القانون التجاري
عرفت التجارة بأنها الوساطة في تداول وتوزيع الخيرات وعمليات الإنتاج الصناعي والصفقات المالية، ويعد تجاريا كذلك كل عمل يساعد على إنجاز وتسهيل القيام بهذه العمليات كأعمال النقل.
والتجارة هي ممارسة البيع والشراء بقصد الحصول على الربح، وهي مهنة شريفة لها أثرها وفاعليتها في حياة المجتمع، ومن أهم الحرف التي يقوم عليها نظام الكون وحياة الناس.
القانون التجاري هو أحد فروع القانون الخاص، ويتناول، وفق ما نص عليه المشرع المغربي، الأحكام المنظمة للأعمال التجارية والتجار. فقد ورد في المادة الأولى من مدونة التجارة ما يأتي " ينظم هذا القانون القواعد المتعلقة بالأعمال التجارية والتجار".
ويعتبر القانون التجاري شريعة خاصة، إذ خرج من رحم القانون المدني الذي يعتبر القانون الأم والشريعة العامة التي تنظم جميع أنشطة الأفراد، بغض النظر عن صفاتهم. وطبيعة الأعمال التي يمارسونها.
يتميز القانون التجاري بعدة خصائص، أهمها خاصيتين أساسيتين، وهما السرعة والائتمان.
- إذ البيئة التجارية تتسم بالسرعة، لأن التجارة تهدف إلى تحقيق الأرباح في أقل زمن ممكن فكلما تكررت المعاملات التجارية، وارتفعت وتيرتها، وإلا وارتفعت نسبة الأرباح من جهة، وانتفع الناس برواج السلع واستهلاكها وتواجدها في السوق على الدوام.
- ويُعد الائتمان تنازلاً عن مال حاضر في مقابل مال مؤجل، ويُشكل بذلك أساس النشاط التجاري وركيزته الجوهرية، إذ لا غنى للتاجر عنه وعن القروض بمختلف أنواعها. فكل تاجر هو دائن من جهة ومدين من جهة أخرى، ومعظم المعاملات التجارية تُبرم لأجل. فمثلاً، يقوم تاجر الجملة ببيع البضاعة لتاجر نصف الجملة لأجل، وهذا الأخير يبيعها لتاجر التقسيط بذات الطريقة. وتُعتبر مختلف صور الائتمان، سواء كانت على شكل قرض، أو كمبيالة، أو غيرهما، من أنجع الوسائل لضمان استيفاء هذه الديون.
- قاعدة حرية الإثبات.
- التشديد في منح مهلة الميسرة.
- تقصير أجل التقادم.
- تحديد المحكم عند إبرام العقد.
- الأحكام التجارية مشمولة بالنفاذ المعجل.
الإثبات هو إقامة الحجة والدليل أمام القضاء على واقعة معينة، وقد أقر المشرع للتاجر الحرية لإثبات دينه بأي وسيلة من وسائل الإثبات، وهذا ما نصت عليه المادة 334، حيث ورد فيها "تخضع المعاملات التجارية لحرية الإثبات"، على خلاف الإثبات في الحياة المدنية، فهو إثبات مقيد، يرتكز على الكتابة (اشترط المشرع توثيق الدين بالكتابة في حالة تجاوز مبلغ الدين 10000 درهم).
مهلة الميسرة، هي مهلة يمنحها القاضي للمدين الذي يمر بظروف عسيرة تجعله غير قادر على الوفاء بدينه في موعد الوفاء، شريطة ألا يلحق ضررا جسيما بالدائن.
وقد نصت المادة 231 على أنه لا يمنح أي إمهال قانوني أو قضائي إلا في الأحوال المنصوص عليها في المادة 196 والمادة 207، ويتبين من هذه المادة أن الأصل هو عدم منح أي إمهال إلا استثناء، على خلاف المعاملات المدنية التي قد يراعي فيها القاضي عسر المدين فيمنحه مهلة للوفاء بدينه، حيث نصت المادة 243 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي: يسوغ للقضاة مراعاة منهم لمركز المدين، ومع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق، أن يمنحوا أجالا معتدلة، وأن يوقفوا إجراءات المتابعة مع بقاء الأشياء على حالها.
فهذه المادة تجيز منح مهلة للمدين للوفاء بدينه.
التقادم هو أجل قانوني يحدده المشرع لمباشرة الدعوى قصد المطالبة بالحق، وإذا انقضى هذا الأجل دون اتخاذ أي إجراء، فإن الحق في المطالبة القضائية يسقط ولا يُقبل أمام المحاكم.
ففي المعاملات المدنية، وتماشيا مع طبيعتها، تتقادم الحقوق بمضي 15 سنة، ف" كل الدعاوى الناشئة عن الالتزام تتقادم ب 15 سنة، ما عدا بعض الاستثناءات الواردة فيما بعد من تاريخ أجل الاستحقاق "، بينما تتقادم الالتزامات الناتجة عن الأعمال التجارية بين التجار أو بينهم وبين غيرهم، بمضي خمس سنوات.
التحكيم هو اتفاق أطراف العلاقة القانونية على أن يتم الفصل في المنازعات التي تثور بينهم من طرف أشخاص الخواص، ونظام التحكيم في المعاملات المدنية، يختلف عن نظيره في المعاملات التجارية. ففي التحكيم في المعاملات التجارية تحدد المحكم أو المحكمين عند إبرام العقد، بينما في المادة المدنية نلتجئ إلى التحكيم بعد نشوب النزاع.
النفاذ المعجل معناه أن يكون للحكم القضائي القوة التنفيذية رغم الطعن فيه أمام محكمة الدرجة الثانية، أو أمام محكمة النقض.
فالأحكام التجارية مشمولة بالنفاذ المعجل بينما الأحكام المدنية لا تشملها قاعدة النفاذ المعجل.
- التضامن بين المدينين.
- نظام الفوائد في الديون التجارية.
- اعتماد نظام المحاكم التجارية.
- وضع قيود على مزاولة العمل التجاري.
التضامن بين المدينين هو عبارة عن تضامن المدينين في حالة تعددهم في دين واحد يقبل الانقسام، فيكون كل واحد منهم ملزما بأداء الدين كاملا في مواجهة الدائن، وهي حالة غير موجودة في الحياة المدنية، فالأصل أن التضامن بين المدينين لا يُفترض، بل يجب أن ينص عليه صراحة في السند المنشئ للالتزام، أو أن يقرره القانون، أو أن تقتضيه طبيعة المعاملة بشكل حتمي.
غير أن الحياة التجارية، بطبيعتها الخاصة، تفرض الأخذ بمبدأ التضامن في الالتزامات التجارية، إذ يُفترض التضامن في هذا المجال.
يختلف نظام الفوائد بين المعاملات المدنية والمعاملات التجارية؛ ففي المجال التجاري، يجوز احتساب الفوائد على الدين التجاري بصورة دورية، كأن تُحسب كل شهر أو كل ستة أشهر، في حين أن المعاملات المدنية لا تسمح باحتساب الفوائد إلا مرة واحدة داخل السنة.
اعتمد المغرب منذ سنة 1997 نظام المحاكم التجارية للبت في المنازعات التجارية، بينما المنازعات غير التجارية تفصل فيها المحاكم الابتدائية صاحبة الولاية العامة.
كما أن القانون رقم 15.38 المتعلق بالتنظيم القضائي الجديد قد نص على إمكانية إحداث أقسام متخصصة في القضاء التجاري داخل المحاكم الابتدائية.
بعض الممارسات والأعمال التجارية يلزم لممارستها التقيد بقيود خاصة، وأخرى عامة وهي قيود لا تفرض على مزاولي الأعمال المدنية، فالقاصر لا يجوز له ممارسة التجارة إلا بتوفر شرطين :
- حصول القاصر على الترشيد، أو الإذن بالاتجار من نائبه الشرعي.
- إشهار وتسجيل هذا الإذن في السجل التجاري.
كما أن القانون يمنع بعض الأشخاص، رغم توفرهم على الأهلية، من مزاولة التجارة بسبب انتسابهم لسلك الوظيفة العمومية كالموظفين العموميين والمحامين والأطباء وأصحاب المهن الحرة، من محاسبين، ومترجمين...
لقد نصت المادة 6 من مدونة التجارة على ما يلي: مع مراعاة أحكام الباب الثاني من القسم الرابع بعده المتعلق بالشهر في السجل التجاري، تكتسب صفة تاجر بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التالية:
1- شراء المنقولات المادية أو المعنوية بنية بيعها بذاتها أو بعد تهيئتها بهيئة أخرى أو بقصد تأجيرها.
2- اكتراء المنقولات المادية أو المعنوية من أجل إكرائها من الباطن.
3- شراء العقارات بنية بيعها على حالها أو بعد تغييرها.
4- التنقيب عن المناجم والمقالع واستغلالها.
5- النشاط الصناعي أو الحرفي.
6- النقل.
7- البنك والقرض والمعاملات المالية.
8- عملية التأمين بالأقساط الثابتة.
9- السمسرة والوكالة بالعمولة وغيرهما من أعمال الوساطة.
10- استغلال المستودعات والمخازن العمومية.
11- الطباعة والنشر بجميع أشكالها ودعائمها.
12- البناء والأشغال العمومية.
13- مكاتب ووكالات الأعمال والأسفار والإعلام والإشهار.
14- التزويد بالمواد والخدمات.
15- تنظيم الملاهي العمومية.
16- البيع بالمزاد العلني.
17 - توزيع الماء والكهرباء والغاز.
18- البريد والمواصلات.
ونصت المادة 7 على ما يلي:
تكتسب صفة تاجر أيضا بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التالية:
1- كل عملية تتعلق بالسفن والطائرات وتوابعها.
2- كل عملية ترتبط باستغلال السفن والطائرات وبالتجارة البحرية والجوية.
وجاء في المادة 8 ما يلي:
تكتسب صفة تاجر كذلك بالممارسة الاعتيادية أو الاحترافية لكل نشاط يمكن أن يماثل الأنشطة الواردة في المادتين 6 و 7.
هي أعمال تجارية نحددها بالقياس على الأعمال التجارية الأصلية، وفق المادة الثامنة من مدونة التجاة، فهي تتمثل في الممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأعمال المشابهة للأعمال التجارية كالبورصة وشراء وبيع الأصل التجاري والتمويل بالإيجار.
الأعمال التجارية الشكلية هي تلك التي يضفي عليها المشرع الصفة التجارية بناءً على الشكل الذي تتخذُه، دون اعتبار لموضوعها أو لصفة من يقوم بها. فبمجرد أن يتم العمل في قالب قانوني معين، يُعد تجارياً بحكم القانون، حتى وإن لم يكن في جوهره تجارياً.
وتعتبر كذلك هذه الأعمال أعمالا تجارية عرفية، لأنها وجدت كأعراف وعادات انبثقت عن الممارسة العملية قبل أن يقننها المشرع، ومن هذه الأعمال الأوراق التجارية، والشركات التجارية ماعدا شركة المحاصة، فكل هذه الأعمال اعتبرها المشرع تجارية لمجرد شكلها، ولو لم تتوفر فيها مقومات العمل التجاري من مضاربة أو وساطة أو تداول.
يُعد عملاً تجاريًا، بصرف النظر عن أحكام المادتين 6 و7، كل من الكمبيالة، والسند لأمر الموقع، ولو من غير تاجر، إذا صدر هذا الأخير في إطار معاملة تجارية.
ورقة تجارية تتضمن أمرا صادرا من شخص يسمى الساحب، ويوجه إلى آخر يسمى المسحوب عليه من أجل أداء مبلغ معين من النقود إلى شخص ثالث يسمى المستفيد بمجرد الاطلاع، أو في تاريخ معين أو قابل للتعيين.
العمل المختلط هو العمل الذي يكون تجاريا تجاه أحد المتعاقدين، ومدنيا تجاه المتعاقد الآخر، ومثاله شراء تاجر لمحصول زراعي من فلاح بنية بيعه، فالعمل هنا تجاري من جهة المشتري، ومدني من جهة البائع.
يقصد بالأعمال التجارية التبعية تلك الأعمال التي تكون مدنية بطبيعتها، إلا أنها تفقد هذه الصفة وتصبح تجارية بالتبعية، لقيام تاجر بها، وتعلقها بأنشطته التجارية.
وقد سدت المادة 10 من مدونة التجارة الجديدة هذه الثغرات وبلورت النظرية في صياغة قانونية بسيطة وسليمة، إذ جاء فيها: "تعتبر تجارية كذلك الوقائع والأعمال التي يقوم بها التاجر بمناسبة تجارته ما لم يثبت خلاف ذلك".
تكتسب صفة التاجر من خلال الممارسة الاعتيادية أو الاحترافية للأنشطة التجارية من قبل تاجر يتمتع بالأهلية التجارية.
الاعتياد هو القيام بالأنشطة التجارية بصفة متكررة، لكن بشكل غير منتظم ومستمر. أما الاحتراف فهو ممارسة الأنشطة التجارية بصفة منتظمة ومستمرة، واتخاذها مصدرا للعيش والكسب أو وسيلة لجمع الثروة وتكديسها.
ويستفاد من تعبير المشرع التجاري بحرف "أو " التي تفيد الاختيار أن مجرد المماسة الاعتيادية لعمل تجاري تكتسب به صفة التاجر، وإن لم تصل إلى درجة الاحتراف.
نصت المادة 209 من م أ، على أن أهلية الشخص تتحقق ببلوغه سن الرشد القانوني المحدد في ثمانية عشرة سنة شمسية كاملة.
وكل شخص بلغ سن المحدد، ولم تعترضه عوارض تنقص من أهليته، أو تعدمها، يكون كامل الأهلية، للقيام بالتصرفات القانونية، ومباشرة حقوقه، وتحمل التزاماته، ومنها ممارسة التجارة.
يترتب على اكتساب الشخص لصفة التاجر خضوعه لعدة التزامات قانونية وأخلاقية. ومن بين أبرز هذه الالتزامات:
الالتزام بمبادئ الشرف، الأمانة، الوفاء بالوعد، حسن السلوك، والصدق في المعاملة؛
التقيّد بأداء الديون في مواعيد استحقاقها، تحت طائلة الخضوع لمساطر المعالجة أو مساطر التفالس، كما هو منصوص عليه في المواد من 560 إلى 732 من مدونة التجارة؛
شهر النظام المالي للزواج؛
الالتزام بعدم اللجوء إلى المنافسة غير المشروعة؛
مسك الدفاتر التجارية ومسك محاسبة منتظمة (المواد من 19 إلى 26 من المدونة)؛
فتح حساب بنكي لدى مؤسسة بنكية أو لدى مركز الشيكات البريدية (المادة 18 من المدونة)؛
القيد في السجل التجاري (المواد من 27 إلى 78 من المدونة)؛
أداء الضرائب التجارية المفروضة على نشاطه.