إن العمل الجمركي كان ولا يزال على مر العصور إحدى أهم الوظائف التي تسعى الحكومات من خلالها لتحقيق الحماية والأمن والأمان للبلاد من ناحية، وتحصيل الإيرادات والحصيلة المرجوة التي تستخدمها الحكومات في التنمية والنهوض بمستوى المعيشة للمواطنين من ناحية أخرى.
وقد خضع هذا العمل الجمركي للتطور بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة واختلفت الوسائل والطرق التي كانت تستخدمها الجمارك لتنفيذ أهدافها في الماضي عن تلك الوسائل التي تستخدمها الإدارات الجمركية في الوقت الحاضر، بل إن كافة الإدارات الجمركية في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء أحدثت تحولا استراتيجيا حقيقيا في العمل الذي تقوم به، فتحولت غالبية هذه الإدارات بأهدافها الاستراتيجية من عملية الجباية والتحصيل إلى عملية التبسيط والتيسير،
فأصبحت الإدارات الجمركية تسعى لتحقيق هدف استراتيجي أساسي لها ، هو تسهيل التجارة الدولية بكل ما يتطلب تحقيق هذا الهدف من استخدام فعّال للتكنولوجيا وتطبيق أنظمة لم تكن مستخدمة في الماضي البعيد أو القريب في العمل الجمركي، مثل استخدام آلات الفحص بالأشعة السينية على البضائع المستوردة أو المصدرة، وتطبيق آليات حقيقية لحماية حقوق الملكية الفكرية،
و تعتبر الجمارك الحلقة المهمة في عمليتي استيراد وتصدير البضاعة ، ويتجسد ذلك في حماية الاقتصاد الوطني عن طريق ضمان تحصيل جبائي مثالي للخزينة العمومية ومتابعة المخالفين للإجراءات المنصوص عليها قانونا ، وكذا مراقبة البضاعة ما إذا كانت جائزة للاستيراد أو التصدير والمصنفة على أنها بضاعة ممنوعة منعا مطلقا أو نسبيا أو تلك البضاعة المرتفعة الرسم، و تلعـب دورا محوريـا فـي رسـم وتنفيـذ السياسـة الاقتصادية الوطنيـة، حيـث تنـاط بهـا مهمـة اقتصاديـة شـاملة تتضمـن كافـة جوانـب المراقبـة والتسـهيل الجمركـي إلـى جانــب الجبايـة الجمركيـة،
وفـي هـذا الإطار، فهـي مدعـوة للمشـاركة الفعالة فـي أعمـال مختلـف الهيئـات ذات الصلـة بالتجـارة والصناعـة والزراعـة والصيـد البحـري، ناهيـك عـن أي قطـاع يرتبـط نشـاطه بالتجـارة الدوليـة، كما أن إدارة الجمـارك والضرائـب غيـر المباشـرة تعتبر طرفـا مهمـا وعنصـرا فعالا فـي المفاوضـات الدوليـة وتطبيـق الاتفاقيات التجاريـة وبرامـج التبـادل الحر بالإضافة إلـى ذلـك، فهـي تمثـل المملكـة المغربيـة علـى مسـتوى منظمـة الجمـارك العالمية، وتشـارك بفعاليـة مـع العديـد مـن المنظمـات الدوليـة الأخرى مثـل جامعـة الـدول العربيـة، والاتحاد الإفريقي
إشكالية البحث:
تتجلى إشكالية البحث في مكانة إدارة الجمارك في محاربة مختلف أشكال التهريب الجمركي بالإضافة إلى حماية الاقتصاد الوطني وضمان احترام التشريعات المنظمة للتجارة الخارجية، من خلال مجموعة من الوظائف المتداخلة والمتكاملة على المستوى الرقابي والتنظيمي ، وقصد الإحاطة بالموضوع يمكن أن نطرح التساؤلات التالية:
ما هو الإطار التاريخي و التنظيمي لإدارة الجمارك؟
أين تتجلى وظائف إدارة الجمارك؟
كيف تعمل إدارة الجمارك من خلال هاته الوظائف على محاربة التهريب الجمركي ؟
أهمية وأهداف الدراسة:
تتجلى أهمية هذه الدراسة في كونها تناولت موضوعا تمحور حول الإحاطة بالتعريف بالإدارة الجمركية والدور الذي تلعبه سواء على المستوى الرقابي والتنظيمي، بالإضافة الى أدوارها على المستوى الجبائي والاقتصادي،كما تهدف هذه الدراسة إلى الإحاطة بمختلف أنواع الرسوم والضرائب الجمركية المفروضة على المكلفين.
منهجية الدراسة:
تم الاعتماد في هذا الموضوع على المنهج الوصفي التحليلي، وذلك من خلال التعريف بالإطار التاريخي لإدارة الجمارك والإطار المنضم لها، إلى جانب المنهج التحليلي قصد الإحاطة بمختلف أنواع الرسوم الجمركية ومختلف الأدوار المنوطة بالإدارة الجمركية.
خطة الدراسة:
من أجل الإحاطة الشاملة بموضوع الدراسة فقد تم تقسيم الموضوع إلى مطلبين، حيت تم تخصيص المطلب الأول للإطار العام لإدارة الجمارك ووظائفها الأساسية على أن نخصص المطلب الثاني للمهام العملية لإدارة الجمارك.
المطلب الأول : الإطار العام لإدارة الجمارك
تعددت التعاريف التي تمت صياغتها لكلمة الجمارك، وهي تعني لدى الكثيرين الضرائب الجمركية التي تفرض على السلع لدى دخولها الحدود الجمركية للدولة ، وإن كان هذا المفهوم يضيق معنى الجمارك فعلى النقيض من ذلك هناك من ذهب إلى اعتبار الجمارك أكبر من ذلك فهي مجموعة من القواعد و النظم والاتفاقات، يتم تنفيذها وفق معايير دولية ووطنية عن طريق مؤسسات تنشئها الدول يطلق عليها اسم الإدارات الجمركية،
وهو مفهوم ينصرف إلى معنى النظام الجمركي الذي يشمل مجموعة من العناصر والمتغيرات والتي منها الإدارة الجمركية، والأصلح أن الجمارك غالبا لفظ يطلق على الإدارة الجمركية التي تكلف برقابة حركة السلع ورؤوس الاموال عبر الحدود، وفي هذا السياق سنحاول من خلال الفقرة الأولى تعريف الجمارك كجهاز أو كإدارة مع تبيان المهام التي تقوم بها حاليا بعد استعراض التطور التاريخي لها والذي كان محددا رئيسا لصياغة أهداف الإدارات الجمركية الحديثة ومهامها، على أن نخصص الفقرة الثانية للتشريع في القانون الجمركي ووظائف الإدارة الجمركية.
الفقرة الأولى : الإطار التاريخي
الجمارك هي جمع جُمرك، والتي تعني أنها ضريبة تؤخذ على البضائع المستوردة، وأصله” كمرك “بالتركية، وعربيته “مكس ” ، فالجمارك بالإنجليزية customs ، وهي الجهة الحكومية التي تمتلك السلطة لتنفيذ القوانين الخاصة بتوفير الحماية للصادرات والواردات وتنظيم عملية دخول وخروج البضاعة بين الدولذ، ويطلق على الجمارك في فرنسا كلمة Douane ، في إيطاليا Dogana ،
وهذه الكلمة مشتقة أصلا من الكلمة الفارسية ” ديوان”، أي المكان الذي كان يجتمع فيه مديرو جباية الأموال، وقد استعمل العرب هذه الكلمة بعد الفتح الإسلامي، ولكن بمعنى أكثر اتساعا إذ أطلقت كلمة “دواوين” على مرافق الدولة ديوان الخراج وديوان العطاء وحين ظهر الإسلام بدأ الخلفاء الراشدون في تطبيق نسبة العشور والتي بموجبها يتم تحصيل العشر كضريبة جمركية على القوافل ، وربع العشر على أهل البلاد التي بينها وبين الدولة الإسلامية معاهدة وهكذا، بل إن الفاروق عمر بن الخطاب طبق الإعفاءات الجمركية حين سمح لمن يقوم بجلب بضائع وأشياء لاستخدامه الخاص والعائلي بالإعفاء من سداد المكوس والضرائب المفروضة على التجارة،
على أن العمل الجمركي بدأ ظهوره على خريطة العالم الحديث بدءاً من عام 1643 م، حين بدأ الإنجليز في تحديد عدد من رجال الدولة لتنظيم أمور التجارة على الحدود وظهرت أول تعريفة جمركية تتضمن عدد من البضائع والسلع شائعة التداول بين التجار وفئة الضريبة التي يتم تحصيلها عن كل فئة ، ثم بدأت محاولات وضع تعريفة جمركية بين دول العالم في مطلع القرن العشرين وبالتحديد في العشرينيات من القرن الماضي ، حينما بدأت فرنسا في وضع جدول يتضمن البضائع مرتبة بترتيب كودي تم وضعه خصيصاً للعمل الجمركي وتحصيل الضرائب على البضائع محل التجارة الدولية.
ويعتبر القرن العشرين هو البداية الحقيقية للعمل الجمركي بشكله الحالي وبكل تلك الوظائف التي تعارف عليها البشر، حيث ظهرت التعريفة الجمركية في بدايات القرن العشرين تقريباً عام (1920) في فرنسا في صورة جداول أولية للبضائع محل التجارة الدولية ، وتطور الأمر حتي تم وضع النظام المنسق وتوقيع اتفاقية بهذا الاسم عام 1988 ، وفي مجال التقييم الجمركي بدأت دول العالم عام 1953 توحيد طرق التقييم بإتباع ما عرف بتعريف بروكسل للقيمة الجمركية ، ثم تطور الأمر حتي توحدت هذه الدول تحت تعريف منظمة التجارة العالمية،
وفي مجال الإجراءات الجمركية بلغ الأمر نهايته بتوقيع اتفاقية تسهيل وتيسير الإجراءات الجمركية كيوتو وتم إنشاء مجلس التعاون الجمركي عام 1953 والذي تحول إلي منظمة الجمارك العالمية ، فأصبحت الإدارات الجمركية في العالم كله تنتهج تلك المنهجيات وتتبع تلك الطرق وتستخدم تلك الأدوات والآليات التي تضعها المنظمة الدولية لتوحيد وتنسيق الأداء الجمركي في العالم بأسره، إذ أنها تعمل متعاونة مع الشركاء الحكوميين والغير حكوميين كمنظمة التجارة العالمية وغيرها ،فمنظمة الجمارك العالمية (WCO)، هي منظمة دولية تقدم الدعم للدول الأعضاء في المسائل الجمركية، بالإضافة إلى ذلك تساهم منظمة الجمارك العالمية في تعاونها وتواصلها لتحسين الكفاءة في الرقابة الجمركية.
الفقرة الثانية: الجمارك في التشريع المغربي
أولا: الإشراف الإداري
تخضع الجمارك والضرائب غير المباشرة لإشراف الوزير المكلف بالمالية، وتعتبر إحدى الهياكل المركزية لوزارة المالية، ووفقا للفصل 6 من المرسوم عدد 995-07-2 المؤرخ في 23 تشرين الأول / أكتوبر 2008 والمتعلق بمهام وزارة الاقتصاد والمالية وتنظيمها، فإن إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة هي المسؤولة عن تنفيذ السياسة الجمركية الوطنية وفقا للمبادئ التوجيهية لوزير الاقتصاد والمالية، ويتمثل دورها أساسا في:
- تقديم أي اقتراح وإجراء أي دراسة من شأنها أن توضح الخيارات الاستراتيجية للحكومة فيما يتعلق بالسياسة الجمركية.
- دراسة ووضع مشاريع نصوص تشريعية وتنظيمية بشأن الجمارك.
- المساهمة في صياغة الأحكام القانونية والإجرائية واعتماد إجراءات جمركية مبسطة لتشجيع الاستثمار والصادرات.دراسة مشاريع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالعمل الجمركي ووضعها والمشاركة في إعدادها لضمان تنفيذ الأحكام الجمركية الوطنية أو التعاهدية الواردة فيها.
- تصميم تدابير لمنع ومكافحة الغش الجمركي وضمان تطبيقها وكذلك تنفيذ تدابير الحماية المواطن.
- ضمان حسن التصرف في الموارد البشرية الموجودة تحت تصرفها والموارد والاعتمادات المادية المخصصة أو المفوضة لها ووضع وإدارة نظم المعلومات الخاصة بها بما يتلاءم مع سياسة إدارة الموارد والمعلومات التي وضعت من قبل الوزارة في هذا الشأن.
- تولي المسؤولية الخاصة بسبل الانتصاف الإدارية المقدمة من المستخدمين مهمة التحكيم.
- المشاركة مع الدوائر الحكومية ذات الصلة في وضع وتنفيذ القوانين والأنظمة المتعلقة بالتجارة الخارجية والصرافة.
- المساهمة في وضع تشريعات غير جمركية لحماية المستهلك يكون تطبيقها على عاتق الهيئات الجمركية.
تانيا : الوظائف الأساسية لإدارة الجمارك
وظيفة جبائية :
للجمارك دور جبائي يتمثل في تحصيل المكوس والرسوم والغرامات لصالح الخزينة العمومية، ومن بين الإيرادات نجد إيرادات جمركية وإيرادات غير جمركية تنحصر في الرسوم على القيمة المضافة. وبالرجوع إلى مفهوم الرسوم الجمركية فهي ضريبة تفرضها الدولة على السلع عند عبورها للحدود الجمركية الوطنية دخولا أو خروجا بخصوص الواردات والصادرات، والغالب تفرض الرسوم الجمركية على الواردات كوسيلة أساسية لتطبيق سياسة الحماية التجارية، ويطلق على مجموعة النصوص المتضمنة لكافة الرسوم الجمركية السائدة في الدولة في وقت معين اسم التعريفة الجمركية.
وظيفة حمائية :
تتجسد عن طريق المساهمة في حماية الاقتصاد الوطني وضمان مناخ سليم للمنافسة بعيدا عن كل ممارسة غير شرعية،
وظيفة زجرية:
تتمثل في محاربة المخدرات واستيرادها و مراقبة الصحة العمومية، البذور، اللحوم الحمراء الفاسدة، بتواجد إدارة الجمارك عند الحدود، حيث أوكلت لها هذه المهمة سواء كانت صحية أو غيرها، بالإضافة إلى التهرب الضريبي ،وقد تهدف عملية الرقابة الجمركية إلى تحقيق أكثر من غرض، بل إلى تحقيق كل هذه الأغراض، نظرا لتشابك مصالح الدولة وتكاملها، وتتخذ هذه الرقابة صورا متعددة، أهمها المنع الكامل للاستيراد أو التصدير، والتقييد، أي تعليق دخول السلع أو خروجها على اتباع إجراءات أو التقيد بشروط معينة، وفرض الرسوم على السلع المستوردة أو المصدرة
الفقرة الثالثة: التشريع في المادة الجمركية
أولا : المصادر الدستورية
يجد التشريع الجمركي مصدره الدستوري من خلال الترخيص الممنوح له في إصدار قرارات جمركية دون عرضها على البرلمان في إطار تنزيله للسياسة الجمركية بناء على قانون الإذن أو ما يسمى بالمراسيم التشريعية التي تندرج في إطار التفويض من البرلمان للحكومة لمدة محدودة وفي مجالات تستدعي ذلك،
حيث تحتم الظرفية بكل أشكالها سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك، على الإدارة الجمركية اتخاذ تدابير داخل السنة تتميز بطابع السرعة والاستعجال بما لا يستقيم معه التأخير الذي يكون مرده إلى كثرة المساطر والإجراءات الجاري بها العمل في مجال المالية العامة والتي يغلب عليها هاجس التشديد في توجيه النفقات والمداخيل العامة، مما تقتضي معه المسطرة المتبعة في مثل هذه الأحوال، إعداد القرار المعني وتوجيهه إلى الأمانة العامة للحكومة بقصد الدراسة والتشاور ومن ثم عرضه على مجلس النواب ثم على مجلس المستشارين قبل أن يتم التصويت عليه،
وتفاديا لهذا الأمر، فقد نص الفصل 70 من دستور المملكة على هذا الاستثناء خاصة في فقرته الثالثة التي تقول: “للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود ولغاية معينة، بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها، غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة، عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما
ثانيا : المصادر القانونية:
تمثل على الخصوص في مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة المصادق عليها بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77300 بتاريخ 25 شوال 9/1397 أكتوبر (1977) كما وقع تغييرها وتتميمها على الخصوص بمقتضى القانون رقم 99.02 المصادق عليه بالظهير رقم 1-00-222 بتاريخ 2 ربيع الأول 1421 (5) يوليو (2000)
ثالثا : المصادر الاتفاقية
تتمثل في الاتفاقيات الدولية التي تشارك فيها المملكة المغربية على سبيل المثال:
اتفاقية أغادير
بين البلدان: المغرب، مصر، تونس، والأردن
سنة: 27/03/2007
بخصوص: المنتجات الصناعية والزراعية ومنتجات الصناعة الغذائية القادمة من البلدان المتعاقدة.
المعاملات المتفق عليها :
تنص الاتفاقية على الإعفاء الكلي من رسوم الاستيراد والرسوم ذات الأثر المماثل واعتماد قواعد منشأ يارا أورو متوسطي تسمح بالتراكم القطري للمنشأ بين الأعضاء. يعتبر إبرام هذه الاتفاقية خطوة رئيسية في تحقيق منطقة التجارة الحرة الأورو متوسطية.
الاتفاقية المتعلقة بالاتحاد الأوربي حيث جاء فيها :
الاتحاد الأوروبي 82 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي
سنة: 10/03/2000
بخصوص: التجارة والسلع والخدمات التعاون المالي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ويجري التفاوض بشأن اتفاق تحرير تجارة الخدمات والمنشآت واتفاق تسوية المنازعات.
المعاملات المتفق عليها :
بالنسبة إلى المنتجات الصناعية تم إقرار حرية النفاذ إلى المنتجات الصناعية المغربية منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ وتنص هذه الأخيرة على التفكيك التدريجي للرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل على مدة قدرها 21 سنة للمنتجات التي منشؤها الاتحاد الأوروبي في إطار ثلاث قوائم مرفقة بقائمة بالمنتجات المعفاة عند دخول الاتفاقية حيز التنفيذ (السلع الرأسمالية
بالنسبة إلى منتجات الصناعة الغذائية: هناك فصل للعنصر الزراعي عن العنصر الصناعي مع التفكيك التدريجي للرسوم الجمركية والرسوم والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل للمنتجات الصناعية.
بالنسبة إلى المنتجات الزراعية تنص الاتفاقية على إعفاء من الرسوم الجمركية مع حدود الحصص أو دونها أو بكميات مرجعية للصادرات المغربية، وفيما يتعلق بالمنتجات الزراعية للاتحاد الأوروبي، فإن المغرب يمنح تخفيضات جمركية داخل حدود الحصص.
رابعا : المصادر الإدارية:
تتجلى هذه الوسائل أساسا في الدوريات الإدارية والمذكرات المصلحية التي تصدرها الأقسام والمصالح التابعة لها، والتي تهدف إلى توضيح وتفسير إرادة المشرع وإبلاغها في ما يتعلق بالشأن الجمركي، ومن أمثلتها ما تصدره إدارة الجمارك من مذكرات تفسيرية حول المستجدات الجمركية المقررة بموجب قانون المالية السنوي، أو المذكرات الإخبارية التي تحدد صفة وأهلية المتصرفين باسم الإدارات والمصالح والهيئات الوطنية أو الدولية في القضايا ذات الاهتمام الجمركي المشترك.
خامسا : المساطر القضائية:
وتتجسد في توجهات محكمة النقض واجتهادات المحاكم الإدارية بالمملكة، التي تساهم في إرساء قواعد خاصة في المجال الجمركي، لاسيما في ما يتعلق بقضايا التصنيف الجمركي، والمنشأ، والقيمة
المطلب الثاني : المهام العملية لإدارة الجمارك
تعبر الضريبة الجمركية عن مجمل الحقوق والرسوم التي تخضع لها البضاعة عند اجتيازها الإقليم الجمركي عند التصدير والاستيراد، والضرائب الجمركية هي ضريبة غير مباشرة تفرض على السلع عندما تعبر إقليم الدولة دخولا أو خروجا، تفرضها الدولة ويلزم المكلف بأدائها دون مقابل ، حيث لا يتم إقرار أو فرض ضريبة جمركية إلا بقانون طبقا للقاعدة القانونية “لا” ضريبة ولا عقوبة إلا بنص” ولا يعفى أحد من أدائها بما في ذلك الإدارة العمومية إلا في الأحوال المبينة قانونا، وعليه سنخصص الفقرة الأولى لجباية الرسوم والمكوس الجمركية، على أن نخصص الفقرة الثانية لدور إدارة الجمارك في محاربة التهريب الجمركي
الفقرة الأولى: جباية الرسوم والمكوس الجمركية
أولا: رسم الاستيراد ورسم التصدير
بموجب المادة الرابعة من قانون المالية للفترة من فاتح يوليوز 2000 إلى 31 دجنبر من نفس السنة، تم إلغاء عبارة “الاقتطاع الجبائي عند الاستيراد”، وتعويضه بعبارة “رسم الاستيراد ” ،حيث بدأ العمل بهذا الاقتطاع الجبائي في فاتح يناير 1988 على كل البضائع المستوردة وتم تحديد سعره في %12،50 من قيمة البضاعة المستوردة.
ونظرا لكون السياسة الجمركية المتبعة في المغرب تهدف إلى تشجيع الصادرات للرفع من احتياطي العملة الصعبة، فإن رسوم التصدير تكون معلقة في هذا الإطار.ويرتبط رسم الاستيراد بقيمة البضاعة المقبولة من طرف إدارة الجمارك، حيث يستوفى بضرب مبلغ قيمة البضاعة في سعر الاستيراد المناسب لتلك البضاعة وفق بند التعريفة الجمركية المخصص لها،
حيث يتم على سبيل المثال اعتماد رسم استيراد يبلغ 40% على التربيعات من الحجارة الطبيعية الغير مادة الأردواز المستعملة في تبليط الرصيف، والتي يكون تصنيفها ضمن مسمية التعريفة الجمركية في البند 10000168. 00 على اعتبار أن عنوان الفصل 69 من مسمية التعريفة الجمركية يشمل المصنوعات من حجر أو جص أو إسمنت أو حرير صخري أسبستوس أو أميانت أو ميكا أو من مواد مماثلة.
كما قد يكون رسم الاستيراد محددا في سعر %17,5 المطبق على بعض المواد من نفس الفصل 68 المشار إليه أعلاه، مثل لفائف الإسفلت المستعملة لحماية هياكل السيارات والتي تندرج ضمن البند من التعريفة الجمركية رقم 0768. 10. 20.10 في حين قد يكون هذا السعر محددا في % 10 إذا لم تكن لفائف الإسفلت تلك للاستعمال في هياكل السيارات، والتي يكون تصنيفها حينئذ ضمن مسمية التعريفة الجمركية هو 68 10.80.10.07.
وقد يكون سعر الاستيراد محددا في 5 %2,5 والذي يطبق على بعض المواد من نفس الفصل 68 دائما، مثل مادة الميكا المخدومة والمصنوعات منها والتي تصنف ضمن بند التعريفة الجمركية رقم 1468 . 10. 00 00 إذا كانت عبارة عن ألواح وصفائح وأشرطة.
وبالتالي يظهر التفاوت في سعر الرسم الجمركي والذي يتم استخدامه في إطار السياسة الجمركية من أجل تحفيز استيراد بعض المواد على غيرها حسبما تمليه ظرفية المملكة الاقتصادية أو الاجتماعية إلى غير ذلك حيث بلغت مداخيل الرسوم والاستيراد عن سنة 2023 حوال 16,2 مليار درهم.
ثانيا: الضريبية على القيمة المضافة
نصت المادة 120 من المدونة العامة للضرائب على تولي إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة تطبيق الضريبة على القيمة المضافة حين الاستيراد طبقا لأحكام المدونة العامة.وتعتبر الضريبة على القيمة المضافة ضريبة قيمية في غالب الأحيان، تفرض على كل البضائع والمواد حسب قيمتها، باستثناء البضائع والمواد المقرر إعفاؤها بنص قانوني، وقد تكون أحيانا أخرى خصوصية تحتسب تبعا لحجم أو وزن البضاعة المعنية المتمثلة في الخمور والمشروبات الكحولية والمصوغات أو المواد غير الأدوات المتكونة جزئيا أو كليا من الذهب أو البلاتين أو الفضة، كما أنها تطبق على البضائع سواء كانت مستوردة أو منتجة محليا.
ويتم إدراج مبالغ الضريبة على القيمة المضافة ضمن حساب الميزانية العامة للدولة تحت البند الجمركي رقم 21 فيما يخص الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد، وتحت البند 22 بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة على المواد المحلية، حيث بلغت مداخيل الضريبية على القيمة المضافة عن سنة 2023 حوالي 125,40 مليار درهم.
ثالثا: الضريبية الداخلية على الاستهلاك
تم النص على الضريبة الداخلية على الاستهلاك بموجب الجزء الثامن من مدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة في الفصول من 182 إلى 194 وكذلك من خلال كل من الظهير بمثابة قانون رقم 1.77.340 بتاريخ 9 أكتوبر 1977 المحدد للمقادير المطبقة على البضائع الخاضعة لهذه الضريبة، وقرار وزير المالية رقم 1309.77 بتاريخ 25 شوال 1397 (9) أكتوبر (197) القاضي بتطبيق الظهير السابق ذكره.
وتكلف الإدارة بتصفية وتحصيل الضرائب الداخلية على الاستهلاك المفروضة على الأصناف التالية من البضائع والمصوغات المستوردة أو المنتجة بالتراب الخاضع
– أنواع الليمونادا والمياه الغازية أو غير الغازية والمياه المعدنية ومياه المائدة أو غيرها معطرة كانت أو غير معطرة.
– الجعة، الخمور والكحول، منتجات الطاقة والزفت، المصوغات من البلاتين أو الذهب أو الفضة،التبغ المصنع.
– سوائل تعبئة أو إعادة تعبئة الأجهزة الالكترونية المسماة “السجائر الالكترونية والأجهزة المماثلة، وكذا ملحقات تبغ الشيشة أو الأركيلة معسل بدون تبغ،
وقد بلغت مداخيل الضريبية الداخلية على الاستهلاك عن سنة 2023 حوال 32,8 مليار درهم.
رابعا: المكوس
يشمل مصطلح المكس كل جباية تفرض بمناسبة دخول البضاعة إلى التراب الخاضع، غير الرسوم الجمركية المتمثلة حاليا في رسم الاستيراد وكذا الضريبة على القيمة المضافة المقررة بموجب المدونة العامة للضرائب لتتمثل هذه المكوس الجمركية في الاقتطاعات التي تؤخذ عن البضاعة بسبب نوعيتها، أو بسبب مدى تأثيرها على البيئة مثل الرسم البيئي المفروض على المنتجات من البلاستيك الذي تحدد نسبته في %1 من قيمة البضاعة، وكذا الرسم الذي يفرض على الواردات من الخشب المحددة نسبته في % 12،
أو بسبب مدى تأثيرها السلبي على السوق الداخلية بفعل شراسة المنافسة والتي يتم إقرارها في شكل رسوم جمركية إضافية كالرسم ضد إغراق السوق على منتجات ورق الطباعة A4 المتأصلة من دولة البرتغال والمحدد في نسبة %10.6 من قيمة البضاعة مثلما تم إقراره بصفة نهائية بموجب قرار مشترك لوزير الاقتصاد و المالية و وزير الصناعة و التجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي رقم 17-2003 المؤرخ في ثاني يناير 2017 ،
على أن مبالغ هذه الرسوم الإضافية أو المستحدثة تشكل بدورها وعاء الضريبة على القيمة المضافة، حيث تنضاف إلى قيمة البضاعة من أجل احتساب مبلغ هذه الضريبة على القيمة المضافة عن طريق ضرب حاصل المجموع في نسبة % 20 كسعر معتاد في هذه الضريبة لأغلب المواد والبضائع.
ومن خلال التقرير السنوي لإدارة الجمارك يتبين أن المداخيل الجمركية تعرف تطورا ملحوظا حيث بلغت المداخيل الجمركية سنة 2023 رقما قياسيا غير مسبوق، مسجلة 132.6 مليار درهم مقابل 131 مليار درهم سنة 2022، أي بمعدل نمو قدره 1,2 ويعزى هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى الارتفاع المسجل في مداخيل رسوم الاستيراد وتطور الضريبة الداخلية على الاستهلاك، وخاصة على التبغ المصنع، وبالمقارنة مع توقعات القانون المالي لسنة 2023، فقد سجلت المداخيل الجمركية نسبة % 101,28
كما تميزت بنية المداخيل الجمركية برسم سنة 2023 بتراجع حصة الضريبة على القيمة المضافة بنقطتين مئويتين) أي 61%سنة 2023 مقابل % 63 سنة 2022 (لفائدة رسوم الاستيراد التي تمثل %12 من المداخيل والضريبة الداخلية على الاستهلاك، التي تمثل بدورها %27 ، أي بزيادة نقطة مئوية واحدة لهاذين البندين، مقارنة بسنة 2022.
الفقرة الثانية: مكافحة التهريب الجمركي
إن ماهية التهريب الجمركي تكون بإدخال البضائع إلى الدولة أو إخراجها منها بصورة مخالفة للتشريعات والأنظمة المتبعة في هذا الشأن بقصد التخلص من تلك القيود المفروضة قانوناً من قبل الدولة سواء أكانت رسوماً أو ضرائب بطريقة غير مشروعة.
ونرى أنه يوجد فرق بالمعنى القانوني بين التهرب والتهريب، حيث أن التهرب يقصد به دخول البضائع الى الحدود الرسمية والمراكز الجمركية بالطرق الاعتيادية ولكن مع عدم التصريح عن قيمتها أو وزنها أو منشأها أو أي عناصر مميزة لها يشترط القانون التصريح عنها، وتؤدي الى التهرب من دفع جزء أو كل من الرسوم والضرائب المستحقة عليها، أما التهريب فالمقصود به إخفاء البضائع عن السلطات الجمركية ودخولها الى البلاد خلسة من غير المعابر الحدودية الرسمية،
ولقد أصبح التهريب آفة اقتصادية ، وذلك بفعل تهافت المستهلك على المنتجات المهربة بشكل خطير مما يؤثر على النسيج الاقتصادي للبلاد الذي ظلت أسواقه الداخلية تحت حماية الرسوم الجمركية المرتفعة إضافة إلى ذلك فإن التهريب يؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد المحلي، بسبب المنافسة غير المتكافئة التي يفرضها على المنتوجات ، الشيء الذي أوجب على إدارة الجمارك وذلك بحكم تموقعها على الحدود، أن تقوي جهودها وتضع استراتيجية ملائمة للحفاظ على الاقتصاد الوطني ، والقضاء على ظاهرة التهريب.
وتلعب إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة دورا محوريا في تحسين مناخ الأعمال من خلال التزامها الصارم بمكافحة كافة أشكال الغش التجاري، بالإضافة إلى الجهود الكبيرة للكشف عن الممارسات الاحتيالية المحكمة لبعض المهربين، سعيا منها لتوفير بيئة تنافسية عادلة تساهم في ازدهار الاقتصاد الوطني ،
كما أن اهتمام إدارة الجمارك بمحاربة التهريب يظهر لنا جلياً من خلال المقتضيات التشريعية الزجرية الموضوعة رهن اشارتها لممارسة مهامها ، وذلك من أجل محاربة كافة أشكال وأنواع التهريب ، والتي نجد من بينها تهريب الأموال والذي يبرز لنا ارتباط مكافحة التهريب بالمهام الأخرى لإدارة الجمارك خصوصاً مكافحة غسيل الأموال.
ويقصد بالتهريب حسب الفصل 282 من مدونة الجمارك:
– الاستيراد والتصدير خارج مكاتب الجمرك وبوجه خاص الشحن والتفريغ والنقل من سفينة إلى أخرى أو من طائرة إلى أخرى خارج نطاق الموانئ والمطارات حيث تتواجد مكاتب الجمرك (الفصول 52 و 58-1 و 260 من مدونة الجمارك.
– كل خرق للأحكام هذه المدونة المتعلقة بحركة أو حيازات البضائع داخل المنطقتين البرية والبحرية لدائرة الجمارك.
– حيازة البضائع الخاضعة لأحكام الفصل 181 عندما تكون هذه الحيازة غير مبررة أو عندما تكون المستندات المدلى بها على سبيل الإثبات مزورة أو غير صحيحة أو غير تامة أو غير مطابقة .
– الاستيراد والتصدير بدون تصريح عندما تكون البضائع المارة من مكتب جمركي قد وقع التستر عنها عند إجراء المعاينة بإخفائها في مخابئ اعدت خصيصاً لذلك وبأماكن غير معدة عادة لتلقى هذه البضائع، انطلاقاً من هذه الحالات السابقة يتضح أن المشرع قام بتحديد سلسلة غير متناهية من الوقائع ينتج عنها افتراض قيام جريمة التهريب، وعموماً فإن جريمة التهريب تتمثل في إدخال البضائع إلى الدولة واخراجها منها بطرق غير مشروعة دون أداء الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو مخالفات النظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة.
وتنص المادة 27 من مدونة الجمارك على أنه كقاعدة عامة تتم الإجراءات الجمركية بمكاتب الجمرك، واستثناء خارج هذه المكاتب ومرور البضائع من المكتب الجمركي يخضع من جهة أخرى لمبدأ أساسي هو مبدأ إجبارية التصريح الذي يمكن اعتباره بحق أساس القانون الجمركي، وذلك طبقا المقتضيات الفصل 65 وما يليه من مدونة الجمارك، وتعتبر الصور الأربعة التي نص عليها الفصل 282 تطبيقا لذلك المبدأ ولتوضيح ذلك سيتم التطرق لكل صورة على الشكل التالي:
– الاستيراد أو التصدير خارج مكاتب الجمرك، وبوجه خاص الشحن والتفريغ والنقل من سفينة إلى أخرى خارج نطاق الموانئ والمطارات:
فكما سبقت الإشارة فعملية الاستيراد أو التصدير يجب أن تتم عبر المكاتب الجمركية والمراكز الجمركية، فقد نص الفصل 84 من مدونة الجمارك على إلزامية رسو البواخر بالموانئ التي بها مكتب جمركي ما عدا في حالة قوة قاهرة أو استثناء بمقرر إداري، كما نص الفصل 55 على إلزامية نزول الطائرات التي تقوم بملاحة دولية بمطار دولي ما عدا في حالة قوة قاهرة أو إنجاز عملية مساعدة أو إنقاذ، وتطبيقا لهذا المبدأ فإن الشحن أو التفريغ أو النقل خارج نطاق الموانئ والمطارات يعتبر استيرادا أو تصدير خارج مكاتب الجمرك.
– كل خرق لأحكام هذه المدونة المتعلقة بحركة أو حيازة البضائع داخل المنطقتين البرية والبحرية لدائرة الجمارك:
فقد منح الفصل 168 من مدونة الجمارك لأعوان إدارة الجمارك الحق في تفتيش أو معاينة داخل المنطقة البحرية للبواخر التي تقل حمولتها عن الحمولة المحددة بموجب المرسوم المتعلق بتطبيق مدونة الجمارك، كما منع الفصل 169 من مدونة الجمارك رمي البضائع في البحر داخل المنطقة البحرية إلا في حالة الضرورة وبشرط إخبار الإدارة فور وصول الباخرة إلى أحد الموانئ.
– حيازة البضائع الخاضعة لأحكام الفصل 181 أعلاه عندما تكون هذه الحيازة غير مبررة أو عندما تكون المستندات المدلى بها على سبيل الإثبات مزورة أو غير صحيحة أو غير تامة أو غير مطابقة:
تعتبر الحيازة غير المبررة أهم صورة من صور التهريب الجمركي، حيث يعتبر الفصل 181 من أهم الفصول التي تستند عليها إدارة الجمارك من أجل إثبات جنحة التهريب في حق المخالفين للقانون الجمركي، لذلك فإن أغلب أحكام القضاء أو بالأحرى أغلب القضايا المعروضة على أنظار المحاكم تدور في فلك الحيازة غير المبررة.
و تجدر الإشارة إلى أن المشرع أعطى لحائزي البضائع الذين يصرحون أنهم يتوفرون على الإثباتات المطلوب الإدلاء بها في مكان آخر أجل 48 ساعة لتقديمها، وذلك لأنه غالبا ما يكون المقر الإداري للشركات أو المقاولات منفصل عن الذي تزاول به نشاطا أو بالمخازن التي توضع بها بضائعها ومعداتها .
وما يمكن ملاحظته مما سبق أن المشرع جعل منح أجل 48 ساعة، متوقفة على موافقة إدارة الجمارك، وأنه في حالة عدم تقديم الإثباتات بمجرد طلب أو بعد انصرام أجل 48 ساعة لأعوان الإدارة فلا يشفع للحائز تقديمها أمام المحكمة تكريسا لمبدأ الفورية المعمول به في التشريع الجمركي”.
– الاستيراد أو التصدير بدون تصريح عندما تكون البضائع المارة من مكتب جمركي قد وقع التستر عنها عند إجراء المعاينة من طرف الإدارة بإخفائها في مخابئ أعدت خصيصا لذلك أو بأماكن غير معدة عادة لتلقي هذه البضائع ، في هذه الحالة يكون الاستيراد أو التصدير قد تم عبر مكتب جمركي، ولكن بدون تصريح وذلك بالتستر على البضائع ومن تم فإن المرور عبر المكتب الجمركي، دون تصريح يعادل مرورها خارج المكتب الجمركي.
وبالرجوع إلى أحكام التشريع الجمركي نجد المشرع حدد حالتين تدخلان في خانة التستر على البضائع:
– حالة المخابئ التي أعدت خصيصا لذلك.
– حالة إخفاء البضائع في أماكن غير معدة لتلقي هذه البضائع.
و في الختام تؤكد إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة من خلال ل المخطط الاستراتيجي الإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة 2028-2024 التزامها الثابت بمكافحة الاتجار غير المشروع وحماية المواطنين إلى جانب باقي الأجهزة المعنية. وتمتد هذه العملية لتشمل كامل التراب الوطني بالإضافة إلى الحدود البحرية والجوية والبرية، وتحقيقا لهذه الغاية، تعمل الإدارة على تعزيز آليات مكافحة التهريب من خلال اعتماد الوسائل اللوجستية والتقنية الحديثة، مثل الدراجات النارية والطائرات بدون طيار (الدرونات).
كما تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز المراقبة والتدخلات الميدانية، مما يعزز ويقوي عملية مكافحة التهريب وحماية المصالح الاقتصادية للبلاد، و فيما يتعلق بالمراقبة البعدية، ومن أجل ضمان الفعالية في مواجهة التطور المستمر للممارسات الاحتيالية، سيتم اتخاذ تدابير وإجراءات تتماشى مع هذه التغييرات من خلال اعتماد مخطط آلي للمراقبة البعدية يعتمد على تحليل المخاطر.
وفي الوقت نفسه سيتم التركيز بشكل خاص على مراقبة المسافرين، من خلال تحسين وتعزيز نظام الاستهداف الوصول إلى بيانات شركات نقل المسافرين، والماسحات الضوئية، الخ…) بالإضافة إلى تعزيز التواصل والتعريف بالمنتجات المتاحة للمسافرين.
هل تحتاج لمساعدة قانونية؟
فريقنا من المستشارين القانونيين والمحكمين جاهز لمساعدتك في جميع القضايا القانونية بخبرة ومهنية عالية
Share this content: