الأجر : الحماية القانونية للأجر
من أجل أداء الأجر لوظيفته المعيشية، تدخل المشرع لحماية الأجر في مواجهة دائني المشغل ودائني الأجير نفسه، وكذلك ضد المشغل.
الفقرة الأولى: حماية الأجر في مواجهة دائني المشغل
يجب التذكير بأن المشرع يعتبر في الفصل 1241 من ق ل ع أن أموال المدين تعتبر ضمانا عاما لدائنه، وبالتالي فإن هذه الأموال توزع بينهم حسب نسبة كل دين. وإذا تم تطبيق هذه القاعدة بصورة مطلقة، فإن الأجير هو دائن المشغل قد لا يتوصل بأجره كاملا، ولذلك نجد أن المشرع جاء باستثناء على هذه القاعدة في نفس الفصل حينما أضاف ما لم يكن بين الدائنين أسباب مشروعة للأولوية، ومن أسباب الأولوية في استيفاء الدين ما يعرف بالامتياز، أي حق أفضلية يمنحه القانون على أموال المدين بسبب الدين،
وهكذا وفي حالة عدم ملاءمة ذمة المشغل بمناسبة تصفية أمواله، فإن الأجراء يتمتعون بحق امتياز، ولكن هذا الحق وهذه الأولوية تصنف في المرتبة الرابعة بعد مصروفات الجنازة والديون الناشئة عن مصروفات مرض الميت والمصروفات القضائية، في حين أن الأجر، انطلاقا من طابعه المعيشي يجب أن يأتي قبلها، وهو ما تفاده المشرع في مدونة الشغل الجديدة، إذ جاء في المادة 382 على أن الأجراء يستفيدون، خلافا لمقتضيات الفصل 1248 من ق ل ع من امتياز الرتبة الأولى المقررة في هذا الفصل، وذلك قصد استيفاء ما لهم من أجور وتعويضات في ذمة المشغل من جميع منقولاته، كما يشمل هذا الامتياز أيضا التعويضات القانونية المستحقة عن الفصل من الشغل وبذات الرتبة الأولى.
الفقرة الثانية: حماية الأجر في مواجهة دائني الأجير
القاعدة العامة ينص عليها الفصل 488 من قانون المسطرة الجنائية إذ جاء فيه: “يمكن لكل دائن ذاتي أو اعتباري يتوفر على دين ثابت إجراء حجز بين يدي الغير بإذن من القاضي على مبالغ ومستندات لمدينه والتعرض على تسليمها له”. المشرع في مدونة الشغل راعى خصوصية الأجر ذات الطابع المعيشي، فنص في المادة 387 منها على أنه يجوز إجراء الحجز على الأجور المستحقة لأي أجير مهما كان نوعها ومبلغها إذا كانت دينا له على مشغل واحد أو أكثر! لكن شريطة ألا يتجاوز الحجز نسبا معينة من الأجور السنوية وذلك على النحو التالي.
– جزءا من عشرين جزءا من الحصة التي تقل أربعة أضعاف الحد الأدنى القانوني للأجر، أو تعادل هذه النسبة.
– عشر الحصة التي تفوق أربعة أضعاف الحد الأدنى القانوني للأجر، وتقل عن ثمانية أضعاف الحد الأدنى القانوني للأجر، أو تعادل هذه النسبة.
– خمس الحصة التي تفوق ثمانية أضعاف الحد الأدنى القانوني للأجر، وتقل عن اثني عشر ضعفا للحد الأدنى القانوني للأجر، أو تعادل هذه النسبة.
– ربع الحصة التي تفوق اثني عشر ضعفا للحد الأدنى للأجر، وتقل عن ستة عشر ضعفا للحد الأدنى القانوني للأجر، أو تعادل هذه النسبة.
– ثلث الحصة التي تفوق ستة عشر ضعفا للحد الأدنى القانوني للأجر، وتقل عن عشرين ضعفا للحد الأدنى القانوني للأجر، أو تعادل هذه النسبة.
– لا حد بالنسبة للحصة من الأجر السنوي، التي تفوق عشرين ضعفا من الحد الأدنى القانوني للأجر.
غير أنه لا يدخل في حساب هذا الأجر:
– مختلف التعويضات والإيرادات التي نص القانون على عدم جواز حجزها؛
– المبالغ التي يتم استردادها تغطية لمصاريف أو نفقات سبق أن تحملها الأجير بسبب شغله (مصاريف التنقل مثلا …) .
– التعويض عن الولادة.
– التعويضات عن السكن.
– مختلف التعويضات العائلية.
– التعويضات التي يتم إقرارها بمقتضى عقد الشغل أو اتفاقية جماعية للشغل أو النظام الداخلي أو التي يقضي بها العرف (كالتعويضات التي تمنح بمناسبة أعياد دينية أو أحداث عائلية…).
وإذا كانت النفقة المستحقة للزوج طبقا لقانون الأسرة واجبة الأداء شهريا، لزم اقتطاع مبلغها بأكمله، كل شهر من حصة الأجر التي لا يمكن حجزها، سواء سددت هذه النفقة عن طريق حجز ما للمدين لدى الغير، أو عن طريق حوالة الأجر. ويمكن اقتضاء، أن تضاف حصة الأجر القابلة للحجز إلى ذلك الاقتطاع، إما ضمانا للوفاء بالاستحقاقات المتأخرة عن النفقة مع المصاريف، وإما سدادا لديون وجبت لدائنين عاديين أو متعرضين.
الفقرة الثالثة: حماية الأجر من المشغل
هنا أيضا يلعب الطابع الغذائي أو المعيشي دوره في تطبيق التدابير الحمائية في مواجهة المقاصة التي يمكن أن يستعملها المشغل بصفته دائنا وأيضا في مواجهة الضغوط التي يمكن أن يستعملها المشغل إزاء الأجير.
1 – الحماية في مواجهة المقاصة:
هنا يتعين التمييز بين الديون وبين الاقتطاعات التي يقوم بها المشغل لفائدة بعض المؤسسات:
على صعيد الديون: قد يقوم المشغل بتسليم سلع أو تقديم سلفات للأجير، فالمشغل هناك لا يمكن أن يسترد دينه إلا على شكل أقساط تقتطع من الأجور اتباعا لكن في حدود عشر الأجر الذي حل أداؤه.
– على صعيد الاقتطاعات لفائدة بعض المؤسسات: إن من حق المشغل أن يقوم بالاقتطاعات لفائدة بعض المؤسسات مثل إدارة الضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
2 – بالنسبة للضغوط الاقتصادية:
تنص المادة 392 من مدونة الشغل على ما يلي : ” يمنع على كل مشغل: أن يلحق بمؤسسته، مقتصدية يبيع فيها لأجرائه أو ذويهم، بضائع، أو سلعا أيا كان نوعها، سواء كان البيع مباشرا أو غير مباشر؛ أن يفرض على أجرائه، إنفاق كل أو بعض أجورهم في المتاجر التي يشير عليهم بالابتياع منها؛ أن يتولى بنفسه الأداء عن أجرائه، لدى الأشخاص الذين يتزود منهم هؤلاء الأجراء ما لم يتفق الطرفان كتابة على خلاف ذلك. غير أنه يمكن الترخيص، وفق الشروط التي تحددها النصوص التنظيمية ، بإنشاء مقتصديات في الأوراش، والاستغلالات الفلاحية، أو المقاولات الصناعية، أو في المناجم، أو المقالع البعيدة عن مركز تموين، إذا كان إنشاء تلك المقتصديات ضروريا للمعيشة اليومية للأجراء.
ومن خلال ذلك فإن المشرع نص على مجموعة من التدابير لحماية الأجراء من هذه الضغوط نجملها حسب المادة 392 من م ش فيما يلي :
يمنع على المشغل أن:
– يلحق بمؤسسة، مقتصدية يبيع فيها لأجرائه أو ذويهم، بضائع، أو سلعا أيا كان نوعها،سواء كان البيع مباشر أو غير مباشر؛ أن يفرض على أجرائه، إنفاق كل أو بعض أجورهم في المتاجر التي يشير عليهم بالابتياع منها؛
– أن يؤدي هو بنفسه مباشرة إلى ممولي أجرائه ثمن السلع التي يقدمونها لهم، باستثناء ما إذا كان هناك اتفاق مخالف.
لكن إنشاء المقتصديات في الأوراش والاستغلالات الفلاحية أو المقاولات الصناعية أو في المناجم أو المقالع البعيدة عن مركز تمويل، يبقى أمرا مسموحا به إذا كانت ضرورية للمعيشة اليومية للأجراء.
وعموما يمنع على كل شخص مسؤول له سلطة على العمال أن يبيع مقابل ربح موادا أو سلع للأجراء في المؤسسات التي يشتغلون فيها. وفي حالة ما إذا وقع أي نزاع حول ذلك، فالبينة على البائع في إثبات عدم حصوله على أي ربح من مبيعاته.
وفي حالة مخالفة هذه المقتضيات، فإن المخالف سواء كان مشغلا، أو مسؤولا في المقاولة يعاقب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم.
تم بحول الله وقوته
السلام
Share this content: