أولا: أهلية الزوج والزوجة
نصت المادة 19 من مدونة الأسرة على أنه تكتمل أهلية الزواج بإتمام الفتى والفتاة المتمتعين بقواهما العقلية ثمان عشرة سنة شمسية. يتضح من خلال المادة أن المشرع اشترط إضافة إلى سن الزواج أن يكون الزوجان عاقلين بالغين من أجل صحة الزواج
- 1) العقل : وهو ما نميز به بين الحق والشر والخير والباطل، والعقل شرط أساسي في إبرام عقد الزواج بدون شك، لأن كل تصرف قانوني كيفما كان نوعه يقوم بين شخص فاقد العقل بسبب الجنون أو العته يعتبر باطلا بطلانا مطلقا.
- 2) البلوغ : انتهاء حد الصغر، فلا يمكن تكثير سواد الأمة من عدم، فالبلوغ جوهر التلاقح من أجل التناسل، والحكم المعتمد عند المالكية هم العلامات التي تظهر عند الفتى بخروج المني، وعند الفتاة بالحيض أو الحمل، أو ظهور شعر العانة عند كليهما، وإن لم تظهر هذه العلامات فإن الحكم الأقصى هو بلوغ الثامنة عشرة من العمر، ويخالفهم الحنفية في بلوغ الحد الأقصى لبلوغ الأنثى وهو سن 17 عشرة سنة من عمرهما. والمدونة تلافت كل الاختلافات حول سن الزواج وحددته في 18 سنة للذكر والأنثى معا، تكريسا لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة.وللتذكير أن سن الزواج يختلف من كل دولة ومرد ذلك إلى اختلاف العادات والتقاليد وكذا الظروف الطبيعية الخاصة بكل بلد.
ثانيا: الإذن بالزواج
- 1) الإذن للقاصر:
نصت المادة 20 من المدونة على ما يلي: ” لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المادة 19 أعلاه، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي.مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن”
يتجلى من خلال هذه المادة على أن الأصل في سن زواج الفتى والفتاة هو 18 سنة شمسية، لكن استثناءا يمكن لكليهما أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليها في المادة 19 وذلك من طرف القاضي المكلف بالزواج بمقرر معلل غير قابل للطعن، يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك الإذن بالزواج، وذلك بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي مع الاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي.
وإذا كان زواج القاصر متوقف على موافقة نائبه الشرعي فقد أقر المشرع أن تتجسد هذه الموافقة في توقيع النائب الشرعي مع القاصر على طلب الإذن بالزواج وحضوره إبرام العقد، وعلى فرض أن النائب الشرعي رفض الموافقة، وحتى لا يبقى القاصر معلقا، فإن قاضي الأسرة المكلف بالزواج يبت في الموضوع، حيث يتقصى أسباب امتناع النائب الشرعي، حينها يقرر الإذن بالزواج أو رفضه، بعد الوقوف على مدى موضوعية هذا الامتناع.
وإثر موافقة القاضي على الإذن بزواج القاصر، فتترتب عليه أثارا على ذلك منها اكتساب الأهلية المدنية في ممارسة حق التقاضي في كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات أخذا بالقاعدة الفقهية التي تقول: من فيه أهلية الزواج فهو أهل لتحمل مايترتب على ذلك من تبعات.
- 2) زواج المصاب بإعاقة ذهنية ( زواج المجنون):
لا يشتمل إذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج القاصر فقط بل يشتمل كذلك الشخص المصاب بإعاقة ذهنية ذكر كان أو أنثى، والمعاق ذهنيا شخص لا يستطيع أن يستقل بتدبير شؤونه بنفسه بسبب الإعاقة الدائمة أو توقف نموه العقلي في سن مبكرة.
وهكذا فإن كل إعاقة لا يكون العقل فيها زائلا مثل الصم والبكم أو شلل أحد الأطراف، يباح للمصابين بها الزواج وهو زواج صحيح متى توفرت أركانه وشروطه. أما المعاق ذهنيا أو المتخلف عقليا، الذي لا يدرك ما يقول ويفعل فهو في حكم المجنون.
واحتراما لحقوق الأشخاص وحريتهم في الزواج، اشترط المشرع شروط أساسية قصد أن يأذن قاضي الأسرة المكلف بالزواج لهذا النوع من الأشخاص بالزواج، أشارت إليها المادة 23 من هذه المدونة وهي : تقديم تقرير حول حالة الإعاقة من طرف طبيب خبير أو أكثر؛ ويتوجب على القاضي أن يطلع الطرف الآخر على التقرير وينص على ذلك في محضر؛ ويجب أن يكون الطرف الآخر راشدا ويرضى صراحة في تعهد رسمي بعقد الزواج مع المصاب بالإعاقة.