الإفراج المقيد بشروط هو نظام قانوني نظمه المشرع في المواد من 622 إلى 632 من قانون المسطرة الجنائية، ويهدف إلى تقديم فرصة لإعادة إدماج بعض المعتقلين الذين أظهروا حسن سلوكهم أثناء فترة اعتقالهم، وأبدوا استعدادًا فعليًا للعودة إلى المجتمع بشكل إيجابي. يُعتبر هذا النظام وسيلة تشجيعية تسعى إلى مكافأة النزلاء الذين يسلكون طريق الإصلاح داخل السجن، من خلال منحهم إمكانية إنهاء فترة عقوبتهم في إطار مراقب ومقيد بشروط محددة.
ويُشترط في تطبيق الإفراج المقيد الالتزام بمجموعة من الضوابط والشروط التي يتم تحديدها مسبقًا، والتي تكون بمثابة ضمانات لعدم العودة إلى السلوك الإجرامي. ومع ذلك، فإن هذا الإفراج لا يُعتبر نهائيًا إلا بعد انتهاء مدة العقوبة الأصلية المحكوم بها، حيث يظل التدبير قابلًا للإلغاء إذا ثبت قبل انقضاء المدة المقررة أن الشخص المفرج عنه قد خالف الشروط المفروضة عليه، أو ارتكب أفعالًا تنم عن سوء سلوك. وفي هذه الحالة، يتم اتخاذ التدابير القانونية اللازمة لإعادته إلى السجن لقضاء المدة المتبقية من عقوبته.
الإفراج المقيد بشروط يعد بذلك آلية مزدوجة تجمع بين تشجيع السجناء على السلوك الجيد، وضمان حماية المجتمع من أي تهديد محتمل قد ينتج عن عودة الجاني إلى ارتكاب الجرائم. كما أن هذه الآلية تعكس فلسفة عقابية حديثة، تسعى إلى تحقيق التوازن بين متطلبات العدالة الجنائية ومبادئ الإصلاح والتأهيل.
وهكذا فقد نص المشرع المغربي في المادة 622 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي : “يمكن للمحكوم عليهم بعقوبة سالبة للحرية من أجل جناية أو جنحة، الذين برهنوا بما فيه الكفاية على تحسن سلوكهم، أن يستفيدوا من الإفراج المقيد بشروط إذا كانوا من بين :
1- المحكوم عليهم من أجل جنحة الذين قضوا حبسا فعليا يعادل على الأقل نصف العقوبةالمحكوم بها؛
2- المحكوم عليهم بعقوبة جنائية أو بعقوبة جنحية من أجل وقائع وصفت بأنها جناية أو من أجل جنحة يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها خمس سنوات حبسا إذا قضوا حبسا فعليا يعادل على الأقل ثلثي العقوبة المحكوم بها.
إذا تعلق الأمر بمحكوم عليهم بالإقصاء، فلا يمكن أن تكون مدة اعتقالهم الفعلي أقل من ثلاث سنوات تحسب من اليوم الذي أصبح فيه تدبير الإقصاء ساري المفعول”.
1 – طالب الإفراج المقيد : (المادة 625) من ق.م.ج
يعد رئيس المؤسسة السجنية التي يقضي بها المحكوم عليه عقوبته اقتراحات الإفراج المقيد بشروط، إما تلقائيا أو بناء على طلب من المعنى بالأمر أو عائلته، وإما بتعليمات من وزير العدل أو مدير إدارة السجون، أو بمبادرة من قاضي تطبيق العقوبات طبقاً لمقتضيات المادة 155 من المرسوم رقم 2.00.485 الصادر في 6 شعبان 1421 (3 نوفمبر 2000) تحدد بموجبه كيفية تطبيق القانون رقم 23.98 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.99.200 بتاريخ 13 من جمادى الأولى 1420 (25 أغسطس 1999).
ويوجه رئيس المؤسسة السجنية هذه الاقتراحات، بعد تضمينها رأيه المعلل، إلى مدير إدارة السجون وإعادة الإدماج الذي يطبق مقتضيات المادة 156 من المرسوم السالف الذكر ويعرضها على اللجنة المشار إليها في المادة 624 من قانون المسطرة الجنائية.
2 – شروط الانتفاع بالإفراج المقيد :(المادة 622) من ق.م.ج
– لكي يستفيد السجين المحكوم عليه من الإفراج المقيد بشروط، يتعين عليه تلبية مجموعة من الشروط والضوابط التي حددها القانون بدقة. ومن بين هذه الشروط، أن يكون السجين قد قضى فعليًا مدة حبس تعادل على الأقل نصف العقوبة المحكوم بها، وذلك في حالة ما إذا كان السجين قد أدين بارتكاب جنحة.
– للاستفادة من الإفراج المقيد بشروط، يتعين على السجين المحكوم عليه بعقوبة جنائية أو بعقوبة جنحية تتعلق بوقائع وصفت بأنها جناية، أو بجنحة يتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها خمس سنوات، أن يقضي فعليًا داخل المؤسسة السجنية ما يعادل على الأقل ثلثي مدة العقوبة المحكوم بها.
– في حالة ما إذا كانت العقوبة المحكوم بها تتضمن عقوبة الإقصاء، يشترط القانون أن يقضي السجين فعليًا داخل المؤسسة السجنية مدة لا تقل عن ثلاث سنوات قبل أن يتمكن من الاستفادة من الإفراج المقيد بشروط.
بعد أن يستوفي السجين الشروط المنصوص عليها قانونًا للإفراج المقيد بشروط، تبدأ الإجراءات الإدارية المرتبطة بتقديم اقتراحات الإفراج.
يقوم رئيس المؤسسة السجنية التي يوجد بها السجين بإعداد ملف يتضمن اقتراحات الإفراج المقيد ويوجها بعد تضمينها رأيه إلى المندوب العام لإدارة السجون. يقوم هذا الأخير بعرض الملف على لجنة الإفراج المقيد بشروط، التي تنعقد داخل وزارة العدل والحريات التي تبت في ذلك.
3 – اللجنة المكلفة بمنح الإفراج المقيد بشروط : (المادة 624) من ق.م.ج
تكون بوزارة العدل لجنة للإفراج المقيد بشروط تكلف بإبداء الرأي بخصوص اقتراحات الإفراج المقدمة من طرف إدارة السجون. و تتكون هذه اللجنة من :
– وزير العدل والحريات رئيسا و ينوب عنه مدير الشؤون الجنائية و العفو أو من يمثله.
– المندوب العام لإدارة السجون أو من يمثله.
– ممثل عن الرئيس الأول بمحكمة النقض.
– ممثل عن الوكيل العام للملك بمحكمة النقض.
– موظف من مديرية الشؤون الجنائية والعفو كاتبا للجنة.
تجتمع لجنة الإفراج المقيد بشروط مرة في السنة.
ويمنح قرار الإفراج المقيد بشروط بقرار من وزير العدل والحريات بناء على رأي اللجنة المكلفة و يمكن إخضاعه لبعض الشروط:
– أداء جميع المبالغ المالية المترتبة على السجين.
– الالتزام بالانخراط في القوات المسلحة الملكية إذا كان الأمر يتعلق بمواطن
– الطرد من تراب المملكة إذا كان الأمر يتعلق بأجنبي. وتضاف بعض الوثائق إلى ملف الاقتراح.
4 – الجهة المكلفة بتبليغ القرار :
يتم تبليغ قرار الإفراج المقيد بشروط للمستفيد من طرف مدير السجن، حيث يُحرر محضر رسمي يُثبت علم السجين بالقرار وشروطه. كما يُسلم للمستفيد رخصة الإفراج، التي تتضمن معلوماته الشخصية، حالته الجنائية، نسخة من قرار لجنة الإفراج، ونسخة من محضر التبليغ.
تُوجه نسخة من قرار الإفراج المقيد بشروط إلى وكيل الملك وإلى والي أو عامل الإقليم الذي سيقيم فيه المفرج عنه، وذلك لضمان متابعة حالته بعد الإفراج. وتقوم هذه الجهات بإشعار رجال الدرك الملكي ومصالح الشرطة بالقرار، مع إصدار تعليمات لهم بمراقبة سلوك المفرج عنه وإبلاغها بأي معلومات تتعلق بسوء سيرته أو مخالفته للشروط المحددة في قرار الإفراج، إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
تُوجه نسخة من قرار الإفراج المقيد بشروط أيضًا إلى القاضي المكلف بتطبيق العقوبات، الذي يتولى متابعة تنفيذ القرار وضمان التزام المفرج عنه بالشروط المحددة.
5 – الجهة المراقبة لشروط القرار : (629-628) من ق.م.ج
– وكيل الملك.
والي أو عامل الإقليم الذي يرجع إليه محل إقامة المفرج عنه بشروط.
– قاضي تطبيق العقوبات.
– رجال الدرك الملكي و مصالح الأمن الوطني.
6 – البيانات التي ينص عليها قرار الإفراج :
– إسم السجين المفرج عنه والسجن الذي يقضي فيه العقوبة.
– تاريخ ابتداء الإفراج الممنوح.
– تحديد المكان الذي يتعين على المفرج عنه أن يتوجه إليه. ويجعل فيه موطنه وبيان السلطات التي يجب على المفرج عنه أن يتقدم إليها بمجرد حلوله بالمكان.
عند خروجه من السجن بعد الاستفادة من الإفراج المقيد يكون ملزما بالتوقيع لدى الضابطة القضائية كل 15يوما. وعند تغيير المنطقة يكون ملزما بتقديم عنوانه الجديد للضابطة القضائية لمراقبة مدى إخلال المعني بالأمر بالشروط المحددة بقرار الإفراج المقيد التي تبلغه إلى النيابة العامة لاتخاذ إجراءات العدول عن القرار مانح الإفراج و في حالة الاستعجال يمكن أن يأمر الوالي أوالعامل أو وكيل الملك باعتقال المعني بالأمر، بشرط إخبار وزير العدل والحريات داخل 48 ساعة لليقرر في ما إذا كان هناك ما يدعو للإبقاء على هذا التدبير.
7 – دواعي تعديل القرار: (المادة 629) من ق.م.ج
لا يصبح الإفراج المقيد بشروط نهائيًا إلا بعد انقضاء مدة العقوبة المحكوم بها، حيث يستمر تدبير الإفراج تحت المراقبة. كما يمكن العدول عن قرار الإفراج في أي وقت قبل أن يصبح نهائيًا إذا تبين سوء سلوك المستفيد منه أو عدم احترامه للشروط المحددة في قرار الإفراج المقيد بشروط. في مثل هذه الحالات، يمكن إعادة المفرج عنه إلى السجن لاستكمال مدة العقوبة المتبقية.
يسري مفعول العدول عن الإفراج المقيد بشروط ابتداءً من اليوم الذي يتم فيه تجديد إيداع السجين في السجن لقضاء ما تبقى من العقوبة المحكوم بها. يتم احتساب مدة العقوبة المتبقية بدءًا من تاريخ بدء مفعول الإفراج المقيد بشروط، بحيث يُستأنف تنفيذ العقوبة من ذلك التاريخ، ويُعتبر الإفراج قد تم إلغاؤه في حال ثبت مخالفة الشروط أو سوء سلوك المستفيد منه.
في حالة الاستعجال، يمكن للنيابة العامة أو للوالي أو للعامل أن يصدر أمرًا باعتقال المفرج عنه احتياطيًا. ويجب إخبار وزير العدل بهذا القرار في غضون ثمان وأربعين ساعة من اتخاذه. بعد ذلك، يتولى وزير العدل تقييم الوضع واتخاذ القرار بشأن ما إذا كان هناك ما يستدعي الإبقاء على هذا التدبير، وذلك بناءً على الظروف والملابسات المتعلقة بالقضية.
8 – الآثار :
القرارات الصادرة بشأن الإفراج المقيد بشروط، سواء كانت قرارات بالإفراج أو تعديل لهذه الشروط، تُعتبر غير قابلة للطعن. ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان استقرار قرارات اللجنة المختصة بالإفراج المقيد، ومنع تعطيل تنفيذ هذه القرارات أو التأثير عليها من خلال الطعون القانونية، مما يساهم في تسريع الإجراءات وتحقيق أهداف الإصلاح والتأهيل للمفرج عنه.
Share this content: