مدة الشغل
تعتبر مدة الشغل أساسية في حياة الأجراء، لأنهم خلالها يبذلون جهدا يحتاجون بعده إلى الراحة. إلا أن التقليص من هاته المدة تعد من أهم المطالب التي ناضل العمال في جميع الأنظمة القانونية من أجل تحقيقها، إذ لا يخفى على أحد الانعكاسات السلبية لطول ساعات العمل من إضرار بصحة الأجراء، فضلا عن أثره على نوعية الإنتاج نتيجة إرهاق الأجير بل أكثر من ذلك إن بعض الدول بتدخلها في تحديد وقت العمل، تتخذ الموضوع وسيلة لمكافحة البطالة، على اعتبار أن إنقاص ساعات العمل اليومي يتيح الفرص لتشغيل عدد أكبر من الأجراء.
الفقرة الأولى // – لمبدأ العام لساعات الشغل العادية:
نصت عليه المادة 184 من مدونة الشغل ، وباستقراء هذه المادة يمكننا إبراز الأحكام التالية:
– إن تحديد مدة الشغل بمقتضى المدونة الجديدة يعتبر أكثر تقدما مقارنة بظهير 1936، لأن هذه المدونة قلصت ساعات الشغل في القطاعات غير الفلاحية من 2496 إلى 2288 ساعة سنويا ومن ثماني وأربعون ساعة أسبوعيا إلى أربع وأربعون ساعة فقط. ويمكن توزيع المدة السنوية الإجمالية للشغل على مدار السنة، وذلك حسب حاجيات المقاولة أو المؤسسة المشغلة، شرط ألا تتجاوز مدة العمل العادية عشر ساعات في اليوم.
– في القطاعات الفلاحية من 2700 ساعة سنويا إلى 2496 ساعة فقط وتركت أمر توزيع هذه الساعات على الأيام للنصوص التنظيمية تصدرها الوزارة المكلفة بالشغل بعد استشارة المنظمات المهنية لأرباب العمل والمنظمات النقابية الأكثر تمثيلا للأجراء على ألا تتجاوز في كل الأحوال عشر ساعات يوميا.
– لا يدخل في حساب الثماني ساعات المفروضة كحد أقصى للساعات التي يمكن تشغيل العامل فيها الوقت الذي يستغرقه الأجير في التنقل لمكان العمل، ولا الوقت الذي ينفقه الأجير في ارتداء ملابس العمل أو في نزعها، أو انتظارالأجير بمكان العمل قبل بدئه، طالما أنه لم يكلف من طرف المشغل بهذا الانتظار.
الفقرة الثانية // الاستثناءات التي ترد على الحد الأقصى لساعات الشغل:
أمثلة لحالات أتاح فيها القانون إمكانية الخروج عن الحد الأقصى لساعات الشغل، إما بالإنقاص أو الزيادة وذلك كلما اقتضت ضرورة المقاولة ذلك:
أولا // حالة الشغل المتقطع أو الضروري :
أجاز المشرع في المادة 190 من م ش الخروج عن المبدأ العام، إذا كان الشغل الذي يؤديه الأجراء في مؤسسة ما، شغلا متقطعا أصلا، أو عندما تقتضي الضرورة تأدية أشغال تحضيرية أو تكميلية لا غنى عنها للنشاط العام للمؤسسة مع استحالة إنجازها في حدود مدة الشغل العادية، وذلك من قبيل الأشغال التي تهم الصيانة، وتنظيف الآلات والمعدات، ففي هذه الحالة يمكن تمديد فترة شغل الأجراء المخصصين لتنفيذ تلك الأشغال إلى ما بعد المدة العادية على ألا تتجاوز الفترة الممتدة اثني عشرة ساعة في اليوم كحد أقصى.
ثانيا // الأشغال المستعجلة :
التي تقتضي الضرورة إنجازها فورا، من أجل الوقاية من أخطار وشيكة الوقوع، أو للقيام بالتدابير اللازمة للنجدة، أو إصلاح ما تلف من معدات المقاولة أو تجهيزاتها أو بناياتها، أو لتفادي فساد المواد، ففي هذه الحالات، ومثلها يجوز تمديد مدة الشغل العادية، وذلك بالاستمرار في الشغل طيلة يوم واحد، تم تمديدها بساعتين خلال الثلاثة أيام التي تلي ذلك اليوم.
ولقد أيد المشرع الاستثناءات أعلاه بمجموعة من الضمانات هي:
1/ أن هذه الاستثناءات تنحصر فقط على الأجراء الذين يفوق سنهم ثماني عشر سنة.
2/ تحديد السلطة الحكومية المكلفة بالشغل كيفيات تطبيق التجاوز الاستثنائي لمدة الشغل العادية وذلك بحسب المهنة أو الصناعة، أو التجارة، أو الصنف المهني على مستوى التراب الوطني، أو على مستوى إقليم معين وذلك بعد استشارة المنظمات المهنية للمشغلين والمنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا.
3/ تأدية الأجر عن هذه الساعات بسعر الأجر المؤدى عن مدة الشغل العادية، إلا إذا تم إعطاء الأجير في مقابلها راحة تعويضية. أو إذا كانت تلك الساعة الزائدة عن ساعات الشغل العادية، مقررة أصلا لإعطاء الأجير فترة لتناول وجبة طعامه إذا كان وقت الطعام يتخلل وقت الشغل، أو معدة بحكم طبيعة الشغل المنقطعة بحيث تطابق ساعات حضور لا ساعات شغل فعلي، وذلك إذا تخللت ساعات الشغل فترات استراحة طويلة، خصوصا الشغل الذي يؤديه البوابون في البنايات المعدة للسكن والمراقبون والحراس، والمشغلون في المقاولة بإطفاء الحريق، أو بتوزيع البنزين، والمشغلون بالمصلحة الطبية للمقاولة.
الفقرة الثالثة // الساعات التعويضية :
– يمكن للمشغل تعويض ساعات العمل الضائعة إما بسبب توقف جماعي لشغل لأسباب عارضة أو لقوة قاهرة سواء أكان كليا أو جزئيا، وذلك بعد استشارة مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين عند وجودهم، ويمنع في كل الأحوال العمل لأكثر من ثلاثين يوما في السنة لاستدراك الساعات الضائعة، أو أن تفوق مدة التمديد ساعة في اليوم، وكذا أن تفوق مدة الشغل اليومية عشر ساعات. وكل مشغل لم يحترم الأحكام السابقة يعاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم مع تكرار عقوبات الغرامات بتعدد الأجراء الذين لم يراع في حقهم تطبيق حكم القانون، علىأن لا يتجاوز مجموع الغرامات 20.000 درهم.
كما يمكن للمشغل بعد أخذ رأي مندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم أن يقلص من مدة الشغل ولفترة متصلة أو منفصلة لا تتجاوز ستين يوما في السنة وذلك عند حدوث أزمة اقتصادية عابرة لمقاولته أو لظروف طارئة خارجة عن إرادته. وإذا كان التقليص من مدة الشغل العادية تزيد مدته عن ستين يوما، وجب الاتفاق بين المشغل ومندوبي الأجراء والممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم حول الفترة التي سيستغرقها في هذا التقليص.
وفي حالة عدم حصول الاتفاق فلا يسمح بالتقليص من مدة الشغل العادية إلا بإذن يسلمه عامل العمالة أو الإقليم في أجل أقصاه ستون يوما من تاريخ تقديم الطلب من طرف المشغل إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل. ويجب أن يكون طلب الإذن مرفقا بجميع الإثباتات وبمحضر المشاورات والتفاوض مع ممثلي الأجراء.
إذا تعلق الأمر بأزمة اقتصادية يجب أن يكون الطلب مرفقا علاوة على الوثائق المشارإليها أعلاه بتقرير يتضمن الأسباب التي تستدعي التقليص.
الفقرة الرابعة // الساعات الإضافية :
الساعات الإضافية هي الساعات التي يشتغل فيها الأجراء خارج مدة الشغل العادية لمواجهة أشغال تقتضيها مصلحة وطنية أو زيادة استثنائية في حجم الشغل، فإذا تحتم على المقاولات مواجهة أشغال تقتضيها مصلحة وطنية، يمكنها تشغيل أجرائها خارج أوقات الشغل العادية طيلة مدة إنجاز الأشغال المطلوبة شريطة: ألا يتجاوز مدة الشغل اليومية 10 ساعات كحد أقصى. وألا يتم وقف الراحة الأسبوعية للأجراء المعنيين. وعدم تشغيل الأجراء الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة والأجراء ذوي الاحتياجات الخاصة. وإبلاغ مفتش الشغل كتابة بالسبب والمبرر الموجب لتشغيل الأجراء لساعات إضافية.
ويمكن للمشغل الذي يتحتم عليه مواجهة زيادة استثنائية في حجم الشغل، أن يشغل أجراءه خارج أوقات الشغل العادية دون أن يتجاوز الاعتماد السنوي للساعات الإضافية 80 ساعة شغل لكل أجير، كما يمكنه بعد استشارة ممثل الأجراء أو لجنة المقاولة إن وجدت، إذا كانت طبيعة نشاط المقاولة تستلزم ذلك، أن يشغل أجراءه 20 ساعة إضافية أخرى، دون أن يتجاوز هذه الساعات 100 ساعة في السنة لكل أجير.
وتؤدى للأجير الذي اشتغل لساعات إضافية كيفما كانت طريقة أداء أجره، زيادة قدرها %25 عن هذه الساعات إذا قضاها بين 6 صباحا و 9 ليلا في النشاطات غير الفلاحية، وبين 5 صباحا و 8 ليلا في النشاطات الفلاحية، و 50% إذا قضاها بين الساعة 9 ليلا و 6 صباحا في النشاطات غير الفلاحية، وبين 8 ليلا و 5 صباحا في النشاطات الفلاحية.
وترفع الزيادة المحددة في 25% إلى 50%، والزيادة المحددة في 50% إلى 100 % إذا قضى الأجير الساعات الإضافية يوم راحته الأسبوعية حتى ولو عوضت له فترة الراحة الأسبوعية براحة تعويضية.
Share this content: