|

تفتيش الشغل “مفتشية الشغل”

تعتبر هيئة مفتشية الشغل من أهم الهيئات المنتمية لمديرية الشغل التابعة لوزارة التشغيل (حيث تضم هذه الوزارة إلى جانب ديوان الوزير على إدارة مركزية ومصالح خارجية، ومن بين ما تتضمنه الإدارة المركزية، هناك مديرية الشغل التي تشتمل على عدة أقسام ،منها قسم مراقبة تطبيق التشريع الخاص بالشغل الذي يضم مصلحة تفتيش الشغل ومصلحة تفتيش القوانين الاجتماعية في الفلاحة).

ويعهد بتفتيش الشغل طبقا للمادة 530 من م ش إلى موظفين عموميين تابعين لوزارة التشغيل (المباراة تفتح في وجه حملة الإجازة في الحقوق أو ما يعادلها، ويمنح الناجحون لمنصب مفتش الشغل السلم العاشر) يسمون بمفتشي ومراقبي الشغل والشؤون الاجتماعية ومفتشي ومراقبي القوانين الاجتماعية في الفلاحة،

حيث يزاولون مهامهم داخل دوائر الشغل بالنسبة لقطاعات التجارة والصناعة والمهن الحرة، وبالدوائر التابعة لمندوبيات وزارة التشغيل بالعمالات والأقاليم بالنسبة للاستغلالات الفلاحية والغابوية، كما يتولى هؤلاء المفتشون والمراقبون بمراقبة تطبيق النصوص القانونية والتنظيمية المعمول بها في المقاولات و المؤسسات العمومية التابعة للدولة والجماعات المحلية.

إلى جانب هؤلاء الموظفين التابعين لوزارة التشغيل، يمكن أن يعهد كذلك بمهمة تفتيش الشغل إلى موظفين تابعين لوزارة أخرى غير وزارة التشغيل، ويتعلق الأمر بمهندسي المعادن الذين يزاولون مهمة التفتيش في المعادن والمناجم التي يتطلب حفرها واستغلالها الحفر من باطن الأرض أما التي يتم الاستغلال خارجها فتبقى من اختصاص مفتشي وزارة التشغيل وكذا الأعوان الذين كلفتهم وزارتهم بمزاولة مهنة التفتيش، مثل المراقبة التي يجريها رؤساء الأقسام البحرية ومتفقدو الملاحة البحرية على المراكب المعدة للملاحة البحرية.

ويلتزم هؤلاء الموظفين المكلفين بالتفتيش بأداء اليمين لأنهم يقومون بتحرير محاضر كما يلتزمون بحفظ السر المهني التي تفرض عليهم عدم البوح بأسرار الصناعة وأساليب الاستغلال التي يطلعون عليها عند القيام بمهامهم، وإلا خضعوا لمقتضيات الفصل 446 من القانون الجنائي الذي يعاقب من يفشي سرا في غير الأحوال التي يسمح فيها القانون بذلك بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من 120 إلى 1000 درهم.

الفقرة الأولى // مهام مفتشية الشغل:

تتجلى مهامها في المهام القانونية والمهام التصالحية والتحكيمية والمهام الإدارية:

أولا // المهام القانونية والتقنية لمفتشية الشغل :

1- مراقبة تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية، سواء تعلق الأمر بنظام الأجور والتعويضات والمنح أو تعلق بأوقات الشغل والراحة الأسبوعية والعطلة السنوية، أو تشغيل الأحداث والنساء والمعاقين وغيرها. حيث يقوم المفتشون بزيارة المؤسسات الخاضعة لمدونة الشغل.

ولقد وضعت وزارة التشغيل حدا أدنى لهاته الزيارات تتمثل في 15 زيارة شهريا بالنسبة لرؤساء دوائر الشغل في الصناعة والتجارة والخدمات أو 20 زيارة بالنسبة لرؤساء دوائر القوانين الاجتماعية في الفلاحة، وهذا الحد من الزيارات مقرر بالنسبة لجميع العاملين بالتفتيش دون الأخذ بعين الاعتبار الدائرة التي يعملون بها، ولا حتى المساحات الجغرافية التي تحتلها، أو عدد المؤسسات الخاضعة لمراقبتها وتباعدها أو عدد أجرائها.

2- إبلاغ وزارة التشغيل بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

3- تنفيذ المقتضيات القانونية المتعلقة بحماية صحة وسلامة الأجراء ووقايتهم من حوادث الشغل والأمراض المهنية، وغيرها من الأخطار التي من شأنها تهديد سلامتهم وصحتهم.

4- إعطاء المشغلين والأجراء معلومات ونصائح تقنية حول أنجح الوسائل لمراعاة الأحكام القانونية.

5- مراقبة تطبيق مقتضيات اتفاقية الشغل الجماعية التي تبرم بين منظمات نقابية للأجراء الأكثر تمثيلا أو عدد من هذه المنظمات أو اتحاداتها من جهة، وبين مشغل واحد أو عدة مشغلين أو ممثلي منظمة مهنية للمشغلين أو عدة منظمات مهنية للمشغلين من جهة ثانية.

6- في حالة استعمال أي نوع من أنواع العنف، أو الاعتداء البدني الموجه ضد أجير أو ضد المشغل أو من ينوب عنه لعرقلة سير المقاولة، فإن مفتش الشغل يقوم بمعاينة عرقلة سير المؤسسة وتحرير محضر بشأنها يرجع له عند الحاجة.

ثانيا // المهام التصالحية والتحكمية لمفتشية الشغل :

هذه المهام لم تكن واردة قبل م ش، وفي نفس الوقت لا يمكن اعتبارها من مستجدات المدونة حيث كان مفتشو الشغل يزاولونها في عملهم اليومي دون سند قانوني، لأن أطراف العلاقة كانوا يلجأون إليها اعتقادا بأن ذلك مفروض قانونا. وتتجلى هذه المهام في:

1- إجراء محاولة التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية، مع تحرير محضر في شأن هذه المحاولات يمضيه طرفا النزاع، ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل.

2- إجراء محاولة التصالح بشأن كل خلاف بسبب الشغل من شأنه أن يؤدي إلى نزاع جماعي. موضوع محاولة التصالح تتم أمام المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو الإقليم أو العون المكلف بالشغل، أو أمام اللجنة الاقليمية للبحث والمصالحة أو اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة حسب نوع الخلاف الجماعي. فإذا كان الخلاف يهم أكثر من مقاولة أجرى التصالح أولا “مندوب الشغل” أما إذا كان تهم مقاولة واحدة أجرى التصالح عون التفتيش.

إذا لم ينجح التصالح أحال المندوب أو العون النزاع أمام اللجنة الاقليمية للبحث والمصالحة التي تحدث لدى كل عمالة أو إقليم يرأسها العامل وتتكون بالتساوي من ممثلين عن الإدارة والمنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء أكثر تمثيلا، إذا لم يحصل اتفاق على مستوى اللجنة الاقليمية للبحث والمصالحة أو إذا امتد النزاع إلى عدة عمالات تتم إحالته إلى اللجنة الوطنية للبحث والمصالحة.

هذه اللجنة يترأسها الوزير المكلف بالشغل أو من ينوب عنه وتتكون بالتساوي من ممثلين عن الإدارة والمنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا.

ثالثا // المهام الإدارية لمفتشية الشغل :

1- تلقي التصريح من طرف كل شخص طبيعي أو اعتباري يرغب في فتح مقاولة أو مؤسسة أو ورش، أو يعتزم تشغيل أجراء جدد، أو إذا غيرت المقاولة نشاطها، أو انتقلت إلى مكان آخر وهي تشغل أجراء لديها، أو إذا قررت تشغيل أجراء معاقين، أو إذا كانت المقاولة تشغل أجراء بمعاملها ثم عهدت بكل أو بعض أشغالها إلى أجراء يشتغلون بمنازلهم، أو في مقاولة من الباطن، أو إذا كان المقاولة تشغل أجراء عن طريق مقاولة التشغيل المؤقت.

2- إذا تعرضت مؤسسة ما لظروف استثنائية، وتعذر عليها، إما بسبب نشاطها، أوبسبب طبيعة شغلها الاستفادة من الاستثناء الوارد في المادة 173 في فقرتها الأولى، والذي يسمح بتشغيل النساء والأحداث ليلا، فإنه يمكن للعون المكلف بالتفتيش منحها رخصة استثنائية تتيح لها الاستفادة من المقتضيات المشار إليها.

3- الموافقة على كل إجراء تأديبي يعتزم المشغل اتخاذه في حق مندوب الأجراء، إذا كان هذا الإجراء يرمي إلى نقل المندوب أو نائبه من مصلحة إلى أخرى، أومن شغل إلى آخر، أو إلى توقيفه عن شغله أو فصله عنه، وتسري نفس المسطرة في حق قدماء مندوبي الأجراء خلال 6 أشهر من تاريخ انتهاء انتدابهم، وفي حق المرشحين لانتخابات مندوبي الأجراء بمجرد وضع اللوائح الانتخابية وطيلة مدة ثلاثة أشهر من تاريخ إعلان نتائج الانتخابات.

4- الموافقة على كل إجراء تأديبي يعتزم المشغل أو رئيس المصلحة الطبية المشتركة بين المقاولات اتخاذه في حق طبيب الشغل بعد أخذ رأي الطبيب مفتش الشغل.

5- التأكد من فعالية وسائل المراقبة الأخرى الذي يطلب رب العمل استعمالها عوض دفتر الأداء وثيقة تمنح للأجراء عند أداء أجورهم مثل أساليب المحاسبة المعلوماتية.

6- التوقيع على اللوائح الانتخابية الخاصة بمندوبي الأجراء التي يعدها المشغل.و التوقيع بالعطف على التوصيل الذي يسلم للأجير الأمي عند انتهاء عقد الشغل، وذلك قصد تصفية كل الأداءات تجاهه.

7- السماح بأداء الأجور خارج الوقت المعلن عنه في الملصق المنصوص عليه في المادة 368 من م ش إذا تعلق الأمر بالمقاولات المنجمية وأوراش البناء والأشغال العمومية والمعامل التي تشتغل باستمرار، والمقاولات التي تشغل أكثر من 100 أجير.

الفقرة الثانية // سلطات مفتشية الشغل :

لمزاولة المهام السالفة الذكر، أوكل المشرع لمفتشي الشغل مجموعة من السلطات:

– الدخول بكل حرية وبدون إنذار مسبق وفي أي ساعة من الليل والنهار إلى جميع المؤسسات الخاضعة لسلك التفتيش، كما يمكنهم الدخول بين 6 صباحا والعاشرة ليلا إلى جميع الأماكن التي يحملهم سبب وجيه على افتراض أنها خاضعة لمراقبة مفتشية الشغل،

وكذا الأماكن التي يعمل فيها أجراء يشتغلون في منازلهم إلا إذا كان المحل مسكون حيث يجب الحصول على إذن ساكنيه، ويجب حين إجراء المراقبة إخبار المشغل أو من ينوب عنه بوجوده، إلا إذا اعتبر هذا الإخبار سيضر بفعالية المراقبة.

– القيام بأي رقابة أو بحث أو تحري يراه المفتش أو العون المكلف بالتفتيش ضروريا للتأكد من أن المقتضيات القانونية تمت مراعاتها بالفعل، وذلك إما بصورة فردية أو بالاستعانة بخبراء في المجال العلمي والتقني كالطب والهندسة والكيمياء ويمكنه بصفة خاصة:

1- استفسار أو استجواب المشغل أو أجراء المؤسسة حول جميع الشؤون المتعلقة بتطبيق أحكام الشغل وهذا الاستجواب يمكن أن يتم بحضور شهود.

2- طلب الإطلاع على الدفاتر والوثائق التي يوجب التشريع المتعلق بالشغل مسكها للتحقق من مطابقتها للأحكام القانونية كما يمكنه نسخها وأخذ ملخص منها.

3- الأمر بالصاق الإعلانات التي توجب الأحكام القانونية عرضها على الأنظار، وبوضع ملصقات تدل على اسم وعنوان المكلف بتفتيش الشغل لدى المؤسسة وذلك تسهيلا للأجير لكي يعرف أين سيلجا حين يثور نزاع بينه وبين المشغل.

4- أخذ عينات من المواد المستعملة لأجل تحليلها إذا ما كانت مضرة أم لا بالأجراء وذلك على نفقة المشغل.

5- إنجاز التقارير في حالة مخالفة الأحكام التشريعية والتنظيمية يضمنونها جميع المخالفات التي يلاحظونها، وكذا تنبيه رب العمل المخالف بضرورة احترام القانون، فإذا استمر في هذه المخالفة يقوم مفتش الشغل بتحرير محضر في ثلاثة نظائر يوجه واحد منه إلى المحكمة المختصة (من قبل المندوب الاقليمي المكلف بالشغل)، والثاني إلى مديرية الشغل بالمصالح المركزية، ويحتفظ بالنظير الثالث في الملف الخاص بالمؤسسة.

ويجب على المشغل ومن ينوب عنه أن يدلي للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل عند تحرير المحضر، بوثيقة تعرف بهويته الكاملة (م 537)، وهو مقتضى جديد لم يكن ينص عليه الفصل 58 من ظهير 2 يوليوز 1947 الملغى. كما أن إحالة نسخة من المحضر إلى المحكمة يعتبر من مستجدات المدونة لضمان فعالية هذه المحاضر، لأن المحضر كان يحال قبل المدونة تحت إشراف السلم الإداري إلى مصلحة التفتيش المركزي بالرباط، التي تحيله عند الاقتضاء إلى القضاء، أو تقرر حفظه، وذلك تبعا لسلطة الملاءمة التي كانت مخولة لها قانونا.

فإذا تعلق الأمر بمخالفة الأحكام التشريعية والتنظيمية الخاصة بحفظ الصحة والسلامة ذات الخطر غير الحال، يجب على مفتش الشغل أن ينبه المشغل لاتخاذ الإجراءات اللازمة لدرء الخطر مع الأخذ بعين الاعتبار ظروف المؤسسة، ويحدد له أجلا لرفعه.

فإذا لم يستجب داخل هذا الأجل المحدد الذي لا يمكن أن يقل عن أربعة أيام تبتدئ انطلاقا من أدنى مدة قررتها المقتضيات التنظيمية الجاري بها العمل بالنسبة لكل حالة من الحالات حرر مفتش الشغل أنذاك محضرا بشأن المخالفة المرتكبة ، هذا ويمكن للمشغل أن يوجه تظلما إلى وزارة التشغيل قبل انصرام الأجل المحدد في التنبيه، وذلك خلال 15 يوما من تلقي هذا التنبيه، يكون من نتيجته وقف إعداد المحضر، وتبلغ السلطة الحكومية المكلفة بالشغل إلى المشغل المتظلم قرارها، مع إشعار المفتش بذلك.

أما إذا تعلق الأمر بمخالفة للصحة والسلامة ذات الخطر الحال، فيجب على مفتش الشغل أن ينبه المشغل لاتخاذ الإجراءات اللازمة لدرء الخطر فورا ودون منحه أي أجل. وفي حالة عدم الامتثال إلى التنبيه، يحرر محضرا فورا يثبت فيه امتناع المشغل عن احترام مضمون التنبيه مع توجيه المحضر فورا إلى رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا استعجاليا لاتخاذ كافة التدابير اللازمة لإيقاف الخطر الحال أو أن يمنح المشغل أجلا لإصلاح الوضع، أو أن يأمر عند الاقتضاء بإغلاق المؤسسة، مع تحديد المدة الضرورية لهذا الإغلاق مع إلزام المشغل بأداء أجور الأجراء خلال هذا الإغلاق.

وإذا تمادى المشغل في المخالفة رغم كل تلك الأوامر الصادرة، فإن المفتش يحرر محضرا جديدا يوجهه إلى وكيل الملك، الذي يحيل المحضر في مدة لا تتجاوز ثمانية أيام من تاريخ التوصل به على المحكمة الابتدائية، التي تطبق المقتضيات الزجرية المنصوص عليها في هذا الإطار وهي تتراوح ما بين 2000 درهم إلى 5000 درهم وما بين 10.000 درهم إلى 20.000 درهم، وذلك حسب طبيعة المخالفة المرتكبة مع مضاعفة العقوبة في حالة العود إذا تم ارتكاب أفعال مماثلة داخل السنتين المواليتين لصدور حكم نهائي.

كما يمكن للمحكمة أن تصدر حكما بالإدانة مقرونا بقرار الإغلاق المؤقت لمدة لا تقل عن 10 أيام ولا يتجاوز 6 أشهر وفي حالة عدم احترام هذه المقتضيات يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى 6 أشهر وغرامة من 100 إلى 2000 درهم، وفي حالة العود يمكن للمحكمة أن تصدر حكما بالإغلاق النهائي للمؤسسة.

Share this content:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *