تشكيلة الجلسات ونظام القضاء في المحاكم الابتدائية
تنص المادة 51 من ظهير التنظيم القضائي علي ما يلي ” مع مراعاة الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة الابتدائية بمقتضى قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية أو نصوص قانونية خاصة تعقد المحاكم الابتدائية، بما فيها المصنفة، جلساتها بقاض منفرد وبمساعدة كاتب للضبط عدا عند وجود نص قانوني خاص او في الحالات التالية التي يبت فيها بهيئة مؤلفة من ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس، وبمساعدة كاتب للضبط :
– القضايا العينية العقارية والمختلطة.
– قضايا الأحوال الشخصية بما فيها قضايا الأسرة، باستثناء قضايا الطلاق الاتفاقي والنفقة وأجرة الحضانة وباقي الالتزامات المادية للزوج أو الملزم بالنفقة والحق في زيارة المحضون والرجوع إلى بيت الزوجية وإعداد بيت للزوجية وقضايا الحالة المدنية.
– القضايا الجنحية التي تقرر فيها متابعة شخص في حالة اعتقال ولو توبع معه أشخاص في حالة سراح، وتبقى الهيئة الجماعية مختصة بالبت في القضية في حالة منح المحكمة السراح المؤقت للشخص المتابع.
– القضايا التجارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء التجاري.
– القضايا الإدارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء الإداري .
إذا تبين للقاضي المنفرد أو لهيئة القضاء الجماعي، تلقائيا أو بناء على طلب أحد الأطراف، أن أحد الطلبات الأصلية أو المقابلة أو طلبات المقاصة يرجع النظر فيه إلى هيئة أخرى، أو له ارتباط بدعوى جارية أمامها، أحيل ملف القضية بأمر ولائي إلى رئيس المحكمة، الذي يتولى هو أو نائبه إحالة ملف القضية فورا إلى الهيئة المعنية.
وفي جميع الأحوال لا يترتب البطلان عن بت هيئة القضاء الجماعي في قضية من اختصاص قاض منفرد “.
يتولى المشرع في هذه المادة تحديد تشكيل الجلسات وتنظيم القضاء المتبع حالياً، حيث نص على أنه، مع الأخذ بعين الاعتبار الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة الابتدائية وفقاً لقانون المسطرة المدنية والمسطرات الجنائية أو النصوص القانونية الخاصة، سواء في إطار مهامه القضائية أو الولائية التي يمارسها بإجراءات وشكليات محددة، تعقد المحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة والمصنفة جلساتها بحضور قاض منفرد، بمعاونة كاتب الضبط.
بذلك، يقرر المشرع تبني مبدأ القضاء الفردي كقاعدة عامة في عقد الجلسات بالمحاكم الابتدائية، مع الإقرار ببعض الاستثناءات التي يتم فيها الرجوع إلى القضاء الجماعي. في هذه الحالات، يتم الفصل بواسطة هيئة مكونة من ثلاثة قضاة، بما في ذلك الرئيس، مع وجود كاتب للضبط، وذلك في حالة وجود نص قانوني خاص أو في الحالات التالية:
1) القضايا العينية العقارية والمختلطة :
القضايا العينية العقارية يتعلق موضوعها بحماية أو تثبيت أحد الحقوق العينية. ووفقاً للمادة 8 من القانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، يُعرف الحق العيني بأنه “سلطة مباشرة يخولها القانون لشخص معين على عقار معين، ويكون الحق العيني أصلياً أو تبعياً”.
ووفقاً للمادة 9 من القانون 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، تشمل الحقوق العينية الأصلية ما يلي: “حق الملكية؛ حق الارتفاق والتحملات العقارية؛ حق الانتفاع؛ حق العمري؛ حق الاستعمال، حق السطحية؛ حق الكراء الطويل الأمد؛ حق الحبس؛ حق الزينة؛ حق الهواء والتعلية؛ الحقوق العرفية المنشأة بوجه صحيح قبل دخول هذا القانون حيز التنفيذ”، وتعتبر كل دعوى تهدف إلى حماية أو تثبيت أحد هذه الحقوق دعوى عينية، وتُنظر من قبل المحكمة بهيئة مكونة من ثلاثة قضاة، مع مساعدة كاتب الضبط.
ومن جهة أخرى، توجد نوعية أخرى من الدعاوى التي لا تندرج تحت الدعاوى العينية ولا الشخصية، وهي الدعاوى المختلطة. هذه الدعاوى ترتكز من حيث الإقامة على حق شخصي، لكنها تهدف إلى الحصول على حق عيني مترتب على عقار. مثال على ذلك دعوى إتمام إجراءات البيع التي ترتكز على الوعد بالبيع الذي لا ينشئ لصالح الدائن إلا حقا شخصيا ورغم ذلك فإن هذا الحق الشخصي يخوله المطالبة أمام القضاء بالحق العيني.
2) قضايا الأحوال الشخصية بما فيها قضايا الأسرة:
فيما يتعلق بقضايا الأحوال الشخصية، بما في ذلك قضايا الأسرة، فإن المحكمة تنظرها بهيئة مكونة من ثلاثة قضاة، مع مساعدة كاتب الضبط، باستثناء بعض القضايا مثل الطلاق الاتفاقي، والنفقة، والالتزامات المادية الأخرى للزوج أو الملزم بالنفقة، وأجرة الحضانة، والحق في زيارة المحضون، والرجوع إلى بيت الزوجية، وإعداد بيت للزوجية، وكذلك قضايا الحالة المدنية، حيث تُنظر هذه القضايا من قبل قاضٍ منفرد مع مساعدة كاتب الضبط.
3) القضايا الجنحية:
القضايا الجنحية هي تلك التي يتم فيها المتابعة بناءً على ارتكاب جنحة من الجنح التي يعاقب عليها القانون الجنائي. ووفقاً للفصل 374 من قانون المسطرة الجنائية، تُعقد المحكمة جلساتها لنظر هذه القضايا بحضور قاضٍ منفرد، مع حضور ممثل النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط، على أن يكون أي إخلال بذلك عرضة للبطلان.
ومع ذلك، فإن مقتضى هذه المادة ينص على أنه في حال تقرر متابعة شخص في حالة اعتقال، حتى وإن كان هناك أشخاص آخرون يتابعون في حالة سراح، يجب على المحكمة أن تعقد جلساتها لهذه القضية، وكذلك القضايا المماثلة، بهيئة مكونة من ثلاثة قضاة، مع حضور ممثل النيابة العامة ومساعدة كاتب الضبط.
والبطلان المشار إليه سابقاً لا يترتب بناءً على مقتضى الفقرة الأخيرة من المادة المعنية موضوع الشرح، التي قيدت تطبيق الفصل 374 من قانون المسطرة الجنائية، حيث نصت على أنه في جميع الأحوال لا يترتب البطلان عن بت هيئة القضاء الجماعي في قضية من اختصاص قاض منفرد مع الإشارة إلا أن هذا الأمر لا يعني عدم ضرورة ملاءمة مقتضيات قانون المسطرة الجنائية مع أحكام هذا القانون.
وفي كل مرة تقرر فيها المتابعة في حالة اعتقال بسبب ارتكاب جنحة، تظل الهيئة الجماعية هي المختصة بالفصل في القضية، حتى في حال قررت المحكمة منح السراح المؤقت للشخص المتابع.
4) القضايا التجارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء التجاري:
القضايا التجارية التي تُحال إلى القسم المتخصص في القضاء التجاري تُنظر في جلسة مكونة من ثلاثة قضاة، مع مساعدة كاتب الضبط.
5) القضايا الإدارية المسندة إلى القسم المتخصص في القضاء الإداري:
القضايا الإدارية التي تُحال إلى القسم المتخصص في القضاء الإداري تُنظر أيضاً في جلسة مكونة من ثلاثة قضاة، بحضور المفوض الملكي، ومع مساعدة كاتب الضبط.
تعمل هذه الأقسام المتخصصة أيضاً بالتشكيلة الجماعية نظراً للطبيعة والخصوصية المميزة للقضايا التي تنظر فيها، والتي تشترك نوعياً مع المحاكم المتخصصة. فعندما يتحد الوصف، مثل كون القضايا تجارية أو إدارية، وتتشابه العلة المتعلقة بخصوصية هذه الدعاوى، يتوحد الحكم في ضرورة أن تنظر الأقسام المتخصصة هذه القضايا بهيئة جماعية. وذلك حتى وإن كانت هذه الأقسام تابعة تنظيمياً للمحاكم الابتدائية العادية التي تعمل وفق مبدأ ازدواجية القضاء الفردي والجماعي، حيث يتم تغليب المبدأ الأول واعتباره الأكثر تطبيقا.
وإذا تبين للقاضي المنفرد أو لهيئة القضاء الجماعي أثناء نظر الدعوى، سواء تلقائياً أو بناءً على طلب أحد الأطراف، أن أحد الطلبات الأصلية أو المقابلة أو طلبات المقاصة يجب أن يتم النظر فيه من قبل هيئة أخرى أو أنه مرتبط بدعوى قائمة أمام هيئة أخرى، يتم إحالة ملف القضية بأمر ولائي إلى رئيس المحكمة. ويتولى رئيس المحكمة أو نائبه إحالة الملف فوراً إلى الهيئة المعنية.
وإذا لم يتبين للقاضي المنفرد أو هيئة القضاء الجماعي أن صلاحية النظر في القضية تعود إلى هيئة أخرى، ولم يطلب ذلك الأطراف، وبتت المحكمة في القضية رغم ذلك، فإن حكمها يعد صحيحاً بشرط أن يكون عدد القضاة في الهيئة التي نظرت في القضية مساوياً أو أكبر من عدد القضاة في الهيئة المختصة. أما إذا كان عدد القضاة في الهيئة التي بتت في القضية أقل من العدد المطلوب في الهيئة المختصة، فيترتب على ذلك البطلان.
ولذلك، ختم المشرع هذه المادة مؤكداً أنه “في جميع الأحوال لا يترتب البطلان عن بت هيئة القضاء الجماعي في قضية من اختصاص قاضٍ منفرد”، والعكس صحيح، أي أنه يترتب البطلان إذا بت قاضٍ منفرد في قضية من اختصاص هيئة القضاء الجماعي.
Share this content: