب أن يكون تطبيقًا آليًا. يمكن للمحكمة أن تأخذ بعين الاعتبار ترجيح الأدلة والرسوم بعضها مع بعض. وقد أكد اجتهاد المجلس الأعلى، المستمد من مبادئ الفقه الإسلامي، أن حقوق الخصوم ووسائلهم يجب أن تقارن وتحلل لتقييم حقوق المتعرض.

ويمكن للمحكمة في هذا الصدد الاستئناس بقواعد الترجيح المنصوص عليها في المادة 3 من مدونة الحقوق العينية، والتي تشير إلى أنه إذا تعارضت الأدلة المقدمة لإثبات ملكية عقار أو حق عيني على عقار، وكان الجمع بينها غير ممكن، فإنه يتم العمل بقواعد الترجيح بين الأدلة، ومن بينها:

  • ذكر سبب الملكية مقدم على عدم بيانه.
  • تقديم بينة الملكية على بينة الحيازة.
  • تقديم بينة النقل على بينة الاستصحاب.
  • تقديم بينة الإثبات على بينة النفي.
  • تقديم بينة التفصيل على بينة الإجمال.

وينتج مما سبق أنه إذا لم تكن هناك أدلة كافية لدى طالب التحفيظ أو المتعرض، يجوز للقاضي، بعد الاستماع إلى الشهود، أن يقرر الوضعية القائمة بناءً على حيازة قديمة هادئة وبدون معارضة أو منازعة، خاصة في حالة عدم وجود أدلة تناقضها. وإذا لم تكن هناك أدلة مكتوبة، فإن ملكية العقار تثبت لمن كان يتمتع بحيازة هادئة وعلنية ومستمرة لسنين عديدة بصفتها مالكًا.

وقد سبق لمحكمة النقض أن فصلت في مسألة تمسك المتعرض بالحيازة، حيث جاء في أحد قراراتها “إذا ثبت وضع اليد على المدعى فيه لأحد الأطراف بحكم أو غيره، فإن ذلك يرتب أثره القانوني في الدعوى، حتى لو كانت حيازته غير هادئة. وعليه، إذا ثبت للمحكمة أن المتعرض على مطلب التحفيظ هو واضع اليد على العقار المطلوب تحفيظه، وجب عليها مناقشة حجة طالب التحفيظ وترتيب أثر ذلك على الدعوى سلبًا أو إيجابًا.” (قرار عدد 2286 بتاريخ 17 مايو 2011).


3 – محكمة موقع العقار هي المختصة للبث في التعرض :

تناط اختصاص البت في التعرضات المتعلقة بطلبات التحفيظ العقاري بالمحكمة الابتدائية التي يقع العقار ضمن نطاقها الترابي، حيث يُعتبر تحديد الاختصاص المحلي للمحكمة مسألة واضحة لا إشكال فيها، طالما أن المحافظ العقاري هو الجهة المكلفة بإحالة ملف التحفيظ مصحوبًا بالتعرضات إلى المحكمة المختصة. مع ذلك، يلتزم المتعرض الذي يقيم خارج دائرة المحافظة العقارية بتعيين موطن مختار أو محل للمخابرة داخل نطاقها، وفقًا للشروط القانونية المنصوص عليها.

– الإشكالية التاريخية في تحديد الاختصاص القضائي:

قبل صدور ظهير 15 يوليوز 1974، ثار جدل حول الجهة القضائية المختصة بالبت في منازعات التحفيظ العقاري؛ هل هي محكمة الشرع أم قاضي التحفيظ العقاري؟

مما لا ريب فيه أن قاضي التحفيظ العقاري هو الجهة المختصة بالبت في جميع القضايا المرتبطة بالعقارات الخاضعة لمسطرة التحفيظ. وقد تبنى الاجتهاد القضائي المغربي هذا المنهج بشكل ثابت منذ إصدار ظهير التحفيظ العقاري وتطبيقه الفعلي ابتداءً من سنة 1915 وحتى عام 1959، حيث كان يُستند إلى مبدأ مؤداه أن مجرد إيداع مطلب التحفيظ يُخرج العقار بمفرده من نطاق اختصاص القاضي الشرعي، لينتقل الاختصاص بالكامل إلى قاضي التحفيظ العقاري.

غير أن المجلس الأعلى (محكمة النقض لاحقًا) عدَّل موقفه لاحقًا، وقضى بأن إحالة ملف طلب التحفيظ من قِبَل المحافظ العقاري إلى المحكمة في حال وجود تعرضات – وليس مجرد إيداع مطلب التحفيظ – هو العامل الحاسم في إخراج العقار من ولاية القاضي الشرعي

يُمكن لهذا التناقض الاجتهادي أن يخلق إشكالات عملية أمام المحاكم، لاسيما مع التزامها بقرارات المجلس الأعلى (محكمة النقض). فكيف يُبرر القول بأن إحالة ملف التحفيظ إلى المحكمة عند وجود تعرضات هي وحدها المُخرجة للعقار من اختصاص المحكمة الشرعية، في حين توجد حالات تُثار فيها دعاوى متعلقة بمطلب التحفيظ أو بالتعرضات دون أن يُحال الملف إلى المحكمة؟

ومع ذلك، يظل قاضي التحفيظ العقاري هو الجهة المختصة – وليس القاضي الشرعي – في حالات محددة، مثل: الطعن في قرار المحافظ العقاري سواءً كان هذا القرار متعلقًا برفض مطلب التحفيظ أو إلغاء تعرض. فالفصل في مثل هذه الطعون يندرج – بلا جدال – ضمن اختصاص قاضي التحفيظ العقاري، ولا يدخل في نطاق ولاية المحكمة الشرعية.

فكيف يُبرر المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليًا) عدم اختصاص قاضي التحفيظ العقاري في هذه الحالات علما بأن المحافظ لا يعمد إلى بعث ملف التحفيظ إلى المحكمة في مثل هذه الحالات. غير أن هذا التمييز بين الاختصاصات فقدَ مُبرراته العملية بعد توحيد المحاكم المغربية سنة 1965.

ومُنذ نفاذ ظهير 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي الجديد، أضحى اختصاص المحكمة الابتدائية شاملاً لجميع القضايا العقارية، سواء تعلقت بعقارات محفظة أو عقارات غير محفظة، أو تلك الموجودة في طور التحفيظ. وبمقتضى هذا الظهير، زال تمامًا أيُّ تمييزٍ بين أنواع العقارات من حيث الاختصاص القضائي، وأصبحت المحاكم الابتدائية صاحبة الولاية العامة للفصل في كافة النزاعات التي تنشأ حول العقارات، بغض النظر عن وضعيتها القانونية (محفظة أو غير محفظة).

وإذا كان المحافظ هو المسؤول عن إرسال ملف التحفيظ إلى المحكمة، فإن على المتعرض تعيين موطن مختار في المنطقة التي تقع فيها المحافظة العقارية، وذلك وفقًا لأحكام الفصل 26 من القرار الوزيري الصادر في 3 يونيو 1915. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية توضيح موطن المدعى عليه أو وكيله.

إذا لم يقم المتعرض بتعيين موطن مختار، أو قام بتعيين موطن خارج نطاق المحافظة العقارية، فإن التبليغات والإنذارات تُوجه إليه عبر كتابة الضبط التابعة للمحكمة الابتدائية، حيث تتولى هذه الأخيرة مهمة التبليغ. أما إذا كان موطن المتعرض يقع ضمن دائرة المحافظة العقارية، ولكن تعذر العثور عليه فيه، فيجوز أن تتم التبليغات لدى وكيل الملك، الذي يتكلف بفتح مسطرة القيم وفقًا لأحكام الفصل 39 من قانون المسطرة المدنية.


4 – مطابقة ملف التحفيظ للتغييرات الطارئة :

في سياق النظر في دعاوى التحفيظ العقاري، قد تطرأ وقائع تجعل الدعوى غير مهيأة للحكم، كوفاة طالب التحفيظ قبل أن تصدر المحكمة حكمها في النزاع. هذا التغيير في وضع الأطراف يؤثر على جوهر النزاع، مما يتطلب إعادة النظر في الإجراءات.

في مثل هذه الحالة، لا يُعتبر قضاء التحفيظ قد تعامل مع القضية بشكل صحيح، ويتعين على المحكمة إعادة الملف إلى محافظ الأملاك العقارية لتحديث طلب التحفيظ وفقًا للوضع الجديد. على الورثة تقديم طلبات تصحيحية مصحوبة بالوثائق اللازمة للمحافظ، ليتم اتخاذ الإجراءات الإدارية المناسبة، بما في ذلك الإعلان القانوني. بعد إجراء التعديلات اللازمة، يُعاد إحالة الملف إلى المحكمة للبت فيه.

هذه العملية قد تؤدي إلى إطالة أمد الإجراءات، حيث يمكن للورثة التدخل في الدعوى بعد إثبات صفتهم كورثة، دون الحاجة إلى إعادة الملف إلى المحافظ، مما يوفر الوقت ويجنب توقف النظر في الدعوى.

الحالة الثانية التي يجوز فيها للمحكمة إحالة ملف التحفيظ إلى المحافظة العقارية قصد تصحيح الوضعية، تستند إلى الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري في صيغته الجديدة. ينص هذا الفصل على أنه إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للإشهار (مثل حق ارتفاق، أو رهن، أو أي حق عيني آخر)، فإن لصاحب هذا الحق أن يودع لدى المحافظة العقارية الوثائق اللازمة لإثبات حقه.

ويتم تقييد هذا الإيداع في سجل التعرضات، على أن يُقيد الحق المذكور في الرسم العقاري عند اكتمال التحفيظ، وفق الرتبة التي عُينت له، إذا سمحت إجراءات المسطرة بذلك.

في هذه الحالة، لا يوجد خلاف يستدعي الفصل بين مقدم طلب التحفيظ والمعترض المودع الذي يظل طرفًا خارجيًا فيما يتعلق بالنزاع المرتبط بعملية التسجيل.

ولا يجوز للمحكمة أن تتدخل في نزاع ما إلا إذا قام محافظ الأملاك العقارية تلقائيًا بتحويل المُودع إلى معترض. بالإضافة إلى ذلك، إذا لم يتم هذا التحويل تلقائيًا أثناء نظر القضية في المرحلة الابتدائية، فإن محكمة الاستئناف لها صلاحية أن تأمر بذلك إذا دعت الضرورة، مع إعادة الملف إلى المحافظ لتعديل طلب التحفيظ ليتوافق مع الوضع الحالي وتحديث حالته.


5- خصوصيات قضايا التعرض على التحفيظ العقاري :

إن تقديم تعرض على مطلب وإحالته إلى المحكمة الابتدائية يثير العديد من التساؤلات حول القواعد والنصوص القانونية التي يجب تطبيقها لتسوية النزاع.

ففي حالة تقديم تعرض على طلب التحفيظ العقاري، يُطْرَحُ السؤال حول القانون الواجب التطبيق: هل يتم تطبيق مقتضيات قانون التحفيظ العقاري باعتبار أن العقار في مرحلة التحفيظ، أم تُطبق مقتضيات قانون الالتزامات والعقود، أم تُستند إلى القواعد المقررة في الشريعة الإسلامية؟

لتوضيح هذه المسألة، يجب التمييز بين نوعين من القواعد:

أ – بالنسبة للقواعد الموضوعية:
يمكن القول إن القانون الواجب التطبيق خلال مرحلة التحفيظ للفصل في التعرضات المقدمة بشأنه هو الباب الثاني من ظهير التحفيظ العقاري، بالإضافة إلى ظهير 19 رجب 1333 (2 يونيو 1915) الملغى، والذي تم استبداله بمقتضيات مدونة الحقوق العينية. ومع ذلك، فإن وجود التعرض وإحالته إلى القضاء للفصل فيه يتطلب توقف إجراءات التحفيظ، حيث لا يمكن للمحافظ في هذه الحالة اتخاذ أي قرار بشأن التحفيظ أو رفضه، خاصة وأن الرسم العقاري لم يتم تأسيسه بعد.

ويترتب على ذلك عدم تطبيق الظهائر المذكورة إلا فيما يتعلق بمسطرة تقديم التعرض وكيفية الفصل فيه أمام المحكمة. أما بالنسبة لجوهر النزاع، فإن القواعد المطبقة هي تلك المقررة في الفقه الإسلامي، خاصة فيما يتعلق بطرق اكتساب الملكية مثل الحيازة، الاستحقاق، الشفعة، الهبة، الوصية، والإرث. كما يمكن تطبيق النصوص الواردة في قانون الالتزامات والعقود إذا كان النزاع يتعلق بإنشاء الالتزامات أو انتقالها، أو بصحتها أو بطلانها، وكيفية إثباتها في بعض الأحيان.

ويمكن للمحكمة أيضًا اللجوء إلى تطبيق القواعد الجديدة الواردة في مدونة الأوقاف إذا تعلق الأمر بالحقوق الحبسية أو بعض الحقوق المستمدة من الأعراف الإسلامية، مثل الجزاء، الجلسة، الزينة، والهواء.

ب – بالنسبة للقواعد الشكلية والإجراءات المسطرية:
فيما يتعلق بالقواعد الشكلية والإجراءات المسطرية الواجب تطبيقها في مجال التعرضات على مطالب التحفيظ، نلاحظ أن القضاء يتردد بين قانونين رئيسيين:

  1. القواعد المسطرية المقررة في ظهير التحفيظ العقاري (12 غشت 1913).
  2. القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية (28 شتنبر 1974).

ومن المبادئ العامة المقررة أنه في حالة وجود تعارض بين مسطرة خاصة ومسطرة عامة، يتم تطبيق المسطرة الخاصة فيما وضعت له. وبالتالي، إذا وجد تعارض بين مقتضيات القواعد المسطرية في قانون التحفيظ العقاري وقانون المسطرة المدنية، يتم تطبيق أحكام ظهير التحفيظ العقاري باعتباره قانونًا خاصًا.

وبالرجوع إلى المقتضيات المقررة في ظهير التحفيظ العقاري، نجد أنه ينص أحيانًا على قواعد خاصة، وأحيانًا أخرى يحيل صراحة إلى بعض نصوص قانون المسطرة المدنية. وهذا يؤكد الطبيعة الخاصة لمسطرة التحفيظ ومسطرة التعرض. بناءً على هذه الخصوصيات، سنقوم ببيان بعضها فيما يلي:

أولا : مقال الدعوى

التعرض هو دعوى يحدد موضوعها أمام المحافظ العقاري، وتقوم المحكمة بالفصل فيها كما أحيلت عليها. وفيما يلي توضيح للفروق بين إجراءات رفع الدعوى في القضايا العادية وقضايا التعرض على التحفيظ العقاري:

– في القضايا العادية:

وفقًا للمقتضيات المنصوص عليها في الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية، يجب تقديم مقال الدعوى كتابيًا لدى المحكمة الابتدائية، وذلك بعد توقيعه من طرف المدعي أو وكيله، أو عبر التصريح به شخصيًا لدى كتابة الضبط. وفي هذا الصدد ينص الفصل 31 المذكور على أنه ترفع الدعوى إلى المحكمة الابتدائية بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعى أو وكيله، أو بتصريح يدلي به المدعى شخصيا ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوقع من طرف المدعى أو يشار إلى أنه لا يمكن له التوقيع….

– في قضايا التعرض على التحفيظ العقاري:

في هذه الحالة، يجب على المتعرض أن يقدم تعرضه إلى المحافظة العقارية، وليس إلى المحكمة مباشرة. يتولى المحافظ العقاري تهيئة موضوع الدعوى وإرسال ملف القضية إلى المحكمة الابتدائية، وذلك وفقًا للمقتضيات المنصوص عليها في الفصل 25 من ظهير التحفيظ العقاري (12 غشت 1913).

– إجراءات تقديم التعرض:

  • يتم تقديم التعرض عن طريق تصريح كتابي أو شفوي إلى المحافظ على الأملاك العقارية.
  • يُحرر محضر في نظيرين بحضور المعني بالأمر، ويُسلم أحد النظيرين إلى المتعرض.
  • يجب أن يتضمن التصريح بالتعرض المعلومات التالية:
  • هوية المتعرض وحالته المدنية وعنوانه الحقيقي أو المختار.
  • اسم الملك ورقم مطلب التحفيظ.
  • موضوع الحق المطالب به.
  • الوثائق المدعمة للطلب.

من خلال ما سبق، يتضح أن دعوى التعرض يجب أن تُقدم إلى المحافظ العقاري في جميع الحالات، وهو الجهة المكلفة بتلقي التعرضات وتهيئة ملف القضية قبل إحالته إلى المحكمة. ولا يُسمح للمتعرض بتقديم تعرضه مباشرة إلى المحكمة، حيث إن القانون المعدل ألغى هذه الإمكانية التي كانت متاحة سابقًا.

في السابق، كان يُمكن تقديم تعرض خارج الأجل أمام النيابة العامة في حالة إحالة الملف إلى المحكمة. 

ثانيا : القاضي المكلف والقاضي المقرر

إن الفقرتان الأخيرتان من الفصلين 31 و32 من قانون المسطرة المدنية الصادر بظهير 28 شتنبر 1974 والمعدل بظهير 10 شتنبر 1993 تنصان على ما يلي:

  • الفصل 31: تنص فقرته الأخيرة على أنه “بمجرد تقييد المقال، يعين رئيس المحكمة، حسب الأحوال، قاضياً مقرراً أو قاضياً مكلفاً بالقضية”.
  • الفصل 32: تنص فقرته الأخيرة على أنه “يطلب القاضي المقرر أو القاضي المكلف بالقضية، عند الاقتضاء، تحديد البيانات غير التامة أو التي وقع إغفالها”.

كما تنص الفقرة الأولى من الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري على أن “رئيس المحكمة الابتدائية يعين فور توصله بمطلب التحفيظ قاضياً مقرراً يكلف بتحضير القضية للحكم واتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لهذه الغاية”.

ومن خلال هذه الفصول، يلاحظ وجود نص عام ينطبق على جميع القضايا المرفوعة أمام المحاكم الابتدائية، حيث يتعين تعيين قاضٍ مكلف أو قاضٍ مقرر حسب الأحوال. فإذا كان البث في القضية سيتم من قبل قاضٍ فردي (قضاء فردي)، فإن الأمر يتعلق بالقاضي المكلف. أما إذا كان البث في القضية سيتم من قبل عدة قضاة (قضاء جماعي)، فإن الأمر يتعلق بالقاضي المقرر.

وبالرجوع إلى النص الخاص الوارد في الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري، والذي ينص صراحةً على تعيين قاضٍ مقرر يتكلف بتحضير القضية، يتضح أن الأمر يتعلق بقضاء جماعي للنظر في موضوع الدعوى.

ويعتبر تعيين القاضي المقرر من الخصوصيات التي يتميز بها قانون التحفيظ العقاري، حيث يجب تطبيقه استناداً إلى أن المشرع نص صراحةً على وجوب تعيينه في الفصل 34، كما حدد الصلاحيات المخولة له في الفصول 34 و35 من قانون التحفيظ العقاري، دون الإحالة على قواعد المسطرة المدنية.

ثالثا : مصاريف الدعوى

في القضايا العادية، يتم دفع مصاريف الدعوى مباشرة لدى صندوق المحكمة الابتدائية عند تقديم مقال الدعوى. أما في قضايا التعرض على التحفيظ العقاري، فإن مصاريف الدعوى تودع لدى المحافظة العقارية التي تلقت التعرض نيابة عن المحكمة، وذلك وفقاً لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 32 من قانون التحفيظ العقاري.

هذا يعني أن المحافظة العقارية تقوم بجمع الرسوم القضائية وحقوق المرافعة نيابة عن المحكمة، ثم تحولها لاحقاً إلى كتابة الضبط التابعة للمحكمة الابتدائية. هذا الإجراء يعكس خصوصية قضايا التحفيظ العقاري ويؤكد على الدور الذي تلعبه المحافظة العقارية في تسهيل الإجراءات المتعلقة بهذه القضايا.

رابعا : أجل تبليغ الأحكام الابتدائية

في قانون المسطرة المدنية، لم يحدد المشرع أجلاً معيناً لتبليغ الأحكام، حيث اكتفى في الفصل 53 بالإشارة إلى أن نسخة مصادق على مطابقتها للأصل من جميع الأحكام تُسلَّم بواسطة كاتب الضبط بمجرد الطلب. وهذا يعني أن التبليغ يتم بناءً على طلب الأطراف، دون وجود أجل محدد مسبقاً.

من جهة أخرى، فإن تبليغ منطوق الأحكام الصادرة في قضايا التعرض على التحفيظ العقاري لا يمكن أن يتم بالجلسة وفقاً للمقتضيات العامة المنصوص عليها في الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية. وقد أكد المجلس الأعلى (محكمة النقض حالياً) هذا المبدأ في قراره رقم 1100 الصادر بتاريخ 16 مايو 1990، حيث أشار إلى أن الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ العقاري يجب أن تُبلَّغ طبقاً لأحكام المادة 40 من ظهير التحفيظ العقاري، والتي توجب تبليغ ملخص الحكم مع الإشارة إلى إمكانية استئنافه داخل الأجل المحدد. ولا يجوز تبليغ منطوق هذه الأحكام بالجلسة وفقاً للمقتضيات العامة…

أما الفصل 50 من قانون المسطرة المدنية، فينص على أنه عند صدور حكم حضوري، يتعين على كاتب الضبط أن يبلغ الأطراف أو وكلائهم حالاً بنسخة من منطوق الحكم، مع الإشارة إلى أن التبليغ والتسليم قد تمّا. وهذا الإجراء يختلف عن الإجراء المتبع في قضايا التحفيظ العقاري.

بالرجوع إلى قانون التحفيظ العقاري، نجد أن المشرع كان أكثر وضوحاً وضبطاً في تحديد إجراءات التبليغ. حيث نص الفصل 40 على وجوب تبليغ الحكم الابتدائي في مدة لا تتجاوز ثمانية أيام من تاريخ صدوره، مع تنبيه الأطراف إلى إمكانية استئناف الحكم داخل الأجل العادي المحدد في قانون المسطرة المدنية، وهو ثلاثون يوماً من تاريخ التبليغ.

هذه الطريقة والمدة المحددة لتبليغ الأحكام في قضايا التحفيظ العقاري تُعتبر ملزمة للمحاكم، ويتعين عليها احترامها. ومع ذلك، يُلاحظ في الواقع العملي أن بعض المحاكم لا تلتزم بهذه الخصوصية، حيث يبقى التبليغ معلقاً على طلب من أحد الأطراف، مما يُظهر وجود فجوة بين النصوص القانونية والتطبيق العملي.

خامسا : قابلية الحكم للاستيناف

بالرجوع إلى الفصل 41 من ظهير التحفيظ العقاري، نجد أنه ينص بشكل صريح على أن الاستئناف يُقبل دائمًا في قضايا التحفيظ العقاري، بغض النظر عن قيمة العقار المطلوب تحفيظه. وهذا يعني أن الأطراف لديهم الحق في الطعن في الأحكام الصادرة في هذه القضايا عن طريق الاستئناف، دون أي قيود تتعلق بالقيمة المالية للعقار.

كما أحال الفصل 41 من قانون التحفيظ العقاري إلى الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية، حيث نص على أنه يمكن رفع طلب الاستئناف وفقًا للإجراءات المذكورة في الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية. بالإضافة إلى ذلك، أشار الفصل 41 إلى أن ملف القضية يُرسل بدون مصاريف إلى محكمة الاستئناف، مع إرفاق نسخة من الحكم المطعون فيه.

سادسا : عدم إصدار الأمر بالتخلي

بالرجوع إلى الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية، نجد أنه ينص على أنه إذا تم تحقيق الدعوى أو انقضت آجال الردود، وأعتبر القاضي المقرر أن الدعوى أصبحت جاهزة للحكم، فإنه يصدر أمرًا بالتخلي عن الملف ويحدد تاريخ الجلسة التي ستُدرج فيها القضية للنظر فيها. هذا الإجراء يُعتبر جزءًا من الإجراءات العادية في القضايا المدنية.

من جهة أخرى، عند الرجوع إلى الفصل 35 من ظهير التحفيظ العقاري، نجد أنه ينص على أنه عندما يرى القاضي المقرر أن القضية أصبحت جاهزة للنظر، فإنه يُخبر الأطراف بيوم الجلسة العلنية التي ستعرض فيها القضية. ومع ذلك، لم يشر هذا الفصل إلى ضرورة إصدار القاضي المقرر أمرًا بالتخلي، خلافًا لما هو منصوص عليه في الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية.

هذا الاختلاف يُظهر أن ظهير التحفيظ العقاري يتضمن إجراءات خاصة تختلف عن الإجراءات العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية. وبالتالي، فإن عدم إصدار القاضي المقرر لأمر بالتخلي في قضايا التحفيظ العقاري لا يُعتبر إخلالاً بالإجراءات القانونية، ولا يشكل مبررًا للنقض.

سابعا : أجل النقض

القاعدة العامة في قانون المسطرة المدنية تنص على أن أجل رفع الطعن بالنقض لدى محكمة النقض هو ثلاثون يوماً من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه، وذلك وفقاً لمقتضيات الفصل 358. وتشير الفقرة الأولى من هذا الفصل إلى أن هذا الأجل يطبق بصرف النظر عن المقتضيات الخاصة، مما يعني أنه يُعتبر الأجل العام الذي ينطبق على جميع القضايا ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

في السابق، كان أجل الطعن بالنقض محدداً في شهرين، ولكن بعد تعديل الفصل 47 من التحفيظ العقاري الذي ينص على أصبح القرار الاستئنافي يُبلَّغ وفقاً للكيفية المقررة في قانون المسطرة المدنية، ويمكن الطعن فيه بالنقض داخل الأجل المحدد في نفس القانون، وهو ثلاثون يوماً.

هذا التعديل يُفيد أن قضايا التعرض على التحفيظ العقاري، والتي كانت تُعتبر في السابق خاضعة لأجل طعن أطول (شهرين)، أصبحت الآن خاضعة للأجل العام المحدد في ثلاثين يوماً، وذلك وفقاً للمقتضيات العامة المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية. وبالتالي، فإن الأطراف في قضايا التعرض على التحفيظ العقاري ملزمون برفع الطعن بالنقض خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تبليغ الحكم الاستئنافي، ما لم ينص القانون على استثناءات خاصة.

ثامنا : الطعن بالنقض في قضايا التحفيظ

إن الطعن بالنقض لا يؤدي من حيث المبدأ إلى توقيف تنفيذ الحكم، إلا في حالات استثنائية محددة حصراً في المادة 361 من قانون المسطرة المدنية. هذه الحالات الاستثنائية هي:

  1. في الأحوال الشخصية.
  2. في الزور الفرعي.
  3. في التحفيظ العقاري.

من هذا النص يتضح أن الطعن بالنقض في قضايا التحفيظ العقاري يعتبر موقفاً للتنفيذ، خلافاً للقضايا الأخرى التي لا يتم فيها توقيف التنفيذ إلا في الحالات المحددة. وهذا يعكس أهمية قضايا التحفيظ العقاري وخصوصيتها، حيث أن الطعن بالنقض في هذه القضايا يؤدي إلى تعليق تنفيذ الحكم حتى يتم الفصل في الطعن.

بالإضافة إلى هذه الحالات، أضاف المشرع حالة استثنائية أخرى تم النص عليها في المادة 57 من ظهير 23 فبراير 2010 المتعلق بمدونة الأوقاف. حيث نصت على أنه يوقف الطعن بالنقض المقدم من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف في الدعاوى المتعلقة بالأوقاف العامة تنفيذ الأحكام المطعون فيها.

هذا يعني أن الطعن بالنقض المقدم من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف في الدعاوى المتعلقة بالأوقاف العامة يؤدي إلى توقيف تنفيذ الأحكام المطعون فيها. وهذا يتطلب من المحافظين الانتباه إلى هذه الحالة الخاصة عند التعامل مع قضايا الأوقاف العامة، حيث أن الطعن بالنقض في هذه القضايا يعتبر موقفاً للتنفيذ.

باختصار، فإن الطعن بالنقض في قضايا التحفيظ العقاري والأوقاف العامة يعتبر من الحالات الاستثنائية التي تؤدي إلى توقيف تنفيذ الأحكام، وذلك وفقاً للنصوص القانونية المذكورة.

قاعة محكمة تتضمن وثائق قانونية، مطرقة قاضٍ، ومحامٍ مع موكله يناقشان خريطة عقارية، تمثل فكرة التعرض على طلب التحفيظ العقاري.

تم الاستفادة من مراجع لإعداد هذا المقال، منها:

  • عبد العالي دقوقي: نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 14.07، دراسة في الاجتهاد القضائي والإداري،
  • Victor Gasse: “Le Droit foncier Outremer et son évolution depuis l’indépendance” Page 162 Librairie Palmiers-Hyères 1968.
  • محمد خيري: العقار وقضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، من خلال القانون الجديد رقم 14.07 المتعلق بالتحفيظ العقاري، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، طبعة 2014
  • عبد الرزاق أحمد السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني ج 8.
  • أحمد أجعون: المقتضيات الجديدة المتعلقة بالتعرض مجلة الحقوق الإصدار السادس، ماي 2012.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *